أيتها المحافظة التي تدخن حشيشة جيفارا وتصلي خلف (أبو العباس وحمود المخلافي وعدنان رزيق وأبو الصدوق)؛ والتي تعاهد (عبدالرقيب عبدالوهاب) على الثأر صباحاً، وتنام في فراش (بوب دينارد وبلاك ووتر) ليلاً، وتقسم بشرف (ملحمة السبعين يوماً)، وتبيح صنعاء لتحالف الأوغاد واللقطاء والجنجويد و(علي محسن الأحمر).. وتقبل جبين (جمال عبدالناصر)، وتمسح خف طويل العمر بـ(ميثاق جمال عبدالناصر).
أيتها المحافظة التي تنكأ حروف اسمها حنجرة الروح، اخرجي على ذاتك لتجدي ذاتك، وانفضي شحم الأباطيل المستوردة المتراكم على جلدك، لتستعيدي جلدك، وتتسع معارج دورتك الدموية، وتنفسح مدارات قلبك المختوم بشمع الكهانة الكونية، فيصبح حاضنة للشموس والأقمار، ومسرحاً للضوء والنوارس، ومدرجاً لـ(سوبر نوفا).
إنه أوانك فانفري من وخيم هجعتك لترفعي قواعد الوطن، فلا رفعة لك على أنقاضه، ولا نصيب لك من رفعته مع هجوعك.. انفري لتنقذي ما تبقى من زرقة مياه (المخا)، في أشداق مراحيض (أرامكو)، وما تبقى من عذرية (باب المندب) في أنياب كلاب البحر ولعاب حثالات (المارينز) وخطاطيف الأذرعة الصناعية لـ(قراصنة الكاريبي)..
انفري فإن قدرك المحتوم أن تشعلي النار في حطب المجرات، لا أن توظبي جمر الأرجيلات لطوال الأعمار من زبائن الزواج السياحي وزناة فارق العملة من رعايا الحضيض الخليجي، كما يريد لك (قوادو الشرعية) أن تكوني.
انفري فإن سقفك السماء السابعة، فلا تقنعي بما دونها، ولا تقعي في قوقعة يدفعك تجار الأزقة وسماسرة الليل لتنتحري فيها طوعاً أو كرهاً، بجزرة (الأقلمة) وعصا (الفصل السابع) وترسانة تحالف البورصات العسكرية.
قلتُ أنت القلب الذي يضخ الدم الرافض النقي المكابر في جسد الوطن الفسيح الشاسع، كلما انتابت الوطن جائحة فقر الدم، وضمرت شرايينه، وقالت سلالات فقَّاسات الهوان والقزامة أنت الزائدة الدودية التي تختزن السموم بالمراكمة، لتفتك بغتةً بالوطن، فيجهز عليها أو يتلافى غيلتها استباقاً باستئصالها من قوام الجسد.
قلتُ أنت السنديانة التي تصل نسغ الهوية اليمنية بنواة التكوين ونبع الكينونة الأولى، وتشد جذورها مداميك الوطن الكبير وتربة نسيجه الاجتماعي أن تميد بها هزات الغوائل وزوابع المؤامرات، وترفعُ ذراها الباسقة وأكمامها الوريفة صلوات الإنسان اليمني في محاريب النماء والبذل والنهوض، إلى أقاصي درب التبانة وسدرة منتهى الطموح.. وقالت سلالات فقاسات الضآلة والهباء والوهن أنت محطة وقود طائفي تزود مركبات مشاة البحرية الأمريكية بما يعوزها من أضحيات الغل وفحم الأنفس المجدبة ولحم خواء اللامشروع، لتسحق جنازيرها وعجلاتها ما استعصى عليها سحقه من كبرياء يمني وشمم، وتذهب بسياسة الأرض (اليمنية) المحروقة إلى أقاصي مطافاتها شمالاً وجنوباً.
وقلتُ أنت سليلة (عبدالرحمن الغافقي) الذي عبر عدوة المغرب ومضيقها، واختطت حوافر خيله خارطة للعروبة والإسلام تخومها الأندلس وشواطئ الأطلسي، فقالت سلالات الجحور والعتمة والرطوبة أنت سليلة (أبي رغال) الذي قاد فيل الغزاة إلى الكعبة ليهرسها على جنين نبوءة الخلاص العربي والإنساني؛ وأنت سليلة (محمد بن عبدالوهاب) الذي قاد ظلام القرون الوسطى الأوروبية إلى المدينة المنورة، واختط مع نديمه (مستر همفر)، على اختلاج الويسكي، خارطة للبحارة الإنجليز وحلف الأطلسي، مركزها مكة، وإسلاماً كعبته البيت الأبيض.
وقلتُ أنت سليلة (مالك الأشتر ومالك الأصبحي)، فأشهري ذا فقار المستضعفين في وجه الاستكبار، ومشعل البصيرة الفقهية المستنيرة في مقارعة حنادس دواعش البترودولار والصهيووهابية، فقالت ضفادع مجارير النفط المفقوءة العيون أنت سليلة (خولي الأصبحي) الذي اشترى برأس (الحسين) مومساً شامية، فتشممي في ركاب (عز الدين الأصبحي) جوارب شيخ النفط وملك الزهايمر، لتبرأي من عبء الذاكرة المجيدة المترعة بأزكى عطور السِّيَر والملاحم.
أحببتك رباناً في صدارة غمار المد الوطني التحرري الطامح الخلاق، وسعى فقاقيع النخبة النفطية لتعبيدك صبياً في (جراج أرامكو).. أحببتك عنقاء تنفض رماد الموت والنكوص وهشيم التطلعات لتبحر صوب السماء، وسعوا لتطويعك ببغاءً في مقطورة قراصنة العرض والأرض والتاريخ؛ وها أنا أتسقط أخبارك في شاشات التلفزة الوطنية، فأجدك قليلة في مضمار الشهادة، كثيرة في روزنامة الضحايا، نادرة في هيجاء اجتراح البطولات وخنادق شرف المجابهة، وافرةً في تكايا الركون والاتكال وطلب السلامة وعدمية الموقف.
لم يفت بعد أوان وثوبك، فثبي بكل ما في اكتناز حروف اسمك من دلالات عزٍّ، ولا تتثاقلي إلى حضيض عيالك الميالين لاكتساب الرزق بإدارة الظهر لسغب الوطن، أو السباقين للارتزاق بإدارة القفا لحراب الاحتلال، وتصويب الأسنة في نحر الوطن وظهور الذائدين عن ترابه.
انفري بشرعبك وحجريتك وتعزيتك وصبرك وماويتك، فحروف الحرية واهية، بدون زخم حروفك، وصك الاستقلال منقوص وغير ناجز ما لم تمهريه ببحر دمك الحار، وسياج السيادة مثلوم ما لم يتصالب بزبر حديدك، ورافعة النهوض الخلاق مترنحة ما لم تسندها سواعدك، وسقف الطموح خفيض ما لم ترفعي رأسك وتنصبي عمودك الفقري وتشرعي أهدابك كالمسابير المبحرة في الفضاء الفسيح.
كوني تعز، وانفري إعصاراً في وجه عواصف العدوان، لتكوني للأبد، أو فغوري في حفر الوسوسات هباءً تذروه عواصف العدوان إلى الأبد.
