” هيئة الترفية ” السعودية … الأسباب و التداعيات في تشكيلها.. ورؤية الطفل المدلل ” محمد بن سلمان “
محمد الحاكم
في صورة من صور التفكك السياسي و الديني و المجتمعي الممنهج الذي تشهده الساحة السعودية , و الذي تسعى من خلاله القيادة السعودية تطبيقه , كصورة من صور التطبيق و التنفيذ لسلسلة الإجراءات الفكرية الإقتصادية النابعة من رؤية الطفل المدلل للكيان السعودي ” محمد بن سلمان ” المنطلقة تحت مسمى خطط المملكة في البناء و التطوير الإقتصادي ( 2030 ) , يأتي إنشاء وتفعيل ما يسمى بـ.. ” هيئة الترفية ” المجتمعي للشعب السعودي , و الذي تأتي بعد أن تم تحجيم و تقليل سلطة ما يسمى بــ … ” هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ” .
المهم في هذا الحدث هو قراءة الأسباب و التداعيات الناجمة من إنشاء وتفعيل هذه الهيئة وما سيترتب عليه من متغيرات فكرية و أخلاقية و إقتصادية , على المستويين الشعبي و الرسمي السعوديين , فمن خلال قراءة التاريخ السياسي لنظام الحكم في السعودية نجد بأن هذا النظام خلال فترة وجودة قد إرتكز و تثبتت دعائمه من خلال الإعتماد على الجانب الديني الوهابي المتشدد الى درجة أنه صار جزءً متلازماً معه لا يكاد أن ينفك و لو لبرهة.
هذا التلازم ساهم الى حد كبير جداً الى إيجاد صورة فكرية و دينية متشددة و ثابتة جسدت صورتها ( هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ) فهي قد أدت بمنهجيتها الى فرض قيود على الحريات السياسية و الفكرية للمجتمع السعودي وضعته تحت إطار الطاعة العمياء و التكفير و القتل و التعذيب عند مخالفتها , فولدت هذه الحركه في صورتها تلك كبت عام تنامى و تعاظم مع مرور الزمن .
هناك عدة ظروف ساهمت الى حد كبير في تشكيل و تطبيق ” هيئة الترفية ” تتلخص فيما يلي :-
* تعتبر الظروف الإقتصادية الأخيرة التي تمر بها المملكة , و التي أتسمت بالإنهيارات غير المتوقعة و السريعة وما شكلته من تهديداً صارخاً لهذا الكيان و شعبه , تعتبر من أبرز الأسباب التي ترى من خلاله القيادة السعودية بأنه سوف يكون رافداً حيوياً جديدً يصب في مجرى الروافد الإيرادات المالية الأخرى للدولة , والتي ستكون من ضمن العناصر الإيرادية البديلة للدولة بدلاً من الإعتماد على النفط و مشتقاته .
* هناك جانب آخر يعد من أبرز الجوانب المفروضة على الدولة , يتمثل في الجانب السياسي , و الذي أستلزم على القيادة السعودية الإلتزام في تنفيذه خاصة بعد كان للبنك الدولي و صندوق النقد الدولي الصهيونيين دوراً رئيسياً في فرضه تحت كهدف من اهداف إعادة صياغة المنظومة الإقتصادية للدولة تحت مبررات التقشف و فتح مجالات إقتصادية أخرى .
اللافت في هذا الموضوع هو قراءة الآثار التي ترتبت من إنشاء هذه الهيئة على المستويين الشعبي و الديني تجليا في الآتي :-
* فعلى المستوى الشعبي خلقت هذه الهيئة إنفتاحاً غير متوقع من قبل مختلف الشباب السعودي الذي عانى فترة طويلة جداً لصنوف الكبت في الحريات و التي كانت تمارسه عليهم هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , خاصة أن هذا الإنفتاح يوازي الإنفتاح الشبابي في سائر بلدان العالم لما لأنه يشمل ثقافات غربية متعددة و منفتحة تؤدي بدورها الى إعادة صياغة الفكر المجتمعي للشعب السعودي حتى وإن كان ذلك سيؤدي الى الإنحلال و التفسخ .
في الوقت ذات شكل تكوين هذه الهيئة تصادماً شعبياً بين مختلف الأوساط الشعبية بين من هو مرحب بهذه الهيئة و بين من يرفضها إنطلاقاً من مبداء الإلتزام و المحافظة على صورة الدين و مبادئه , وما قد تشكله هذه الهيئة من إنحلال فكري و ديني و أخلاقي متسارع .
* أما على المستوى الديني فأننا نجده ملتزماً للصمت و عدم الإهتمام , خاصة بعد أن قام ” بن سلمان ” بتهميش و تقويض الدور الرسمي لهيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر خلال الفترات الماضية , و التي عبر بذلك عن رغبة القيادة السعودية الجامحة في الإنخلاس بصورة واضحة وجلية من مشاركة القيادات الدينية في رسم سياسات الدوله و توجهاتها .
عموماً …… المتغيرات كثيرة و كبيرة جداً في هذا الوقت و مستقبلاً , قد تنبئ عن تحولات سلبية مؤثرة على المستويين الشعبي و الرسمي السعوديين , وما علينا إلا مراقبة الأحداث عن كثب , حتى نتمكن من إعادة صياغتها و سردها بالشكل الأمثل و بما يخدم القارئ المهتم لمثل هذه المواضيع .