Herelllllan
herelllllan2

تعاظُـمُ مأزِق أمريكا في اليمن.. عامٌ من الإخفاق والفشل

هل كان هذا المأزق موجودًا منذ إعلان اليمن إسناد غزة نهاية أُكتوبر 2023م؟ وهل كان يشعر قادة الكيان الإسرائيلي أنهم مع الأمريكيين في مأزق رغم أن اليمن وقتها لم يكن قد أشهر ورقة الردع في مواجهتهم؟ أم أن هناك مؤشرات كانت قبل تؤكّـد أن صنعاء وقواتها المسلحة بمقدورها فعل الكثير لتضع أمريكا وتحالفها في مأزق وموقف محرج؟ وفي النهاية ما علاقة هذا بتراجع النفوذ الأمريكي العالمي؟

مع بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة واستهداف اليمن لعمق الكيان الإسرائيلي في أم الرشراش المحتلّة التي يسميها العدوّ الإسرائيلي “إيلات” غربي فلسطين المحتلّة، وبدء فرض حصار بحري على موانئ كيان العدوّ، كانت “تل أبيب” تدرك أن مشكلة اليمن معقدة، وأن التعامل معها بالغ التعقيد؛ لذا كانت تصريحات قادتها تذهب باتّجاه واشنطن، حَيثُ تعتبرها المسؤولة عن الدفاع عنها أمام ضربات اليمن الصاروخية في العمق واستمرار حصار موانئها.

أمام تكرار مطالبات قادة الكيان للبيت الأبيض، والضغط للتعامل مع الموقف اليمن ومواجهته في البحار، خرجت أمريكا لتعلن عن تشكيل تحالف بحري باسم “تحالف الازدهار”، وقد أدركت الدول التي كانت واشنطن ترغب في انضمامها، أنه لن يقدم ولن يؤخر؛ فأمريكا التي تمتلك القوة الكبرى، وأحدث تكنولوجيا السلاح لن تكون في الأصل بحاجة لسلاح المتحالفين، لكن مؤشرات الخيبة كانت ظاهرة قبل تشكيل التحالف، حَيثُ كانت صنعاء قد فرضت قواعد اشتباك ومعادلات جديدة في المنطقة عبر قوة الردع؛ لهذا نأت كثيرٌ من الدول بنفسها عن ذلك التحالف واعتبرته لا يصب إلَّا في مصلحة الأمريكيين والإسرائيليين؛ ولذلك خرجت التصريحاتُ العربية والغربية للتأكيد أنها بعيدة عن تحالف أمريكا البحري، وخطب وُدِّ صنعاء، وإن كان هناك تحالفٌ أُورُوبي “أسبيدس” أكثر هزالة من تحالف أمريكا كان حاضرًا في البحار اليمنية لبعض الوقت.

لم تكتفِ بتسجيل إنجاز، أَو نصر تاريخي على كيان العدوّ بالسيطرة على إحدى سفنه التجارية، بل استمر الأمر بحصار موانئ العدوّ، واستهداف السفن المتجه إلى تلك الموانئ على نحو متصاعد وقوي.

أمام ذلك الإصرار والموقف الصُّلب لليمن وقواتها المسلحة لم يكن من خيار للأمريكيين سوى المواجهة فيما خيار الانسحاب سيترك آثارًا كبيرة على الوجود الأمريكي في المنطقة، وتأثير ذلك على حرب غزة من وجهة نظرها.

المؤكَّـدُ عن الأمريكيين أنهم كانوا يحاولون إخفاءَ جوانب ضعفهم على الأقل فيما يخصُّ اعتمادَ دول حليفة لها ومنها دول عربية على ترسانة ومنظومات الدفاع الأمريكية؛ فمع تصاعد مواجهات اليمن مع الأمريكيين في بحار اليمن وفي الجو بالنسبة للصواريخ والمسيرات التي كانت تعبُرُ الأجواء لاستهداف العمق الإسرائيلي، أَو استهداف القطع الحربية أَو السفن المعادية، بدأت تتكشف عورة الأمريكان أكثر خَاصَّة أمام الحلفاء والأتباع من العرب تحديدا. أمريكا التي كانت تساوم دولًا عربية ثرية على أنظمة الدفاع الأكثر تقدمًا مثل ثاد” قد سقطت في التجربة مع كُـلّ محاولاتها تجنب المواجهة والاختفاء وراء تحالف بحري لم يتشكل كما أرادت، حَيثُ كان العجز الأمريكي ومن بعده الغربي يظهر مع حضور مواجهات جديدة مع اليمن.

يمكن تذكر خطابات السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، حَيثُ كان يعد أمريكا وتحالفها بمفاجآت لم تخطر لهم على بال، وهو ما ظهر بالفعل في مستوى القدرات والإمْكَانات اليمنية في مواجهات تعقيدات التصنيع والتكنولوجيا العسكرية الأمريكية بل وقهرها في أكثر من مناسبة.

لقد وُضعت القدرات الحربية الأمريكية في اختبار صعب مع اليمن وصواريخها المجنحة والبالستية والطائرات المسيَّرة وإمْكَاناتها التكنولوجية والتقنية العالية وتجاوزها منظومات الدفاع بمستوياتها المتعددة للأمريكان والأُورُوبيين و”إسرائيل” دفعة واحدة، وكان ذلك ضربة موجعة جِـدًّا بل ومحرجة لتلك الدول المعادية التي تبيع السلاح للعالم، يضاف إليها أنها عمَّقت مأزِق أمريكا وحضورها في البحار، رغم قوة التدمير التي صنعتها القنابل الأمريكية في غزة، واستخباراتها التي قفزت بهزيمة “إسرائيل” مع حزب الله إلى نصر تكتيكي جزئي باغتيال غالبية قادة الصف الأول والثاني بحزب الله، فيما الواقع الميداني يؤكّـد عمقَ هزيمة “إسرائيل” وأمريكا.

والحقيقةُ التي يؤكّـدها واقع المواجهات العسكرية اليمنية مع الترسانة البحرية الأمريكية أن اليمن قد وضع تلك الترسانة بمجملها باستثناء طائرات إف16 وإف35 التي وعدت اليمن أنها ستصلُ إلى إسقاطها قريبًا بعد أن أسقطت طائرات إم كيو9 رغم إجراء الشركة الأمريكية المصنعة تحديثات عليها، وإسقاط طائرة الـ “إف 18 “مؤخّرًا، والأبرز أن اليمن عمّق فجوة “اللاثقة” بسلاح أمريكا اليوم باعتياده استهداف حاملات الطائرات التي يضع اعتبارات عدم إغراقها، حَيثُ حسابات السياسة تترك هامش الانسحاب الهادئ للعدو، دون إحداث جلبة، كما عمّق اللاثقة بمنظومات دفعاتها بما فيها منظمة الـ”ثاد” التي كانت تساوم بها إلى وقت قريب، واللاثقة بقدرة واشنطن على حماية حلفائها المستهدفين لليمن، حَيثُ تظهر الأخيرة القوة الصُّلبة في المنطقة وفقَ اعتبارات جيوسياسية عسكرية.

في النهاية وبحسب إس إم نيوز الروسية عن الخبير فيودور لوكيانوف، مدير العمل العلمي في نادي فالداي الدولي للمناقشة فَإنَّ الولايات المتحدة تعيد النظر تدريجيًّا في دورها على الساحة الدولية، وتتخلى عن مفهوم الحوكمة العالمية لصالح تعزيز نفوذها الإقليمي؛ فعدم القدرة على التنفيذ الفعال لتلك الحوكمة، والتي يبرز فيها تراجع الهيمنة الأمريكية البحرية وعقيدة ماهان، حَيثُ تُجبَر القيادة الأمريكية على إعادة توجيه نفسها نحو تعزيز مواقفها في منطقتها، واستعادة النهج السياسي للقرن التاسع عشر.

ويتأكّـد هذا الاتّجاه من خلال مبادرة دونالد ترامب لإعادة تسمية خليجِ المكسيك بالخليج الأمريكي والحديث عن فكرة ضَمِّ كندا إلى الولايات المتحدة، حَيثُ إن عصرَ العولمة الشاملة الأمريكية يقتربُ من نهايته؛ إذ ستحظى العلاقات مع الدول القريبة جغرافيا بالأولوية، وهو ما يتوافقُ تمامًا مع النظام العالمي الجديد الناشئ.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com