عواقب وتداعيات .. تعيين الباكستاني رحيل شريف قائدا لقوات التحالف السعودية
يمانيون – متابعات
طوال العامين الماضيين ورغم استخدامه لأسلحة ومقاتلات متطورة، لم يستطع التحالف العسكري العربي الذي تقوده السعودية ان يصل الى اي من اهدافه المعلنة في اليمن، في وقت استطاع الجيش واللجان الشعبية تحت قيادة انصار الله ضرب القواعد العسكرية السعودية على طول الحدود مستفيدين من صواريخ طويلة المدى، وجعلوا من السفن الحربية وسائر المعدات العسكرية السعودية اهدافا لهم، مستطيعين ان يفقدوا السعودية اي امل بالنصر.
ولأن الرياض واجهت مقاومة عنيفة وفشلت في تحقيق سلم اهدافها، تسعى اليوم لجرّ القوى الاقليمية والدولية الى الحرب اليمنية علها تستطيع ان تخرج برعايتهم من المستنقع الذي وقعت فيه.
في غضون ذلك، بالإضافة إلى جهود السلطات السعودية المكثفة للفت نظر أمريكا لإدخال باكستان في الائتلاف معها، الا ان العلاقات بين البلدين على الصعيدين الامني والعسكري كانت جيدة ايضا في السنوات الاخيرة.
ويرى السعوديون ان دخول اسلام آباد في التحالف، بإمكانه حل الازمة الحالية التي وقعوا بها، والاهم من ذلك ان وجود دولة غير عربية كباكستان الى جانبهم يعطي حد ادنى من الشرعية لتدابير الرياض في اليمن. وبناءا على ذلك فإن القيادة السعودية استغاثت في الفترة الاخيرة بقادة الجيش الباكستاني بما فيهم الجنرال المتقاعد رحيل شريف لكي يساعدوهم على الخروج من المستنقع اليمني، وقدموا لهم تسهيلات عدة للوصول الى غايتهم، من جملتها بيع النفط لباكستان بأسعار منخفضة.
اما الدولة الباكستانية التي تعرف جيدا آثار هذا التدخل على اوضاعها في الخارج والداخل، ومن جملتها العلاقة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، فقد تهربت من الموضوع، واعلن البرلمان الباكستاني ايضا عن رفضه لأي تدخل لإسلام آباد الى جانب الرياض في حرب اليمن. وقد خرجت تظاهرات على الاراضي الباكستانية تندد بالعدوان السعودي، وترفض اي تدخل لبلدهم الى جانبها.
على الرغم من كل هذه الاعتراضات، رضخت القيادة الباكستانية للضغوطات السعودية والامريكية وارسلت الجنرال المتقاعد والقائد السابق للجيش الباكستاني رحيل شريف، ليصبح قائدا للتحالف العسكري الذي كانت قد شكلته الرياض، مما ادى الى ردود فعل قوية من قبل المعارضين على هذا العمل.
اسباب قلق المعارضين والمنتقدين لترأس شريف للتحالف العسكري كثيرة، من اهمها الانعدام التام للشفافية وعدم الاعلان عن الدور الفعلي لشريف في التحالف، والتساؤل عن الفوائد التي ستجنيها باكستان، والثمن الذي ستدفعه جراء خطوة كهذه. ويرى المعارضون ان هذه المشاركة ستؤدي الى عواقب كثيرة في الداخل والمنطقة، وسيكون ضررها اكثر من نفعها، وستلغي نظرية النأي بالنفس التي كانت تتبعها اسلام آباد في مقابل الازمات الاقليمية، ويرون ايضا انها ستسفر عن خفض مستوى التواصل الباكستاني مع طهران، وستضع علامة استفهام حول السياسة الحيادية لباكستان المتعلقة بالعلاقات الايرانية السعودية.
اما على الصعيد الداخلي، بالاضافة الى زيادة التوتر الطائفي في البلاد، ستؤدي هذه المشاركة الى تنشيط الجماعات المتطرفة على غرار داعش وغيره. وبإمكانها ان تحبط جهود الجيش الباكستاني لحفظ الامن في انحاء البلاد، وستضع علامة استفهام ايضا على شرعية هذا الجيش. وعلى هذا الاساس حذر قادة الجماعات الدينية والاحزاب السياسية في باكستان رحيل شريف من عواقب هذا العمل، معتبرين انه خدشة على وجه باكستان امام دول المنطقة وخصوصا في العالم الاسلامي.
بشكل عام يمكن القول ان باكستان بانضمامها الى الائتلاف العسكري الذي شكلته السعودية للحرب على اليمن، والذي لا يمتلك جدول اعمال واضح ومحدد، تتجه الى مكان مجهول. فمن المحتمل ان يؤدي تحالفها مع السعودية الى انقسامات داخلية، والاخطر من ذلك فإنه يزيد من الفجوة بين الشيعة والسنة، ويعقد العلاقات الدبلوماسية الباكستانية مع جيرانها، لاسيما ايران.