ألف ساعة تحت القصف ..!
ألف ساعة تحت القصف ..!
بقلم / جميل الجعدبي
أكثر من 60 يوماً مضت والشعب اليمني يتعرض لقصف جوي مكثف لطيران أكثر من 10 دول عربية وأجنبية ولم تطلق صفارة إنذار واحدة ، ومايزال شباب صنعاء يمارسون العابهم مساء في الشوارع والأزقة ..!
60 يوماً تحت القصف واليمنيون يتعرضون لحرب إبادة جماعية بمختلف أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، ولم يفتح ملجأ واحد لحماية أطفالهم ونسائهم من نيران القصف.
60 يوماً تحت القصف والشعب اليمني يتلقف بصدور عارية أحدث الصواريخ والقنابل ولم يغادر مواطن يمني واحد بلاده طلباً للجوء كما لم يفتح لهم مخيم لجوء واحد، في دولة واحدة من دول العالم.
اكثر من 1440 ساعة تحت القصف والحصار الجائر والحرمان من أبسط الخدمات الأساسية ولم يطلق نداء استغاثة واحد لإنقاذهم .
60 يوماً تحت القصف والمدن والقرى اليمنية تغرق في الظلام جراء ضرب محطات الكهرباء والغاز وانعدام المشتقات النفطية، وما يزال اليمنيون يشربون الماء باردا ، منهمكون في متابعة نتائج الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا ، وما يزال حضورهم يشعل صفحات مواقع التواصل الاجتماعي دردشة وتحليلات وأخبار وحوارات ساخنة.
60 يوماً تحت القصف والتدمير الممنهج للأحياء السكنية والمنشآت الحيوية بما فيها الطرقات والجسور والمطارات وشبكات الاتصالات، وما يزال أبناء الشعب اليمني يتزاورون فيما بينهم، ويقيمون أفراحهم في مواعيدها، وما يزالون كعادتهم يحتفلون بعرسانهم بإطلاق الرصاص الخفيف والألعاب النارية التي تمتزج أضواؤها بأضواء مضادات الطيران ونيران المقذوفات الصاروخية لطيران العدوان السعودي وحلفائه ..!
أكثر من 86 ألف دقيقة من التدمير للمنشآت والمراكز الطبية ومخازن الأدوية ومن تزايد أعداد الجرحى والمرضى والمحتاجين للدواء، وما يزال اليمنيون يضمدون جراح بعضهم، ويتقاسمون فيما بينهم ما تبقى من مسكنات الألم، ولم يسمع العالم أنيناً لهم، ولم تصل إليهم شحنة أدوية واحدة لإنقاذ مرضاهم وجرحاهم..!!
60 يوماً وغارات طيران التحالف العدواني تستهدف القلاع والحصون التاريخية والمساجد والأضرحة الأثرية ومدن العلم والموروث الإنساني العالمي في اليمن، وما تزال اليمن وستبقى متحفاً أثرياً مفتوحاً، ومخطوطة أثرية محفوظة ونقشاً حجرياً ضاربا بجذوره في اعماق التاريخ .
60 يوماً من انعدام المشتقات النفطية وما يزال اليمنيون يبتكرون الوسيلة تلو الأخرى لتشغيل مركباتهم، وطهي طعامهم ، وسقي حقولهم ونقل محاصيلهم الزراعية..!( نشارة الخشب لطهي الطعام/ التينار والاسبرت للدراجات النارية/ زيت الطبخ بدلا عن الديزل للنقل الخفيف … الخ)
أكثر من 5 ملايين ثانية من القتل والتشريد والتنكيل بالشعب اليمني وما يزال آلاف اليمنيون العالقون في عدد من مطارات الخارج يناضلون من أجل العودة إلى بلادهم ولم يتقدموا بطلب لجوء إنساني واحد في البلدان العالقين في مطاراتها..!!
60 يوماً تحت القصف المكثف لمختلف المدن والقرى والأحياء السكنية وما يزال اليمنيون يتزاحمون في الشوارع والأسواق العامة، وما يزالون يتسابقون عقب كل جريمة للعدوان لإنقاذ الجرحى وانتشال جثث القتلى ، وتوثيق تفاصيل جرائم العدوان بعدسات هواتفهم..!
60 يوماً تحت القصف والتدمير لصوامع الغلال وتدمير مخازن القمح والدقيق ونسف شاحنات نقلهما، ونسف مصانع المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية الأساسية، وما يزال اليمنيون يخرجون أكياس القمامة معبئة بفضلات طعامهم في مواعيدها، وما تزال ولائم المناسبات العامة تقام في مواعيدها..!
60 يوماً من الحصار البري والبحري والجوي لشعب بلا رئيس وبلا حكومة وما تزال معظم الحكومات والأنظمة في معظم الدول الشقيقة والصديقة تسترزق من خزائن السعودية خصماً من دماء وحليب أطفال الشعب اليمني وأدوية مرضاهم..!!
60 يوماً من جور “الجيران” وظلم “ذوي القربى” وتنمر المحتشدين والمتحالفين على بقايا دولة وشعب منكوب وجماعات وأحزاب سياسية منقسمة وقيادات سياسية أنانية.
60 يوماً من النفاق الدولي والسقوط الإنساني والأخلاقي لهيئات ومنظمات ودعاة حقوق الإنسان، وما يزال طيران الأشقاء والأصدقاء يجرب استخدام أحدث منتجات مصانع الأسلحة الأمريكية والروسية والبريطانية والفرنسية على رؤوس المدنيين في اليمن..!!
60يوماً وسماء اليمن تمطر حمما بركانية، وغازات سامة وقنابل عنقودية وسحب نارية وأمراض مزمنة وما يزال ملوك وأمراء “الجارة” الشقيقة يبيعون ويشترون في سوق النخاسة لاستئجار جيوش عربية وأجنبية لغزو اليمن برياً..!
60 يوماً من الإباء والشموخ والصمود الأسطوري لشعب عظيم يحاصر الحصار ، ويفتك بالأوجاع، يضمد جراحه بصلابة جباله الشاهقة ، و تراب وديانه الدافئة ، يجترح المعجزات منفردا يواجه العاصفات .. شعب يمتلك مخزوناً استراتيجيا من الكبرياء وعزة النفس، انه شعب يذهل العالم ، شعب عظيم لا يُقهر ، شعب يستحق التصالح معه والاعتذار له قبل انفجار بركان غضبه..!