سياسة ” ترامب ” وردود أفعال القوى الدولية تجاهها . ” إيران ” , ” السعودية ” أنموذجاً ….!!!
محمد الحاكم
-خمسة عشر يوماً ….. رسمت جزءً من سياسة الرئيس الأمريكي الجديد ” دونالد ترامب ” الداخلية و الخارجية منذ توليه مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكة في العشرون من شهر يناير 2017م , فترة قد تكون با لبسيطة جداً لكنها فترة عبرت عن كثير من التجاذبات السياسية لأدارة هذا الرئيس لمقاليد الحكم , على مستوى الشأنين الداخلي للولايات المتحدة الأمريكية , وعلى مستوى علاقاتها الخارجية مع مختلف المستويات السياسية الدولية و الإقليمية .
-لن أتطرق في مقالتي هذه الى كل ما حملته هذه الفترة من تجاذبات إنتهجها ترامب نتيجة قراراته التي يراها أغلب القراء السياسيين بالإستعراضية المتسمة بالصورة العدائية أو الإستفزازية , و التي قد تهدف الى الإيحاء لكل القوى الدولية و الإقليمية الأخرى بمستوى القوة التي مازالت امريكا تمتلكها عند مختلف الظروف الدولية , وما المدى الذي يمكن أن تحدثه و تأثر فيه عند رغبتها في تغيير مسارات كل القوى الدولية التي تراها منافسة لمصالحها الذاتية , و بما يتوافق مع مبادئ تحقيق مصالح امريكا اولاً.
– ما يهمني هنا هو محاولة التطرق بصورة بسيطة الى سرد بعض ردود الأفعال الدولية التي تلقت الصورة الشكلية للسياسة الجديدة لهذا الرئيس , و كيف كانت ردود أفعالها و فيما اتسمت به من ليونه او رفض , وذلك على المستويين الخليجي , و الإيراني .
فعلى المستوى الإيراني , ورغم أن الكم الهائل من السياسة العدائية و الإستفزازية الأمريكية قد انصبت نحو إيران , إلا أن الأجمل ما في الأمر هو شكلية الرد السياسي الإيراني المتنوع بين الشدة و اللين وبما حفظ لإيران مكانتها على المستويين الداخلي و الخارجي .
فا الساسة الإيرانيون قد تعاملوا مع تلك السياسة بقدر ما تحمله وتملكه القيادة الإيرانية من عقلانية و إتزان قولاً و فعلاً , في الوقت الذي لم تتغافل في وجوب تذكير الولايات المتحدة الأمريكية و القوى الدولية بمكانة و قدرات إيران السياسية و العسكرية على المستوى الإقليمي او الدولي .
لذلك فأن تصريحاتهم قد اتسمت بالإستخفاف لما شملته التصريحات الإمريكية و التي لطالما وصفوها بالوقحة و المبتذله , وبأنهم لن ينجروا نحو إشعال الحروب التي لا تبقي و لاتذر , كما أنهم لم يتناسوا في تذكير القيادات السياسية الأمريكية بالقدرات العسكرية التي تملكها إيران , وهذا ما تجلى اليوم خلال ما قاموا به من مناورة عسكرية جزئية لقدراتها العسكرية و التي تمثلت في القدرة الدفاعية الجوية وما شملته من إستخدام الرادارات الجوية القريبة و المتوسطة و البعيدة ومدى تفاعل الجوانب الصاروخية الدفاعية بمختلف مستوياتها القريبة و المتوسطة و البعيدة معها .
كما أن السياسة الإيرانية لم تغفل في أن تستخدم المعاملة في المثل , فهي أيضاً أنتهجت سياسة فرض العقوبات على بعض الرجال و الكيانات الأمريكية , على غرار ما قامت به امريكا يوم أمس وعبر وزارة الخزانة الأمريكية من فرض عقوبات اقتصادية على عدد (25) من رجال الأعمال و الكيانات الإيرانية .
-أما على المستوى الخليجي , وخاصة منه السعودي فقد بدا الأمر مغايراً تماماً لما أبدته القيادة الإيرانية , فبعد الإتصال الهاتفي الذي أجري بين الرئيس ( دونالد ترامب ) مع الملك السعودي ( سلمان ) قبل أيام قليلة , و الذي دام حوالي الساعة إلا ربع , قد لخص ردة الفعل السعودية نحو السياسة الأمريكية , و التي إتسمت ردود هذه الأفعال في إبراز الصورة الحقيقية و المتجددة للسياسة السعودية المنبطحة خلال تعاملاتها مع السياسات الأمريكية عند تولي كل رئيس امريكي جديد لمقاليد الحكم في امريكا , مع وجود هذه المرة فارق كبير و قد يكون مختلفاً بعض الشيء.
عادة لا تتوانى القيادة السعودية في إبداء و تقديم صور ولائها للقيادات الأمريكية المتعاقبة بمختلف الصور , و التي يمكن إبرازها في صفقات شراء الأسلحة الأمريكية المتنوعة و الخارجة عن نطاق الإحتياج العسكري للقوات السعودية , بالإضافة التى تقديم مختلف صور الدعم المالي و المادي و النفطي للجماعات الإرهابية التي تدور تحت فلك القيادات الصهيوامريكية , وغير ذلك من الصور اللامتناهية .
لكن ما يميز صور الإنبطاح السعودي هذه المرة هو التصريح المعلن غير المتستر , و الذي تجلت صورة في ما أعلنه وزير خارجية السعودية ” الجبير ” قبل أيام قليلة من تولي ” ترامب ” لمقاليد الحكم , و الذي أكد فيه إلتزام القيادة السعودية للتوجهات الأمريكية وبما يتوافق بصوره كاملة مع المصالح الذاتية لأمريكا , فكان قيام القيادة السعودية وبصورة مفاجئة من تسليم مخزونها النفطي الإستراتيجي الى شركة ” أرامكو ” الخاصة , و التي لا تنفك اليد الأمريكية عن إدارتها , و موافقتها على إعطاء الأولوية الإستثمارية لشركات ” ترامب ” في الإستثمار داخل المملكة ,بالإضافة الى الموافقة على تقديم مبلغ ” مائة وعشرة ” مليار دولار أمريكي سنوياً للولايات المتحدة الأمريكية تحت بند ضرائب الحماية , كل ذلك يعد من أبرز صور الإنبطاح السياسي و الإقتصادي الذي تقدمة السعودية لولاة أمرها الأمريكيين .