Herelllllan
herelllllan2

«فينسون» تلعن أختها!

يمانيون/ كتابات/ وديع العبسي

شدّ استهداف القوات المسلحة اليمنية لحاملتيّ الطائرات الأمريكيتين ترومان وفينسون- والقطع الحربية التابعة لهما في البحرين الأحمر والعربي بعدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة- أكثر انتباه العالم، فهو الذي يأتي في وقت تعزز فيه أمريكا من تواجدها العسكري في المياه العربية بقصد تحقيق استعادة الردع المفقود.

تَصور المسكون بالوهم والعظمة، ترامب، أن الإرهاب بنشر القطع البحرية ودعم «ترومان» بحاملة الطائرات «فينسون» يمكن أن يشكل عامل ردع يكفيه حرج المحاولات الفاشلة في فرض إرادة البيت الأبيض ومجلس الدولة العميقة الصهيوني، وبالتالي «إسرائيل»، على شعوب المنطقة وتمكينه من ممارسة العربدة كيف ما شاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إلا أن التفكير القاصر والتحركات العشوائية لا تزال تشدّ أمريكا أكثر نحو العمق من شبكة التعقيدات، وما عاد بمقدورها التحكم فيها أو توجيهها وفق رؤاها الضيقة، فـ»فينسون» قد لحقت مبكرا بأختها «ترومان» وصارت هدفا حيويا للطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة.

الاستهداف اليمني المزدوج، الذي كشف تفاصيله متحدث القوات المسلحة الجمعة أمام الجموع اليمنية المستنفرة لمواجهة الأعداء، يعطي إضافة جديدة إلى جملة المعطيات التي تعكس مستوى ما بلغته القوات اليمنية من اقتدار على مواجهة التحدي وصفع غطرسة العدو، فأمريكا تجلب حاملة الطائرات الثانية لتعزيز عملياتها ضد المناهضين للمشروع الصهيوني في المنطقة ومنهم اليمن، إلا أن الاستهداف المباغت ألجم ترامب وأتباعه وأكد له أن تعزيز قواته في المنطقة لا يمكن أن يخيف اليمنيين، وهذا التحرك الجديد لا يعكس إلا شعوراً بالفشل والإحباط، خصوصا وأنه يأتي بعد حالة تشنج تملّكت ترامب فتصور أن رفع صوته وتوجيهه بنشر المزيد من القطع البحرية العسكرية يمكن أن يمكنه من تحقيق ما عجز عنه سلفه بايدن.

ربما يكفي ترامب التأمل في أسطورة التجسس «إم كيو 9» التي مرغتها الدفاعات اليمنية بالوحل، ليقف على حقيقة أن ما تم إسقاطه من هذا النوع من الطائرات خلال الفترة الوجيزة منذ وصوله البيت الأبيض قد بلغ (9) طائرات، وفي الوضع الطبيعي وعند الشخص الطبيعي، فإن هذه الوتيرة من «السقطات» الأمريكية في اليمن لا بد أن تكون مقلقة وترسم مستقبلا قاتما لما تبقى من الهيبة الأمريكية، إن بقي منها شيء، وأن تدفع لتعاطٍ عقلاني مع شكل التعامل مع المنطقة وقضاياها.

الأمر المثير الآخر أن كبريات المؤسسات البحثية والمتخصصة وحتى التنظيرية، تحلل بشكل موضوعي ما صارت إليه أمريكا جرّاء تراكم الإخفاقات، وأبرزها فشل ردع اليمن عن القيام بواجب المساندة لشعب فلسطين، والدفاع عن نفسه، وتذهب التحليلات إلى شرح الخلفية التي كانت سببا في هذا المآل الذي لا تحسد عليه واشنطن بما فيها الغطرسة الأمريكية التي جعلت من زعماء هذه البلاد يتصورون أنهم فوق الجميع وحتى فوق القوانين والأعراف، لذلك تأتي أبسط انتكاسة لتمثل عامل انهيار آخر، إذ أن ما تبديه من ردة فعل يُوقعها في أخطاء أخرى تتسبب في انتكاسات أكبر، كما هو الحال مع اليمن الذي كرر مرارا وتكرارا أنه لن يتوقف عن دعم الفلسطينيين حتى إيقاف العدوان على غزة والسماح للمساعدات بالدخول، والمسألة تنطلق من ثوابت دينية وأخلاقية.. فهل تصل إلى الإدارة الأمريكية استخلاصات هذه المؤسسات؟.

لذلك كله، من الطبيعي أن يتفق الرأي العام الدولي اليوم على أن أمريكا لم تعد كما كانت، على الأقل في الذهنية التي حاصرتها الدعايات الأمريكية والصهيونية، والبرامج الإعلامية التي تعمدت ترسيخ أن أمريكا قوة عظمى لا يمكن مواجهتها، وبناء على هذه القناعة الجديدة بدأت بعض القوى المستقلة من الهيمنة الأمريكية بالظهور في مواجهة الدولة المارقة، وهكذا تتراكم المؤشرات على أن وضعا جديدا يتشكل ينهي الحقبة الدموية الأمريكية.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com