أصوات الضحايا وانتكاسة الضمير العربي
بقلم / عبدالقدوس طه
أصوات الضحايا وأنين أوجاعهم وجراحهم ومأساة المنكوبين في اليمن إثر الغارات السعودية ما يزال مطموراً تحت الأنقاض حيث الإعلام المحلي غير مهتم بنقل مأساتهم للعالم، فرغم مرور 75 يوماً على العدوان ما يزال العالم يجهل حتى اللحظة بشاعة الجرائم التي يرتكبها العدوان السعودي في حق الشعب اليمني.
لقد تمكن العدوان من عزل اليمن عن العالم وأطلق وحشيته لطيارين قتلة ومجرمين شذوا عن الفطرة لا ضمير ولا إنسانية يمكنها أن تردعهم عن ممارسة هوايات القتل والبطش بالمدنيين وسحقهم تحت ركام الحجار ونيران القصف وغبار البارود.
لقد حشرنا العدوان داخل غرفة مظلمة وظل يمارس ويرتكب أبشع الجرائم مستخدما أشد أنواع الأسلحة فتكا ولا يمكن لأحد أن يسمع الصراخ خارج هذه الغرفة ، ومع ذلك استغل العدوان حالة الترهل والفجاجة والرتابة الإعلامية اليمنية ليضلل العالم ويزيف الحقائق ويمارس المغالطات والتشويه إلى حد أن خلق حالة نمطية تصور الضحية على انه الجلاد كما قدم العدوان نفسه كملاك جاء للإنقاذ وهكذا يتصور المجتمع الدولي الحالة في اليمن.
ما يعانيه الإعلام اليمني بشكل عام سواءً لدى كبار المسؤولين والمشرفين على القطاع الإعلامي ورداءة أفكارهم وافتقارهم للخبرة ،كما هو حال واضعي الخطط الإعلامية هذا إن وجد استراتيجية إعلامية في الأساس وإلا لما شهدنا اليوم رداءة في الأداء والعمل والتخطيط والإدارة وما ترتب على ذلك من انحسار فجائي لوسائل الإعلام وعدم تفاعلها بجد مع حجم المآسي والضحايا حيث تكتفي في تغطيتها بشريط أخبار أو أخبار مختزلة للغارات تنشرها الوكالات المحلية وكتابات مستهلكة يوميا.
في هذه الظروف وخاصة بعد تعرض القنوات الفضائية للحجب خاصة المسيرة وقناة اليمن اليوم والفضائية اليمنية والساحات، كان يفترض إيجاد وسائل وطرق أكثر فاعلية لتغطية جرائم العدوان وتشكيل فرق إعلامية في كل الوسائل لتكون جبهة إعلامية موحدة في مواجهة العدوان تعمل كخلية نحل تقوم بإعداد مواد وتقارير لوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من الميدان “المستشفيات – أماكن الإيواء – المناطق المنكوبة- المناطق التي تتعرض للقصف والغارات ” وبشكل يومي تتضمن مآسي الضحايا وتنقل صورة كاملة عن جرائم العدوان وتوثق شهادات للتاريخ عن وحشية الغارات التي تستهدف المدنيين ، تخاطب بها العالم بطرق محترفة وأساليب إقناعية مؤثرة وبكل اللغات ليعرف العالم بشاعة الجرائم التي يتعرض لها الشعب اليمني من قبل العدوان الهمجي البربري ، كما تقوم هذه الفرق بإنتاج مواد وتقارير صحفية وتلفزيونية وإرسالها لجميع الصحف والقنوات الدولية والغربية ، وسنجد ولو على الأقل تعاطفاً من تلك الوسائل وستقوم بنشرها لتشكل رأياً عاماً في كل دولة.
الآلاف من الضحايا تغرق بهم المستشفيات ومئات الآلاف من المنكوبين والنازحين في المدارس في عموم المحافظات يتجاهل الإعلام قصصهم ومآسيهم وشهاداتهم والتي يمكن لهذه الأصوات لو سمعها العالم لتغيرت نظرته تجاه الدول المتحالفة وقد يهتم ويبدأ بملاحقة قادات التحالف باعتبارهم مجرمي حرب وأعداء للإنسانية.
من المؤسف جدا أن يتم تغييب وتهميش الضحايا ومأساتهم بشكل مقصود ومتعمد من قبل العاملين في المجال الإعلامي في الداخل على رأسهم مراسلي القنوات ووكالات الأنباء الدولية، إذ نجد هناك تغييباً مقصوداً لجرائم العدوان وعدم التطرق لها والاكتفاء بأخبار جبهات القتال في الجنوب وتناولها ضمن نزعة سياسية وتوجهات لا وطنية طبقا لرغبات المراسلين.
إن الانتكاسة في الضمير العربي حتى اليوم هي افتقار العاملين في مجال الإعلام والمسؤولين على مؤسساته وأجهزته للوعي والمسؤولية والطريقة الأنسب لتقديم رسالة الضحية للعالم لذلك لا نعول ولا ننتظر من الآخرين بأن يسمعوا لنا أو يتضامنوا معنا اذا ما زلنا نعاني من ترهل في مخاطبة العالم والشعوب الأخرى باللغة التي يمكن ان تؤثر فيهم وتقنعهم .
فحتى الآن لم تخرج أي مظاهرة في أي دولة عربية حتى تلك الدول المناهضة للتحالف مثل الجزائر وتونس وهناك عشرات الدول الأسيوية والأروبية التي تجهل حتى اليوم ماذا يتعرض له الشعب اليمني من جرائم إبادة جماعية وانتهاكات للإنسانية وجرائم الحرب التي يرتكبها العدوان. المسؤولون على الإعلام في اليمن متورطون أيضا في ما يرتكبه العدوان السعودي بتقاعسهم لأنهم بهذه الفجاجة والرتابة الإعلامية يقدمون له خدمة كمن يتستر على الجريمة ليواصل العدوان في بشاعته، فيما العالم لا يعرف ماذا يتعرض له الشعب اليمني.