Herelllllan
herelllllan2

كلمات عند ضريح العماد، والملتقى تشييع السيّد..

ليلى عماشا

دوّى الاسم في مثل هذا اليوم، وعرج إلى السماء رضوان برتبة عماد المقاومة. قيل في مثل هذا اليوم غفا الجنوبيّ الذي “منذ سنين ما غفا”، وقيل أدّى سنين عمره قسطًا للعلى حتى ارتقى… وقيل يا أهل المقاومة، يا كلّ أحرار الأرض وكلّ مستضعفيها، استشهد عماد مغنية، فحيّوا على العزاء الثائر الجميل.. حيّوا إلى زفّة البطل المخضّب بعلامات البذل العظيم.. حيّوا إلى استقاء الحبّ من روح مقاتلة ثوريّة…

لم يخبرنا السّيّد يومًا عن وقع النبأ على قلبه، حين زُفّ إليه رفيق العمر كلّه شهيدًا.. لم يخبرنا عمّا شعر وهو يواري في الثرى جسد العزيز الذي طوال سنين الجهاد ظلّ بقربه، “الكتف عالكتف”.. لم يخبرنا عن أيّ تفصيل إنفعاليّ في ما يخصّ صلته بسنده الحاج عماد.. ولكن، في طيّات صوت وهو يؤبّنه قائلًا “إلى الرّضوان يا رضوان”، أمكن لقلوبنا أن تلمح وميض الفقد في صوت قائد يشتاق قائدًا، وأن تشهد إلى أيّ حدّ وداع الرّفاق موجعُ!

في 12شباط 2008، حلّ النبأ جمرًا في قلوب الأحرار، وسيلَ دموع ثورية في أعينهم.. تبريكات سبقت التعازي، وافتخار كفكف نزيف الفقد، وشوق جرّاح حزّ الأرواح التي عرفت عمادًا، وتلك التي لم تعرفه إلّا شهيدًا.. الآن، بعد ١٧ عامًا على ذاك النبأ، تعود الذكرى على أهلها وهم في حداد مهيب يتنامى:

في هذا العام يا حاج عماد، نأتي ذكراك فاقدين، ينهش ضلوعنا اليتم العظيم: السّيد ارتقى يا حاج رضوان.. السّيد ارتحل من دنيانا شهيدًا كما عاش وعشت، وشهيدًا كما رجوت وأملت، وشهيدًا كما استحقّ واستحققت.. لا بد أن تتلاقيا بعد شوق طال، وممّا لا شكّ فيه أنّك كنت تنتظر رفيقك عند بوابة في السّماء.. لتكملا دربًا متصّلًا بدربكما هنا معًا.. ليتك من علياك تخبرنا يا رفيقه وثقته وأخيه.. هل بدا على وجهه أثر وجع من الثمانين طنًّا من المتفجرّات التي استهدفته؟ هل أسرّ لك عمّا إن كانت آلمته لحظة صعود الرّوح من الجسد الشريف؟ هل نظرتما معًا نحونا، نحن يتاماه الباكون أبد الدّهر الفاقدون الأشّداء؟

اليوم يا حاج رضوان، نأتي ضريحك بنظرات قرّحها الفقد، وما زادها التألم والجراح المتجدّدة إلّا عزيمة على تحقيق الهدف “الواضح والمحدّد والدّقيق”.. نأتيك وكلّ المواجع فينا أمام ضريحك تجدّدت، وكأنّ الذكرى فتحت لنا باب البكاء على مصراعيه فما عاد حزننا يحتمل التأجيل.

يا حاج رضوان.. ستسير معنا في تشييعه، نعلم ذلك، فمثلك لا يرضى ألّا يكون بقرب نعشه.. أو لست عند ربّك حيًّا تُرزق؟ بلى. إذًا إذا طهّرنا القلب قليلًا بفيض الدموع سيبصرك عند النّعش ترتّب طيّات العلم.. سيبصرك قرب المرقد تجهّز آخر التفاصيل وأدقّها كي تليق كلّها بالسيّد.. سيبصرك تمسح على رؤوس اليتامى تواسي حزنهم، وتقترب من عوائل الشهداء، وأنت منهم، بحيائك الأخّاذ وحنوّك المشهود.. سيبصرك وأنت تعطي آخر التعليمات قبيل انطلاق موكب التشييع.. وسيبصرك وأنت تذرف بين الجموع دمعة وتُنشد “يا أبيّ الضيم نبع الكبرياء.. يا غريبًا لمّ شمل الغرباء..”

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com