بصيص أمل في زمن العدوان والحصار .. نصف راتب يُعيد الحياة لآمال اليمنيين
يمانيون../
بعد سنوات طويلة من انقطاع الرواتب نتيجة الحرب الاقتصادية التي تضرب اليمن منذ عام 2016، قررت حكومة التغيير والبناء في صنعاء صرف نصف راتب شهري لجميع موظفي الدولة.
هذه الخطوة، رغم محدوديتها، كانت بمثابة بصيص أمل أضاء حياة الموظفين الذين عانوا طويلاً من قسوة الظروف المعيشية.
تأتي هذه الخطوة في وقت يعاني فيه اليمن من أسوأ أزمة إنسانية واقتصادية في تاريخه، مع انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية وارتفاع مهول في أسعار السلع والمواد الغذائية، بسبب الحصار المستمر ونقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن. ومع ذلك، فإن إعلان صرف نصف الراتب أحدث أثراً إيجابياً ملحوظاً في الشارع اليمني، حيث استقبلت العديد من الأسر هذا الخبر بارتياح مشوب بالأمل في تحسين الأوضاع الاقتصادية.
التحديات الاقتصادية وتأثير الحرب
تعد الحرب الاقتصادية واحدة من أشد أسلحة الصراع التي استُخدمت لإضعاف اليمن.
نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن عام 2016 كان أحد الأسباب الرئيسية وراء انقطاع الرواتب، إذ تسبب القرار في شلل اقتصادي شامل أثّر بشكل مباشر على حياة الملايين من اليمنيين.
عبدالسلام جحاف، عضو مجلس الشورى، صرّح في هذا السياق قائلاً: “الميزانية المتوفرة اليوم لا تتجاوز 4% من ميزانية الدولة في عام 2014، حيث تذهب 96% من الإيرادات إلى قوى العدوان ومرتزقتهم، ومع ذلك نجحت حكومة صنعاء في صرف نصف راتب رغم كل المعوقات”. وأضاف أن هذه الخطوة ليست مجرد إنجاز اقتصادي، بل هي رمز للصمود في وجه العدوان الاقتصادي.
تخفيف المعاناة
رغم أن نصف الراتب لا يغطي الاحتياجات الأساسية في ظل غلاء المعيشة، إلا أن العديد من الموظفين عبروا عن ارتياحهم لهذه الخطوة التي جاءت بعد سنوات من المعاناة.
علي أحمد، موظف حكومي في قطاع التعليم، يقول: “لم أكن أتوقع أن أتسلم راتباً ولو جزئياً بعد هذا الانقطاع الطويل”. وتابع قائلا”صحيح أن المبلغ لا يكفي لتغطية كافة احتياجات أسرتي، لكنه يخفف جزءاً من العبء المادي الذي أثقل كاهلنا طوال السنوات الماضية”.
أما فاطمة محمد، موظفة في قطاع الصحة، فقد أكدت أن “عودة صرف نصف الراتب أسهم في استعادة جزء من الثقة بين الموظف والدولة”. وأشارت إلى أن هذه الخطوة يجب أن تكون بداية لعودة صرف الرواتب بشكل كامل ومنتظم.
رؤية الحكومة وموقفها
حكومة الإنقاذ الوطني أكدت أن هذه الخطوة تأتي في إطار التزامها بمسؤولياتها تجاه الشعب، على الرغم من محدودية الموارد المتاحة.
من جهته اشاد مازن هبه، مدير المركز الإعلامي لأنصار الله بهذا القرار قائلاً: “صرف نصف الراتب رغم الحصار الخانق والقيود المفروضة على الإيرادات يعكس مدى اهتمام القيادة في صنعاء بمعاناة المواطنين”.
اما عبدالرحمن الأهنومي، مدير عام المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون: “هذه الخطوة تثبت قدرة صنعاء على إدارة مواردها المحدودة بحكمة وكفاءة، رغم استحواذ التحالف على معظم الإيرادات النفطية والغازية”.
أبعاد اقتصادية واجتماعية
تأثير صرف نصف الراتب لا يقتصر على الجانب المالي فقط، بل يمتد إلى تنشيط الدورة الاقتصادية في البلاد.
المحلل الاقتصادي عبدالكريم الحاشدي أوضح أن “صرف الرواتب، حتى وإن كانت جزئية، سيؤدي إلى تحريك الأسواق المحلية، حيث سيزيد من القوة الشرائية للمواطنين، وهو ما سينعكس إيجابياً على حركة البيع والشراء”.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تُعتبر أيضاً بداية لخلق نوع من الاستقرار النفسي والاجتماعي لدى المواطنين، إذ ستخفف من الضغوط المعيشية وتُعيد الأمل بتحسن الأوضاع تدريجياً.
الأمل في المستقبل
رغم استمرار الحرب الاقتصادية والحصار، يظل الأمل قائماً في تحقيق المزيد من التحسن على المستوى الاقتصادي.
الموظفون والمواطنون يتطلعون إلى خطوات أخرى تُعيد الحياة إلى طبيعتها، مثل استئناف صرف الرواتب كاملة، ودعم المشاريع الصغيرة لتحريك عجلة الاقتصاد بشكل أكبر.
صبري الدرواني، السكرتير الصحفي للرئيس مهدي المشاط، قال: “نحن في بداية طريق طويل نحو التعافي الاقتصادي. لكن هذه الخطوة تؤكد أن صنعاء قادرة على مواجهة التحديات الكبرى بمسؤولية ووعي.. مضيفا “على المجتمع الدولي أن يعي حجم معاناة اليمنيين ويتحرك لإنهاء الحصار الجائر”.
بين الإنجاز والطموح
صرف نصف الراتب خطوة جريئة ومهمة، لكنها ليست نهاية الطريق. يتطلع الشعب اليمني إلى تحسين أكبر في الأوضاع الاقتصادية، ويأمل في رؤية حلول جذرية تعالج المشكلة من أساسها. ورغم الظروف الاستثنائية التي يمر بها اليمن، فإن هذه الخطوة تؤكد أن الإرادة الحقيقية والإدارة الحكيمة تستطيعان تجاوز التحديات وتحقيق الإنجازات، مهما كانت الصعوبات.
——————————–
استطلاع: ماجد الكحلاني