كم تساوي شركة أرامكو العملاقة؟.. السعوديون يقدرونها بـ 2000 مليار دولار.. إليك تقييمات أسواق المال العالمية
يمانيون -متابعات
كم تساوي شركة أرامكو السعودية العملاقة؟ هل فعلاً تريليوني دولار؛ أي 2000 مليار دولار كما يقول السعوديون؟ أم أن أسواق المال الرئيسية تسعى لاقتناصها بسعر أقل وترى أن هذا التقييم مبالَغ فيه؟
تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية وصف الطرح الأوليّ الذي وعدت به المملكة لدُرَّة تاجها، بأنه آخر ألغاز المملكة.
وبينما يُخطِّط المستثمرون المصرفيون والمسؤولون السعوديون للطرح التجاري الأول، تبرز تساؤلات أكثر من الإجابات: هل تساوي قيمة الشركة تريليوني دولار، كما يُصر السعوديون؟ أم تساوي فقط جزءاً بسيطاً من هذا المبلغ، كما يرى مصرفيون وخبراء نفط دوليون؟ وهل سيسمح أعضاء الأسرة المالكة، بتلك الدرجة من الشفافية التي يطالب بها المستثمرون؟ وهل يستطيع السعوديون القيام بهذا الطرح آخر العام المقبل، 2018، كما وعدوا، خصوصاً إذا ما تراجعت أسعار النفط مرةً أخرى أو تزايدت التوتُّرات في منطقة الخليج العربي؟
ونحَّى خالد الفالح، وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، ورئيس مجلس إدارة أرامكو، الكثير من تلك المخاوف جانباً، قبل اجتماع مسؤولي الطاقة العالمية بمدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، الثلاثاء 7 مارس/آذار 2017، ساعياً إلى بناء الثقة بأنَّ طرح أرامكو السعودية سيكون الأكبر على الإطلاق.
وقال الفالح في مؤتمر أسبوع سيرا، وهو مؤتمر صناعي سنوي، إنَّ “العملية تسير في الوقت المحدد، حسب الجدول الزمني، وكل شيء على ما يرام. ستكون إضافة كبيرة للكثير من المحافظ الاستثمارية. وستُحرِّر الشركة لتعمل بصورة أكبر على الصعيد العالمي”.
20 أم 100؟
ويُخطِّط السعوديون لطرح 5% من شركتهم، وهو ما يمكن أن يجمع بين 20 (أي في حال تقييمها بأسواق المال بـ400 مليار دولار) إلى 100 مليار دولار (في حال تقييمها بـ2000 مليار دولار).
ويُصر السعوديون على قيمٍ أكبر استناداً إلى احتياطي البلاد البالغ 266 مليار برميل من النفط، وهو ما يُمثِّل تقريباً 15% من إجمالي إمدادات النفط العالمية، والتي يقولون إنَّها تُمِد الشركة بقيمة إجمالية تُقدَّر بتريليوني دولار. ومع ذلك، يعتمد المصرفيون على حساباتٍ أخرى، تستند إلى تحليلاتٍ مختلفة للعمليات، والتكاليف، وتوقُّعات الأسعار المستقبلية للنفط. فيُقدِّر مستشارو شركة Wood Mackenzie قيمة الشركة بنحو 400 مليار دولار.
وثبَّتت أكبر البنوك، بما في ذلك بنوك JPMorgan Chase، وMorgan Stanley، وHSBC نفسها في العملية من خلال إسداء النصح للسعوديين فيما يتعلَّق بطريقة تنظيم عملية الطرح.
لكنَّ المصرفيين الاستثماريين يقولون إنَّ قيمة الشركة يمكن أن تُحدَّد فقط بعدما تُحدِّد الحكومة السعودية قواعد حماية أقلية المساهمين، التي سيحظى بها المستثمرون، وما الضرائب التي سيتعين عليهم دفعها، وشكل هيكل التكلفة الذي سيكون لدى أرامكو. ولا بد من وضع افتراضاتٍ مُعقَّدة تتضمَّن توقُّعات بأسعار النفط والطلب عليه خلال فترة الـ30 إلى الـ50 عاماً المُقبِلة في عالمٍ يشعر بالقلق على نحوٍ متزايد فيما يتعلَّق بالتغيُّر المناخي والتعرُّض للأعطال التكنولوجية.
وبموجبِ عملية الخصخصة، وبعض الاندماجات الحكومية، سيكون على صندوق الثروة السيادية السعودي أن يتقاسم الأرباح مع المستثمرين الأجانب. وبما أنَّ الحكومة تعتمد على الشركة في معظم إيراداتها، فإنَّها من ثم تُعَد مسألةً حسَّاسة. الفصل المعقد
ويمكن أن يكون فصل أرامكو عن الحكومة مُعقَّداً؛ إذ لا تقوم إدارة الشركة فقط بإدارة أكثر أصول البلاد قيمةً -نفطها، ومصافيها، ومعدَّات إنتاجها، وأنابيبها- بل يُطلَب منها كذلك القيام بأشياءٍ بعيدة كل البعد عن الطاقة، مثل بناء المستشفيات والمدارس، وتمويل تملُّك المنازل. وتبيع الشركة كمية كبيرة من إنتاجها محلياً بأسعار مُخفَّضة كثيراً.
وتدفع الشركة المملوكة للدولة الآن 85% ضريبةً على أرباحها. وعلى الأرجح ستتراجع هذه النسبة بدرجةٍ كبيرة من أجل جعل عملية طرح الأسهم جاذبة، لكنَّ ذلك يمكن أن يُعقِّد مالية الدولة السعودية في وقتٍ تُعاني فيه الحكومة تزايد الديون وتراجع الإيرادات.
وليس جميع خبراء الطاقة مُتأكِّدين تماماً من أنَّ الطرح سيجري بسلاسة.
وقالت إيمي مايرز جيف، خبيرة شؤون الطاقة في الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا (دافيس): “ربما هم في طريقهم للحصول على أموال أقل كثيراً مما اعتقدوا من هذه الصفقة، وسيُمثِّل هذا فشلاً ومشكلةً في الميزانية”.
من جانبه ، قال فاضل الغيط، المُحلِّل في شركة النفط الكبيرة Oppenheimer & Company: “الكلام سهل، لكنَّ التنفيذ صعب. سيكون عليهم إعادة إنشاء دفاتر لم تكن موجودة أبداً”.
ولم تُصدِر أرامكو أبداً ذلك النوع من البيانات المالية التي تُصدرها الشركات الغربية بانتظام. ويمكن أن يُشكِّل هذا مشكلةً إذا ما سعت الشركة، كما هو مُتوقَّع، إلى إدراج نفسها في بورصة نيويورك؛ لأنَّ هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية ستُصِر على الكشف الدقيق عن الاحتياطات المُثبَتة غير المُستغلّة، وأُبقيت مثل تلك البيانات سرية من قِبَل السعوديين.
ويقول مصرفيون إنَّهم متحمسون حيال توليد الصفقة المُحتملة تيار أرباح وفيرة وآمنة، لكن ذلك فقط في حال اتَّخذ المسؤولون السعوديون القرار العملي بهيكلة شركة أرامكو السعودية على غِرار باقي الشركات العامة. ويُشيدون بالشركة؛ لإدارتها المهنية وإنتاجيتها.
وقال أوسمار أبيب، الرئيس المشارك لقسم الاستثمار المصرفي في النفط والغاز ببنك كريدي سويس، إنَّه “بافتراض وجود إدارة وهيكل ضرائب سوقي، فإنَّ شركة أرامكو السعودية من المُفتَرَض أن تجني تدفُّقات نقدية قوية؛ نظراً إلى تاريخ إنتاجها مُنخفِض التكلفة من النفط الخام واحتياطاتها الكبيرة”.
واعترف خالد الفالح، وزير الطاقة السعودي، خلال كلمته الثلاثاء، بأنَّه لا يزال هناك مقاومة للتغيير داخل المملكة، وأنَّ شركته لا تزال بحاجةٍ إلى أن تعمل على ممارساتها الحسابية لتلبية معايير الأسواق المالية العالمية.
وقال: “الأمر ليس بسيطاً، إنَّه معقد للغاية”.
التزام ملكي
ويشعر بعض المُحلِّلين بالتفاؤل بشأن التوصُّل إلى حلول. ولفتوا إلى أنَّ الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، ملتزمان بعملية الطرح باعتباره حجر زاوية في خطَّتهم (رؤية 2030)، التي تهدف إلى تنويع وخصخصة الاقتصاد السعودي.
ويشيرون إلى أنَّ المملكة العربية السعودية غيرت العام الماضي سياستها بالسماح بانخفاض أسعار النفط العالمية بحُرّية من خلال دفع منظمة البلدان المُصدِّرة للنفط (أوبك) إلى تخفيض الإنتاج، ويعود هذا في جزءٍ منه إلى أنَّ وجود أسعار أعلى للنفط من شأنه أن يجعل عملية الطرح أكثر جاذبية.
وقال سامر الأشقر، رئيس مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية، ومقره في الرياض، إنَّ “كل شيءٍ يتغيَّر. وليس هناك سبيلٌ لوصف الأمر أفضل من كوْنه ثورة ثقافة تجارية”.