.مدينة أحلام كيم .. خطة زعيم كوريا الشمالية لبناء مدينة راقية بمليارات الدولارات لكن شيئاً واحداً يهدد مصيرها
يمانيون – متابعات
يعتزم زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون تحويل مدينةٍ سياحية إلى “مدينة أحلام” بتكلفة تبلغ مليارات الدولارات على طراز بلدةٍ سياحية إسبانية.
ويريد الرئيس البالغ من العمر 31 عاماً تطوير مدينة وونسان الواقعة على الساحل الشرقي بهدم منطقة وسط المدينة وبناء فنادق خمس نجوم على شكل ناطحات سحاب ومتاجر من أجل نخبته بدلاً منها، بحسب تقرير لصحيفة ديلي ميل البريطانية الثلاثاء 26 ديسمبر/كانون الأول 2017.
وكان كيم أرسل مسؤولين إلى منتجعي بنيدورم ومارينا دور الإسبانيين اللذين يضمان أكبر مجمعات قضاء العطلات في البلد المُطل على البحر المتوسط، وذلك من أجل اكتساب أفكار سياحية من جميع أنحاء العالم.
ولكن هناك خبراً غير سار ينتظر أي شخصٍ يفكر في زيارة المدينة؛ إذ تقع بجوار قاعدة لاختبار الصواريخ الباليستية وضمن نطاق المدفعية.
فبينما يريد كيم تحويل مدينة تضم 360 ألف نسمة إلى منتجعٍ فاخر، أطلق نحو 40 صاروخاً من المنطقة في إطار اختباراته لامتلاك رادع نووي كوري شمالي. وتتعرض إحدى الجزر الواقعة قبالة سواحل هذه المدينة مباشرةً للقصف بانتظام بوابلٍ من الذخيرة الحية التي تُطلّق من شواطئ المنتجع في أثناء إجراء التدريبات العسكرية.
وقال ليم يول تشول الخبير في الاقتصاد الكوري الشمالي في جامعة كيونغنام بكوريا الجنوبية: “قد يبدو إطلاق صواريخ من مكانٍ يريد (كيم) تطويره اقتصادياً شيئاً مجنوناً بالنسبة للأجانب، لكن هذه هي الطريقة التي يدير بها بلاده”، بحسب الصحيفة البريطانية.
ويقول باحثون وأشخاص على درايةٍ بالمشروع إنَّ هذا المزيج من السياحة والأسلحة النووية يرمز إلى استراتيجية كيم جونغ أون في البقاء على قيد الحياة.
السياحة المعطلة في كوريا الشمالية
جديرٌ بالذكر أنَّ خطط التنمية الكورية الشمالية لمدينة وونسان تطورت كثيراً منذ إعلانها لأول مرةٍ في عام 2014.
وتُعَد السياحة أحد مصادر الدخل القومي الكوري الشمالي المتناقصة باستمرار التي لا تستهدفها عقوبات الأمم المتحدة، وتعلن الكُتيِّبات للمستثمرين الأجانب عن مشاريع محتملة بقيمة 1.5 مليار دولار تقريباً في منطقة وونسان السياحية الخاصة، التي تغطي أكثر من 388.5 كيلومتر مربع. جديرٌ بالذكر أنَّ كيم أنشأ منتجعاً للتزلج ومطاراً جديداً هناك بالفعل.
ويذكر أحد الكتيبات أنَّ المنطقة تضم نحو 140 أثراً تاريخياً، و10 شواطئ رملية، و680 مزاراً سياحياً، وأربعة ينابيع للمياه المعدنية، وعدة منتجعاتٍ للسباحة وبحيراتٍ طبيعية، و”أكثر من 3.3 مليون طن من طينٍ يمتلك خصائص علاجية للألم العصبي والتهاب القولون”.
وتشمل المشاريع التي يدعو كيم المستثمرين إلى المساعدة في بنائها مركزاً تجارياً بقيمة 7.3 مليون دولار، وتطوير منطقة وسط المدينة بتكلفة 197 مليون دولار، وملعب غولف بقيمة 123 مليون دولار (تشمل رسوماً بقيمة 62.5 مليون دولار لاستئجار الأراضي).
يُذكَر أنَّ كيم أرسل 16 مسؤولاً في وقتٍ سابق من العام الجاري 2017 إلى إسبانيا لاستلهام بعض الأفكار من أجل تطوير وونسان، وزار المسؤولون منتجعي بنيدورم ومارينا دور لجمع الأفكار.
وقال متحدثٌ باسم السفارة الكورية الشمالية في العاصمة الإسبانية مدريد إنَّ المسؤولين “رأوا هذه الأماكن بأعينهم وصوَّروا بعضها”. وأكَّد الجانب الإسباني هذه الزيارات كذلك، إذ قالت متحدثةٌ باسم مدينة الملاهي “تيرا ميتيكا” إنَّ المسؤولين الكوريين الشماليين أُعجَبوا بتصميماتها التي تحمل طابع حضاراتٍ قديمة من مصر واليونان وروما.
ولم يذكر أي شريكٍ أجنبي كبير أنَّه سيدعم مشروعات كيم في مدينة وونسان. بالإضافة إلى أنَّ المطار الجديد الذي اكتمل بناؤه في عام 2015 لم يُفتَتَح حتى الآن للرحلات الدولية. وجديرٌ بالذكر أنَّ أميركا منعت مواطنيها مؤخراً من زيارة كوريا الشمالية، فضلاً عن أنَّ العقوبات الدولية الحاليَّة تحظر جميع المشروعات المشتركة مع دولة كوريا الشمالية، بحسب الصحيفة البريطانية.
ومع ذلك، قال دبلوماسيون كوريون شماليون سابقون إنَّ هذه الخطة تُمثِّل أهميةً استراتيجية بالنسبة لكيم. فحين تولَّى كيم السلطة في عام 2011، ورث مجتمعاً خاضعاً لإدارة الجيش رسمياً، لكنَّ شعبه يعتمد اعتماداً كبيراً على تعاملات السوق السوداء لكسب قوت يومه.
وقال تاي يونغ هو النائب السابق للسفير الكوري الشمالي في العاصمة البريطانية لندن الذي قام بانشقاقٍ بارز مع عائلته في عام 2016 إنَّه من الناحية النظرية يُعَد الاقتصاد الكوري الشمالي اقتصاداً حكومياً، ولكن في الواقع يعتمد 70% من الكوريين الشماليين على التجارة الخاصة من أجل العيش.
وقال تاي لرويترز إنَّ الأجانب يرون كيم قوياً، لكنَّ مؤيدي الأسواق الحرة في كوريا الشمالية يجعلونه أضعف مما يبدو. فالزعيم يبحث عن وسيلةٍ لتسخير الجيش وقوى السوق من أجل الاستمرار.
وتُمثِّل الأسلحة النووية جزءاً من وسائله، لأنَّ كيم يأمل أن تصبح تكلفة صيانتها أقل من تكلفة صيانة الأسلحة الثقيلة التقليدية في كوريا الشمالية. وتُمثِّل المشروعات التي على شاكلة وونسان الجزء الآخر. إذ يريد خفض حصة التمويل الذي يقدمه للجيش وتخصيص مزيدٍ من المال للاقتصاد المدني.
وأضاف تاي: “يعرف كيم جونغ أون أنَّه لا يستطيع التحكم في المجتمع وضمان طول فترة حكمه إلَّا بزيادة دوره ونفوذه في الاقتصاد”.
يذكر الكتيب الخاص بمشروع وونسان أنَّ كوريا الشمالية تريد اجتذاب أكثر من مليون سائح سنوياً على المدى القريب، ومن 5 ملايين إلى 10 ملايين سائح تقريباً “في المستقبل البعيد”. جديرٌ بالذكر أن مؤسسة تنمية منطقة وونسان الحكومية الكورية الشمالية المشرفة على المشروع لم ترد على طلبات التعليق على هذا الأمر.
لا إحصاءات حديثة
لا توجد إحصاءات حديثة عن أعداد زوار كوريا الشمالية الحاليين. ويُذكَر أنَّ الصين قالت إنَّ عدد زوار كوريا الشمالية الصينيين في عام 2012 بلغ أكثر من 237 ألف صيني، ولكنَّها توقفت عن نشر الاحصاءات فى عام 2013. وعلى سبيل المقارنة، زار 8 ملايين صيني كوريا الجنوبية فى عام 2016.
ويُقدِّر مركز المعهد البحري الكوري البحثي الذي يقع في كوريا الجنوبية مساهمة السياحة في الإيرادات السنوية لكوريا الشمالية بنحو 44 مليون دولار، أي نحو 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وأضاف أنَّ الصينيين يُشكِّلون نحو 80% من السياح الاجانب فى كوريا الشمالية. بينما يُشكِّل الغرب والروس النسبة المتبقية.
تُشجِّع كتيبات مشروع وونسان السياح على المجيء. إذ يقول أحد الكتيبات إنَّ “المسؤولين والمقيمين في هذه المنطقة على درايةٍ جيدة بالسياحة وودودين تجاه السياح”.
وتكشف الكتيبات كذلك بعض التفاصيل الاستثنائية عن عادات الإجازات في الدولة الاستبدادية.
وعلى مسافةٍ غير بعيدة من ملعب الغولف المقترح الذي تبلغ تكلفته 123 مليون دولار، تُظهِر الخطط مُجمَّعاً موجوداً بالفعل. ووُصِف هذا المُجمَّع في الكتيب بأنَّه الملاذ الصيفي لأفراد وزارة أمن الدولة أو “بويبو”، التي تُدير معسكرات الاعتقال الستة في كوريا الشمالية وتراقب المواطنين العاديين في جميع أنحاء البلاد.
وبجوار هذا المجمع الشاطئي مباشرةً، يقع ملاذ صيفي آخر خاص بالمكتب العام لشركة دايسونغ، والمعروف كذلك بـ”مكتب 39” الذي يشتري بضائع فاخرة لعائلة كيم.
وهناك مُجمَّعٌ ثالث محجوز لشركة التأمين الوطنية الكورية الحكومية، التي يقول عنها الاتحاد الأوروبي إنَّها متورطةٌ في احتيال متعلق بعمليات التأمين.
جديرٌ بالذكر أنَّ هناك عقوباتٍ دولية مفروضة على هذه الهيئات الثلاث بسبب دورها في تحويل أموالٍ إلى برامج كيم النووية والصاروخية.
بيد أنَّ وونسان تُمثِّل أكثر من مجرد متعةٍ تحت أشعة الشمس بالنسبة لقوات كيم الأمنية.
إذ يُذكَر أنَّ كيم أحضر نُخبة ضباطه العسكريين إلى مدينة وونسان في عام 2014. وعلى الشاطئ الرملي الأبيض الخاص بمجمِّع قصره، أمر أعلى ضباط القوات البحرية آنذاك بارتداء ملابس السباحة والعوم لمسافة 10 كيلومترات حول الخليج في بثٍ أُذيعَ على التليفزيون الحكومي من أجل اختبار قدراتهم. وصوَّرته كاميرات التليفزيون وهو جالسٌ على مكتبه على الرمال تحت مظلةٍ بيضاء، بحسب الصحيفة البريطانية.
وفي شهر أبريل/نيسان من العام الجاري، استخدم كيم الشاطئ القريب من مطار وونسان الجديد لإقامةٍ عرضٍ عسكري لقوات المدفعية وصفته وسائل إعلامية حكومية بأنَّه الأكبر في تاريخ البلاد. وفي أثناء ذلك العرض، أطلق “300 مدفع ذاتي الدفع من العيار الثقيل” النار على هدفٍ أبيض مرسوم على جزيرة صغير على بعد 3 آلاف كيلومتر.
أرض مليئة بالثقوب
وحوَّل القصف الذي بُثَّ على التليفزيون الحكومي هذه الجزيرة إلى أرضٍ مُغبَّرة مليئة بالثقوب تشبه سطح القمر.
جديرٌ بالذكر أنَّ وونسان تحمل قوةً رمزية لسلالة كيم: إذ هبط عليها كيم إيل سونغ -جد كيم جونغ أون الذي ساعد في تأسيس كوريا الشمالية في نهاية الحكم الاستعماري الياباني- لأول مرةٍ مع القوات السوفيتية للسيطرة على البلاد.
وذلك بالإضافة إلى نصب تمثالين لزعيمين كوريين شماليين سابقين على رصيف الميناء، حيث من المتوقع أن ينحني السياح ويشتروا زهوراً بلاستيكية لتقديمها لهما. وبجوار قصر عائلة كيم مباشرةً، استقبل معسكر سونغداون للأطفال “طلائع من الشباب الصغار” لعقود من دولٍ كانت مدعومة من الاتحاد السوفيتي، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام حكومية.
وقالت كيم يونغ هوي التي ترأس فريقاً من الباحثين في شؤون كوريا الشمالية فى بنك التنمية الكورى فى العاصمة الكورية الجنوبية سول إنَّه عندما وقع الاختيار على الشاب كيم جونغ أون لخلافة الرئيس الكوري الشمالي السابق كيم جونغ إيل في عام 2009، لم تكن هناك سوى إنجازات قليلة منسوبة إليه. وإذا استطاع تطوير وونسان، حيثُ ساعد جده في تأسيس كوريا الشمالية، سيرسخ ذلك صورته كرجلٍ تنموي ماهر.
وأضافت كيم التي كانت من أبناء المدينة قبل انشقاقها وذهابها إلى كوريا الجنوبية في عام 2002: “لديه أسبابٌ قوية لتطوير وونسان”.
وقال بعض سكان وونسان -وبينهم بعض المنشقين- إنَّ لديهم ذكريات سعيدة إلى حدٍ كبير في هذه المدينة. وأضافوا إنَّ حانات الكارواكي ونوادي البلياردو تحظى بإمداداتٍ كهربائية أكثر فاعلية من إمدادات العديد من الأماكن الأخرى في كوريا الشمالية. وتذكروا تزلُّج بعض الأزواج الشباب في ساحةٍ كبيرة بالقرب من ساحل المدينة.
وقال مايكل سبافور المستشار الكندي الذي احتسى مشروب كوكتيل مع كيم على متن إحدى قواربه الخاصة في عام 2013 بعد التزلُّج على الماء في الخليج إنَّ المدينة تحظى بمكانةٍ خاصة في قلب كيم.
وأضاف سبافور الذي يدير منظمة بايكتو للتبادل الثقافي التي تجري بحوثاً اقتصادية في كوريا الشمالية: “تحدَّث (كيم) معي عن.. إعادة تطوير المدينة بأكملها وتحسينها من أجل الشعب.. وجذب سياح ورجال أعمال دوليين إلى المنطقة”.
لم يكشف السجل الرسمي عن مكان ميلاد كيم، لكنَّ الكثيرين من ونسان يعتقدون أنه وُلِد هناك، وترجع بعض أسباب ذلك إلى أنه أمضى سنواته الأولى في القصر الموجود بالمدينة.
وتعطي إحدى النوادر التي يعود تاريخها إلى ذلك الوقت لمحةً عن الحياة في بيت أسرة كيم. إذ روى كينجي فوجيموتو طاهي العائلة الياباني آنذاك في مذكراته أنَّ الزعيم المستقبلي (كيم) أدلى بملاحظةٍ استثنائية.
إذ قال كيم للطاهي آنذاك: “مرحباً فوجيموتو! نحن نركب الخيول كل يوم، ونتزلج بالعجلات، ونلعب كرة السلة، وفي الصيف، نركب الدراجات المائية أو نلعب في المسابح. لكن كيف يعيش الناس العاديون؟”. جديرٌ بالذكر أنَّ فوجيموتو الذي نشر الكتاب في عام 2010 يدير حاليَّاً مطعم سوشي في العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ، ولم نتمكن من الوصول إليه.
وعلى مرِّ سنواتٍ تحت حكم كيم جونغ إيل، كانت كوريا الشمالية توفِّر كل شيء لشعبها رسمياً بدعمٍ من الاتحاد السوفيتي والصين.
“الجيش أولاً”
وكان النموذج السياسي آنذاك معروفاً باسم “سونغان” أو “الجيش أولاً”، واعتبر أنَّ الجيش الشعبي الكوري أولى بالموارد، وهو الجهة المعصومة القادرة على إصلاح مشكلات البلاد الاقتصادية. واستبدل “جيش المليون رجل” المجارف بالبنادق، وبدأ العمل في تشييد طرقٍ وسدود ومساكن.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينيات من القرن الماضي، عانت الأمة التي كانت تضم آنذاك 21 مليون نسمة بأسرها مجاعةً أطلق عليها كيم جونغ إيل بعد نهايتها “المسيرة الشاقة”. ولم تعد الدولة قادرةً على توفير الغذاء أو العمل. وتوفي ما بين 200 ألف شخص و3 ملايين شخص.
ومن أجل البقاء على قيد الحياة، اضطرت فئات الشعب العادية إلى التفكير في ما هو أبعد من الرتب العسكرية التي تظهر في العروض العسكرية، والتزاحم على بقايا السلع في الأسواق الخاصة، ورشوة المسؤولين للتغاضي عن أي أمور غير قانونية. فبالنسبة لمعظم الناس -بما في ذلك الجيش- كانت الخيارات مقصورة على الجوع أو التجارة.
وحين تولَّى كيم الأصغر السلطة، قال إنَّ الوقت قد حان لـ”تمكين شعبنا.. من العيش دون شد الحزام على بطنه بعد الآن”.
وفي عام 2013، غيَّر كيم خطابه السياسي. وأعاد نهج سياسته الذي يحمل اسم ‘بيونغجين’ -أو التنمية المتوازية- عهد جده إلى الأذهان. وأشار كذلك إلى تطوير رادع نووي لكوريا الشمالية بالتوازي مع اقتصادٍ قوي.
وتشير آخر الإحصاءات المتاحة إلى أنَّ الحصة التي تخصِّصها كوريا الشمالية من ناتجها المحلي الإجمالي للجيش أكبر من الحصة التي يخصصها أي بلد في العالم، بمعدل وصل إلى 23% بين عامي 2004 و2014 وفقاً لوزارة الخارجية الأميركية.
تَعِد كتيبات وونسان بتحقيق أرباحٍ طائلة تشمل معدلات إيرادات داخلية تتراوح بين 14% و43%. فعلى سبيل المثال، يسمح مركز وونسان التجاري الذي تبلغ قيمته 7.3 مليون دولار للمستثمرين الأجانب بامتلاك حصةٍ تصل إلى 61.3%. ويقول الكتيب إنَّ المستثمرين قد يحققون في المقابل ربحاً سنوياً صافياً متوقعاً بقيمة 1.3 مليون دولار.
وتعرض الكتيبات شروطاً تفضيلية للمستثمرين الأجانب، وتذكر أنَّ حقوقهم محفوظة تحت حماية الدولة، وبإمكانهم تحويل الأموال إلى الخارج دون أي قيود. بالإضافة إلى إمكانية تأجير الأراضي، وليس امتلاكها، لمدة 50 عاماً ولكنَّ المستثمرين بإمكانهم المتاجرة في عقود الإيجار.
تتسم بعض المشروعات بسخاءٍ أقل، إذ يتيح أحدها الفرصة للاستفادة من شعبية الجعة الكورية الشمالية باستثمارٍ أولي يبلغ 2.4 مليون دولار في مصنعٍ جديد للجعة في وونسان. ويقول مُقترَح المشروع إنَّ هناك ضريبة معاملات بقيمة 15% ستُفرَض على المستثمرين الأجانب، وضريبة إدارية، وضريبةٍ على السيارات، بالإضافة إلى اقتطاعاتٍ أخرى، فضلاً عن ضريبة على الدخل بقيمة 14%، مما سيسفر عن انخفاض الربح السنوي المتوقع إلى النصف تقريباً ليصل إلى 154711 دولار.
أمَّا بالنسبة للمستثمرين المحليين، فلم تفرض عليهم كوريا الشمالية ضريبةً رسمية، لكنَّ بعض الخبراء يقولون إنَّ الدولة تجمع المال بجمع 70% تقريباً من أرباح الشركات الحكومية.
هناك عدد قليل من المقترحات التي تتجاوز الغرض السياحي، من بينها مزرعة بحرية لإنتاج مأكولاتٍ بحرية “ذات قيمة اقتصادية كبيرة بوسائل صناعية لتلبية مطالب السياح وتصدير المنتجات إلى الأسواق الأجنبية”، ومصنع لأدوات الإضاءة، ومصنع أثاث، وتجديد مصنع وونسان لأدوات الصيد الذي سيتضمن إنتاجه 10 آلاف عوامةٍ مخصصة لأعماق البحار، و750 طناً من الحبال، و2500 “سترة إنقاذ من الغرق”.
ومنذ وضع خطط المشروعات، شددت الأمم المتحدة العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية لتشمل فرض حظرٍ على صادرات المأكولات البحرية وقيودٍ على المشروعات المشتركة.
وذَكر كتيبٌ يعود تاريخه إلى عام 2015 أنَّ مصلحة المستثمرين الأجانب في مشروع وونسان “تنمو يوماً تلو الآخر”.
لكنَّ أحد الرجال الغربيين الذين حضروا مؤتمراً استثمارياً في وونسان في عام 2015 قال إنَّ المسؤولين الكوريين الشماليين لم يُظهروا سوي القليل من الفهم لاحتياجات المستثمرين. وجديرٌ بالذكر أنَّ نحو 200 شخص من الصين وبعض الدول الغربية سمعوا عن آفاق الاستثمار في المنطقة وأُخِذوا في جولةٍ بها.
وقال سيمون كوكيريل المدير العام لشركة كوريو تورز السياحية التي يقع مقرها في العاصمة الصينية بكين: “كنتُ أظن أنَّني سأشهد بعض البراغماتية الفعلية، لكنَّهم لم يفعلوا شيئاً سوى الحديث عن مدى روعة الفرص، ولم يعترفوا بوجود أي نقاط ضعف ولا أي مشكلاتٍ محتملة على الإطلاق في المنطقة أو في أيٍّ من خططهم”.
وقال هان جين ميونغ الدبلوماسي الكوري الشمالي الذي كان مقيماً في فيتنام حتى عام 2015 قبل انشقاقه وذهابه إلى كوريا الجنوبية إنَّه كان مُكلَّفاً بالترويج لخطة وونسان في الخارج، ولم يحقق نجاحاً يُذكر. وأضاف: “انتهى بنا المطاف إلى بيع أعشاب وأدوية كورية شمالية بدلاً من ذلك”.