“تـفـجـيـر نـقـم.. مـشـهـد مـن الـجـحـيـم” نازحون في المساجد والمدارس بانتظار مساعدات إغاثية لم تصل
نازحون في المساجد والمدارس بانتظار مساعدات إغاثية لم تصل
منازل تضررت بشكل كامل.. وأخرى خُلعت أبوابها ونوافذها
النساء والأطفال الأكثر تضرراً والبعض مات من شدة الخوف
تقرير _وائل الشيباني
أمعن العدوان السعودي في ضرب المنشآت العسكرية في العاصمة صنعاء ومعها تحرى بصورة لا إنسانية عالية حياة المواطنين بضربات الأسلحة المحرمة دوليا التي تكررت في صنعاء مرتين (عطان ونقم )..
من جديد محرقة جديدة راح ضحيتها نحو 400 شهيد وجريح .. بضربة واحدة ماحقة يشيب لها الولدان ..تمت قبيل ساعات من مقدم مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ ..
محرقة لم تفرق بين طفل وشيخ ورجل وامرأة و منازل هدمت وشظايا قتلت وقطعت أشلاء الآدميين بدم بارد عنوانه الكبير حماية اليمنيين من حياة آمنة ومستقرة ..
من جديد نحن أمام دليل قطعي على العداء المستفحل لدى النظام السعودي تجاه اليمنيين.. واستمراره في انتهاك القانون الدولي دونما وازع من دين أو ضمير..
وهذه محصلة لجولة استطلاعية في منطقة نقم بقلم وعدسة المحرر الذي يقطن بالقرب من مكان التفجير وتعرض منزله لأضرار بالغة ..جولة طاف فيها وسط الخراب والدمار وروائح الموت التي لازالت تطل برأسها من المكان..نتابع..
رؤية النساء يركضن حافيات الأقدام يحملن أطفالهن وهن يصرخن من هول الفاجعة ويركضن هرباً لا تدري إلا أين؟ مشهد يدمي القلب وما يزيد الجرح إيلاماً هو مشاهدة كبار السن يحملهم الرجال على أكتافهم للفرار بهم من جحيم قصف بربري لا يرحم .
أحد المواطنين في حي الريان بمنطقة نقم لم يحالفه الحظ بالفرار من منزله أثناء القصف الهمجي على جبل نقم ولم يكن يعرف أن نهايته ستكون بتلك الصورة المؤلمة ولم يخيل لأحد من جيرانه وأصدقائه أن يرونه مرمياً على الأرض بدون رأس بعد أن بترته إحدى القذائف المتطايرة على الحيّ مما شكل حالة من الرعب والذعر لدى الناس الى جانب هزة الانفجار الذي طال المنازل الشعبية البسيطة التي تضررت وتعرض من كان يجلس بداخلها للإصابة جراء تطاير الشظايا عليهم.
(إصابات عديدة )
بعد أن وجدته شحباً متألماً من إصابته متعباً من كثرة الركض الحاج حميد محمد أحد أهالي منطقة نقم ويسكن بالقرب من مسجد التعاون يحدثني عن ما علق برأسه من التفجير ويقول : سمعت صوت الانفجار وتركت عملي القريب من المنزل وخرجت مسرعاً صوب منزلي للاطمئنان على أولادي وزوجتي لأنهم بمفردهم وأثناء الركض للبيت دوى صوت انفجار تطايرت بسببه نوافذ المنازل التي أصابتني بجروح في رأسي لم أحس بها في ذلك الوقت لأني كنت خائفاً على أبنائي وما إن وصلت إلى البيت حتى اخبرني شباب الحي أنهم ساعدوا عائلتي على الفرار إلى منزل أحد أقاربي .
يتابع والأسى بين عينيه : وقتها ارتحت برغم تواصل القصف وأسرعت لتضميد الجروح التي أصبت بها ووقف الدماء التي كانت تسيل من رأسي.
لم يكن الحاج حميد وحده ممن تعرض للإصابة بسبب تطاير الزجاج فالشاب هاني الشيباني هو الآخر تعرض لإصابة في يده اليمنى بعد أن تطاير الزجاج عليه وهو يركض في الشارع محاولاً الفرار بأسرته .
هاني والحاج حميد لم يكونا الوحيدين اللذين تعرضا للإصابة بسبب تطاير الزجاج على أهالي حي نقم فغيرهم الكثير من الأبرياء تعرضوا للإصابة بسبب الزجاج والشظايا التي تطايرت على رؤوسهم .
(قوة الانفجار )
الأضرار التي تعرض لها أهالي حي نقم والمناطق التي في جوارها أثناء القصف لم تقتصر على الأرواح ونفسيات من عاش ويلات الانفجار بل وصل الأمر الى كل منزل تقريباً حتى تلك المبنية من الحجر ونوافذها من الألمنيوم القوي فقد تطايرت النوافذ والأبواب الداخلية والخارجية للمنازل وهذا ما أكده عبد الناصر فاضل بالقول : نوافذ منزلنا من الألمنيوم القوي والمكتم وهي مركبة بإحكام ولكنها خُلعت من مكانها وتطاير الزجاج الخاص بها الى داخل البيت وحتى الأبواب الداخلية على الرغم من أنها قوية للغاية خُلعت من مكانها وهذا أصابني بالذهول .
ويختم حديثه بالقول إذا كانت نوافذ بيتنا وأبوابه القوية خلعت فكيف حال تلك المنازل الشعبية ؟
(أضرار جسيمة )
عند التجوال داخل أحياء منطقة نقم على وجه الخصوص فإنك ستجد النوافذ الخاصة بكل بيت تقريباً قد تطايرت وخلعت من مكانها وكذلك بعض الأبواب وهذا ما يؤكده ياسر حمزة أحد أهالي منطقة نقم حي التوحيد بعد أن أكد لي أن نوافذ منزله قد خرجت من مكانها وحتى الباب الخارجي على الرغم من أنه من الحديد إلا أنه قد خلع للداخل من شدة الانفجار .
حمزة ليس الوحيد الذي تعرض منزله للضرر كما أكدت لكم فبيوت جيرانه تعرضت هي الأخرى لأضرار جسيمة خاصة وبعضها هدم .. وهذا ما أكده جاره رشاد الذي تعرض منزله للضرر بعد أن تطاير الزجاج الخاص بمنزله للداخل وأصبح في غاية السوء.
وكذلك يحدثنا “مازن” جار لرشاد وحمزة بالقول :أحمد الله أن منزلي مسلح وليس شعبياً ومع ذلك نوافذ منزلي تكسرت على الرغم من أنها من الألمنيوم وخُلع البعض الآخر وخرج من مكانه وارتمت على الأرض في مشهد فزعت حين شاهدته وأكد أن الانفجار حدث وهو بالقرب من المنزل هو وأسرته وقال : لو حدث ذلك الانفجار ونحن بداخل المنزل حينها لا أدري ماذا كان سيحل بأسرتي لأن المنزل تضرر بشكل كبير .
(خوف وهلع )
النساء كنّ الأكثر تضرراً من هذا القصف الهمجي على جبل نقم فقد خرج الكثير منهن يركضن وهن يصرخن دون علم منهن إلى أي مكان سيهربن وهذا ما أكده لي محمد عريقي الذي قال : كنت عائداً للبيت حين دوت أصوات الانفجارات ورأيت النساء يصرخن ويركضن كالمجانين وأخريات أغمي عليهن مما اضطرني للمساعدة في أخذهن برفقة أخواتهن إلى مكان آمن وصب الماء عليهن وحين أفقن علت أصواتهن بصورة هستيرية مما جعلني أخاف جداً خاصة وأن الآباء في العمل والنساء في البيت بمفردهن .
وأضاف :بعدها قمت بأخذهن إلى مدرسة التوحيد القريبة من منزلنا والتي اكتظت بالنساء والأطفال وكبار السن وهذا ما شكل صدمة نفسية كبيرة وخوفاً متزايداً عند الأطفال والنساء فقد أصبحوا يخافون ويصرخون عند سماعهم أصوات الطائرات مجددا.
نازحون حتى اليوم
المشهد النهائي لهذا العدوان الغادر هو بقاء النساء والأطفال بالمدارس القريبة والبعض من الأسر نزحت إلى أقارب في صنعاء وبعضها إلى الريف أما من بقي في المدارس القريبة فلازال حتى اللحظة هناك ينتظر مساعدات تقدم لهم من هنا أو هناك ليأكلوا ويشربوا أما المنازل فقد تكسرت نوافذها وخُلعت أبوابها مما دفع الشباب للبقاء في الأحياء السكنية لحماية منازلهم معرضين أنفسهم للخطر مجددا.. أما القتلى فيرحمهم الله والجرحى في كنف الرحمن ولطفه .
صحيفة الثورة