Herelllllan
herelllllan2

تأخر عودة مستوطني شمال فلسطين المحتلة: أزمة أمنية أم خطر وجودي؟

يمانيون../
يقدم العميد شارل أبي نادر في مقالته الأسبوعية قراءة في أسباب تأخر عودة المستوطنين الصهاينة إلى شمال فلسطين المحتلة، رغم الادعاء الغربي والصهيوني بأن نتنياهو هزم حزب الله، ويخلص إلى أن حساسية وخطورة هذا الأمر تتعلق بالأمن الوجودي لكيان الاحتلال، ومدى قدرته مستقبلاً على تثبيت وحماية احتلاله، ومدى استعداد المستوطنين، أو عملياً، المهاجرين اليهود، للهجرة إلى فلسطين المحتلة والاقتناع بالعيش فيها. وهنا نص المقال:

كان لافتاً ما ذكرته صحيفة الـ”واشنطن بوست” الأميركية حول “أنّه من أصل 60 ألف مستوطن، أُجبروا على ترك منازلهم في شمال فلسطين المحتلة خشية صواريخ حزب الله، عاد نحو 20% فقط، وذلك بعد مرور 5 أسابيع على وقف إطلاق النار”.

وإذ تابعت الصحيفة الأميركية قائلةً: “تبريراً لهذه النسبة الضئيلة، أشار يوآف هيرموني، وهو عضو فرقة “الأمن المحلية في كيبوتس دان”، في حديث إلى الصحيفة، إلى أنّ “هناك صدمة السابع من أكتوبر، وانعدام الثقة بقوات الأمن والحكومة”، مؤكداً أنه لم تتمّ استعادة الثقة والأمان بعد”، فقد رأت بالمقابل أنّ هناك تساؤلات متزايدة بشأن إستراتيجية “الإنجازات” التي حققها كيان الاحتلال، وما إذا كانت قادرة على “تحقيق السلام المستدام” لمستوطني المستوطنات المدمَّرة في الشمال.

ما طرحته الصحيفة الأميركية واسعة الانتشار، يحمل الكثير من الأبعاد الحساسة التي تحتاج إلى دراسة وتحليل، إذ إن الأمر لا يتعلق فقط بخبر عابر تناول الإضاءة الإعلامية على موضوع تأخُّر المستوطنين الصهاينة في العودة إلى شمال الكيان بعد انتهاء المواجهة مع حزب الله، رغم الادعاء الصهيوني والغربي بأن نتنياهو ربح هذه المواجهة وهزم حزب الله، بعد أن دمر النسبة الأكبر من ترسانته العسكرية، وبعد أن احتل وما زال يحتل حزاماً جغرافياً حدودياً داخل لبنان، وبعد أن فرض تطبيق القرار ١٧٠١ بالقوة، بحيث اعتبر (نتنياهو) أنه أبعد حزب الله، على الأقل، من كامل جنوب الليطاني.

في الواقع، حساسية وخطورة ما طرحته الصحيفة، يتعلق بالأمن الوجودي لكيان الاحتلال، ومدى إمكانية قدرته مستقبلاً على تثبيت وحماية احتلاله، ومدى استعداد المستوطنين، أو عملياً، المهاجرين اليهود، للهجرة إلى فلسطين المحتلة والاقتناع بالعيش فيها.

لقد تناولت الصحيفة الأميركية جوهر المشكلة التي بات يعاني منها مستوطنو الكيان أولاً، ومسؤولوه العسكريون والسياسيون ثانياً، بعد عملية طوفان الأقصى، والتي برهنت لهؤلاء جميعاً، أن قدرات الكيان وأسلحته وإمكانياته، والتي تعتبر من الأضخم والأكثر تطورًا في العالم، لم تستطع منع أو كشف هذه العملية، وبالتالي، خلقت هذه العملية لهؤلاء جميعًا فكرة شبه مؤكدة لا يمكن استبعادها، وهي أن الكيان، وفي أي منطقة جغرافية منه، في شماله مع لبنان أو مع سورية، أو في جنوبه مع غزة أو حتى مع مصر، وفي وسطه مع الضفة الغربية، أو حتى مع الأردن، سيبقى دائمًا معرضًا لعملية أو أكثر مثل عملية طوفان الأقصى.

من هنا، يمكن القول إن الصحيفة أصابت أيضاً في تساؤلها حول قدرة الكيان على تحقيق الأمن المستدام لمستوطني الشمال، وهنا بيت القصيد في طرحها لإشكالية إمكانية استمرار الاحتلال، في ظل غياب الثقة لدى المستوطنين حالياً، أو المهاجرين لاحقاً، وفي ظل وجود شكوك واسعة حول أن حمايتهم لن تكون مؤمنة وأنهم لن يكونوا آمنين في مناطق الاحتلال، حيث تحيط بهم من كل جانب، مجموعات عربية، صحيح أنها ربما غير موحدة، وصحيح أيضاً أنها لا تملك إمكانيات عسكرية توازن ما يملكه الاحتلال، ولكنها حتمًا تملك الكثير من الإيمان ومن العزيمة ومن الصبر ومن روح مقاومة الاحتلال، وستبقى هذه المجموعات والشعوب العربية، ترى الصهاينة محتلين لأرضها ومغتصبين لحقوقها ولمقدساتها، وقاتلين لأطفالها ولنسائها وشيوخها، وسيبقى هؤلاء العرب المؤمنون، ومهما طال الزمن، ثابتين على عهد مواجهة الاحتلال حتى إنهائه وإزالته من الوجود.

العهد الإخباري – شارل أبي نادر

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com