العدوان يتعمَّد ترويع الآمنين
كثف غاراته في أنصاف الليالي وأوقات السحر
تحقيق : زهور السعيدي
2015-06-13
آلاف الأطفال والنساء والمسنين وغيرهم من المدنيين الأبرياء كما تؤكد ذلك الاحصائيات الرسمية وتقارير المنظمات الدولية المعنية سقطوا مضرجين بدمائهم في الغارات الوحشية الغادرة التي تنفذها طائرات العدوان السعودي على عموم محافظات اليمن منذ ما يقارب الثلاثة أشهر .. لكن الملايين من أولئك الأبرياء من سكان المدن والقرى اليمنية يطالهم وبشكل يومي وتحديدا كل مساء آثار العدوان ودوي انفجارات صواريخه وقذائفه إذ أصبح يتعمد وبوضوح ترويع الآمنين من خلال تكثيف غاراته الجوية في أوقات متأخرة من الليل وهو السلوك العدواني الذي لم يجد له الكثير من المراقبين ليوميات العدوان تفسيرا منطقيا أو تبريرا مقبولا غير التأكيد بان هذا العدوان الآثم يتعمد وبإمعان لترويع الآمنين لغايات لا تفهمها سوى نفسيات وعقول القائمين على أمر العدوان .
كوابيس الانفجارات
ترى الخوف والحيرة بادية ومرتسمة في وجوه أطفال ونساء الأحياء السكنية في العاصمة صنعاء وخاصة تلك التي تستهدفها طائرات العدوان بشكل دائم مثل أحياء نقم وسعوان وشميلة شرقي وجنوب العاصمة وفج عطان جنوب غرب وحي المطار شمالا ومذبح غربا والتحرير وسط الأمانة .
وتقول سعيدة أحمد وهي ربة بيت في حي الشعب السكني بمنطقة سعوان :إن أزيز الطائرات أصبح كابوسا دائما لديها ولدى أطفالها ..وتضيف إن أطفالها يتملكهم خوف شديد كلما سمعوا أصوات الطائرات ودوي الانفجارات وكثيرا ما يتساءلون عن الذنب والجريمة التي اقترفوها حتى يواجهوا كل هذا العنف من قبل السعودية ..
لكنها تتساءل أيضا عن سر التوقيت الغريب الذي ذابت عليه طائرات العدوان في تنفيذ غاراتها والمتمثل في الأوقات المتأخرة من الليل وفي وقت السحر حين يكون الأطفال يغطون في نوم عميق ؟
حيل فاشلة
هناك كثير من الأمهات اعتمدن وسائل وأساليب متعددة لتخفيف الآثار الناجمة عن دوي الانفجارات الليلية الضخمة على أطفالهن عندما يأوون إلى مضاجعهم ,وتقول هنادي يحيى وهي ربة بيت في حي نقم السكني بأنها تأخذ قطعا من القطن وتضعها في آذان طفليها عند النوم.. لكن هذه الحيلة كما توضح كثيرا ما تفشل في تحقيق هدفها إذ أن دوي الانفجارات دائما ما يكون قوي جدا ما يؤدي إلى استيقاظ أبنائها .. ومعايشة الخوف والذعر الذي يتواصل طيلة تنفيذ الغارات والتي تستمر أحيانا لساعات .
نزوح جماعي
العديد من الأسر والعائلات من الساكنين في الأحياء السكنية الأكثر استهدافا للطائرات غادرت منازلها بحثا عن الأمان في أماكن بعيدة سواء في نطاق العاصمة أو حتى إلى محافظات أخرى لكنها سرعان ما عادت إذ أن دوي القصف يسمع في كل مكان من البلاد ويوضح خالد العزي وهو من سكان حي نقم ويعول أسرة من طفلين وزوجة مع أبويه بأنه نفذ خلال أيام فقط العديد من عمليات الرحيل إلى مناطق أخرى في العاصمة لكنه كان في كل مرة كما يقول يعود إلى منزله فإضافة إلى الوضع المعيشي المتردي بسبب العدوان والحصار وتوقف عمله فانه لم يعد هناك مكان آمن بالفعل وان غارات الطائرات لا تقتصر على مكان معين بل تستهدف كل مكان .
وكما فعل خالد العزي فعل الكثيرون من أرباب الأسر القاطنة في حي نقم الذي بات هدفا دائما لطائرات العدوان .. وهو ما اضطر السكان إلى تسليم أمرهم لله والبقاء في منازلهم يراقبون الخوف والروع في نفوس صغارهم ولا يجدون سوى انتظار المكتوب لهم من خالقهم العظيم.
استعداد للرحيل
العديد من النسوة ربات البيوت في أحياء العاصمة صنعاء بتن يعشن حاليا استعداداً دائماً للرحيل عن الدنيا ويبررن ذلك ببقاء الطائرات المعتدية على رؤوسهم في كل وقت لذلك فهن يلبسن الحجاب تحسبا لأي شيء .
وتقول أم عمار وهي أم لعشرة من الأبناء بأنها لم تغادر أبدا حي نقم الذي تقطنه مع أبنائها وزوجها على الرغم من قربه من الجبل الذي تستهدفه الطائرات يوميا ومنذ بدء العدوان قبل أكثر من 13 أسبوعا وعلى الرغم من مغادرة العديد من الجيران ..
وتضيف هذه الأم الحامل في شهرها التاسع بأنها وبناتها لا يكدن يضعن حجابهن ليلا أو نهارا فالإنسان حسب قولها ضعيف ومعرض لأي مكروه فإذا ما حصل شر لا قدر الله نكون قد لبسنا الزي الساتر الشرعي .. خاصة ونحن نرى المشاهد المروعة لعملية إخراج جثث النساء والأطفال من تحت الأنقاض في كل مكان ..
وتبرر هذه الأم إصرارها على البقاء في منزلها بحي نقم بعدم وجود مكان آخر للذهاب إليه .
آثار وتداعيات
الآثار النفسية على الأطفال والناجمة عن الغارات الليلية كثيرة وعديدة فمنها ما هو وقتي ومنها ما يكون بعيد المدى ويقول محمد عبدالله وهو أخصائي في علم النفس التربوي :إن دوي الانفجارات الشديدة وأصوات الطائرات في أوقات متأخرة من الليل غالبا ما تسبب في حدوث حالات من الذعر والاضطرابات السلوكية لدى الأطفال .. ويشير إلى أن هذه الآثار قد تصاحب الطفل في حياته المستقبلية وقد تنعكس سلبا في سلوكياته المستقبلية إذ يتسبب ذلك في تنامي السلوك العدواني لديه وتزيد من مشاعر الكراهية والأحقاد والرغبة في الانتقام وهي السلوكيات الخطيرة التي قد تلازم الصغير في مراحل متقدمة من عمره .
وينصح بمحاولة تجنيب الصغار الاستماع إلى مثل هذه الانفجارات القوية والسعي الحثيث الى ابعادهم قدر المستطاع عن الأماكن المستهدفة لطائرات العدوان .
نقلا عن “صحيفة الثورة “