عاصفة ترامب لم تبدأ بعد.. المخطط أكبر من التهجير
يمانيون../
لا أحد يعلم ما الذي تخبِّئه أمريكا و”إسرائيل” من شر مطلق تجاه منطقتنا العربية، لكن الشر يبرز بقرونه السوداوية منذ اعتلاء ترامب كرسي السلطة في البيت الأبيض مطلع العام الجاري.
صحيح أن الرجل ظاهرة صوتية نرجسية، لا تمضي تهديداته على دول العالم، لكنها بالنسبة للدول العربية ولمنطقتنا قد تكون أحدَّ من السيف، لعوامل عديدة من أبرزها ترهل الأنظمة العربية، وانبطاحها، وعدم قدرتها على اتخاذ أية مواقف تجاه الغطرسة الأمريكية الإسرائيلية، وهذا الضعف والهوان هو ما شجع المجرم نتنياهو على التعالي والتحدث عن التغيير المرتقب لمنطقتنا.
يحط وزير الخارجية الأمريكي في إدارة ترامب “روبيو” رحاله في “تل أبيب” لتكون المحطة الأولى في زيارته الشرق أوسطية، ثم يهبط في الرياض، وبجعبته الكثير من الملفات الساخنة ذات الصلة بالمنطقة، ومن أبرزها القضية الفلسطينية، وإيران، ومحور المقاومة. ومن ضمن أولويات الرجل مناقشة التهجير لسكان غزة، الرغبة التي ظل ترامب يرددها كثيراً في الآوانة الأخيرة، وهنا لا يخفي المجرم محمد بن سلمان سعادته لوصول الزائر الجديد إلى الرياض، ويقول: “سنكون أكثر من سعداء للعمل معكم ومع الرئيس ترامب وإدارته»، وذلك بحسب ما جاء في فيديو الاستقبال الذي بثته وكالة «رويترز”.
يفترض أن يكون بن سلمان في قمة غضبه من الأمريكيين، فسخرية ترامب من العائلة المالكة وصلت حداً لا يطاق، ومنها أوامره أمام وسائل الإعلام للسعودية بدفع أموال باهظة تصل إلى تريليون دولار، إضافة إلى موضوع التهجير القسري للفلسطينيين، لكن ولي العهد الشاب يفضل الانحناء أمام عاصفة ترامب، وتلبية رغباته، تمامًا كما يفعل الملك الأردني والسيسي.
“لا عباس ولا حماس في اليوم التالي لغزة“
وحده المجرم نتنياهو الذي يحالفه الحظ لمرتين من بعد معركة “طوفان الأقصى”، المرة الأولى بالاندفاع الأمريكي غير المسبوق من قبل إدارة “بايدن” وتقديم الدعم الكبير واللامحدود لكيانه الذي أوشك على الزوال بعد الطوفان، أما المرة الثانية فهي مع وصول ترامب إلى السلطة، حيث بات الرجل يعزف على سيمفونية ترامب بشأن تهجير سكان غزة، ويدلي بتصريحات عنترية تلامس هواجسه وأطماعه.
هنا يغلق نتنياهو الباب أمام محاولات عربية خجولة تتبناها الإدارة المصرية والتي تقترح بأن يتولى محمود عباس الحكم في غزة، بدلاً عن تهجير سكانها، لكن نتنياهو يرد على هؤلاء الأعراب بغطرسة وكبر، قائلاً: “لا عباس ولا (حماس) في اليوم التالي بغزة”، وإنما هو التهجير ولا سواه، ولا شيء سيقنعنا بغير خطة ترامب”.
ويقول نتنياهو في بيان: «تماماً مثلما تعهدت بشأن اليوم التالي للحرب، لن يكون هناك لا (حماس) ولا السلطة الفلسطينية، وأنا ملتزم بخطة الرئيس الأمريكي ترامب من أجل إنشاء غزة مختلفة».
هذه التصريحات المتشنجة لنتنياهو تأتي استباقاً للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، والتي يفترض أن تبحث نهاية الحرب في القطاع، ومصيره، بعد انتهاء المرحلة الأولى في الأول من مارس القادم، وتشمل تبادل الأسرى بين الطرفين.
قنابل إم كي 84.. “الجحيم يصل إلى الكيان“
ويكرر المسؤولون الصهاينة مصطلح “الجحيم” كتهديد للشعب الفلسطيني البطل في المرحلة المقبلة، فبعد لقائه بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الأحد الماضي في “تل أبيب” خرج المجرم نتنياهو متباهياً بأن أبواب الجحيم ستفتح على غزة بالتأكيد، وأنه سيتم القضاء على القدرة العسكرية لحماس.
ومثله يقول “وزير المالية” الصهيوني “سموتريتش” :«يجب على إسرائيل إصدار إنذار نهائي واضح لـ«حماس»: «إما إعادة جميع الرهائن إلينا الآن ومغادرة غزة إلى دول أخرى ونزع سلاحها، وإن لم تستجب حماس للإنذار فإن إسرائيل ستفتح أبواب الجحيم». يتحدثون عن الجحيم وكأنهم لم يفعلوا شيئاً في غزة على مدى 15 شهراً.
الثقة لدى القيادة الصهيونية بإعادة الحرب على قطاع غزة، مصدرها التشجيع الأمريكي أولاً، والتخاذل والصمت العربي ثانياً، والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة، فهذه أمريكا ترسل قنابل “إم كيه 84” إلى الكيان، وتصل في جنح الظلام بالتوازي مع زيارة “روبيو” إلى “تل أبيب”، في رسالة واضحة بأن الإدارة الأمريكية الجديدة مثلما تقدم الدعم السياسي للصهاينة هي كذلك تقدم لهم الدعم العسكري.
هذه القنابل التي استلمها الكيان الصهيوني ليست عادية، وتصنف بأنها من القنابل الجوية الثقيلة التي يبلغ وزن الواحدة طناً كاملا، ويتم حمل القنبلة عادةً بواسطة الطائرات المقاتلة أو قاذفات القنابل.
وتقول الأمم المتحدة إن الضغط الناتج عن انفجارها يمكن أن يؤدي إلى تمزق الرئتين وتجويف الجيوب الأنفية وتمزيق الأطراف على بُعد مئات الأمتار من موقع الانفجار.
وألقت “إسرائيل” القنابل «إم كيه (مارك) 84» على خيام النازحين في مواصي خان يونس وعلى مناطق قريبة جداً من جميع مستشفيات غزة خلال الأسابيع الأولى من العدوان الصهيوني الأخير على القطاع، وهذه القنابل تم استخدامها كذلك في جريمة اغتيال شهيد الإنسانية السيد القائد حسن نصر الله “قدس سره”.
وأمام كل هذا الواقع، هناك خطتان مطروحتان على الطاولة: الأولى ينتظرها ترامب من الدول العربية التي ستعقد قمة في الرياض، ولا نعتقد أن الملوك والرؤساء وأصحاب الفخامة سيقدمون شيئاً مفيداً لغزة.
أما الخطة الثانية، فهي المقاومة، واللجوء إلى الخيار العسكري، ولعل أبرز من تحدث في هذا بكل وضوح وشفافية وبلا خوف أو وجل هو السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير، عندما قال :”إذا لجأت أمريكا إلى مؤامرة التهجير بالقوة على الشعب الفلسطيني، فإننا سنتدخل بالقوة العسكرية لمنع ذلك”. وهذا هو أشجع وأقوى موقف على الإطلاق في مواجهة العربدة الأمريكية والخنوع العربي.
لن تكون المنطقة في مأمن من التداعيات الخطيرة لمخطط التهجير القسري للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وستكون مصر والأردن والسعودية هي أكبر المتضررين، لكن ما يحز في النفس، أننا مقبلون على أيام قاسية، فالمشروع الأمريكي يمضي بوتيرة متسارعة، وبترويج صهيوني متواصل، في حين لا توجد بوادر أو مؤشرات قوية من الدول العربية لوأد هذا المشروع أو التعامل معه بصرامة كما فعل اليمن العظيم بقيادة سيده الشجاع عبد الملك بدر الدين الحوثي.
موقع أنصار الله – أحمد داود