لا خطوط حمراء
منار الشامي
لأنّ النصرَ من اللّٰهِ ثمّة شيء يجب أن تنتبهوا إليه.. اليمن لم ينتصر على السعوديّة خلال 9 سنوات، نحنُ لا نتحدث عن معركة الفوز فيها للأقوى، بالحقيقة نحنُ معاييرنا ليست هذه التي تضعونها، معاييرنا لا تُفنّد ضمن بنودِ الجيش وعدده وأين تدرّب وكم عدد المناورات التي قضاها، ولا تندرجُ تحتَ العتاد العسكري وأنواعه، نحنُ لا يهمنا أن نمتلك نوويًّا أَو حتى قذائف RPG.
ما حدث لم يكن معركة، ولم تكن حتى حرب، ما حدث كان عدوانًا غاشم، رئيس قدم استقالته وتلقى اتصالا من أدنى موظفٍ سعوديّ ليسافر وسافر وهم بدورهم أقاموا عدوانهم، فعن أي شرعية تتحدثون؟
نحنُ لم ننتصر؛ لأَنَّها معركة، نحنُ انتصرنا؛ لأَنَّ الأمر كان مظلومية!
كان لدينا الحقُّ شرعًا ولم نصمت على حقنا فواجهناهم حتى غلبناهم بفضلِ اللّٰه ولأنّ اللّٰه في صفّنا، نطرحُ عنوان الكتابِ بهذا الشكلِ المُنصف، عاملين فقط هما السببُ وراء أن تقهرَ من اعتدى عليك، أن يكون لديك الحقّ وأن تبذل الأسباب حتى آخر مقاومة، حتى بالأحجار!
وأنا أعني بالأحجارِ تمامًا، أي أن الأمور ستندرج بهذا الشكل.. فرط صوتي حتى ينتهي، صواريخ مجنحة حتى تنتهي، صواريخ بالستية حتى تنتهي، صواريخ أرض أرض، جو جو، أرض بحر، حتى تنتهي، قذائف حتى تنتهي، بنادق حتى ينفد رصاصها، مدافع حتى آخر ذخيرة، مباغتة حتى آخر قُنبلة، طعن حتى آخر خنجرٍ وسكين وحتى آخر جنبية!
لكن الجنابي لا تنفد! الجنابي إرثُ حروبنا الأقدس، وبعدها رميًا بالحجارةِ حجرًا حجرًا حتى تتساوى جبالُ اليمن بالتراب، وعندما تتساوى بالتراب نأخذُ التراب ونرميه على أعينكم ونقول: نحنُ أنصار النبي لا كذب، نحنُ جُندُ ابن عبد المطلب.. حتى نستشهد أَو ننتصر.
هذا طريقُنا، لهذا قلنا لكم نفسنا طويل، لدينا رحابة رئتين عالية،
هل تتذكرون ما الذي حدث في جبهة البيضاء قبل سنين؟ مجاهدُ واحد رفيقهُ مصابٌ بدونِ دواء ولا يمتلكُ رصاصة واحدة، ذخيرتُهُ انتهت، يأخذُ حجرةً في يده ويرميها فيسقُطُ ويتدافع أحد عشر داعشيًّا بسكاكينهم وكاملِ قنابلهم وإحدى عشرَةَ بندقية، بعد كُـلّ هذه البطولة مرّة الأيّام حتى استشهد ذلك الشاب الذي لم يتجاوز العشرين عاما!
لم يعُد بين خياراتنا خيارات، خيارنا الوحيد القتال حتى يفنى الصهاينةُ عن بكرةِ أبيهم أَو نفنى نحن، لم نعد نتحمل بعد كُـلّ هذا الطريق أن يبقى بني صهيون، لن نتكيّف مع عالمٍ قذرٍ كهذا، حتى آخر ذرّةِ تُرابٍ نحشرها بين أعينكم، فليحرقِ العالم، عالمٌ تبقى فيه “إسرائيل” هو عالمٌ لا يستحقُّ البقاء فيه.
نحنُ لم ندخل المعركةَ كي نُعيد لكم دروس آلِ سلول، مللنا من مهنةِ التدريس، يليقُ بنا المُعاقبةَ أكثر، والعصا في موقعِ من لا يفهم واجبٌ شرعيٌّ إنسانيٌّ يمنيّ، وهذا ما يجبُ أن تنتبهوا إليه، الواجبات اليمنية التي تنصُّ عليها رجولتنا وإباؤنا للضّيم.
مرحلةٌ كهذه ليست مُخيفة بالنسبةِ لنا والله، لقد رحلَ قادةٌ عظامٌ فتعلّمنا درسَ الثقةِ بالله جيِّدًا، وأعددنا ما استطعنا إليه سبيلا، ووجهنا جميعًا وجوهنا لله يقينًا بأننا ما دُمنا على الحقّ فلا نُبالي، ما قيمةِ حياةٍ فانيةٍ كهذه أمام نارٍ خالدةٍ لا تبقي ولا تذر والعيشُ فيها مُحتّم؟
مقاييسنا اليوم لم تعد في رُتبٍ دنيوية، ومقاماتٍ حياتيّة، إنما منطقيّة أُخريّة بحتة، كيفما كان الطريق وكانت العثرات وكانت الوحوش لا يهمنا، سنسلُك الغابةَ حتى نصلَ إلى قمّةِ الجبل ونمدُّ منهُ سلمًا للسماء، موقفنا موقف المُنصف الحقيقي الذي إمّا أن يقفَ مع اللّٰه ومظلومية الشعب الفلسطيني أَو يُحايد صمتًا ويقفُ مع الصهاينةِ والأمريكان عدوانًا، وفي كلتا الحالتين لا يهمّنا، تعالوا بالفيلِ كي تهدموا في قلوبنا كعبة اللّٰه التي تطوفُ حولها أرواحنا وهي تلبي اللّٰه لبيك لبيك، وسيأتيكم اللّٰهُ بالطيرِ الأبابيل، لا نُقاتلكم نحن، نحنُ أدوات وأسباب بيدِ اللّٰه وأنتم أدوات بيدِ الأعداء واللهُ معنا نعم المولى ونعم النصير، انتهى الشرح، هذه نقطةُ السطرِ الأخيرة، لن نستخدم فواصلَ تحذيرية متردّدة، أَو نضعَ علامة إعجابٍ مُستنكرة، أَو علامة استفهامٍ متشككة، نحنُ نضعُ النقاط والنقاط والنقاط ولا خطوطَ حمراء لدينا، خطنا الأحمر ألّا نعمل بكتابِ اللّٰه وانظروا أنتم إلى كتاب اللّٰه مرّةً أُخرى؛ كي تعرفونَ أننا نقفُ أمام البحرِ تمامًا بيقينِ أنّ اللّٰه سيفلقهُ لنا.