ترامب والوجهُ الأمريكي العاري
غيداء شمسان
لطالما تستر الغرب، وعلى رأسه أمريكا، بعباءة الديمقراطية، متغنيًّا بالحرية وحقوق الإنسان، ليخفي وجهًا آخر، وجهًا شرسًا متوحشًا، لا يرى في الشعوب إلا مُجَـرّد أرقام في دفاتر الأرباح والخسائر، ووقودًا لمطامعه الإمبريالية، ولكن هيهات، فقد حان وقت السقوط المدوي للأقنعة، وكشف المستور، ليطل علينا ترامب بوجهه الحقيقي، العاري من كُـلّ زيف وتجميل.
ترامب ليس مُجَـرّد رئيس أمريكي، بل هو تجسيد صارخ للوجه الإجرامي البشع لأمريكا، الوجه الذي لطالما حاولوا إخفاءه تحت طبقات سميكة من مساحيق الديمقراطية والحرية، إنه الوجه الذي يمتهن نهب الشعوب وقتلها واستعبادها، الوجه الذي لا يتورَّع عن دعم الدكتاتوريات والقمع، وتأجيج الصراعات والحروب؛ مِن أجلِ تحقيق مصالحه الخَاصَّة.
في عهد ترامب، سقطت ورقةُ التوت الأخيرة، وتعرَّت أمريكا أمام العالم، ليكتشفَ الجميعُ حقيقة مفزعة، وهي أن تلك الشعارات البراقة التي يرفعونها ليست إلا مُجَـرّد أكاذيب لتضليل الرأي العام، وتبرير سياساتهم العدوانية، لقد أثبت ترامب أنه لا يختلف كَثيرًا عن أسلافه، بل هو أكثر صراحة ووقاحة في التعبير عن نواياه الخبيثة.
لقد كشف ترامب عن الوجه الحقيقي لأمريكا، الوجه الذي يرى في العالم مُجَـرّد مستعمرة يجب استغلالها، وفي الشعوب مُجَـرّد عبيد يجب إخضاعهم، إنه الوجه الذي لا يحترمُ القانون الدولي، ولا يلتزم بالاتّفاقيات والمعاهدات، ولا يعترف بحقوق الآخرين.
ولكن المصيبة الأعظم ليست في ترامب نفسه، بل في تلك النخب العربية المنبهرة بأمريكا والغرب، والمنخدعة بشعاراتهم الكاذبة، أنهم يرون في أمريكا نموذجًا للتقدم والرقي، ويتجاهلون حقيقة أنها دولةٌ قائمة على الظلم والعدوان والاستغلال، إنهم يصدقون أكاذيبهم، ويتجاهلون الحقائق الدامغة، ويبيعون أوطانهم بأبخس الأثمان.
إن هذه النخب العربية المنبهرة بالغرب، هي الخطر الحقيقي على أمتنا؛ لأَنَّها تعمل على تزيين صورة أمريكا، وتبرير سياساتها، وتضليل شعوبنا، إنهم يساهمون في إدامة الظلم والاستبداد، ويؤخرون نهضة أمتنا وتقدمها.
لقد سقط القناع، وانكشف الوجه الأمريكي العاري، فهل سنظل ننخدع؟ هل سنظل نصدق أكاذيبهم؟ هل سنظل نبيع أوطاننا بأبخس الأثمان؟ أم أننا سنستيقظُ من سباتنا، ونتحرّر من وَهْمِ الانبهار بالغرب، ونعتمد على أنفسنا، ونبني مستقبلنا بأيدينا؟
إن الخيار لنا، فإما أن نختار العبودية والذل، وإما أن نختار الحرية والكرامة، وإني على يقين بأن أمتنَا قادرة على النهوض من جديد، وتحقيق النصر المؤزر، إذَا ما تخلصت من أوهام الماضي، وآمنت بقدراتها، وعملت بجد وإخلاص؛ مِن أجلِ مستقبل أفضل.