البوصلة الطائفية لآل سعود
البوصلة الطائفية لآل سعود
بقلم / كاظم غيلان
تحتكم الأديان، إزاء أية قضية، الى النص السماوي، فهو الكفيل بحسم موقفها إزاء القضية الشائكة أو حتى شبه الشائكة، وآنذاك ستجد الطرف الآخر (المضاد) يقر بأرجحية هكذا احتكام.
أسوق هذه المقدمة وأنا أتابع حيثيات ووقائع سير العمليات الحربية والاقتتال الجاري في بقاع عديدة من عالمنا العربي، ولنأخذ النماذج الأكثر سخونة ولهباً في المنطقة ممثلة بما حصل ويحصل في سوريا والعراق واليمن، ولا شك ان الدوافع الحقيقية لما يجري في الساحات الثلاث، هي، شئنا أم أبينا، دوافع طائفية مقيتة كشرت عن أنيابها من خلال مجريات الأحداث وتصريحات البعض من القادة والرؤساء والملوك الذين أخذوا على عاتقهم تبني هذا الدوافع، لما فيها من غريزية واضحة تتصل بعواطف الشعوب المقهورة، لا سيما تلك التي ترزح تحت خط الفقر المخيف والمهول.
آخر الإجراءات التي استعدت لها عصابات “داعش” الإجرامية قبيل حلول شهر رمضان هو اصدارها لقرارات قسرية في المدن التي تقع تحت قبضة سيطرتها وخاصة (الموصل)، إذ فرضت من الآن حظراً صارما يقضي بعدم مغادرة نساء المدينة أبواب بيوتهن خلال هذا الشهر (المبارك)!!. هاتوا لي نصاً قرآنيا يمنح الشرعية الدينية – فقهية كانت أم غير فقهية – لهكذا فتوى، ولا أدري من أي عقل سلفي أجوف صدرت هذه الفتوى؟ وأقول ذلك وأنا اتذكر بعض فتاوى فقهاء السعودية السلفيين الذين اصبحوا مثالا للتشدد الطائفي بسبب المناخات السلبية التي يوفرها لهم النظام الحاكم في السعودية.
لا شك ان السعودية غدت الأنموذج الذي مارس لغته وفعله الطائفيين في المنطقة دونما رادع، فهي تمنع المساعدات الإنسانية المرسلة للحوثيين الذين يمثلون أوسع قطاع من المسحوقين في اليمن، ويعيشون تحت خطوط الفقر والخطر، ضاربة بمنعها لهذه المساعدات كل المواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط، وأعقب ذلك تفجير انتحاري لمسجد الامام علي في (القطيف) بسبب التحريض الطائفي لبعض فقهاء وخطباء السعودية، ناهيك عن عدم توقف عدوان السعودية على اليمن، ذلك العدوان الذي أسمته بـ (عاصفة الحزم) التي هي عدوان سافر على بلد له استقلاليته وسيادته.
الحوثيون يقاومون وهذا من حقهم، بل ومن حق أي إنسان أن يدافع عن نفسه ، فكرامته لن تسمح له بالاستسلام والخنوع، ولنا في انتفاضة شعبنا العراقي الشعبانية التي اندلعت في العام 1991 خير دليل على طائفية هذا النظام المقيت البغيض وأعني النظام السعودي، فراح ينتخي الجانب الأميركي ويوسطه، بل ويتوسله برفع الحظر الجوي العسكري عن الجانب العراقي والذي كان قراراً دولياً ومن أبرز موقعيه الجانب السعودي، متناسياً بين ليلة وضحاها كيف اجتاح صدام دولة (الكويت) مخلفا فيها خرابا ودمارا كبيرين. ولم يكن ثمة أي دافع مقنع للعقل البشري في هذا التصرف الأهوج السعودي إلا ذلك الخوف الذي هيمن على حكامها من امتداد ما تمت تسميته لاحقا بـ(الهلال الشيعي) في المنطقة متذرعين بضخهم الإعلامي وجود تدخل إيراني قد حصل للاستحواذ على الانتفاضة العظيمة، وراح الطيران العسكري العراقي – بعد أن تلقى أوامره الصارمة بدك مدن فرات وجنوب العراق – يقوم باستخدام أبشع أسلحة القتل والدمار ضد العراقيين، وراحت معتقلات الأمن وسجونه في الجنوب بشكل خاص تزدحم بخيرة الشبان المنتفضين، مثلما راح معتقل (الرضوانية) السيئ الصيت يغص بالعدد الأكبر منهم، دون أن يجدوا (إيرانيا) واحداً من بين الآلاف من المعتقلين الذين راح العدد الأكبر منهم يختفي في (المقابر الجماعية) التي كشف عنها مع سقوط صنم صدام الأجوف في ساحة الفردوس في التاسع من نيسان 2003.
وبعد.. فهل ثمة من دليل آخر على الحقد الطائفي الذي يمارسه حكام السعودية اليوم تحت ذرائع لا يمكن للعقل البشري تصديقها وأخذها على محمل الجد.
نقلاً عن موقع “العالم”