واشنطن واستراتيجية الرقص على ساحات الحلفاء
واشنطن واستراتيجية الرقص على ساحات الحلفاء
بقلم / سيف حديد
نبشت الغارات السعودية على اليمن مخازن الأحداث السياسية في المنطقة، ليطفو على السطح حدث هز العالم بوقته، كان الأول من نوعه: دولة عربية تغزو جارتها الشقيقة. مشاهد الرعب تفرض سطوتها على السماء الكويتية. الطائرات العراقية تقصف المنازل والرصاص العربي يخترق صدور الإخوة. ممارسات شكلت الحروف الأولى لكتابة نهاية نظام صدام حسين. ما أن طوت واشنطن صفحة حليفها السابق، حتى حذر معمر القذافي نظراءه خلال خطابه في القمة العربية «نحن أصدقاء أمريكا ستوافق على شنقنا يوما ما».
ما بين غزو صدام حسين للكويت وقيادة السعودية لـ «عاصفة الحزم» ملامح مشتركة، تتعدى حدود أن النظامين تحالفا مع أميركا وواجها «البعبع الإيراني»، مع متغير بسيط، الحرب الأولى جرت وجها لوجه، فيما الحرب السعودية ـ الإيرانية تتابع فصولها على ارض ثالثة (سوريا والعراق ولبنان واليمن).
ثمة أوجه للتشابه بين الحالتين تتمثل في «الفخ» المتكون من خطوتين، الأولى مواجهة إيران، تليها محاربة الجيران، وإذا ما وضعنا النتيجة المختبرية تحت المجهر، يتبين لنا تفاصيل الخلايا المتطابقة، التي يمكن اختصارها بما يلي:
ـ تطابق شعار غزو الكويت مع شعار «عاصفة الحزم» (تهديد الأمن القومي).
ـ النظامان يواجهان معارضة داخلية حقيقية وأخرى خارجية.
ـ النظامان يحكمان بنفس طائفي «لقمع» الحراك الداخلي.
ـ كلاهما متمسكان في الحكم بغية توريثه للأبناء.
ـ كلاهما يعتقدان نفسيهما: («الزعيم السني» يواجه «الخطر الشيعي» المتمثل بـ إيران).
ـ كلاهما متهمان بدعم «الإرهاب»، صدام اتُهم بأنه حليف «القاعدة»، والسعودية بتمويل الجماعات المتطرفة كذلك.
ـ العين الأمريكية على النفط الوفير في البلدين.
تحت عنوان دعم صدام حسين لــ «تنظيم القاعدة الإرهابي»، شنت أمريكا حربها على العراق، وبخندق الاتهام نفسه تشارك الرياض «نظام صدام»، علماً أن الصحف الأجنبية هذه الأيام، بنشرها «وثائق استخبار آتية» مسربة عن قصد أو غير قصد، تكشف دعم المملكة العربية السعودية للمتطرفين ولم يقتصر الاتهام على «كلام الجرائد»، فالرجل الثاني في البيت الأبيض لم يحفظ السر، ليقول جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي إن «السعوديين ضخوا مئات الملايين من الدولارات وعشرات الآلاف من أطنان الأسلحة إلى «القاعدة» والعناصر المتطرفة و «جبهة النصرة» وأي شخص يقاتل ضد الأسد»، لتضفي كلمات بايدن بعدا ثالثا لصورة الرياض أمام الرأي العام، بأنها «متورطة بدعم الإرهاب».
للبيت الأبيض، تاريخ اسود في «التعامل مع حلفائه». يسجل بين صفحاته موقف واشنطن من «شرطي الخليج» الشاه محمد رضا بهلوي، الذي حول بلاده منذ توليه الحكم العام 1949 إلى تابع مسلوب الإرادة، موظِّفا كل إمكانيات إيران ومواردها في خدمة سياسة الولايات المتحدة وأهدافها الإقليمية والدولية، قبل أن تتركه يواجه بمفرده مصير السقوط المحتوم. ولم يكن حال الرئيس الفيليبيني فرديناند ماركوس أحسن من نظيره الشاه رضا، ولم يرمش طرف عين لواشنطن «التاركة» لأحد أبرز حلفائها الرئيس الباكستاني برويــز مشرف يسقط تحـــت وقع غليان الشارع، كما فعلت مع حلفاء لها آخرين، أمثال الرئيس الجورجي إدوارد شيفاردنادزه، الكونغولي موبوتو سيسي سيكو، التشيلي أوغستو بنوشيه، القرغيزي السابق «عسكر أكاييف»، والقائمة تطول.
جريدة السفير