هذا ما يقوله (الإسرائيليون )عن عدوهم السيد حسن نصر الله!
يمانيون -متابعات
من باب الفكاهة الهزلية نقول إنه منذ فتوحات صلاح الدين الأيوبي، وهو بالمناسبة كان كرديا وليس عربيا، وانتصاراته على الفرنجة، توقفت أمة الناطقين بالضاد عن تحقيق الانتصارات، واكتفت بفتح علب السردين، وعلب اللحم المجفف، التي ترسلها الأمم المتحدة إلى اللاجئين الفلسطينيين، ويقوم أصحاب رأس المال بسرقتها وبيعها في الحوانيت بدون حسيب أو رقيب. ولا غضاضة بالتذكير أن الفرنجة، أي الصليبيين، منعوا المسلمين من الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، تماما كما تفعل دولة الاحتلال منذ عدوان الرابع من حزيران (يونيو) من العام 1967.
واللافت، أو ربما عدم اللافت، أن رئيس لجنة القدس هو العاهل المغربي، الملك محمد السادس، الذي لا يخفي علاقاته الحميمية مع الدولة العبرية، ومن هنا نريد التعريج على الحملة السافرة التي تقوم بها الإمبريالية والصهيونية وأدواتهما في الوطن العربي لشيطنة سيد المقاومة، الشيخ حسن نصر الله، وبطبيعة الحال حزب الله، ومرد ذلك باعتقادنا المتواضع، أن الاستعمار الثقافي تمكن عبر الوكلاء في الدول العربية من تأجيج الخلافات بين أبناء الأمة العربية، حيث تحول العداء الطائفي المقيت والبغيض بين المسلمين والمسيحيين، إلى صراع مذهبي بين السنة والشيعة والعلويين، وهذا الصراع يساهم إلى حد كبير في تفتيت وتمزيق النسيج الاجتماعي للأمة العربية من محيطها إلى خليجها، ويجزأ المجزأ، ويقسم المقسم، ويصرف الأنظار عن أن عدونا الأول والأخير كان وما زال وسيبقى الاستعمار وصنيعته الحركة الصهيونية، التي لا تتوقف أطماعها في اغتصاب فلسطين التاريخية، بل تذهب إلى أبعد من ذلك، إنها حركة كولونيالية عنصرية بامتياز تهدف إلى السيطرة العملية على الوطن العربي من ألفه إلى يائه.
ومن المهم جدا الإشارة إلى مقولة المجرم أرييل شارون، رئيس وزراء “إسرائيل” (2001 – 2006): “جميعنا يجب أن يتحرك، أن يركض، يجب أن نستولي على مزيد من التلال، يجب أن نوسع بقعة الأرض التي نعيش عليها، فكل ما بين أيدينا لنا، وما ليس بأيدينا يصبح لهم”.
السيطرة على العالم العربي، لا تتم بالحروب، وها هو أحد أكبر منظري الصهيونية، الجنرال في الاحتياط يهوشافاط هيركابي يقول: لقد قاتلنا العرب في عدة حروب وهزمناهم عسكريا، لكن في اثر كل حرب يتولد مشهدا سياسيا أكثر تعقيدا وتزداد مشكلتنا مع العرب تعقيدا. ويضيف: ولذلك فإن الحرب ضد العرب لن تمنح الأمن لـ”إسرائيل”، بل كل حرب تلد أخرى، وأن أفضل طريقة هو التركيز على التسوية السياسية، وفي هذه من الممكن أن نحقق الانتصار النهائي على العرب، ومن الممكن أن نأخذ من العرب على طاولة المفاوضات أكثر مما نأخذ منهم في الحرب. وبرأي البروفيسور هركابي: طبيعة العقل العربي والشخصية العربية تؤكد لنا ذلك. فالعربي عنيد في الحروب والمواجهات، ولكنه ملول في الحوار والمفاوضة ومن الممكن، ولأنه قصير النفس وفاقد للرؤية السياسية ومهشم من الداخل نتيجة الهزائم العسكرية المتكررة، استخلاص مكاسب سياسية عديدة منه على طاولة المفاوضات.
وغني عن القول إن هركابي بات الأب الروحي لحزب العمل الإسرائيلي الذي ضم ويضم عتاة المحاربين الصهاينة أمثال اسحاق رابين، صاحب المقولة المشهورة إبان اجتياح لبنان عام 1982: يجب تكسير أيدي وأرجل العرب، وشمعون بيريز، الثعلب الأبدي والسرمدي، جزار قانا، الذي يتفاخر بأنه هو الذي أنشأ الفرن الذري في ديمونا، وغيرهما كثيرون. كما أنه أصبح يشكل مدرسة سياسية في ذاتها، لذلك نلاحظ أن حزب العمل يؤكد دائما على التسوية السياسية في برنامجه السياسي. فلو بعث هركابي من قبره وسأله الرئيس بوش قبل غزو العراق في العام 2003 وقال له: هل نغزو العراق؟ لكان جواب هركابي: لا انصح بالغزو العسكري، ولكن بالغزو السياسي، فالغزو السياسي في بلاد العرب يحقق نتائج على الأرض أكثر من الغزو العسكري، ولو غزوت عسكريا سيتولد المشهد السياسي أكثر تعقيدا من وجود الرئيس العراقي صدام حسين الآيل للسقوط. ويبدو أن الإدارة الأميركية تعلمت من درس العراق خلاصة مقولة هركابي، وبعد أن كانت تهدد كلا من إيران وسورية انخفضت وتيرة التهديد وأخذت الولايات المتحدة تكثف من وتيرة الضغط السياسي، الذي يركز على سياسة “التفكيك” والترويض لكل من إيران وسورية. بكلمات أخرى: إنهم يعالجوننا الآن على طريقة هركابي. لا حرب ولا عسكر بل غزو سياسي طويل الأمد وتغلغل ثقافي وتفكيك سياسي واجتماعي للبنى الاجتماعية والسياسية التقليدية ذات النظرة غير الودية للتدخلات الأمريكية في الشؤون العربية، خاصة في الشأن الثقافي والديني والحضاري.
وعود على بدء: نقول ولا نجزم وشهد شاهد من غير أهله، ونوجه حديثنا إلى العرب الذين باتوا يسمون سيد المقاومة شيطان الله. الصحافي والمستشرق الإسرائيلي داني روبينشتاين قال: “حسن نصر الله هو شخصية عظيمة، تشخص لها أبصار الفلسطينيين والشارع العربي، بدرجة تفوق عبد الناصر في زمنه، عبد الناصر صمد في حرب حزيران ستة أيام، أما حسن نصر الله فقد حبس ربع سكان إسرائيل في الملاجئ أكثر من أربعة أسابيع”.
ونحن نعلم أن المقارنة والمقاربة بين الرجلين ليس في مكانها، وندري أن الإعلاميين الصهاينة يعملون بدون كلل أو ملل على تأليب الرأي العام العربي بشتى الوسائل ضد الرموز التاريخية، كما ندري أن الإعلام العبري هو ليس أكثر من كتيبة عسكرية متطوعة لصالح ما يسمى بالإجماع القومي الصهيوني، ومع ذلك نجد لزاما على أنفسنا التذكير، هذا إن نفعت الذاكرة، بأن أحد استطلاعات الرأي العام الذي تم إجراؤه في “إسرائيل” أكد بشكل يقطع الشك باليقين على أن 80 بالمائة من الصهاينة في دولة الاحتلال، يصدقون كل كلمة يطلقها السيد نصر الله، بينما لا يؤمنون بتصريحات قادتهم. وفي هذه العجالة يجب التأكيد على أن أنصاف المثقفين وأشباه الكتاب، الذين يزعمون أن سبب تراجع التأييد لحزب الله في الشارع العربي مرده التدخل العسكري للحزب في الأزمة السورية لصالح النظام الحاكم، إنما يكذبون على أنفسهم أولا، وثانيا، يخدمون من حيث يدرون أو لا يدرون الأجندة الأميركية والإسرائيلية.
يجب قول الحقيقة بدون “رتوش”: من وجهة نظر الإمبريالية فإن محور إيران، سورية وحزب الله هو الهلال الشيعي، وفق تسمياتهم، التي للأسف تبناها العديد من العرب، والمحور الثاني هو المحور السني الذي تقوده مملكة الدم والذم، السعودية.
وهذا الزمان وهنا المكان للتذكير مرة أخرى أن قوات درع الجزيرة السعودية، التي تم تدريبها من قبل قوات المشاة (المارينز الأميركي)، تتواجد منذ أكثر من سنتين في مملكة البحرين بهدف الحفاظ على النظام الحاكم هناك، ما العمل، وفق المعجم الجديد، مواطنون ينتمون إلى الطائفة الشيعية، علاوة على ذلك، فإن الشيعة في جنوب السعودية يتعرضون لأبشع صنوف التنكيل من أسرة آل سعود الحاكمة بيد من حديد ونار. والسؤال: لماذا يسمح للسعودية بالتدخل في دولة سيادية، في ما يطالب حزب الله بعدم التدخل لصالح الدولة السورية، التي قدمت وما زالت تقدم له المساعدات العسكرية استعدادا للمواجهة القادمة مع العدو الإسرائيلي؟ ألم يقر السيد نصر الله في خطاب متلفز بأن المعونات العسكرية السورية إبان العدوان على لبنان في صيف العام 2006 ساهمت إلى حد كبير في الانتصار على جيش الاحتلال؟ إذن: لماذا هذا الكيل بمكيالين؟
ولا بد في النهاية اللجوء إلى القائد والمعلم والملهم، جمال عبد الناصر، الذي كانت رؤيته ثاقبة جدا، لقد أطلق زعيم الأمة بدون منازع مقولته المشهورة والمأثورة في الستينيات من القرن الماضي: أنا لا أخشى على شعبنا من العدو الخارجي، لقد استطاع شعب مصر العظيم أن يتنصر في معارك التحرير في كل العصور، وأن يطرد الاستعمار، ولكن ما أخشاه هو مخاطر الانقسام وإشعال نيران الفتن باسم الدين أو باسم الديمقراطية من اللاهثين على السلطة…”.
أختي العربية، أخي العربي، رجاء راجعوا المقولة مرة تلو الأخرى لتتأكدوا بأنها تطبق قولا وفعلا، في هذه الفترة العصيبة من تاريخ أمة الناطقين بالضاد.