Herelllllan
herelllllan2

التوجهات المستقبلية لقطر .. تجاه اليمن .. الممكن والمُستبعد

كتب / علي أحمد حاجز

مركز البحرين للدراسات ينشر ضمن ملف “قطر مستقبلا”، الذي يتضمن قراءات لمستقبل السياسة القطرية، في ضوء صراعها مع الثلاثي السعودي الإماراتي البحريني.

مدخل :

السباق المحتدم اقليميا ودوليا للسيطرة على اليمن وبسط النفوذ في رقعته الواسعة التي كما تتعدد مناخاتها وتضاريسها تتعدد فيها الاتجاهات السياسية والفكرية، ليس امرا جديدا بل يمتد عميقا في التاريخ اليمني، ولعل العدوان على اليمن آخر فصول ذلك السباق.

قضية اليمن وخلفياتها ومنطلقات الصراع على ارضها تلتقي كلها في دور اليد الخارجية في اللعب بالاوراق، غير ان ثمة متغير جديد طرأ على المشهد اليمني وهو المشروع المناهض للمشروع الامريكي والوصاية، ولعل بروز هذا المتغير وخشية تأثيراته خارج الحدود اليمنية يمثل احد اهم اسباب شن الحرب وفرض الحصار على اليمن.

برغم ذلك اصبحت القضية اليمنية تلقي بظلالها على المحيط الاقليمي، ويترك بصمته على طبيعة العلاقات داخل التحالف نفسه ويظهر ذلك في احتدام السباق بين السعودية والامارات وترشيح العلاقة بينهما لصراع محتمل.

ماراثون السباق السعودي الاماراتي على التموضع في اليمن رغم صعوبة ذلك على الطرفين الاقليميين المتنافسين بسبب التصدي اليمني طويل النفس، يترك الباب مفتوحا امام احتمالات وتوقعات عدة ابرزها دخول قطر على خط السباق هناك ولاسيما في ظل احتمالات خروج قطر منتصرة من ازمتها مع الرباعي السعودي والاماراتي والمصري والبحريني، وهو ما يبدو واردا.

وبرغم الحرص القطري على عدم مزاحمة السعودية والامارات في الظهور في مشهد التحالف العربي الذي يشن الحرب على اليمن ولا في خارطة التقاسمات الميدانية ايضا، فإن ثمة تساؤلات تتقافز الى الذهن المراقب حاليا، هل كانت تلعب قطر في الملف اليمني بصمت؟ واين كانت تلعب؟ واذا لم يكن ثمة شيء من ذلك في السابق فهل لديها توجهات لخوض تجربة مجاراة السعودية والامارات على رقعة اليمن الواسعة والمعقدة؟ وما هي تلك التوجهات؟ وما مدى قابليتها لدى الاطراف اليمنية؟

ولأن هذه الجزئية غائبة عن ساحة التناولات البحثية والتحليلية عربيا ودوليا، فإن من المهم طرقها وتسليط الضوء عليها للخروج بمقاربة أولية من شأنها ان تؤسس لقراءة عميقة في امكانية او عدم امكانية دخول لاعب جديد على طاولة الملف اليمني مثل قطر.

من البديهي القول ان هذه التوقعات التي تطرح هنا للمرة الاولى تعتمد على مدى خروج قطر من ازمتها مع التحالف الرباعي (السعودية – الامارات – مصر – البحرين) منتصرة او على الاقل قوية ومحتفظة بحضورها وتحركها الاقليمي.وفي ضوء مدى تحقق هذه الفرضية، يمكن قراءة التوجه المحتمل لقطر نحو اللعب في الملف اليمني الساخن والمعقد، من خلال قراءة الثابت والمتغير في سياستها وبشكل خاص تجاه اليمن.

موقع قطر في اللعبة الامريكية
في مستهل قراءة هذه الثنائية المألوفة بين المفاهيم السياسية، كان لابد ان نتوقف لمعاينة موقع قطر على خارطة اللعبة الامريكية في المنطقة عموما، اين كانت تقف واين اصبحت تقف؟ ماهي امكانية ان تدخل كلاعب جديد في رقعة الملف اليمني المعقدة امام لاعبين اقليميين هما الامارات والسعودية؟

ثم نتساءل: هل لاتزال قطر اليوم هي نفسها قطر التي تزعمت لعبة الربيع العربي في العام 2011م ومهدت له لسنوات قبل ذلك، ضمن مشروع امريكي كان عنوانه الفوضى الخلاقة لصناعة شرق اوسط جديد؟[1] أم ان تغيير قطر لأميرها بعد انقلاب السيسي على حكم الاخوان في مصر بدعم اماراتي سعودي كان كافيا لتخرج من اللعبة الامريكية في المنطقة؟ واخيرا، هل لاتزال اللعبة الامريكية في المنطقة تقتضي ان ثمة دور ينتظرها، في اليمن مثلا؟الواضح ان “قطر مثلها مثل بقية دول الخليج حجم المصالح المشتركة تربطها عضوياً بالولايات المتحدة، ولا تستطيع أن تلعب باستقلال خارج الفلك الأمريكي، غير أنها تملك دوراً إقليمياً متميزاً.”[2]

ورقة قطر.. مخرج من ورطة الحرب ام لاعب جديد في اليمن
لاتنفك الولايات المتحدة من تبديل الاوراق في لعبتها في المنطقة العربية خصوصا، ومن غير المستبعد – وهو ما تظهر مؤشراته في الدعم الامريكي المضاد لقطر وتصريحات مسؤلين امريكيين  – ان تعود الى تفعيل الورقة القطرية وتقويتها لتلعب عبرها في اليمن مثلا لاكثر من هدف.ولعل من ضمن ما يمكن ان نتوقعه ان المطبخ الامريكي يمكن ان يجد في قطر المخرج السحري أو طريق العودة أو منفذ الهروب للسعودية وتحالفها من الورطة المتمثلة في الحرب على اليمن.هنا يقفز تساؤل: ماهي المؤهلات التي تمتلكها قطر لتلعب هذا الدور، فيما لم تكن تمتلكها عمان او الكويت مثلا وهما صاحبتا التجربتين القريبتين مع هكذا نوع من الادوار؟

يمكن الجزم ان كونها تجمع حاليا بين علاقات قوية بالاخوان المسلمين وتركيا المؤثرين على احد الاطراف الفاعلة في الحرب وهو حزب الاصلاح من جهة، وايضا علاقات مماثلة بإيران على اعتبار ان ايران قد تمتلك تأثيرا، من اي نوع، على الطرف الأثقل تأثيرا في الميدان وهو انصارالله، ولأن الاصلاح وانصارالله هما الطرفان الأكثر تأثيرا على الاحداث في المشهد اليمني أو على الاقل في ميدان المواجهات العسكرية قبل السياسية، كل هذا قد يؤهلها لان تلعب دورا باتجاه ايجاد مخرج من ورطة الحرب في اليمن مع مراعاة اعتبارات تتعلق بالاطراف اليمنية نفسها.

وبرغم ظهور اشارات بهذا الصدد تمثلت في تصريحات لقيادات اصلاحية تتحدث عن أهمية التواصل مع انصارالله وحلفائهم[3]، خاصة بعد اعلان حظر الحزب الاخواني في الجنوب[4]، غير ان ذلك يبقى مرهونا بمدى مرونة انصارالله وتجاوبهم مع هذه الاشارة، وهومالم يظهر حتى الان على الاقل.

مقاربة اخرى تنطلق من فرضية اقتضاء اللعبة الامريكية، كما هو معتاد في ادارة الولايات المتحدة للصراعات في المنطقة، وهو صناعة محور جديد داخل مضمار الصراع الاقليمي على اليمن، تستفيد منه في ابتزاز او بالاصح ترويض المحاور الاخرى (السعودية والامارات)، تماما كما حصل مع تمكين الامارات وجعلها محورا مقابلا للسعودية التي كانت تقود التحالف وحيدة.

من خلال صناعة المحاور، تضمن الولايات المتحدة صراعا مستداما بين دويلات الخليج داخل مضمار الحرب على اليمن ولدى قطر اوراقها على الارض وهم حزب الاصلاح الاخواني، اضافة الى ان قطر بدأت حرب الوثائق مع السعودية والامارات في اليمن، واخرها تسريب قطر لـ ” وثيقة أمريكية خطيرة تدين السعودية والإمارات بدعم داعش والقاعدة في اليمن.”[5]

في الواقع هذا الدور قد تلعبه قطر في المناطق التي تقع تحت الاحتلال وفي قبضة التحالف، لكن من الصعب ان تصل اللعبة الى المحافظات التي لاتزال تحت سيطرة سلطات صنعاء المناوئة للعدوان، باستثناء لعبة تستهدف ورقة الامارات المخبأة في شمال اليمن وهو الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام الذي من الثابت العداء بينهما منذ ما يسمى ثورات الربيع العربي 2011م.

و فرضية دخول قطر على خط الازمة اليمنية باي شكل يستدعي تساؤلات عدة أهمها: هل سيبقى عداء قطر مع صالح ثابتا وماهي تأثيراته المحتملة على نجاحها في لعب الدور المحتمل هناك، سواء على اعتبار ان صالح احد حلفاء انصارالله وشريكا لهم في ادارة ظروف الحرب من جهة، ومن جهة اخرى باعتبار صالح وحزبه ورقة اماراتية مخبأة تلوح الاخيرة باعادتها الى السلطة في الشمال والجنوب؟

في الواقع، ظهرت مؤشرات من جهة قطر للعب بهذه الورقة تمثلت في التخويف من عودة نجل صالح الى الحكم، حيث تعمدت الجزيرة ان تسوق لخبر نشرته وكالة فرنسية مفاده ان الامارات اقنعت السعودية بان يتولى قيادة اليمن في المرحلة المقبلة احمد علي عبدالله صالح السفير الذي كان تحت الاقامة الجبرية في ابوظبي[6]، وهذا الخبر قرأ على اكثر من سياق، غير ان ابرز تلك القراءات تذهب باتجاه ان قطر تستفز الاصلاح الاخواني من جهة وتضرب في العمق الثقة بين الحراك الجنوبي الذي يرى صالح خصمه التاريخي وبين الامارات، اضافة الى ان تنسيقا من هذا النوع قد يحدث هوة بين انصارالله وشريكهم المؤتمري.

ورقة الاخوان المسلمين (حزب الإصلاح)في اليمن
لا يبدو ان علاقة قطر بالاخوان المسلمين قابلة للتغير، وهو على الاقل ما بدا واضحا من خلال وقوفها القوي امام السعودية وتحالفها الرباعي الى الان، هذا ينسحب على موقفها الداعم لحزب الاصلاح التابع للاخوان المسلمين في اليمن والذي صنف مرارا ضمن قائمة الارهاب بحكم علاقته بالاخوان المسلمين.

لكن هذا يستفز تساؤل جديد: ماهو سر بقاء قطر في الظل داخل التحالف الذي يشن حربا على اليمن منذ اكثر من عامين واكتفائها بالمشاركة الخجولة او بالاصح المشاركة الصامتة بعيدا عن مزاحمة السعودية والامارات في سباق النفوذ داخل الساحة اليمنية، رغم انها تمتلك اوراقا مثل الاخوان المسلمين (حزب الاصلاح)؟ قد يرى البعض ان وراء ذلك حسابات اقتصادية او دبلوماسية ذكية تنتظر المآلات.

وفي الواقع، فإن قطر كانت ولاتزال محكومة باتفاق ابرمه الملك عبدالله مع كل دول الخليج في 2013م وتم تكملته في 2014، و لم ينشر في حينه،  لكن نشرته وسائل الاعلام السعودية هذه الايام لتذكير قطر، على اعتبار انها المعنية من وراء هذا الاتفاق الذي ابرم على وقع المتغيرات التي حصلت في المنطقة بعد انقلاب مصر والضغط على امير قطر للتنحي بعد اسقاط مشروع الاخوان المسلمين في مصر،

لعل الشاهد هنا ان النقطة الثانية من الاتفاق الذي وقع عليه الامير تميم نصت على “عدم دعم الاخوان المسلمين أو أي من المنظمات أو الأفراد والتنظيمات التي تهدد أمن واستقرار دول الخليج عن طريق العمل الأمني المباشر او محاولة التأثير السياسي[7]”.

ولأن المعني بذلك الخطر – بمعايير ظروف تلك مرحلة الاتفاق – هو حزب الاصلاح في اليمن الذي كان ممتعضا من اسقاط نظام الاخوان في مصر، فقد جاءت النقطة الثالثة من الاتفاق معنية باليمن، حيث نصت على “عدم قيام أي من دول الخليج بدعم أي جهة كانت في اليمن ممن يشكلون خطراً على الدول المجاورة لليمن”، قد تقرأ هذه الجزئية بانها تشير الى اكثر من طرف في اليمن، غير انه يمكن قراءة هذه النقطة على أنها تأتي كمكملة للسابقة، وبقراءة ظروف الاتفاق فان الاخوان المسلمين في ذلك الوقت هم من كانوا مصنفين خطرا على السعودية بعد انقلاب مصر.

وبرغم ان حزب الاصلاح الذي تتواجد بعض قيادته في السعودية ابدى موقفا مؤيدا للسعودية ضد قطر، الا انه يقرأ بكونه ليس موقفا حقيقيا، بل يمكن اعتباره موقفا مفروضا من قبل السعودية بحكم وضعها لقيادات الحزب الكبيرة تحت الاقامة الجبرية من العملية، حتى إذا لم تصح الروايات بعدم السماح لهم بالتحرك والسفر من المملكة[8].

وتظهر مؤشرات بقاء العلاقة الحميمية بين حزب الاصلاح وقطر في اداء مؤسساته وقياداته الاعلامية التي تعمل من خارج المملكة (من تركيا مثلا)[9]، والتي تهاجم بشكل مستمر الامارات – وان تحفظت عن ذكر السعودية – وتصفها بالاحتلال.

ولو دققنا في المشهد اكثر داخل اليمن لوجدنا ان الصراعات المسلحة بين فصائل موالية للتحالف في عدن وفي تعز وفي الجوف ومأرب، سنجد اثرا لليد القطرية فيها، اذ ان ما حصل في تعز خلال الايام الماضية مثلا، هو معارك وتصفيات بين مجاميع مسلحة تتبع الاصلاح (بقيادة غزوان المخلافي) واخرى تتبع السلفية (بقيادة ابوالعباس)، هذه الاشتباكات التي ليست الاولى تعد مؤشرا ان الاصلاح الذي يدين بالولاء لقطر يتحرك في مواجهة السلفية التي تتبع الامارات، سيما وانها انتهت بالقبض على غزوان الاصلاحي وبمباركة الامارات والسعودية، والقبض عليه اثار حفيظة قيادات الاصلاح في تركيا (المتضامنين مع قطر).

من كل ما سبق، وفي ظل الشتات الذي تعيشه قيادات حزب الاصلاح وتمسك السعودية ببعضها كورقة تلعب بها في حربها على اليمن وفي مواجهة تغول الامارات في جنوب اليمن ايضا[10]، نستطيع ان نتكهن – غير جازمين – ان ثمة مؤشرات يمكن تسيمتها ارهاصات توجه قطري للعب بورقة الاخوان (الاصلاح) على رقعة الصراع الاقليمي داخل اليمن امام الامارات والسعودية.

الموقف من الحرب.. ومن انصارالله
ثمة رأي يقول ان قطر لم تغير موقفها من العدوان على اليمن بعد ازمتها مع التحالف الرباعي، ويعتقد انه و”منذ اتخاذ الرباعية قرار التصعيد مع قطر، الملاحظ هو بقاء المواقف ذاتها من معسكر الخصوم خاصة في سوريا و اليمن، على سبيل المثال فيما يخص الخطاب الإعلامي للجزيرة التغير هو باتجاه تصعيد اللهجة ضد السعودية، والإمارات. “[11]

من هذا المنطلق يمكن اعتبار تغير موقف قطر الطفيف من العدوان على اليمن جاء في سياق رد الفعل على الحصار والاستهداف من قبل التحالف الرباعي السعودي الاماراتي المصري البحريني، ومهما يكن شكل وحجم التغير في موقفها الا انها اعلنت سحب قواتها وغيرت الى حد ما في تعاطيها الاعلامي مع اداء تحالف العدوان على اليمن وليس مع المبدأ والفكرة.

ولان قناة الجزيرة تعد السلاح الاقوى لدى دولة قطر الصغيرة جغرافيا والناعمة عسكريا ان صح التعبير، فان تغطيتها لبعض فعاليات انصارالله في اليمن مثل فعالية يوم القدس[12] قد تعد إشارة مهمة ارسلتها قطر للتحالف الرباعي الذي يطلب في الاساس من قطر ايقاف الجزيرة ووقف لعب دور همزة الوصل بين ايران وحماس، في سياق ترتيب صفوف تحالف عربي اسرائيلي بوجه ايران ومحور المقاومة، ولكي لا نذهب بعيدا فان تغطية يوم القدس في اليمن من قبل الجزيرة يمكن ان تقرأ في سياق التلويح القطري الى اللعب بورقة ما في اليمن، وهذه المرة ليس عبر الاصلاح (الاخوان المسلمين) بل عبر انصارالله.

ويمكن قراءة تغطية الجزيرة ليوم القدس، بمثابة عرض اولي تقدمه قطر لانصارالله، فهل لدى انصارالله الاستعداد لقبول ذلك العرض ام ان لديهم حسابات مختلفة وقراءة مختلفة للعرض؟

لو قرأنا هذا العرض من خلال الخلفيات التاريخية للدور القطري، سنجد ان دولة قطر لعبت دور الوسيط بين انصارالله وبين النظام الحاكم المدعوم سعوديا خلال الحروب الست على صعدة[13]، واستقبلت قطر في ذلك الحين اعضاء مفاوضين من انصارالله ذهبوا على متن طائرة خاصة نقلتهم من صعدة مباشرة الى الدوحة[14] وخرجت وساطتها باتفاق مشهور هو اتفاق قطر الذي انهى الحرب الرابعة، هذا الاتفاق التاريخي تلته مفاوضات اخرى في عام 2010م خلال الحرب السادسة و خرجت باتفاق اخر مكون من 12 نقطة، وكان وفدا رفيعا من الدوحة قد وصل الى صعدة ايضا للقاء انصارالله، واتت هذه التحركات بعد زيارة اجراها امير قطر لليمن وانشأ خلالها (مؤسسة قطر للتنمية في اليمن).

هذا التحرك القطري وصف حينها بانه دعم لانصارالله (الحوثيين) اسهم في الاعتراف بهم كقوة وطرف في المشهد اليمني، بل ربما ان ثمة توجس من تكرار هذا الدور حاليا سيما وانه لايزال يلقي بظلاله على ازمة قطر الحالية مع التحالف الرباعي، وظهر ذلك جليا في استدعاء اعلام الامارات والسعودية لذلك الحدث من الذاكرة في سياق كيل التهم على قطر، بل ان تهمة دعم الحوثيين في اليمن اخذت مساحة داخل كتابات وتحليلات عدة، وهي تهمة لاتهضمها بسهولة ذهنية المتابع الذي يدرك انها لا تستند الا على اتفاق قطر كخلفية تاريخية.[15]

مع ذلك يظل احتمال تكرار لعبة الوساطة القطرية – وان كانت قد قرأت حينها انحيازا لانصارالله – مرهونة بمدى وجود بيئة سياسية وفكرية داخل مشروع وتوجه انصارالله تسمح للفكرة ان تعيش وتثمر، مع ضرورة الاخذ في الاعتبار قناعات انصارالله تجاه امريكا ومشروعها في المنطقة، على اعتبار ان قطر واحدة من ادوات ذلك المشروع الامريكي.

الواضح ان ثمة مغازلة قطرية أخرى لانصارالله ظهرت في طلبها استئناف عمل الجزيرة من صنعاء، وبرغم الاشارات الايجابية التي ومضت ثم خفتت سريعا في ترحيب رئيس اللجنة الثورية في اليمن محمد علي الحوثي بعودة القناة وفتح مكتبها في صنعاء[16]، الا ان ذلك لا يعد باي حال مؤشرا يمكن الاعتماد عليه في الجزم بان البيئة داخل انصار الله باتت مهيأة للدخول في صفقة مع قطر من اي نوع.

الخاتمة

مما سبق يمكن ان نخلص الى التالي :

قطر وإن امتلكت قدرا من الحرية في التحرك إقليميا، تظل محكومة بكونها ضمن اللعبة الامريكية في المنطقة، وأي تحرك لها في اليمن لن يخرج عن مسارات اللعبة الكبيرة التي تلعبها الولايات المتحدة، وخاصة فيما يخص تكريس الصراع وصولا الى التقسيم.
إن ورقة الاخوان المسليمن (حزب الاصلاح) برغم وجود المؤشرات على تحريكها، فإنها لا تزال في قبضة السعودية، والتي بدورها تلعب بها وفق اجنداتها في اليمن.
باعتبار أنصارالله الطرف الذي يرفع شعار مناهضة مشروع امريكا في المنطقة، قد يدخلون في أي تسوية تقودها قطر على سبيل الافتراض، لكن من المستبعد ان يدخلوا مع قطر في صفقة من اي نوع، وبرغم المغازلة القطرية لايزال موقفهم صامتا.
دور قطر في اليمن قد يقتصر على مزاحمة السعودية والإمارات على مضمار النفوذ والصراع وفق ما تقتضية لعبة التقسيم الامريكية.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com