ترامـب الوجهُ الحقيقي لأمريكا
شاهر أحمد عمير
لم يكن دونالد ترامب مُجَـرّد رئيس عادي في تاريخ الولايات المتحدة، بل كان بمثابة المرآة التي عكست الوجه الحقيقي لأمريكا دون أقنعة أَو تزييف. لقد جاء ليُسقط ورقة التوت التي طالما غطت بها أمريكا سياساتها الاستعمارية تحت شعارات براقة مثل الديمقراطية، الحرية، وحقوق الإنسان. مع ترامب، لم يعد هناك مجال للخداع؛ فقد أظهر أن تلك القيم ليست سوى أدوات تُستخدم لتبرير الهيمنة والسيطرة على الشعوب.
ما يميز ترامب عن أسلافه هو صراحته الفجّة التي لم تعرف دبلوماسية أَو نفاقًا سياسيًّا. لقد تعامل مع العالم بمنطق رجل أعمال جشع، يرى في كُـلّ دولة فرصة للابتزاز، وفي كُـلّ أزمة وسيلة لتحقيق مكاسب مالية وسياسية. لم يخفِ احتقاره للقوانين الدولية ولا احترامه لسيادة الدول، بل أعلن بوضوح أن معيار العلاقات مع أمريكا هو مقدار ما يمكنها أن تحصده من ثروات ومصالح. هذا الخطاب والسياسات التي رافقته كشفت عن جوهر السياسة الأمريكية التي ظلت تتستر خلف أقنعة زائفة لعقود.
وفي هذا السياق، لم تكن شعارات ترامب عن “السلام” و”الحرية” سوى ذرائع لاستمرار العدوان والاحتلال. حديثه عن “تحرير غزة” لم يكن إلا دعوة لاحتلالها من جديد، حَيثُ يعتبر أن حقوق أبنائها تكمن في تهجيرهم وقتلهم. هذا المنطق الاستعماري لم يكن جديدًا على السياسة الأمريكية، لكنه مع ترامب أصبح أكثر وضوحًا ووقاحة.
حتى مع حلفائه، لم يتردّد ترامب في استعراض وجه أمريكا الحقيقي. فبدلًا من أن تمنح السعوديّة مكاسب مقابل استضافة القواعد العسكرية الأمريكية، أجبرها على دفع تريليون دولار كجزية سياسية تُظهر مدى استغلال أمريكا لحلفائها قبل أعدائها. هذا المثال ليس سوى نموذج بسيط لطبيعة العلاقة التي تفرضها واشنطن على الجميع: علاقة تقوم على الاستغلال وفرض الإرادَة بالقوة.
من هنا، يصبح من الضروري أن تدرك الشعوب الحقيقة الكاملة: الحرية الأمريكية تعني العبودية، وديمقراطيتها تعني الاستبداد المقنّع. لم تكن أمريكا يومًا نصيرة للحرية، بل كانت دائمًا رمزًا للهيمنة والاستعمار الجديد.
ترامب لم يصنع هذه السياسة، لكنه كشفها بلا مساحيق. وما لم تستيقظ الشعوب وتفهم هذه الحقيقة، ستظل ضحية لأكاذيب تُسوّقها آلة الدعاية الأمريكية. لهذا نقول: الموت لأمريكا، ليس مُجَـرّد شعار، بل موقف واعٍ ضد الظلم والاستبداد الذي تمثله هذه القوة العالمية.