لماذا تمر العلاقات العربية الأمريكية عبر تل أبيب أولا؟!!
لماذا تمر العلاقات العربية الأمريكية عبر تل أبيب أولا؟!!
بقلم / د-عبدالله الفضلي
في عام 1950م صدرت مجموعة من المبادئ الجوهرية عن الاجتماع السعودي الأمريكي برئاسة ايزنهاور رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وملك أرض نجد والحجاز عبد العزيز آل سعود يؤكدان فيه رغبة الطرفين الأمريكي والسعودي على إبرام اتفاق سري استراتيجي عسكري ونفطي وسياسي واقتصادي وذلك بين البلدين الصديقين وكان من أبرز ما ظهر على السطح من هذا الاتفاق هو أن الملك السعودي يضمن للولايات المتحدة الأمريكية تدفق النفط الخام بصورة دائمة ومستمرة ودون أي عوائق أو تراجع وبالأسعار والكمية المتفق عليها دون تحديد سقف معين, كما التزم الجانب الأمريكي في هذا اللقاء بأمن السعودية على جميع أراضيها وحدودها بمعنى أن النفط مقابل الأمن بالإضافة إلى أمن إسرائيل , أي أن أمن إسرائيل كان جزءاً مهماً من هذا الاتفاق وكان من أسباب ودواعي هذا الاتفاق الأمريكي السعودي هو الحد من الزحف الأحمر الشيوعي على عدد من دول الشرق الأوسط على حد زعمهم, ومن هنا يتضح مدى قوة العلاقة الإستراتيجية الارتباطية بين البلدين على مدى ستين عاما وكيف تحول النفط العربي إلى هبة وأنابيب مفتوحة للولايات المتحدة الأمريكية وبكميات هائلة وتودع عائدات النفط المتدفق للولايات المتحدة في البنوك الأمريكية وبالتالي لا يسمح للسعودية أن تسحب من تلك المليارات إلا ما تسمح به البنوك الأمريكية.
وحينما تجرأ الملك فيصل رحمه الله عام 1973م واستخدم سلاح النفط العربي ضد إسرائيل في حرب السادس من أكتوبر 1973م لم يمر ذلك القرار مرور الكرام دون عقاب من كل من المخابرات الأمريكية والإسرائيلية, حينما أجمعوا أمرهم على التخلص من الملك فيصل ولم يمض على ذلك القرار إلا عامين فقط حينما تم اغتيال الملك فيصل على يد أحد المقربين إليه, وهكذا دفع الملك فيصل ثمن غلطته وموقفه العربي في معركة حرب أكتوبر العربية الإسرائيلية.
إن هذا الاغتيال كان درساً ورسالة واضحة وخطيرة موجهة لإخوان وأشقاء الملك فيصل أن أي ملك يفكر مجرد تفكير في استخدام سلاح النفط في القضايا العربية أو يخالف المبادئ الإستراتيجية الموقعة بين البلدين السعودي والأمريكي في مطلع الخمسينيات سوف يكون مصيره كمصير الملك فيصل.
وهكذا ظلت السعودية وملوكها المتعاقبون مكبلين ومقيدين بتلك المبادئ حتى عصرنا هذا , وما زالت قائمة ومعمولاً بها ومن أهمها على الإطلاق أمن إسرائيل. وكلنا يدرك ويعلم مدى الحرص السعودي على أمن إسرائيل والتودد إليها وعدم المشاركة في أي دعم عسكري أو مالي للفلسطينيين وهم يكافحون ويناضلون من أجل الاستقلال الفلسطيني منذ ستين عاما.
ومن جهة أخرى فحينما يقوم الجانب السعودي بإبرام عشرات الصفقات لشراء الأسلحة الأمريكية وبكميات هائلة وبمئات المليارات فان الولايات المتحدة وإسرائيل تشترطان على السعودية ألا تكون هذه الطائرات المتقدمة موجهة ضد إسرائيل أو تشارك في أي هجوم عليها وأن القواعد العسكرية الجوية ينبغي أن تكون في الحدود المتاخمة لليمن وليس لإسرائيل, كجيزان ونجران وعسير وأبها حيث تتركز معظم القواعد الجوية في تلك المناطق القريبة من اليمن والبعيدة عن إسرائيل.
هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل تشترط أن تكون الطائرات المباعة للسعودية بمواصفات أقل من المواصفات التي تباع لإسرائيل كالتجهيزات التقنية المتقدمة بالإضافة إلى محدودية المسافات للطائرات السعودية.
وبناء على تلك المبادئ والتحالف الاستراتيجي الأمريكي السعودي فقد كان من الطبيعي أن يظل مصير النفط السعودي والخليجي مرهونا بالأمن الذي ستوفره الإدارة الأمريكية لهذه الدول, ولذلك فان الولايات المتحدة الأمريكية قد أصبحت المهيمنة والمسيطرة على منابع النفط ومصادر الطاقة في العالم العربي وهي التي تتحكم بإنتاجه وتسويقه وتوزيعه , كما أنها تتحكم بأسعاره عالميا صعودا أو هبوطا وفقا لما تراه يتماشى مع مصالحها وأمنها القومي وخطها الاستراتيجي المرسوم.
الدكتور مصطفى الفقيه يفسر العلاقات الحميمة بين إسرائيل وبعض الدول العربية ودور أمريكا في ذلك
بالمصادفة كنت استمع وأشاهد أحد برامج قناة صدى البلد المصرية التي يقدمها المحاور المصري أحمد مصطفى مع السياسي المصري الدكتور مصطفى الفقيه السياسي والسفير والمفكر وسكرتير الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك حينما سأله الصحفي عن تخبط السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وعدم الثبات في اتخاذ القرارات والمواقف إزاء الكثير من القضايا العربية خاصة العلاقات مع إسرائيل التي لا تتزحزح أو تتغير مهما كانت الخلافات كبيرة أو طفيفة بين إسرائيل وأمريكا, فأجاب الدكتور الفقيه وقال بحكم خبرتي الطويلة ومشاركتي في الكثير من القرارات السياسية والعمل في المجال الدبلوماسي الطويل فإن العلاقات العربية الأمريكية الدافئة مع بعض الدول العربية لا يمكن أن تكون كذلك ما لم تنل رضا إسرائيل وأن تكون مقتنعة وموافقة على تلك الدول المحدودة التي تقيم علاقات سرية وودية مع الكيان الصهيوني وتبادل المنافع والمصالح والمعلومات في ما بينها وإبرام بعض الصفقات التجارية والعسكرية والاستخباراتية بين إسرائيل وبعض تلك الدول, ومن هنا وعلى ضوء ما سبق تقوم الإدارة الأمريكية بتبني الدعم والمساندة والمساعدة لتلك الدول المرضي عنها من قبل إسرائيل في جميع مجالات التعاون الاقتصادي والعسكري والسياسي وبلا حدود ودون أي تحفظ , إذا فإن أي علاقة عربية مرضية مع الولايات المتحدة الأمريكية لابد أن تمر عبر تل أبيب.
نقلا عن صحيفة الثورة