جيشُنا لنا لا علينا
ريما فارس*
شهد طريقُ مطار بيروت تصعيدًا خطيرًا بعد احتجاجات نظمها عددٌ من المواطنين اعتراضًا على قرارات رسمية أثارت الجدل.
ومع تصاعد التوتر، وجد الجيش اللبناني نفسَه في مواجهة بين واجبه في حفظِ الأمن والاستقرار، وبين حقوقِ المواطنين في التعبير عن مواقفهم.
الجيش اللبناني هو المؤسّسة الوطنية الجامعة التي يقع على عاتقها حماية البلاد من التهديدات الخارجية، وكذلك حفظ الأمن الداخلي. ولكن عندما يتحول الاحتجاج السلمي إلى إغلاق للطرق الحيوية وتعطيل لمصالح الناس، يجد الجيش نفسه أمام معادلة صعبة: كيف يحقّق الأمن دون أن يتحول إلى خصم للمواطنين؟
استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين السلميين لا يخدم الاستقرار، بل قد يزيدُ الاحتقان ويؤجِّج المشاعر. وفي المقابل، السماح بقطع الطرق الرئيسية وتعطيل حركة المطار يعرض حياة الآلاف للخطر، ويسيء إلى صورة الدولة وهيبتها.
المواطن اللبناني يواجه يوميًّا تحديات اقتصادية واجتماعية صعبة، وهو بحاجة إلى بيئة آمنة ومستقرة لممارسة حياته الطبيعية؛ لذا، فَــإنَّ الحفاظ على أمن المواطن لا يقتصر فقط على منع الفوضى، بل يشمل ضمان حقه في التعبير السلمي دون خوف من القمع أَو العنف.
الحل لا يكون في المواجهة العنيفة، بل في فتح قنوات للحوار، حَيثُ يكون الجيش ضامنًا لأمن الجميع، وليس طرفًا في النزاعات السياسية. المطلوب هو آلية واضحة للتعامل مع الاحتجاجات، تضمن التعبير عن الرأي دون تعطيل حياة الناس أَو تهديد المؤسّسات.
إن أي قرار يتعلق بأمن المطارات أَو السيادة الوطنية يجب أن يكون مبنيًا على المصلحة العامة، لا على إملاءات داخلية أَو خارجية. فالأمن الوطني لا يتحقّق بالقوة وحدها، بل بالعدالة والشفافية في القرارات، وبالتوازن بين الحقوق والواجبات.
اليوم، لبنان أمام اختبار حقيقي: هل تكون الدولة قوية وعادلة في آنٍ معًا؟ أم تستمر في تكرار الأخطاء التي تفاقم الأزمات بدلًا عن حلها؟ يبقى الأمل في أن تتعامل المؤسّسات بحكمة ومسؤولية، ليبقى الجيش حامي الوطن، لا خصمًا لشعبه.
* كاتبة لبنانية