” الحديدة ” ومآلات الأحداث المتوقع حدوثها في الوقت الراهن عقب الضربة الأمريكية على سوريا ..!!!(تحليل)
محمد الحاكم
في ضل ما تسخره قوى ما يسمى بــ ” التحالف العربي ” كل طاقاتها و أمكاناتها السياسية و الإعلامية و العسكرية خلال الآونة الأخرة من أجل شن هجوم متكامل المحاور على ” الحديدة ” مرتقب التنفيذ , تأتي الضربة العدوانية ” الأمريكية على ” سوريا ” لتحدث كم هائل من المتغيرات الغير متوقعة على المستويين الأقليمي و الدولي , لتلزم كل الباحثين و المفكرين السياسيين إعادة صياغة إنتاج و ترتيب ما بنته عقولهم خلال الفترة الماضية من توقعات حول مصير المستقبل العربي في شأنيه اليمني و السوري كحد أدنى , بالإضافة الى إعادة صياغة تحديد المصير الدولي لما يخص العلاقات الدولية بين كافة دول العالم .
فبعد أن حددت الأنظار و التوقعات ماهية و كيفية و طبيعة العدوان المرتقب تنفيذه على ” الحديدة ” و دراسة النتائج المترتبة على هذا العدوان على المستوى الرسمي و الشعبي اليمني في الداخل , و كيف ستئول إليه الملاحة الدولية في منطقة البحر الأحمر على المستوى الدولي و الإقليمي , أتت الضربة الأمريكية على سوريا لتضع لنا سؤال مهم قد يلحظه بعض الباحثين و المهتمين بالشأن السياسي وهو ( هل سترجئ الإدارة الأمريكية مشروع قوى التحالف العربي في شن الهجوم على الحديدة , خاصة بعد ضربتها العدوانية على سوريا , أم أنها لن تغير من الأمر شيء ….؟؟ )
من المعلوم أن مشروع شن أي هجوم على الحديدة لا يأتي إلا في إطار التنسيق و الإشراف ” الصهيوأمريكي ” المباشر مع أدواته و مرتزقته من اليمنيين و الخليجيين , وهذا المشروع لا يمكن له أن يتحقق إن لم يكن هناك تفرغ ” صهيوأمريكي ” سياسي ودبلوماسي يساعدها في ترتيب أوراقه المبنية على ضرورة إستقطاب و موافقة لأكبر قدر ممكن من التحالفات الدولية و الإقليمية , يعزز ويضاف الى جانب ما تم حشده من الإمكانات العسكرية و الإقتصادية و الإعلامية , ليتشكل في إطاره العام حلقة متكاملة الخيوط و الأركان , لتنفيذ مجموعة الفرضيات الممكنة والغير ممكنة تنفيذها , و التي تأتي بناء على ما توافر لها من الكم الهائل و اللامحدود من المعلومات و التقارير العسكرية و الإقتصادية و الإستخباراتية , وبناء هذه الحالة فأنه كان لها أن تتحقق في ضل الوضع التي كانت تشهده ” سوريا ” والذي سجل نوعاً إيجابياً من الإستقرار التفاوضي السياسي و العسكري بين كافة الأطراف المعنية في القضية , تحت رعاية مختلف الأطراف الدولية العظمى , كل ذلك قبيل الضربة الإستباقية الأمريكية العدوانية غير مبررة على ” سوريا ” .
في المنظور الحالي فأن الضربة الأمريكية بنت لدى عقول غالبية الباحثين و المهتمين بالشأن السياسي الإجابة الممكن القبول بها نظرياً حول ما تم طرحه من سؤال مسبقاً , مبنية أجابتهم تلك على ما قراءته لنتائج هذه الضربة , من خلال التوصل الى أمرين :-
الأول وهو التوقع على المستوى الشأن السوري , إنطلاقاً من مبدأ تحديد الهدف من الضربه حيث كان محوره هو (نظراً الى أن الضربة الأمريكية على سوريا لم تؤتي ثمارها على المستوى العسكري , إلا أنها أكدت المعنى والهدف و القصد الحقيقي المتعمد من توجيه تلك الضربة ) وهو بعث رسالة ضغط سياسي دولي , شكلت أطرافه كلاً من أمريكا و الى جانبها حلفائها الغربيين و الصعاينة و أعراب الخليج , نحو روسيا بأعتبارها الحليف الإستراتيجي المؤثر سياسياً و عسكرياً طيلة فترة الأزمة السورية , خاصة في غضون العام والنصف الأخير لتدخلها المباشر في سوريا , إذ أنها إستطاعت أن تقوض المصالح و الأهداف و الغايات الصهيوامريكية من الحرب السورية , وهذا ما دعى بالأمريكيين و من وراءهم حلفاءهم ببعث هذه الرسالة الى الروس و التفرغ لهم بشكل كبير جداً , خاصة بعد أن تقوضت و منيت تطلعاتهم و آمالهم و أحلامهم و أهدافهم قيامهم بإفتعال هذا الأزمة .
الثاني على المستوى اليمني , ففي الوقت ذاته تأكد أيضاً لدى الباحثين السياسيين ,ومن نفس النتائج المترتبة عن هذه الضربة , تحديد ( طبيعة ومستوى الإهتمام و الأولوية الأمريكية عند حمايتها لمصالحها) فحلت الأزمة السورية الإهتمام والأولوية في الترتيب بالنسبة للأمريكيين و الإسرائيليين قبل غيرها من القضايا , وعلى رأسها الأزمة اليمنية , وهذا ما يؤكد عدم القدرة الأمريكية والإسرائيلية تحقيق أي نصر يخول لهم تأمين مصالحهم الدولية , وذلك عند وجود أكثر من جبهة عسكرية في المنطقة أو العالم , خاصة حينما يكونان فيه طرف رئيسي و مباشر , إذ أنهما يؤمنان بمبدأ قدرتهم في تحقيق أي نصر سياسي أو عسكري على كل الأطراف شريطة أن يكون ذلك على مراحل و ليس دفعة واحدة , وهذا ما يعزز معرفتنا و توقعاتنا حول إمكانية إرجائهم تنفيذ ما يسمى بمشروع شن الهجوم على الحديدة , و الذي لن ينفذ في الوقت الراهن إلا بعد معرفة ما ستئول إليه نتائج العلاقات الدولية المتصارعة حول الأزمة السورية , و التي إما أن تفضي الى تسوية سياسية كاملة و شاملة أو الإتجاه بالمسير نحو الأخذ بالمبدأ العسكري المحتمل حدوثة .