Herelllllan
herelllllan2

علو في الحياة وفي الممات

يمانيون/ كتابات/ عبدالفتاح البنوس

يا لها من عظمة، ويا له من علو، ويا له من خلود وشموخ وعنفوان، ويا لها من عزة وكرامة، ويا له من تكريم إلهي، واصطفاء رباني، ويا له من حب حباه الله لشهيد الإسلام والإنسانية سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه، ويا لها من خاتمة حسنة، ويا له من وداع مهيب يليق بمقام صاحبه الرفيع، وخليفته في الأمانة العامة والشهادة السيد هاشم صفي الدين رضوان الله عليه .

مشهد يعجز الكتاب وأرباب الأقلام عن وصفه، ويجد البلغاء صعوبة بالغة في التعبير عنه، ويقف الشعراء في حالة من التبلد والذهول أمام تفاصيل عظمته، مشهد متفرد على كل المشاهد المماثلة، مشهد بديع رسم لوحة أكثر إبداعا وألقا وتميزا، لوحة وفاء لرمز الوفاء، السيد المجاهد الصادق مع الله عهدا ووعدا وإيمانا وجهادا وبذلا وعطاء وتضحية وفداء.

طوفان بشري من مختلف أرجاء المعمورة، منذ مساء الجمعة الفائتة وهم يتقاطرون على ضاحية بيروت الجنوبية للمشاركة في مراسيم تشييع شهيد الإسلام و الإنسانية الأمين سماحة السيد حسن نصر الله وخليفته المؤتمن سماحة السيد هاشم صفي الدين رضوان الله عليهما، الكل في حالة من الشوق والحنين إلى الحبيب الذي ألفوه ونهلوا من معينه العذب، وتربوا على سيرته الجهادية، ودرسوا في مدرسته الإيمانية الحسينية الرافضة للخنوع والخضوع والذل والهوان، جاءوا ليلقوا النظرة الأخيرة على جسده الشريف، والسلام على روحه الطاهرة في يوم الوداع الحزين .

مشهدية مشبعة بالسمو والشموخ، في وداعية الأمينين المؤتمنين الشهيدين القائدين العظيمين الحسن بن نصر الله، من نصرالله طيلة حياته ومسيرته الجهادية، وانتصر لدينه وللمستضعفين من عباده، والهاشم صفي الدين ومعتمده الأمين من حمل الراية، في زمن الغدر والخيانة، غير مبال بالموت، ولا مكترث بالحياة، ليعانقا الشهادة في سبيل الله على يد أعداء الإسلام والمسلمين الصهاينة البغاة المجرمين.

مشهدية الأحد قل أن نجد لها نظيرا في عصرنا الراهن، مشهدية تعكس حجم الانتصار الذي صنعه حزب الله بقيادة نصر الأمة وشهيدها السيد حسن نصر الله، وشاهدة على هزيمة النتن ياهو وحكومته اليمينية المتطرفة والصهاينة المجرمين ومن معهم من تحالف الأشرار.

مشهدية ستظل شاهدة على انتصار الدم على السيف، وشاهدة على عظمة المقاومة وقادتها الشهداء، وسمو مكانتهم ورفعتها، والله ستظل محفورة في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، حاكية عن بطولات خالدة، لقادة عظماء، تقدموا صفوف المجاهدين، وسطروا ملاحم البطولة والتضحية والفداء، فجادوا بأرواحهم الطاهرة في سبيل الله، ليتوجوا بذلك مسيرتهم الجهادية التي تشرئب لها الأعناق، بالفوز بالجائزة الإلهية الكبرى، والحصول على الوسام الرباني الأغلى، وبلوغ المكانة والمقام الأسمى في مقعد صدق عند مليك مقتدر، رفقة الأنبياء والصديقين والصالحين، وحسن أولئك رفيقا .

المكان توشح السواد، والحزن كان طاغيا على المشيعين ذكورا وإناثا، قلوب بعظيم الفقد وألم الفراق مكلومة، وأعين بالدمع فياضة، الكل في حالة من الألم والأسى لعظيم المصاب الجلل، وفداحة الخسارة العظمى التي تعرضت لها الأمة بخسارة أمينها الأمين وخليفته المؤتمن، في معركة الحرية والكرامة على طريق القدس، دعما وإسنادا لغزة العزة، ولا غرابة فهم يدركون حجم الفراغ الذي تركه رحيل شهيد الإسلام والإنسانية، ويدركون ما الذي يمثله هذا الرحيل المر في هذه المرحلة الأكثر مرارة والأشد تعقيدا، ويدركون ما الذي كان يمثله شهيدنا العظيم في المنطقة والعالم .

لبيك يا نصر الله، هيهات منا الذلة، الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا، هتافات صدحت بها قلوب المشيعين قبل حناجرهم، في يوم الوفاء، لسيد الوفاء، الكل كانوا على العهد، لم يتخلف منهم أي حر من أحرار لبنان المقاومة، ومن تسنى لهم الحضور من أحرار العالم، جاءوا من كل حدب وصوب، ليودعوك يا أبا هادي ورفيقك في درب المقاومة والجهاد والاستشهاد، فكان المشهد عظيما بعظمتك، وكبيرا بحجمك، أيها الخالد في القلوب .

نم قرير العين يا شهيدنا الحبيب، لقد أرعبتهم يا نصر الله في حياتك، فكنت شوكة في نحورهم، لقد حرمتهم لذيذ المنام وظل شبحك يؤرق مضاجعهم ويحيل حياتهم إلى جحيم، وها أنت ترعبهم وأنت تشيع إلى مثواك الأخير شهيدا، فذهبوا للتحليق بطائراتهم الحربية وكسر حاجز الصوت أثناء مراسيم التشييع، ظنا منهم بأن هكذا تصرف أبله، سيؤثر على جموع المشيعين لك ورفيقك، الذين اكتظت بهم المدينة الرياضية والشوارع والساحات المؤدية إليها .

سنفتقدك كثيرا أيها الشهيد الخالد في القلوب، لروحك الطاهرة وكل رفاقك الشهداء العظماء الخلود في أعلى عليين، هنيئا لك يا سيدي هذا العلو الذي لا يليق إلا بك وبأمثالك من القادة العظام، التي تنحني لهم الهامات وترفع لهم القبعات تقديرا وإجلالا .

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com