وثائق حكومية بريطانية تكشف عن إتهامات زعماء عرب لبعضهم البعض بينهم الرئيس السابق صالح “تفاصيل”
يمانيون -متابعات
أعادت وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرية في الأرشيف الوطني، نكء جروح كانت اندملت إلى حد كبير في العلاقات العربية– العربية، لا سيما على خلفية الانقسام الذي سببه الاجتياح العراقي للكويت في 2 (أغسطس) 1990، إذ تنقل الوثائق كمّاً ضخماً من الاتهامات التي كالها زعماء عرب بعضهم إلى بعض، بسبب وقوفهم إلى جانب الرئيس العراقي السابق صدام حسين أو إلى جانب معارضيه.
ولعل أشد الاتهامات الواردة في المحاضر السرية البريطانية كانت تلك التي أطلقها الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي اتهم صدام بمحاولة رشوته بملايين الدولارات من أجل ضمان تأييد العراق.
وإضافة إلى صدام، شن مبارك هجوماً لاذعاً على الملك الأردني الراحل حسين، واتهمه بالعمل لمصلحة صدام. وشن هجوماً مماثلاً ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي قال إنه جاء إلى مصر حاملاً 25 مليون دولار «رشوة» من صدام. ومعلوم أن مبارك كان أطلق مثل هذه الاتهامات علناً بُعيد الاجتياح العراقي للكويت، لكن كلامه هنا جاء في إطار أحاديث خاصة مع مسؤولين غربيين.
وبحسب الوثائق البريطانية، استخدم مبارك في انتقاده علي صالح، وصْفَ «شاويش»، في إشارة إلى أن الرئيس اليمني السابق كان متدني الرتبة عندما التحق بالقوات المسلحة اليمنية قبل أن يصبح رئيساً في العام 1978.
وتنقل الوثائق أيضاً عن مبارك قوله إن صدام مصاب بهوس أن يكون العراق «دولة عظمى إقليمية» مؤكداً انه لن يخرج من الكويت إلا بالقوة، كما تتحدث عن «اختلاف» في المواقف من العدوان على الكويت بين الملك حسين وولي عهده الأمير حسن، لافتة إلى أن مواقف الأخير كانت «ناضجة» وأقرب إلى مواقف دول الخليج الفارسي العربية وأكثر تفهماً للأوضاع الخطيرة التي سيواجهها الأردن نتيجة تداعيات الأزمة والظهور بمظهر المؤيد لصدام.
وتنقل الوثائق في الوقت ذاته عن الملك حسين تأكيده أنه لا يقف إلى جانب صدام في اجتياح الكويت، بل يريد أن يكون في وضع يسمح له بلعب دور وساطة في الأزمة.
وتكشف أن بريطانيا قالت في اتصالاتها آنذاك مع دول المنطقة، إنها لا تريد أن يسقط العرش الهاشمي، وإنها سعت إلى إقناع المستائين من موقف الأردن بمساعدته لئلا تهدد الأوضاع استقرار الحكم.
وتنقل الوثائق أيضاً عن صالح أنه حاول أمام وزير الخارجية البريطاني دوغلاس هيرد، أن يبرر لصدام احتجازه رهائن غربيين لمنع حصول ضربات تستهدف العراق لإرغامه على الانسحاب من الكويت، قائلاً إن صدام لم يفعل أكثر مما فعله اليابانيون خلال الحرب العالمية الثانية، فرد عليه الوزير البريطاني بأن اليابانيين فعلوا ذلك حقاً لكن مصيرهم كان الاعتقال وحبل المشنقة.
وفي الوثائق أيضاً، معلومات مفصلة عن الجهود التي قامت بها حكومة مارغريت ثاتشر لحشد التأييد الدولي ضد صدام، بما في ذلك الطلب من الأميركيين تحضير الأساس القانوني الذي يمكن اللجوء إليه لشن عمل عسكري يُرغم صدام على الخروج من الكويت. وتنقل المحاضر عن ثاتشر قولها إنها مقتنعة بأن صدام لن يترك الكويت إلا إذا تم «رميه خارجها»، في حين جادل وزيرها للخارجية (هيرد) بضرورة إعطاء فرصة للحصار الدولي الذي فرضته الأمم المتحدة، على أمل أن ينجح في دفع الرئيس العراقي إلى إعادة النظر، سلماً، في موقفه. وقالت ثاتشر إنه إذا عجز المجتمع الدولي عن إرغام صدام على ترك الكويت فإنها تعتقد أن الإسرائيليين سيوجهون إليه ضربة عسكرية.
ومن ضمن الوثائق واحدة توضح أن عسكريين بريطانيين يُعتقد أنهم من الاستخبارات، رصدوا حشد العراق قواته قرب الحدود الكويتية في الشهر السابق للغزو، وتحدثوا عن مشاهدتهم قوافل تبدأ ولا تنتهي من قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وهي تتجه جنوباً نحو الكويت، من دون أن يتضح هل هذه الحشود هدفها إخافة الكويتيين فقط أم القيام بعمل عسكري ما.
لم تمر أيام على التقرير الأمني البريطاني حتى كانت القوات العراقية تعبر الحدود الكويتية بعد منتصف الليل في 2 آب (أغسطس)، وتسيطر على العاصمة وبقية أرجاء الدولة، حيث اضطرت الحكومة الكويتية للجوء إلى المملكة العربية السعودية. لم يكتف صدام بما فعل، بل لجأ إلى إعلان ضم الكويت إلى العراق وجعلها «المحافظة 19». ولا تغطي الوثائق مرحلة التحرير الذي بدأ في (يناير) 1991.