Herelllllan
herelllllan2

الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.. “منظمة إجرامية” تحت غطاء إنساني

بعد أكثر من 50 عاما على عملها المشبوه حول العالم، أداة النفوذ التوسعي الناعم للولايات المتحدة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية،USAID على وشك الانهيار.

يعود تاريخ تأسيس الوكالة الأمريكية USAID ، سيئة الصيت، إلى العام 1961 خلال محاولات الرئيس الديموقراطي جون كينيدي لمحاربة النفوذ السوفياتي في العالم النامي، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي كانت الوكالة الغطاء الإنساني لتدخل الولايات المتحدة في شؤون البلدان وتفكيكها من الداخل.

وإذ قال الملياردير إيلون ماسك، وهو حليف رئيسي لترامب: “سنغلقها “، تلقى موظفو الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية رسالة بريد إلكتروني تفيد بأنّ مقر الوكالة في واشنطن “سيغلق أمام الموظفين يوم الاثنين، في انتظار مزيد من التوجيهات”.

وفي هذا السياق، أشارت وكالة “بلومبرغ” إلى أنّ الولايات المتحدة، هي “أكبر مانح في العالم، بحيث أنفقت نحو 68 مليار دولار على المساعدات الخارجية في عام 2023″، لكن إدارة ترامب “جمدت كل ذلك في غضون أسبوع من توليها منصبها”.

ووفقا لـ”بلومبرغ” كانت المساعدات الخارجية “وسيلة للولايات المتحدة لتأمين نفوذها”، فعلا سبيل المثال ففي صفقة أبرمت العام الماضي، “سمح الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الابن، للولايات المتحدة، بالوصول إلى 4 منشآت عسكرية إضافية في الدولة الجزيرة”، وموّلت الوكالة أيضاً، مشاريع بالقرب من المواقع في محاولة لكسب الرأي العام المحلي، لكن هذه المشاريع “أصبحت الآن في خطر” بسبب إغلاق الوكالة.

الخشية من صعود الصين

ورأت “بلومبرغ” أن إغلاق USAID “أدّت إلى توقف أحد محركات النفوذ الجيوسياسي للبلاد، وخلق فرصة للمنافسين مثل الصين، والتي طالما صورتها واشنطن كشريك غير موثوق به، ومفترس للعالم النامي”.

وتعليقاً على ذلك، قال السيناتور عن ولاية “نيوجيرسي” آندي كيم لـ”بلومبرغ”، إنّ “تصرفات ترامب تعمل على إضعاف الزعامة والنفوذ العالميين لأمريكا”، مشيراً إلى أنّ المساعدات الأمريكية في الخارج تُمثّل “أداةً لدرء النفوذ التوسعي للصين وروسيا وإيران”.

وتخشى واشنطن من زيادة نفوذ بكين حول العالم بسبب دعمها للمشاريع في الدول حول العالم، إذ “أنشأت الصين وكالة جديدة للمساعدات الخارجية، لكن معظم إنفاقها في العالم النامي لا يزال يأتي من خلال قروض مدعومة من الحكومة لمشاريع البنية الأساسية، ما جعل بكين أكبر فاعل خارجي في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وخارجها، ممّا يساعدها في تأمين الطاقة والمعادن، وكذلك الأسواق لقدراتها الصناعية الزائدة”.

وبحسب بلومبرغ “إيكونوميكس”، فإنّه “وعلى الرغم من أنّ استعداد بكين لسد ثغرة بمليارات الدولارات في المساعدات الخارجية قد يكون محدوداً، فإنها بالفعل المستثمر والشريك التجاري الأكبر في أفريقيا، وسيعني تجميد المساعدات الأمريكية فرصة بالنسبة إليها لتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي”.

وبحسب “بلومبرغ” فإنّ “بكين سعت إلى وضع نفسها كزعيمة للعالم النامي، حيث تنظر إلى أسواقها باعتبارها حاجزاً محتملاً ضد التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب”.

وفي قمة مجموعة العشرين في البرازيل العام الماضي، “كشفت الصين عن مقترحات لدعم الجنوب العالمي، بما في ذلك في مجالات الاتصال التكنولوجي والأمن الغذائي وتغير المناخ”.

وعليه، قال مسؤول صيني إنّ انسحاب الولايات المتحدة من المساعدات الخارجية هو “عمل تخريبي ذاتي يمكن أن يقطع واشنطن عن الشركاء المحتملين”، في حين أعرب آخر عن ثقته في أنّ التمويل “سيعود في نهاية المطاف بسبب أهمية المساعدات للنفوذ الأمريكي العالمي”.

يُذكر أنّ ترامب أصدر أمراً تنفيذياً يقضي بتجميد المساعدات الخارجية الأمريكية، مدة 90 يوماً، فور تولّيه منصبه، في خطوة أثارت حالةً من الفوضى في صفوف وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، اللتين صدرت لهما تعليمات بإيقاف المشاريع القائمة منذ فترة طويلة.

وفي حين أعلن وزير الخارجية الأميركي، مارك روبيو، إعفاء برامج “إنقاذ الحياة” من الأمر، مثل “خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز”، “PEPFAR”، قال مسؤولو المساعدات إنّ مشاريع أخرى “لا تزال في حالة من الغموض ومعرّضة للإغلاق إذا استمر تجميد التمويل”، بحسب ما ذكرته “واشنطن بوست”، السبت.

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أنّ إدارة ترامب، “جعلت USAID هدفاً رئيساً في حملتها لإعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية”.

دور مشبوه وفضائح لا تنتهي

وبعد عقود من إنشائها اعترفت الولايات المتحدة بشكل رسمي، هذا الأسبوع، بأن ما تسمى “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” لم تكن سوى “منظمة إجرامية” لا علاقة لها بالعمل الإنساني التي كانت تستخدمه كغطاء، في فضيحة مدوية تعيد تسليط الضوء على حقيقة الأنشطة المشبوهة التي تقوم بها مختلف الوكالات والمنظمات الأمريكية والغربية تحت غطاء العناوين الإنسانية.

وجاء التأكيد على لسان وزير الكفاءة الحكومية ورجل الأعمال الأمريكي الشهير، إيلون ماسك، الذي فضح في سلسلة تدوينات على منصة “إكس” حقيقة الدور الذي تقوم به الوكالة، حَيثُ كتب أن “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وباستخدام أموال دافعي الضرائب الأمريكيين مَوَّلت أبحاث الأسلحة البيولوجية، بما في ذلك (كوفيد-19)، التي قتلت الملايين من الناس”.

ووصف ماسك الوكالة بأنها “منظمة إجرامية، وآن الأوان لتموت” مُشيرًا إلى أنها “تدفع أموالًا لمنظمات إعلامية؛ مِن أجلِ ترويج دعايتها”.

وشارك ماسك حقائق نشرها المدير التنفيذي لمؤسّسة “الحرية على الإنترنت” مايك بنز، جاء فيها أن “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تأمر المنظمات الإعلامية في مختلف أنحاء العالم بالاتّفاق على سياسات الصمت الاستراتيجي؛ مِن أجلِ فرض الرقابة الجماعية على السرديات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي” وأنها “تدير برنامجًا عالميًّا للرقابة على الإنترنت، يجمع بين مئات المنظمات غير الحكومية المعنية بالرقابة في شبكة مشتركة، مع تحديد الهدف المعلن الصريح للبرنامج من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للضغط على الحكومات الأجنبية لتمرير القوانين واللوائح اللازمة للرقابة على الخطاب على وسائل التواصل الاجتماعي”.

ومن ضمن الحقائق التي تحدث عنها “بنز” وشاركها “إيلون ماسك” أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قامت بإنشاء “هياكل سيطرة سياسية على المجتمعات” وأنها تقوم بعمل وكالة المخابرات المركزية (سي آي أيه).

وقال بنز أَيْـضًا إن: “الوكالة كانت تمول إنتاج الهيروين في أفغانستان” وأن شريكها “المعهد الأمريكي للسلام” قام بـ”الضغط؛ مِن أجلِ أن تحافظ طالبان على تدفق 95 % من إمدَادات الهيروين في العالم، بينما يأخذ 56 مليون دولار من دافعي الضرائب الأمريكيين سنويًّا”.

تمويل الانقلاب في فنزويلا

وهذا الأسبوع، كشفت الولايات المتحدة عن فساد وكالة التنمية الأمريكية التي قدمته لزعماء الانقلاب في فنزويلا حيث مولتهم بنحو 568 مليون دولار للانقلاب على الرئيس المنتخب نيكولاس مادورو، لكن قادة الانقلاب صرفوا المبالغ على تمويل حياتها الفاخرة.

وكشفت ملفات لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية في فنزويلا، أنّ ممثّل قائد الانقلاب والذي أسمته برئيس المعارضة الفنزويلية في واشنطن، الهارب من العدالة كارلوس فيكيو، حصل على 116 مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) عندما تولّى منصب السفير في واشنطن، لحكومة الانقلاب آنذاك من جانب واحد من قبل  رئيس خوان غوايدو.

ووفقاً لهذه الملفات، فقد تمّ منح الأموال من قبل مارك غرين، الذي كان مدير وكالة المساعدة الأميركية (USAID) منذ عام 2017، والهدف منها تسخيرها للإطاحة بحكومة الرئيس نيكولاس مادورو.

وقدّمت الوكالة الأمريكية – بحسب ملفات السفارة الأمريكية – بالمجمل نحو 568 مليون دولار للمنظّمات غير الحكومية تحت ذريعة “المساعدات الإنسانية والإنمائية”، سواء للأشخاص الذين يعيشون داخل الأراضي الفنزويلية أو للمهاجرين من المنطقة بأكملها.

وأشارت المعلومات التي تضمّنتها هذه الملفات إلى أنّ عائلة المعارض الفنزويلي لوبيز تينتوري، التي تلقّت ما لا يقلّ عن 256 مليون دولار من الوكالة الأمريكية (USAID) صرفتها على حياتها الفاخرة في إسبانيا، بدلاً من استخدامها لإطاحة حكومة مادورو، مشيرةً ( الملفات) إلى أنّ زعماء آخرين للمعارضة، مثل قائد الانقلاب خوان غوايدو، وخوليو بورغيس، حصلا على 98 مليون دولار و52 مليون دولار لكلّ منهما على التوالي.

دعم الجماعات التكفيرية وتخريب الاقتصاد اليمني

وخلال سنوات العدوان السعودي الأمريكي، وفي فضيحة مدوية عثرت الأجهزة الأمنية اليمنية  على مساعدات وأسلحة مقدمة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “USAID”  لدى جماعات تكفيرية مسلحة من “القاعدة وداعش” في مناطق بالبيضاء حررها الجيش اليمني، وقد وثقت مشاهد للإعلام اليمني في عام 2020 العثور على مخازن أسلحة تابعة للتكفيريين في محافظة البيضاء كانت تحمل شعار الوكالة الأمريكية.

وأكّـد المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع آنذاك أن “الوكالة تمارس أدوارًا استخبارية بشعارات إنسانية”.

وفي 2021 أَيْـضًا عثرت القوات المسلحة على مخازن أسلحة مماثلة تابعة للتكفيريين في محافظة مأرب وكان عليها شعار الوكالة الأمريكية.

ولم يقتصر النشاط الإجرامي للوكالة في اليمن على دعم التنظيمات التكفيرية بالسلاح، بل انخرطت أَيْـضًا وبشكل مباشر وواسع في مسار الحرب الاقتصادية على اليمن، من خلال عقد اتّفاقيات مشبوهة مع البنك المركزي الذي تديره حكومة المرتزِقة في عدن؛ مِن أجلِ السيطرة على كُـلّ عملياته واستخدامه كسلاح للضغط على الشعب اليمني والسلطة الوطنية.

وكان من أبرز مظاهر انخراط الوكالة الأمريكية في الحرب الاقتصادية ضد الشعب اليمني، القرارات العدوانية التي اتخذتها حكومة المرتزِقة بدعم سعوديّ أمريكي العام الماضي، لاستهداف البنوك والمصارف التجارية العاملة في المناطق الحرة؛ مِن أجلِ ابتزاز صنعاء ودفعها لوقف العمليات المساندة لغزة، حَيثُ جاءت هذه القرارات ضمن برنامج عمل شاركت فيه الوكالة الأمريكية بشكل معلَن، حَيثُ كانت قد قامت بتصميم نظام رقابة على التحويلات المالية الخارجية إلى المناطق الحرة؛ مِن أجلِ فرض قيود عليها تحت مظلة قرار التصنيف الذي اتخذته إدارة بايدن ضد حركة “أنصار الله”.

وانخرطت الوكالة الأمريكية أَيْـضًا في العديد من الأنشطة العدوانية ضد اليمن على المستوى الإعلامي، حَيثُ مولت عدة مشاريع لتوجيه الرأي العام وفرض سرديات داعمة للعدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن، وتشويه السلطة الوطنية والقوات المسلحة اليمنية، تحت غطاء مِنصات إعلامية ومراكز أبحاث ومنظمات حقوقية، وذلك بالتوازي مع أنشطة استخباراتية تحت نفس الغطاء، وهو نشاط تؤكّـده الحقائق التي شاركها “إيلون ماسك” هذا الأسبوع أنها كانت ضمن أجندة الوكالة على مستوى عالمي، وليس في اليمن فحسب.

وكان ضبط خلية التجسس الأمريكية والإسرائيلية في اليمن قبل أشهر قد سلّط الكثير من الضوء على أنشطة عدوانية مارستها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على مدى سنوات طويلة في اليمن، بما في ذلك استهداف القطاع الزراعي والقطاع التعليمي بشكل مباشر.

ومن شأن هذه الفضيحة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن تسلِّطَ المزيدَ من الضوء على الأدوار المشبوهة التي تلعبها كياناتٌ ومنظمات غربية وأمريكية مشابهة تتخذ من العمل الإنساني والحقوقي غطاءً لأنشطة عدوانية، وهو أَيْـضًا ما سبق كشفُه من قِبَلِ اليمن.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com