Herelllllan
herelllllan2

اليمن يُفشل استراتيجية أمريكية سرية: قاذفات B-2 تدخل المعركة وتخرج بلا جدوى

يمانيون../
في تطور يُعد من أكثر المفاجآت الاستراتيجية إثارة منذ بداية التصعيد في البحر الأحمر، كشفت تقارير استخباراتية غربية عن استخدام الولايات المتحدة لطائرات B-2 الشبحية، وهي من أكثر الطائرات العسكرية تقدمًا في الترسانة الأمريكية، في عمليات قصف استهدفت مواقع تابعة للقوات المسلحة اليمنية. هذه القاذفات التي كانت تُحتفظ بها ضمن خيارات الحرب الكبرى ضد الصين أو روسيا، أُقحمت في ساحة معركة لم تكن في الحسبان، في خطوة تُظهر حجم القلق الأمريكي من تصاعد القدرات اليمنية، لكنها أيضًا تكشف فشلًا ذريعًا في احتواء هذا التحدي الآخذ في التوسع.

تحوّل اليمن إلى عقدة في العقل العسكري الأمريكي
بقدر ما تحمل خطوة كهذه دلالات عسكرية، فإنها تعكس في المقام الأول ارتباكًا استراتيجيًا كبيرًا داخل البنتاغون، الذي بات يجد نفسه أمام خصم غير تقليدي يستخدم تكتيكات ميدانية متطورة بموارد متواضعة، ويحقق نتائج على الأرض تفوق كل التوقعات.

لقد دخل اليمن، وعلى نحو غير مسبوق، في صلب الحسابات الاستراتيجية للجيش الأمريكي، لا بوصفه مجرد منطقة نفوذ أو جبهة ضغط، بل بوصفه تحديًا وجوديًا لفكرة الردع الأمريكي ذاتها، خصوصًا بعد أن فشلت ضربات أمريكية مركزة في كسر إرادة صنعاء، بل وزادت من وتيرة العمليات النوعية التي تستهدف السفن المتجهة إلى موانئ الكيان الصهيوني.

من الصين إلى اليمن: انتقال غير محسوب للسلاح الاستراتيجي
استخدام قاذفات B-2 Spirit، التي تعتبر من أدوات “اليوم الأخير” في عقيدة الردع النووي الأمريكي، لا يمكن أن يُفهم إلا ضمن سياق تصاعد الإحباط العسكري والإستراتيجي لدى واشنطن. فهذه القاذفات، المصممة لاختراق أكثر الدفاعات الجوية تعقيدًا حول العالم، تُستهلك اليوم في استهداف منصات بدائية نسبيًا، لكنها فعّالة، يملكها اليمنيون وتُستخدم في إطلاق صواريخ أو تشغيل طائرات مسيّرة.

فما الذي دفع الولايات المتحدة لهذا التصعيد العسكري غير المعلن؟
الجواب ببساطة يكمن في حجم الضغط الذي تفرضه العمليات اليمنية في البحر الأحمر، والتي أرغمت واشنطن على تحويل أكثر أدواتها حساسية من جبهات الصراع الكبرى إلى صحراء اليمن وبحره، دون أن تحقق التأثير المطلوب، وهو ما يشكل ضربة نفسية ومعنوية لواشنطن أكثر من كونه فشلًا عسكريًا تقنيًا.

اليمن كقوة غير متماثلة تُربك العقول العسكرية
الحرب الدائرة ليست تقليدية بأي شكل، فاليمن لا يواجه أمريكا عبر جيوش جرارة أو أساطيل نظامية، بل عبر منظومة تكتيكية تجمع بين البساطة والدهاء. فمقابل كل B-2 تطلق صواريخها الدقيقة، توجد طائرات مسيّرة يمنية لا تتجاوز تكلفة الواحدة منها بضع آلاف من الدولارات، لكنها تُربك حركة الملاحة وتدفع واشنطن لتكثيف حماية سفنها التجارية، ومرافقة الناقلات المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة.

فإذا كانت كل طلعة لقاذفة B-2 تكلف ملايين الدولارات من الوقود والصيانة والأسلحة، فإن الهجوم اليمني الواحد باستخدام طائرة مسيّرة قد لا يكلف سوى جزءًا بسيطًا من ذلك، ما يجعل الحرب من زاوية اقتصادية واستراتيجية غير متكافئة بشكل يضعف القوة الأمريكية أكثر مما يُرهق اليمن.

ضغوط داخلية وخارجية: أمريكا في مأزق تعدد الجبهات
هذا الاستخدام السري لسلاح استراتيجي خطير، كقاذفات B-2، لا يمكن عزله عن المأزق السياسي والعسكري الذي تواجهه واشنطن اليوم. فمن ناحية، تجد الإدارة الأمريكية نفسها تحت ضغط داخلي متصاعد، حيث تتعرض لانتقادات لاذعة من أوساط سياسية وإعلامية بسبب فشلها في حسم المعركة في البحر الأحمر رغم الأموال الطائلة التي أُنفقت منذ بداية العمليات.

ومن ناحية أخرى، تتفاقم المخاوف من أن يؤدي استنزاف أسلحة استراتيجية في معارك جانبية، إلى إضعاف الجاهزية الأمريكية أمام خصمين كبيرين هما الصين وروسيا، في وقت تشهد فيه العلاقات الدولية توترًا بالغًا، خصوصًا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

إخفاق استخباراتي أمريكي متكرر
تكشف هذه التطورات أيضًا عن إخفاق استخباراتي أمريكي في تقدير قوة وتطور الأداء العسكري اليمني. فقد توقعت التقارير الأمريكية في بداية العمليات أن صنعاء ستتراجع بسرعة تحت الضغط الجوي المكثف، وأن الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر سيتم احتواؤها خلال أسابيع قليلة.

لكن ما حدث أن اليمن طوّر أدواته بسرعة، وتوسّع في استخدام الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز، بل وبدأ في استخدام تقنيات جديدة في الحرب البحرية، مثل الغواصات الصغيرة المفخخة والزوارق السريعة، بالإضافة إلى قدرات تشويش إلكتروني أربكت أنظمة الملاحة والرادارات الأمريكية.

قاذفات B-2: رمزية التفوق تنهار في صحراء اليمن
لطالما اعتُبرت B-2 رمزًا للتفوق العسكري الأمريكي، إذ بإمكانها اختراق الدفاعات الجوية والوصول إلى أهدافها دون أن تُكتشف. لكن في اليمن، لم تُحقق هذه القاذفات “المعجزة”، إذ لم تُعطِ نتائج ملموسة على الأرض، بل استمرت القوات المسلحة اليمنية في شن عملياتها، وتحدّت الطائرات الأمريكية عبر تكتيكات تهدف إلى “إفشال المهمة قبل بدايتها”.

ومن اللافت أن اليمنيين لا يُقاتلون فقط في الميدان العسكري، بل يخوضون أيضًا معركة نفسية وإعلامية تستنزف خصمهم، حيث تُصوَّر العمليات وتُنشر في توقيتات محسوبة، ما يضاعف من تأثيرها الرمزي والمعنوي، ويُظهر العجز الأمريكي أمام جمهور عالمي يراقب التحولات في ميزان القوة.

البعد الفلسطيني حاضر في كل جبهة
واحدة من أهم الثوابت التي تُميز الموقف اليمني، والتي تُعطي لهذه الحرب بعدها السياسي والأخلاقي، هو الإصرار العلني على ربط العمليات العسكرية بدعم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. فقد أعلن اليمن بوضوح أن هجماته على السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني، أو تلك المتجهة إلى موانئه، تأتي في سياق إسناد عسكري مباشر لفلسطين، ما يجعل هذه المواجهة ليست حربًا على السيادة فقط، بل معركة من أجل قضية الأمة المركزية.

هذا الربط بين اليمن وفلسطين يُعطي للمواجهة بعدها الشعبي العربي والإسلامي، ويُكسب صنعاء دعمًا واسعًا، ويجعل من كل استهداف أمريكي لها يظهر وكأنه عدوان على القضية الفلسطينية ذاتها.

ما بعد B-2: إلى أين تتجه الحرب؟
من الواضح أن استخدام واشنطن لقاذفات B-2 لن يكون نهاية التصعيد، بل هو مقدمة لمرحلة جديدة قد تكون أكثر خطورة، إذا ما قررت الولايات المتحدة الانخراط بشكل أوسع، أو الدفع بحلفائها الإقليميين للعب أدوار ميدانية أكثر عدوانية.

لكن في المقابل، فإن هذا الانخراط المتزايد ستكون له أكلاف ضخمة، ليس فقط على المستوى العسكري، بل أيضًا على المستوى الاقتصادي والسياسي، خصوصًا مع توسع الرفض الدولي للتورط الأمريكي في الشرق الأوسط، واستمرار الحراك المناهض في الداخل الأمريكي.

الخلاصة: اليمن يُعيد تعريف الحرب
ما يحدث اليوم في البحر الأحمر وما حوله ليس مجرد مواجهة عسكرية عابرة، بل هو تحول جذري في طبيعة الصراع. فمن دولة مُحاصرة ومُنهكة اقتصاديًا، خرج اليمن ليصبح رقمًا صعبًا في معادلات الردع العالمية، ويُجبر القوة العظمى على كشف أوراقها الاستراتيجية دون أن تحسم المعركة.

لقد أثبت اليمن أن الإرادة السياسية، والربط الواعي بين المعركة الداخلية والقضايا المركزية، يمكن أن يُحدث خللاً في موازين القوى، حتى في مواجهة دولة تمتلك أكبر ترسانة عسكرية في العالم. واليوم، ومع تواصل المعركة، لا يبدو أن اليمن ينوي التراجع، بل يُراكم إنجازاته، ويُعيد تشكيل خريطة الصراع الإقليمي بدماء وشجاعة أبنائه، وعلى أنقاض أوهام التفوق الأمريكي.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com