هیومن رایتس واتش»: السعودية تمنع ادخال ناقلات الوقود بینما یحرم الیمنیون من الماء والکهرباء
الحصار المفروض من جانب العدوان السعودی الغاشم علی الیمن یمنع وصول الوقود اللازم لحیاة السکان الیمنیین، حیت أکدت منظمة «هیومن رایتس واتش» الحقوقیة أن ذلک یعتبر انتهاکا لقوانین الحرب، فالیمن حالیاً بحاجة ماسة إلی الوقود من أجل تشغیل مولدات الطاقة فی المستشفیات التی تواجه عددًا کبیرًا من الجرحی جراء العدوان، وکذلک لضخ الماء إلی السکان المدنیین.
ودعت المنظمة فی تقریر لها دول البلدان المشارکة فی العدوان بدعم أمریکی لوجیستی واستخباراتی وتحدیدًا السعودیة، أن تقوم علی نحو عاجل بتنفیذ إجراءات للتعامل بسرعة مع ناقلات الوقود والسماح بالتوزیع الآمن والعاجل لتوریدات الوقود علی السکان المدنیین، سواء تم تنفیذ وقف إطلاق النیران المقترح أم لم یتم.
وقال نائب المدیر التنفیذی لقسم الشرق الأوسط وشمال أفریقیا فی المنظمة جو ستورک، إن ‘الخسائر المدنیة المتصاعدة جراء القتال قد تزداد نتیجة الضرر اللاحق بالمدنیین بفعل منع التحالف من وصول الوقود، إذا استمر المنع، فالوقت المتبقی أمام مستشفیات الیمن قبل انطفاء أنوارها هو أمر مشوب بعدم الوضوح‘.
وحسب المنظمة، فإن الوضع الإجمالی فی الیمن شدید الحرج، فمطارات وموانئ البلاد مغلقة بوجه النقل المدنی، بالإضافة إلی ‘خضوع عملیات النقل البحری لنظام العدوان للتفتیش المرتبط بحظر التسلح الذی فرضه مجلس الأمن الدولی’، کما أشارت إلی ان ‘الخدمات الصحیة والغذائیة فی البلاد آخذة فی الاختفاء سریعاً بسبب توقف جلب الوقود إلی داخل البلاد’، وهذا ما سیدخل الیمن فی حالة من التوقف التام إذا لم یُتخذ ای إجراء‘.
وأضافت المنظمة ان محاضر الشحن تثبت ان العدوان لم یسمح منذ 16 أبریل/نیسان إلا لـ 19 سفینة فقط -تحمل موادا غذائیة- بتفریغ بضائعها، کما منع 3 من سفن الحاویات من الوصول فی 20 أبریل/نیسان؛ فیما لم یسمح لناقلات الوقود بالرسو فی موانئ الیمن منذ 28 مارس/آذار، رغم محاولة 7 منها علی الأقل.
وأفاد 4 من المهنیین العاملین فی صناعة السفن لـ«هیومن رایتس ووتش» إن أی توریدات للوقود منذ 28 مارس/آذار لم تدخل إلی الیمن، رغم السماح لسفینة واحدة بالرسو حتی 8 مایو/أیار، بدلیل أن مناطق النزاع فی عدن محرومة من الکهرباء منذ 10 أیام.
کما قالت المنظمة فی تقریرها إن شرکة «بروتکشن فسلز» الدولیة أعلنت عن وجود سبع سفن تحمل 349 ألف طناً متریاً من الوقود، ملقیة بمراسیها خارج المیاه الإقلیمیة الیمنیة، فی انتظار الإذن بالرسو فی أحد موانی البلاد، وإحدی تلک السفن وهی «ریسا» المحملة بنحو 33 ألف طن متری من البنزین، من شأنها تزوید الیمن بوقود یغطی یومین من احتیاجاته فی وقت السلم، تنتظر إذن الرسو فی میناء الحدیدة بغرب الیمن منذ 21 أبریل/نیسان‘.
وبحسب محاضر شحن اطلعت علیها «هیومن رایتس ووتش»، فقد قام ستة ضباط بحریین من القوات السعودیة، فی الساعة 4:06 من مساء 23 أبریل/نیسان، بالصعود إلی متن السفینة وتفتیش شحنتها لمدة ساعة، ثم غادروها، إلا انهم لم یمنحوا السفینة إذن الرسو، رغم طلباتها المتکررة.
وقد قال أحد مصادر أمن الشحن البحری لـ «هیومن رایتس ووتش» إن ‘السفن لا ترسو فی میناء عدن بسبب المخاطر الأمنیة المرتفعة علی السفن وأطقمها، علاوة علی القیود التی تفرضها شرکات التأمین التی تتبعها’، مضیفًا إن ‘الرسو فی میناءی الحدیدة والصلیف، الواقع بدوره علی ساحل الیمن الغربی، یتطلب تقدیم طلب إلی وزارة النقل الیمنیة، المتمرکزة حالیاً فی جدة بالسعودیة، وبشرط موافقة قواتها’؛ وفی عدن فإن الطلبات تقدم إلی مکتب «لجان المقاومة الشعبیة»، الذی یخضع بدوره للقوات السعودیة‘.
ودعا جو ستورک ‘القوات السعودیة إلی التعاون مع اللجان الشعبیة الیمنیة، من أجل اتخاذ خطوات عاجلة لإنهاء هذا التهدید المسلط علی سکان الیمن المدنیین، وضمان وصول الوقود سریعاً إلی المستشفیات وغیرها من المدنیین المحتاجین‘.
وفی سیاق متصل، أفاد مکتب تنسیق الشؤون الإنسانیة بالمنظمة أن 13,4 ملیون شخص یفتقرون إلی سبل الوصول إلی ماء الشرب الآمن، حتی قبل بدء العدوان، وقد تم الإعلان عن انعدام الأمن الغذائی فی 40 بالمئة من البلاد، کما یقدر البرنامج العالمی للغذاء أن 12 ملیوناً من السکان هم الآن فی حالة انعدام للأمن الغذائی، بزیادة قدرها 13 بالمئة.
وأضاف التقریر ان ‘منظمة الصحة العالمیة واللجنة الدولیة للصلیب الأحمر وغیرهما من الوکالات الإنسانیة أشارتا إلی توقف المستشفیات والخدمات الطبیة الوشیک بسبب نقص الوقود والمستلزمات الأساسیة، بالإضافة إلی مواجهة مصاعب لوجستیة هائلة فی محاولة إبقاء المستشفیات مفتوحة ‘، حیث قال عاملون بمستشفیات فی صنعاء وتعز وعدن ولحج لـ«هیومن رایتس ووتش» إن مستشفیاتهم فی أوضاع لا تقل حرجاً.
إلی ذلک، ساهم ارتفاع أسعار الوقود أیضاً فی تصاعد أسعار المواد الغذائیة الأساسیة، حیث صرحت شبکة التحذیر المبکر من المجاعة فی وقت سابق أنه ‘من المنتظر أن تمارس تکلفة الوقود ضغوطاً تصاعدیة علی أسعار الأغذیة الأساسیة فی معظم الأسواق’، کما أکدت المنظمة ‘اختفاء معظم السلع الضروریة، الغذائیة وغیر الغذائیة، من مناطق مثل صعدة وعدن والضالع ولحج وتعز وشبوة، بسبب انقطاع سلاسل التورید واختلالات الأسواق والقیود المفروضة علی النقل بسبب نقص الوقود‘.
وفی ختام تقریرها، دعت «هیومن رایتس واتش» کافة أطراف النزاع التقید بالتزاماتها بموجب قوانین الحرب، بما فیها تقلیل الضرر الواقع علی المدنیین وتسهیل الوصول الإنسانی، کما دعت القوات السعودیة العمل بشکل عاجل علی تنفیذ إجراءات تتیح الدخول السریع لناقلات الوقود لتوصیل الوقود بغرض توزیعه السریع والآمن علی السکان المدنیین، وخاصة المستشفیات ومضخات المیاه، ویشمل هذا نشر مجموعة شفافة من الإرشادات الحاکمة لعملیة تسلم الإذن بالرسو فی الموانئ الیمنیة.
وطالبت وکالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانیة القوات السعودیة والتحالف تسهیل توصیل الوقود إلی الیمن، وقالت إنه ‘یتعین علی الأمم المتحدة رصد توصیل الإمدادات الإنسانیة والتجاریة وتقدیم التقاریر الیومیة عنها’، مضیفة انه ‘یتعین علی الولایات المتحدة وغیرها من مؤیدی العدوان الضغط علی التحالف بغرض تسهیل توصیل الوقود وغیره من البضائع الضروریة لبقاء السکان المدنیین وسلامتهم، عن طریق السفن والطائرات، علاوة علی المساعدات الإنسانیة من منظمات إنسانیة محایدة‘.