أبواق المرجفين..!!
أحمد الفقيه
التاريخ الإسلامي حافل بالدروس والتجارب والعبر، خاصة في مجال الحرب النفسية، لأنها سلاح خطير فتاك قد يدمر شعوباً ودولاً، ويلعب دوراً مهماً ومفصلياً في مسار المعارك، وفي أمن واستقرار السيادة العليا..
فالتاريخ الإسلامي منذ الفتوحات الأولى مارس الحرب النفسية في شتى مناحي الحياة، وخاصة أثناء نشر الدعوة الإسلامية منذ بزوغها وربط الحرب النفسية بالجاهزية المعنوية والمادية والإعداد العالي دعوياً وعسكرياً مصداقاً لقوله عز وجل: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم)..
فالترهيب والتخويف والتهديد والوعيد أسلحة فتاكة وقاصمة، ومدمرة لأنها تُهبط المعنويات، وتربك خطط العدو، وتجعله في حالة فزع وخوف وإرباك بصورة دائمة، ومن هنا تطفو الحرب الناعمة، وتحاول إمساك العصا من الوسط، وذلك بنشر الشائعات والأراجيف والدعايات المغرضة لخلخلة الجبهة الداخلية وهنا يأتي دور الطابور الخامس من العملاء والمرتزقة واللافتات المسمومة، مرة باسم الدين، ومرة باسم حقوق الإنسان تحت مسميات المنظمات الأممية الراعية لها، وتناسى هؤلاء الذين من أبناء جلدتنا والذين يرفعون شعار الإسلام تقية لتنفيذ مآربهم وأجندتهم الماورائية، وخدمة للعدو الخارجي، فقد توعدهم المولى القدير في قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).. لقد حثنا رسولنا الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام مخاطباً معاذ بن جبل آخذاً بلسانه قائلاً له” (كف عليك هذا) قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: “ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم”.. فالإنسان مخبوء تحت لسانه، فإذا تكلم انكشف غطاء سره، وافتضح أمره، وقال عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه- “والله الذي لا إله إلا هو ما على وجه الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان” فجوارح الإنسان مرتبطة باللسان في الاستقامة والإعوجاج.
لذا علينا أن نتقي آفات اللسان وزلاته والوقوع في المحظور.. فالحرب النفسية ليست قاصرة على زمن الحرب أو الأزمات بل في كل من حالتي الحرب والسلم، فهي جزء لا يتجزأ من مكونات حياة البشر في كل زمان ومكان، ولهذا وذاك ينبغي بل يجب على جهات الاختصاص ومسؤولي الأمن القومي والعام، وعلى وسائل الإعلام المختلفة مراقبة ومحاسبة كل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد أو بث الشائعات المغرضة أو إقلاق السكينة العامة أياً كان منصبه الاجتماعي أو القبلي أو السياسي.. فلا بد من تحصين الجبهة الداخلية من هواة المرجفين، وأدعياء الفرقة، والمأزومين نفسياً حفاظاً على صون أمن البلاد، وحقناً للدماء.. فالبلاد تمر بمنعطف خطير والعدو متربص بنا، ولا بد من الصحوة الإيمانية وربطها بالهوية القرآنية حتى لا تنحرف بوصلة الوطنية نحو أغراض سياسية أو حزبية أو مذهبية تهلك الحرث والنسل.
صفوة القول:
لا داعي لإيقاظ الفتن النائمة، ملعون من أيقظها، وصدق المولى القدير القائل في محكم تنزيله (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً).. فديننا الحنيف حذرنا من القيل والقال وكثرة السؤال، وخطورة وآثار الشائعات المغرضة والأقاويل المضللة، وكفى بالمرء كذباً أن تُعد معايبه بكل ما سُمع، وبما نُشر عبر المواقع المختلفة، ومدى خطورة تلك الشائعات المضللة التي تحمل في ظاهرها الرحمة، وفي باطنها العذاب الأليم الذي تنعكس آثاره على الوطن أرضاً وإنساناً، ففساد النفوس يورث ويخرب الديار العامرة، ويسلب النعم الباطنة والظاهرة، ويجلب على أصحابها العواقب الوخيمة.. فاتقوا آفات اللسان فمن كثر سقطه كثرت عيوبه، ومن كثرت ذنوبه فبئس المصير..
كلمات مضيئة:
“ونموت في “حتى”
وفي أنساب خيل الفاتحين
نتبادل الأدوار
نشتم بعضنا بعضا
ونستجدي على بوابة الليل الطويل
نبكي ولا نبكي
ونغرق في دموع الآخرين
متيمين وعاشقين
وهائمين وضائعين
نبني من الأوهام أهراماً
وسوراً لا يصد الطامعين
ونموت قبل الموت
في سوح المنون
عبد الوهاب البياتي