في رحلة العودة.. الغزاويون يحطمون أحلام العدو الإسرائيلي
يمانيون/ تقارير
منذ اللحظة الأولى للعدوان على غزة، كان العدو الإسرائيلي يسعى بوضوح إلى تهجير أهالي غزة من ديارهم، مُرتكبًا مجازر وحشية لم تُفرق بين كبير وصغير، راح ضحيتها العديد من المدنيين الأبرياء. ومع تصاعد العمليات الهجومية، تجمّع النازحون في الجنوب، مُعلنين رفضهم اللجوء إلى مصر أو أي مكان آخر، مؤكدين تمسكهم العميق بأرضهم التي يشدّهم إليها تاريخهم وقضيتهم. لكن العدو، الغارق في عقلية الهيمنة، لم يتوانَ عن تصعيد هجماته، مُستهدفًا الخيام والمناطق الآمنة التي أُعلن عنها، مُحاولًا تعزيز خططه الجائرة للتهجير وكسر إرادتهم.
ومنذ اللحظة الأولى لإعلان الاتفاق مع العدو الصهيوني وفي صفعة مدوية للعدو، تدفقت الحشود إلى شمال غزة بأفواج غير مسبوقة، تجسد لوحة تتحدث عن سيمفونية فريدة من عزيمة الشعب الفلسطيني، وإصراره على البقاء. هي ليست مجرد عودة، بل هي احتفال بالإرادة التي قهرت المخططات التوسعية للعدو، مُعلنةً فشلًا كاملًا لأهدافه التي كانت تدور حول استعادة أسراه بالقوة، والقضاء على المقاومة، وعمليات التطهير والتهجير التي أحلامها سرعان ما تحطمت على صخرة قوة الإرادة الفلسطينية.
إنها لحظة تاريخية تُعبر عن أن الأرض ليست مجرد مكان، بل هي هُوية تُحارب من أجلها الأجيال. ولا تقتصر عظمتها على عودة النازحين، بل تتجسد في إصرارهم على استمرارية المواجهة من أجل حقوقهم، مضاءةً بالبصيرة الثاقبة للوعي الجماعي بأن لا تنازل عن شبر من الأرض، ولا حق من الحقوق، مهما كانت التحديات. فهذه العودة تُعلِن عن بداية مرحلة جديدة، عازمة على تحقيق العدالة والحرية، وقادرة على كتابة صفحات جديدة في تاريخ المجد الفلسطيني.
دعوات ومحاولات التهجير
لم تكن تصريحات “وزراء” ما تسمى بالحكومة الإسرائيلية برئاسة المجرم بنيامين نتنياهو، الداعية لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة خلال فترة العدوان منذ 7 أكتوبر 2023، مجرد دعاية حربية. بل كانت امتدادًا لدعوات تعود جذورها إلى حقبة ما بعد “نكسة حزيران” عام 1967، حين خططت سلطات العدو المتعاقبة في “تل أبيب” لتنفيذ مشروع التهجير لسكان القطاع.
وعلى الرغم من فشل مخطط التهجير القسري في بداية العدوان الأخير ، لم يُخفِ قادة ما تسمى بحكومة المجرم نتنياهو الهدف الحقيقي من وراء العمليات العدوانية، خاصة في شمال القطاع، والذي يتلخص في تهجير السكان الفلسطينيين وتأسيس مشاريع استيطانية جديدة، ما يحيي خطط التهجير التي ناقشتها سلطات العدو منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، لم تقتصر الدعوات المتكررة لتشجيع تهجير الفلسطينيين على ما يسمى “وزير الأمن القومي” إيتمار بن غفير و”المالية بتسلئيل سموتريتش”، بل صدرت أيضًا عن “وزراء” ما يسمى بحزب الليكود، والذي يتزعمه المجرم نتنياهو، الذي أظهر حماسة كبيرة للمخطط، حيث صرح خلال اجتماع لحزبه في ديسمبر 2023 عن سعيه لتحقيق ما أطلق عليه “الهجرة الطوعية لسكان غزة إلى دول أخرى”.
مخططات تاريخية تحطمت
في 25 يونيو 1967، قال المجرم “موشيه ديان”، الذي كان يشغل، حينها، منصب ما يسمى بوزير الدفاع في الكيان: “إذا تمكنا من إجلاء 300 ألف لاجئ من قطاع غزة إلى أماكن أخرى، فيمكننا ضم غزة بدون مشكلة”. ولم يكن ذلك مجرد كلام؛ فقد أيدت “حكومة” العدو في ذلك الوقت هذا المنطق، لكنها لم تنجح في تنفيذه بالكامل.
بدوره، قال المسمى، حينها، برئيس الوزراء في “حكومة” العدو آنذاك “ليفي أشكول”: “أقترح خطة لضم القدس وقطاع غزة، نحن مستعدون أن نَقتُل من أجل القدس ومن أجل الأرض. في قطاع غزة، عندما نتذكر وجود 400 ألف عربي، فإننا نشعر بالمرارة”.
واحتشد وزراؤه لمناقشة الحلول، حيث طرح ما سمي بوزير الداخلية “حاييم موشيه شابيرا” سؤالًا حول كيفية تسوية قضية النازحين، وتساءل “إذا كان من الممكن نقل 200 ألف منهم إلى العريش أو توطين جزء منهم في الضفة الغربية”.
أما من كان يشغل ما يسمى وزير شرطة الاحتلال إلياهو ساسون، فقد اقترح “نقلهم إلى الضفة الشرقية”، أي إلى الأردن. ووافقه الرأي زميله يوسف سابير، الذي قال: “يجب علينا أخذهم من أعناقهم وطردهم بعيدًا خارج القطاع، ولا أعرف من سيستقبلهم، وخاصة لاجئي غزة”.
وزاد وزير ثالث في “حكومة” العدو آنذاك، هو يغال ألون، على ذلك قائلاً: “أنا أؤيد تشجيع الهجرة إلى الخارج، ويجب التعامل مع الأمر بجدية بالغة. إن الهدف المفضل لتهجيرهم إليه هو شبه جزيرة سيناء، وليس العريش فقط، فهناك يمكن توطين جميع لاجئي غزة، وفي رأيي يجب البدء في التوطين، حتى لو أبدوا معارضة”.
ورغم الجهود العسكرية والاستراتيجية، لم يغادر قطاع غزة سوى بضع عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال تلك السنوات. ومع إقامة أول مستوطنة في القطاع عام 1970، بقيت الغالبية العظمى من الفلسطينيين في أماكنهم، متمسكين بأرضهم وحقوقهم.
كما يُذكر أن عام 2005 شهد إجلاء المستوطنين من القطاع بموجب خطة “فك الارتباط”، والتي نفذها من سمي، حينها، برئيس الوزراء، المجرم أرئيل شارون، لكن هذا الإجراء لم يُغير من واقع الفلسطينيين الذين استمروا في المقاومة.
على صخرة أسطورة الصمود
وتستمر محاولات التهجير وتهويد الأرض، ولكن إرادة الشعب الفلسطيني تبقى صامدة. في قلب غزة، حيث تلتقي آلام الماضي بآمال الحاضر. يتجلى صمود شعبي يُسطر بحروف من الدماء والتضحيات. في كل زوايا القطاع، تتعرض الحرية والاستقرار للقصف والتدمير، ولكن الغزّيين، بشجاعة لا تنضب، ظلوا أوفياء لترابهم وذاكرتهم.
وظل الصمود الفلسطيني في مواجهة العدو الإسرائيلي يعكس قوة العزيمة والروح الوطنية، حيث يتمسك الشعب بحق العودة، ويحتفظ بذكرياته رغم كل المحاولات لإخراجه من أرضه. إن هذه الروح المستمرة في المقاومة شعارٌ يُبرز أن العدو، لا يمكنه كسر إرادة الشعب الفلسطيني الذي يصر على العودة والوصول إلى تحقيق حقوقه المشروعة.
تتجاذب مشاهد الدمار مشاعر الأمل، حيث تتعالى صرخات الأرواح التي أزهقت، تندب في سماء مثقلة بمعاناةٍ أبدية، وتجعل من الانتصارات الخاصة ضربًا من الخيال البعيد. يكافح الأطفال، الذين عجزت قلوبهم الصغيرة عن فهم ظل الخطر الذي يلتف حولهم، لماذا يتساقط الرصاص عليهم كالمطر، ولماذا تهل عليهم القنابل بلا حساب؟ بدلاً من أن تُعزف ألحان البراءة، تتوحد الأصوات في تنبيهٍ كئيب يعلن عن انفجارات تأكل من أحلامهم وتأسرها في غزارة الدماء التي تجري على الأرض المقدسة.
تحمل كل لحظة من انتظار الأمهات أنينًا يكاد يُمزق القلوب، وتُعيد لحظات الفرح دموعها مختلطة بحزنٍ يثقل كواهلها. وفي شوارع غزة، تتكشف روايات مفعمة بالألم والدموع، تتحول كل زاوية إلى مسرح يحكي حكاية الألم والمقاومة. الأب المثقل بالأحزان، يسير في الأقبية المدماة، يبحث بعزيمة وإصرار عن خيط أمل بين الركام، وهو غير آبه بصفير الطائرات الحربية الذي يقتحم أُفقه في محاولات يائسة لغمره بشيء من اليأسٍ، لكنه، وتحت وطأة النيران، يسير على قدميه ثابت الخطى بقلب بارد كالصقيع.
كل شجرة في غزة، غارقة في دماء الشهداء، تقف حارسة لذكراهم، وكأنها تنفث أسطورة الصمود في جذورها. في قلب المستشفيات المزدحمة، حيث يلتقي الأمل مع الألم، تجد الأطباء يحملون قلوبًا مثقلة بالحزن، ومع ذلك، تُشع عيونهم بنور الإرادة. المرضى، الذين يحرمهم الاحتلال من العلاج، يقاومون بملامح الفخر والمقاومة، تُظهر بصمات الأمل التي لم تُمحَ بعد.
أما رجال المقاومة، فهم أبطال يشبهون الأسود، يقهرون كل التحديات بروحٍ لا تقهر، يتلاقى إصرارهم مع أنفاس الأطفال الأبطال. في كل معركة، يتجلى صمود الشعب الغزاوي في مشاهد تتخطى حدود الكلمات. نساء يؤدين عزايمهن بفرح يرتفع في الفضاء كأغنية حماسية، وشباب يكتبون قصائد الثورة على جدران المنازل المُدمَّرة، يُعيدون للحياة ألوانها، ولو كانت بين شظايا الخراب.
ومهما كانت الدماء التي تجري، تبقى المقاومة نبراسًا لا ينطفئ. يستعيد الجميع ذكرى جهاد الآباء والأجداد، الذين عاشوا تحت وطأة الاحتلال بروحٍ متفائلة لم تتلألأ إلا في سماء الأمل.
ومع كل قذيفة، تولد روح جديدة في عمق المعاناة، تكسر سكون اليأس، وتزرع الأمل في تراب الأرض. تصرخ غزة بأصوات أبنائها: “لن نركع، سنظل هنا، هنا حيث القلب ينبض بالحياة، حيث تصنع الحروف من أوجاعنا فصول النصر المتجلي، وحيث تمتزج أحلامنا بألوان الحرية!”
وسقطت معها آخر الرهانات الصهيونية
بالتزامن مع محاولات الكيان المستمرة منذ بداية العدوان لتفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني وتدمير هويته، تعالت دعوات من داخل الكيان الصهيوني ومن الجاليات المساندة له في جميع أنحاء العالم لما أسموه “توطين الإسرائيليين” في المناطق الشمالية من غزة وإعادة بناء المستوطنات التي تفككت أثناء الانسحاب الإسرائيلي عام 2005.
ومع تصاعد الأصوات المنادية بإفراغ شمال غزة، والمساعي لإعادة إحياء ما يسمى بـ”خطة الجنرالات” و”الجزر الإنسانية”، أظهرت فلسطين أن صمودها لا يمكن هزيمته. بل إن العودة إلى استحقاقات ما قبل عام 1948 غدت بارقة أمل تلوح في الأفق.
بينما كان المسؤولون الصهاينة يخططون لضم الأراضي إلى المغتصبات المحاذية، ويدعون توجيه الفلسطينيين نحو الجنوب عبر التهجير، ظهرت مقاومة شامخة تقف جنبًا إلى جنب مع أكثر من 300 ألف مواطن من الفلسطينيين الذين صمدوا في وجه محاولات التهجير. أظهر هؤلاء أن قرار الاستمرار في البقاء كان أقوى من أي توحش صهيوني يطاردهم، رغم تضاعف أعداد النازحين الذين تخطوا المليون، ورغم مخاطر الاستهداف الإسرائيلي المتزايد.
هؤلاء النازحون، الذين رفضوا الخروج إلى مصر بالرغم من التصعيد في الهجمات على المخيمات والمناطق الآمنة، بقوا مرابطين في الجنوب، يحملون إرثًا من العزيمة، مؤكدين على حقهم في العودة إلى الشمال بشموخ تعانقه الكرامة والعدالة.
وتتدفق أفواج العودة والانتصار
في غمرة الصدمة التي منيت بها الأوهام الصهيونية، تتبدد الأوهام، ويتحول المشهد إلى عرض مفعم بالأحاسيس المتناقضة، حيث تلتقي التكبيرات والتهليلات مع الزغاريد وبكاء الفرح والإرهاق. مشاهد تُجسد ثنائية الفرح والألم تسود في تدفق السيل البشري عبر شارعي الرشيد غربًا وصلاح الدين شرقًا، حيث يعبر الفلسطينيون من جنوب القطاع إلى شماله لأول مرة منذ إجبار العدو لهم على الرحيل.
شملت جحافل العائدين من فلسطين إلى فلسطين كل الفئات: نساء، شيوخ، أطفال، وشباب، بعضهم مصاب أو مريض. وقد رأينا من بين العائدين من يستخدم الكراسي المتحركة، وآخرين يتوكؤون على العكاكيز، وآخرون يسيرون بأطراف صناعية.
وقدر مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن عدد من عادوا إلى مدينة غزة ومحافظات شمال القطاع بلغ “أكثر من نصف مليون نازحٍ من فلسطينيي قطاع غزة خلال الساعات الماضية من محافظات الجنوب والوسطى، عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين، وذلك بعد 470 يومًا من تهجيرهم قسرًا منذ بدء حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في قطاع غزة”. ويتحدث الفلسطينيون عن استمرارية تدفق أفواج العودة من جنوب القطاع إلى شماله خلال الأيام القادمة، في ظل انسحاب العدو الإسرائيلي من المواقع العسكرية التي أقامها في المنطقة.
عنترية الاحتلال إلى زوال
دخل العدو الإسرائيلي غزة بشعارات عنترية تهدف إلى القضاء على المقاومة وتفكيك قدراتها، بالإضافة إلى اجتثاث حركة حماس وغيرها من الفصائل. ومع ذلك، بعد 15 شهرًا من التدمير والتطهير العرقي، خرج العدو صاغرًا، راضيًا بشروط المقاومة الفلسطينية التي أثبتت صمودًا أسطوريًا للدفاع عن الأرض والشعب.
معًا، كتب الفلسطينيون (شعبًا ومقاومة) قصة جديدة تتجاوز حدود الزمان والمكان، مطالبين بحقهم في الحرية والكرامة. فالقضية الفلسطينية ليست مجرد صراع، بل هي رحلة نحو تحقيق العدالة، ستمتد أصداؤها عبر الزمن، مُلهمةً الأجيال القادمة، ومؤكدةً أن سبل العودة مفتوحة، والأمل متجدد. هنا، لا يُسمح للفشل بالتحكم في مسارات التاريخ، وإن التصريحات الداعية إلى تهجير الفلسطينيين، خاصة من الشخصيات السياسية مثل الرئيس الأمريكي، لم تعد تعبر إلا عن عقلية عنترية احتلالية واهمة مصيرها إلى زوال.
في رد على ما نقلته وسائل إعلام أمريكية من تصريحات للمجرم دونالد ترامب، التي أدلى بها خلال جلسة مع الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية، والتي دعت، بطريقة غير مباشرة، إلى تهجير أهل غزة، والتي قال فيها إنه “يود أن يرى الأردن ومصر ودولًا عربية أخرى تزيد في عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين تقبلهم من قطاع غزة”، مُضيفًا أن هذا الأمر “قد يؤدي إلى نقل عدد كافٍ من السكان لتطهير المنطقة، التي مزقتها الحرب” حسب زعمه.
قال رئيس حركة حماس في قطاع غزة، خليل الحيّة، إن “شعبنا أسقط مخططات التهجير، . وتابع الحيّة في بيان: “نعتز بالدعم العربي والإقليمي، والشكر لكل من ساند المقاومة، وقدم الشهداء في معركة طوفان الأقصى”، مشيدًا بمواقف مصر والأردن “الرافضة لمخططات تهجير شعبنا من قطاع غزة”، مشيرًا إلى أن “المرحلة القادمة تتطلب وحدة الصف الفلسطيني، والاستمرار في المقاومة حتى تحقيق النصر الكامل”.
وفيما رفضت مصر والأردن تهجير الفلسطينيين، عاود ترامب الابتزاز والتلويح بالعقوبات حيث صرّح بأن الأردن ومصر رفضت تهجير الفلسطينيين وأكد أن الأردن ومصر ستقبلان تنفيذ مخططاته لأنه يدفع لهما.
ماضون نحو المستقبل
في ساحة المعركة العسكرية والأمنية والسياسية، قدمت غزة درسًا لا يُنسى، مذكّرة العالم بأن الإرادة الإنسانية المستندة إلى الحق لا يُمكن قهرها. إذ تجلى الفشل الذريع في محاولات العدو، الذي أخفق في تحقيق أهدافه على كل الأصعدة، مُعانقًا عار الهزيمة بفعل قوة الشعب الفلسطيني وإرادته الصلبة.
تحت سماء ملبدة بالتهديدات، وقف الفلسطينيون، من “تبة النويري” إلى “محور نتساريم”، مُعبرين عن فرحتهم في العودة، متحدين في مشهد عظيم يجمع بينهم، في رحلة من الأمل الذي لا يعرف التراجع، وعلى الرغم من المآسي والخراب الذي لحق بمنازلهم، عادوا ببسالة إلى أرضهم ليعيدوا بناء المعاني الحقيقية للعيش بكرامة.
من البُعد التاريخي، تتجسد القضية الفلسطينية رمزاً لمقاومة الاضطهاد؛ حيث أظهرت الأحداث الأخيرة لنا جميعًا أن هذا الجهاد إنما هو انتفاضة مستدامة، تكتسب قوتها من تضحيات الأجيال المتعاقبة. يستخدم الفلسطينيون كل ما لديهم، من عقولهم إلى قلوبهم، في مواجهة عقلية العدو ، مُعيدين تشكيل المعادلات وصياغة واقع جديد يرفض الاستسلام.
تظل أصوات الفلسطينيين تدوّي في أرجاء العالم، مذكّرة الجميع بأن الحق لا يموت، وأن الحرية آتية حتمًا. لقد سطّر الفلسطينيون أسطورة جديدة من الصمود، ليقولوا للعالم: “لن نركع، سنعود، وسنبقى هنا حيث ينبت الأمل من رماد المعاناة، وحيث يظل المستقبل مرسومًا بألوان الحق والعدل”.
- نقلا عن موقع أنصار الله