(نص) كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات الأسبوعية
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله”
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 25 جمادى الآخرة 1446هـ 26 ديسمبر 2024م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
في أواخر الشهر الثالث من العام الثاني، وللأسبوع الرابع والستين، والعدو الإسرائيلي يواصل الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ويرتكب أبشع وأفظع الجرائم الرهيبة والشنيعة جداً، والتي تعتبر عاراً على المجتمع البشري في منظماته، ومؤسساته، وهيئاته، التي تُقَدِّم نفسها أنها في موقع المسؤولية لحماية الإنسان، وحماية حقوق الإنسان.
العدو الإسرائيلي، في عدوانه الغاشم، والهمجي، والإجرامي، والوحشي على قطاع غزة، يواصل الإبادة بشكلٍ أكبر مما في بقية القطاع في شمال قطاع غزة، ويسعى لتفريغ شمال القطاع من كل السكان؛ ولـذلك فهو يزيد إمعاناً في إجرامه هناك، على مستوى القتل الجماعي، والاستهداف الشامل، ونسف المباني، وتدمير الأحياء، وتدمير كل مقومات الحياة في شمال قطاع غزة.
ومجازر العدو على مستوى القطاع بشكلٍ عام خلال هذا الأسبوع: أكثر من خمسٍ وعشرين مجزرة، أسفرت عن استشهاد وجرح أكثر من ألف من أبناء الشعب الفلسطيني، ومعظمهم من الأطفال والنساء، وهكذا هي الأرقام في كل أسبوع، في معظم الأسابيع هي ترقو على الألف في عدد الشهداء وفي عدد الجرحى؛ مما يوضح بشكلٍ جلي أن ما يفعله العدو الإسرائيلي هناك هو- بالفعل- إبادة جماعية بكل ما تعنيه الكلمة، وهذا التوصيف أصبح يصدر من كثير من المنظمات والمؤسسات الدولية، حتى التي لم نعتد منها أن تكون منصفة، ولا أن تكون واقعية، وبالذات تجاه ما يجري على أمتنا الإسلامية من المؤسسات الغربية، لكن حجم الإجرام وفظاعة الإجرام الصهيوني أجبرت البعض على أن يعترف بالحقائق والوقائع هناك، بالرغم من محاولات التقليل من الأرقام عادةً في كل المراحل الماضية.
معدل قتل الأطفال في غزة، الذي هو الأعلى في العالم، والعدو الإسرائيلي يشنُّ حربه ويستهدف بها كل أبناء الشعب الفلسطيني، وفي المقدمة الأطفال؛ ولــذلك في تقديرات بعض المؤسسات الأممية، أن معدل القتل للأطفال في جرائم العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، وصل إلى تقدير كل ساعة طفل فلسطيني يُقْتَل، وفي بعض الأيام العدد أكثر بكثيرٍ من ذلك، لكن هذا في الحالة الغالبة، إلى هذا المستوى من الإجرام، الطفل الذي تنادي مؤسسات في العالم كله، وفي العالم الغربي في المقدمة، بحمايته، بحقوقه، أين هي تلك العناوين تجاه الطفل الفلسطيني، وتجاه المرأة الفلسطينية، تجاه الإنسان في قطاع غزة، أبناء الشعب الفلسطيني؟
كذلك ما يقوم به العدو فيما يتعلق بالتجويع إلى درجة رهيبة جداً، ومستوى مُخزٍ للعرب، مخزٍ للمسلمين، مخزٍ لبقية المجتمعات البشرية، كيف يتفرجون على ما يحدث؟! التجويع الذي وصل الحال فيه، وبحسب ما قدمته بعض المنظمات الأممية من تفاصيل، فيما يتعلق بعدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة، وما يدخل إلى شمال القطاع، والعدو الإسرائيلي زاد من إجرامه في شمال القطاع، فما دخل إلى شمال قطاع غزة، خلال هذه الفترة التي كثف العدو فيها من عدوانه، وإجرامه، وإبادته في شمال القطاع؛ بهدف تهجير الأهالي بشكلٍ كامل، هو: اثنى عشر شاحنة، بمعدل شاحنة واحدة كل ستة أيام، يعني: هذا خلال سبعين يوماً، اثنى عشر شاحنة خلال سبعين يوماً، وعلى أساس شاحنة واحدة في كل ستة أيام، بمعنى: سياسة التجويع الشديد جداً، ماذا تفعل شاحنة واحدة في كل ستة أيام، في قرابة الأسبوع، لعشرات الآلاف من الأهالي الجائعين جداً والمعانين؟ ومع ذلك ما يدخل من هذا العدد الضئيل، المحدود جداً، هو أيضاً مُعَرَّضٌ للاستهداف من خلال القصف، ومن خلال قصف الأهالي عندما يستمعون للحصول على الغذاء.
وكذلك الحرب على المستشفيات في كل قطاع غزة، ومن ذلك في شمال القطاع، والاستهداف لأبرز المستشفيات، التي لا زالت تعمل في الحد الأدنى، بدون مقومات، بدون إمكانات، مثل ما هو الاستهداف المستمر لـ: (مستشفى كمال عدوان، والمستشفى الإندونيسي، ومستشفى العودة)، استهداف مستمر بالقصف، بالقتل، بالمداهمة، بعمليات النسف والتفجير في محيط (كمال عدوان)، التي أدت إلى جرح عشرين من الكوادر الطبية والمرضى، هناك مشاهد تظهر هذه المآسي المؤلمة جداً.
وهكذا يستمر العدو الإسرائيلي في كل وسائل الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بكل جرأة، بكل وحشية، وبكل إجرام، وباطمئنانٍ تام إلى الحماية الأمريكية؛ نظراً للشراكة الأمريكية، والدعم الأمريكي المفتوح للعدو الإسرائيلي.
أمَّا في الضفة الغربية: فالعدو الإسرائيلي مستمرٌ في كل اعتداءاته هناك:
- على مستوى جرائم القتل: وهو يرتكب جرائم القتل هناك، في هذا الأسبوع كان هناك ما يقارب ثمانية شهداء، وأكثر من ثلاثين جريحاً.
- في عمليات الاختطاف: واختطف العشرات من أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية.
- وأيضاً في عمليات التدمير والتجريف: تدمير المساكن، والتجريف للأراضي، والأحياء، والشوارع.
- وفي حرق المساجد وتهديم بعضها.
الاقتحامات الإسرائيلية شملت: القدس، ورام الله، والخليل، وبيت لحم، وطولكرم، ونابلس… وغيرها، وغيرها شملت مناطق أخرى في الضفة الغربية، واستولى مغتصبون صهاينة على أراضٍ زراعية لمواطنين فلسطينيين، جنوب شرق بيت لحم في الضفة الغربية، وخلال هذه الأشهر، خلال هذه الستة الأشهر أقام العدو الإسرائيلي سبع بؤر استيطانية، صادر خلالها مساحات واسعة في الضفة الغربية، واستولى عليها.
ومع كل ما يقوم به العدو الإسرائيلي في الضفة الغربية، من اقتحامات، واعتداءات، وقتل، واختطاف، وتدمير، وتجريف، وما يقوم به المغتصبون معه، ليس فقط ما يسمى بالجيش الإسرائيلي، بل العصابات الأخرى، ممن يطلق عليهم بالمستوطنين، عن المغتصبين، هم أيضاً يقومون بجرائم كثيرة، في معظم الأحيان: حرق لسيارات الشعب الفلسطيني، اعتداءات متنوعة على الشعب الفلسطيني، جرائم بكل أشكالها: من قتل، من ضرب، من سرقة، من نهب، من اعتداء على المواشي… وهكذا أشكال وأنواع من الاعتداءات، مع ذلك ليس هناك أي دور يذكر للسلطة الفلسطينية وجهازها الأمني، لحماية الشعب الفلسطيني، لا من اعتداءات الجيش الإسرائيلي، ولا من اعتداءات ما يطلق عليهم بالمستوطنين، الذين يذهبون في تجمعات، للاعتداءات والاقتحامات، وإحراق السيارات، والاعتداء على الأراضي والمزارع، والاعتداء على المواشي، والاعتداء بالضرب على الأهالي، ليس هناك أي دور يذكر للسلطة الفلسطينية في حماية الشعب الفلسطيني في الضفة.
لكن في هذه الآونة الأخيرة– وللأسف الشديد، وهو ما يحزن القلب جداً، وما يزيد من المأساة في واقع الشعب الفلسطيني- تقوم أجهزة السلطة الفلسطينية، وبالذات الأجهزة الأمنية فيها، بالاشتراك مع العدو الإسرائيلي، تحت عنوان [التنسيق الأمني]، الذي لم تكتف تلك الأجهزة بما كانت تقدمه تحت هذا العنوان من معلومات العدو الإسرائيلي، ضد من يحاول من أبناء الشعب الفلسطيني أن يتصدى لتلك الاعتداءات، التي يقوم بها العدو الإسرائيلي، وقطعان المغتصبين الذين يسمونهم بالمستوطنين، يصبح التصدي لهم ذنباً عند الأجهزة الفلسطينية الأمنية القمعية، وذات الدور الذي انحصر في الاستهداف والقمع، لمن أراد من أبناء الشعب الفلسطيني أن يدافع عن أرضه، أن يدافع عن نفسه، أن يدافع عن شعبه، وهذا شيءٌ مؤسف للغاية!
الاعتداءات في هذه الفترة الأخيرة اشتدت وتيرتها، من جانب تلك الأجهزة القمعية، بالاشتراك مع العدو الإسرائيلي، والتنسيق معه بشكلٍ مكشوف وواضح، ومن ذلك: عمليات القتل، والسفك للدم الفلسطيني، وهذا محزنٌ جداً! لن تكتفي تلك الأجهزة بما يقوم به العدو الإسرائيلي من قتل أبناء الشعب الفلسطيني، حتى تتورط معه في ارتكاب مثل هذه الجريمة الشنيعة الفظيعة، في قتل أبناء الشعب الفلسطيني، وأيضاً بالاعتقالات، واعتقلت العشرات ممن ليس لهم ذنب؛ إنما كانت تهمتهم ومشكلتهم مع السلطة الفلسطينية، أنهم يتصدون للعدو الإسرائيلي، سواءً لعصاباته التي يطلق عليها [الجيش الإسرائيلي]، أو لقطعان المغتصبين الذين يطلق عليهم [المستوطنون].
وهكذا استمرت الاشتباكات، والاعتداءات، والمداهمات، ضد المجاهدين، في جنين بالدرجة الأولى، وفي مناطق أخرى، وهذا شيءٌ مؤسفٌ للغاية، ومحزنٌ جداً!
هناك مناشدات من قِبَلِ التشكيلات والفصائل الفلسطينية، التي تتألم على ما يحدث، ويحزنها ويؤسفها أن يكون هناك مشاكل، وصراع الداخلي ما بين أبناء الشعب الفلسطيني، وأن تكون في مشكلة مع أجهزة الأمن، التي هي محسوبة على أنها فلسطينية، مناشدات ودعوات كثيرة من فصائل فلسطينية، ومن شخصيات فلسطينية، ولكن يغيب هنا أيضاً الدور العربي والإسلامي، الذي يجب أن يحضر بشكلٍ قوي وفعَّال في الضغط على السلطة الفلسطينية، لتكف عن عدوانها على أبناء شعبها، وعلى أحرار شعبها، وعن تعاونها مع العدو الإسرائيلي ضدهم، من المهم أن يكون هناك دور واضح، ودور قوي، لماذا يغيب مثل هذا الدور من جانب الأنظمة العربية والإسلامية، والبعض منها له علاقة قوية بالسلطة الفلسطينية، ويمكنه أن يقوم بدورٍ مؤثرٍ، ولو إلى حدٍ ما؟! ولكن شيءٌ مؤسفٌ جداً!
المعاناة الكبيرة التي يعانيها المجاهدون في فلسطين، ويعاني منها الشعب الفلسطيني، تنوَّعت:
- بين من يتجنَّد من أبناء الشعب الفلسطيني مع العدو الإسرائيلي في العمل الاستخباراتي، والآلاف تجنَّدوا لذلك الدور السيء، المهين، المسيء، الآلاف تجنَّدوا ليكونوا جواسيس للعدو الإسرائيلي، واكتشِف منهم عدد كبير خلال العقود الماضية، على مدى عشرات السنين، بالآلاف، وهم يلعبون دوراً سيئاً جداً، وما يقومون به خيانة وجريمة، وشيءٌ مؤسفٌ جداً! ولكن دورهم تخريبي، ومؤثِّر، وموجع، ومؤلم في الساحة الفلسطينية.
- هناك دور آخر: هو ذلك الدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية، وأجهزتها القمعية، في مثل هذه الحالات، التي تنفِّذ فيها اعتداءات واعتقالات، وقتل؛ من أجل مساعدة العدو الإسرائيلي، ضد من يتصدى له من أبناء الشعب الفلسطيني، في مقابل عدوانه واحتلاله وإجرامه، وهو شيءٌ مؤسفٌ جداً!
- هناك أيضًا الحملات الإعلامية المشوِّهة، التي تستهدف أولئك المجاهدين، وتستهدف الفصائل الفلسطينية، التي تقف ضد العدو الإسرائيلي، وضد جرائمه، وضد احتلاله، وتسعى لتحرير الشعب الفلسطيني، وإنقاذ الشعب الفلسطيني، وتحرير فلسطين، كيف توجَّه ضدها حملات دعائية مشوِّهة، كيف تُحمَّل وزر ما يفعله العدو الإسرائيلي، مع أنه- كما قلنا في الكلمات الماضية- من ابتدأ الشعب الفلسطيني بالعدوان عليه، باحتلال أرضه، لم يسبق من الشعب الفلسطيني ما قبل قدوم الصهاينة المغتصبين إلى فلسطين أي شيء ضد اليهود، حتى يقال أنَّ ما يحصل هو مجرد ردة فعل إسرائيلية، منذ البداية العدو الإسرائيلي هو المحتل، الغاصب، القاتل، المجرم، الذي يفعل كل الجرائم، ويهتك الأعراض، ويفعل كل شيء.
وللأسف الشديد هذا هو ما يريده الأمريكي والإسرائيلي في منطقتنا بشكلٍ عام، هو يريد من كل سلطة تبقى في أيِّ بلدٍ عربي، أن يكون دورها الأساسي والفعلي هو الدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يعني: سلطة لا تحمي شعبها، ولا تدافع عن شعبها، ودورها ينحصر في خدمة العدو، في مواجهة من يتصدى لعدوانه، لإجرامه؛ من أجل أن تبقى الساحة خاضعة وخانعة للعدو، يحتل، يقتل، يجرم، يرتكب الجرائم بكل أشكالها وأنواعها، دون رد فعل، وهذا ما نكرر في كل كلمة أنَّ العدو يسعى له.
الأمريكي والإسرائيلي يسعون بالفعل إلى ترسيخ وتثبيت معادلة الاستباحة لأمتنا، أن تكون أمةً مستباحةً في كل بلدانها دون رد فعل، وإذا صدر رد فعلٍ من أحد، فيتَّهم، ويحارب، ويعتدى عليه، ويواجه من الجميع، الحملات الإعلامية، واللوم الشديد، الدعايات توجه ضده، العمل العدواني، الاستهداف العسكري والأمني يوجَّه ضده، ويجرَّم فيما يفعله، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جداً! يراد للأنظمة في العالم العربي والإسلامي، بعد أن يُجزأ ويقسَّم، أن تكون أنظمة شكلية، لكنَّ دورها الفاعل يكون في تنفيذ الأجندة الأمريكية والإسرائيلية.
فيما يتعلَّق بلبنان: يستمر العدو الإسرائيلي في الخروقات، والمحصلة للخروقات خلال شهر حسب بعض الإحصائيات: أكثر من اثنين وثلاثين شهيداً، وأكثر من ثمانية وثلاثين جريحاً، وتجاوزت الخروقات ثمانمائة وعشرين خرقاً، هذا خلال شهر! تجريف مستمر للقرى والبلدات، نسف للأحياء السكنية وتدمير لها، تجريف للأراضي الزراعية، ممارسة القتل، اختطاف لبعض الأهالي في حركتهم العادية، حتى إلى مزارع الزيتون… وهكذا كل أنواع الاعتداءات.
هذا المستوى من الإجرام، يحاول العدو الإسرائيلي من خلاله، ومن خلال هذا الكم الكبير من الخروقات، أن يصنع له صورة نصر، بعد فشله في تحقيق العنوان والهدف الكبير الذي أعلنه لعدوانه على لبنان، في القضاء على حزب الله، لأنه فشل من ذلك؛ هو يحاول أن يفعل ما يفعل في تلك المناطق الحدودية مع فلسطين، وهو- في نفس الوقت- يستفيد من مدى الدور الأمريكي المتواطئ معه تجاه ما يفعل، وهذا بكله يدل على الأهمية القصوى لوجود المقاومة، ويكشف عن عدوانية العدو الإسرائيلي، ما يفعله يفعله في مناطق ليس فيها مواجهة الآن، ومناطق باتت- بموجب الاتفاق- تحت سيطرة الجيش اللبناني، وهو يُقْدِم على ما يُقْدِم عليه من اعتداءات بكل أشكالها وأنواعها، هذا يدل على عدوانيته، وأنَّه يستهدف الجميع؛ لأن ما يعمله هناك يعمله ضد الأهالي، يستهدفهم في منازلهم، بيوتهم، مزارعهم، يمنع البعض من العودة إلى قراهم، ويريد أن يقوم بأكبر عملية تدمير ونسف للقرى، هذا مما أيضاً يبين- ودائماً الأحداث والسلوك الإسرائيلي يثبت هذه الحقيقة- أنَّه عدوٌ للجميع، ويستهدف الجميع.
أمَّا فيما يتعلَّق بالعدوان الإسرائيلي على سوريا: فالإسرائيلي مستمرٌ فيما يتعلَّق بالاحتلال، وتوسيع السيطرة، والتوغل في الأراضي السورية، وباتت سيطرته على محافظة القنيطرة باتت كبيرةً، يعني: في بعض المعلومات، وفي بعض الأخبار، بما يقرب من نسبة 95% من محافظة القنيطرة، قد قام بالاستيلاء عليها، يعني: معظم المحافظة، لم يتبق من محافظة القنيطرة إلَّا القليل جداً، نسبة 5%، هذا إن لم يكن قد استكمل هذه النسبة، التي هي 5%، كذلك باتجاه ريف درعا يتمدد، والمناطق الأخرى من جنوب سوريا، وبمحاذاة ريف دمشق الجنوبي.
من الممارسات التي يقوم بها، في المناطق التي قد قام باحتلالها والسيطرة عليها:
الاقتحام للمنازل في القرى والبلدات والمدن، وبحجة البحث عن السلاح، هو يريد أن يجرِّد الشعب السوري من السلاح تماماً، ليتحول إلى شعب أعزل؛ لأنه هكذا يريد لك الإسرائيلي والأمريكي أن تكون: أعزل من السِّلاح، أن تكون أعزلاً من السِّلاح؛ من أجل أن يتمكنوا من فعل ما يريدونه بك دون أي قلق، ويقومون أثناء عمليات الاقتحام للمنازل، والتفتيش لها، بالاعتداء بالضرب على الأهالي، وهم هكذا يريدون لأمتنا: أن تكون شعوبها لا تمتلك أي منعة، ولا قوة، ولا حماية لنفسها، يأتي الأمريكي أو الإسرائيلي إلى داخل منزلك، ويقوم بضربك، وضرب زوجتك، وبناتك، وأولادك، دون أن يكون لك رد فعل، أو أن تتمكَّن من أن تحمي نفسك وأسرتك، هذه هي الحالة التي يريدونها في تغيير ملامح الشرق الأوسط، بهذا الشكل، هذه هي الملامح التي قالوا أنَّهم يغيِّرونها بالفعل، لها هذا الشكل، لها هذه الصورة الحقيقية المعبِّرة عنها.
يقومون أيضاً بالتقييد لحركة الأهالي وتنقلاتهم، سواءً أوقات الدخول والخروج من المنازل، من بيوتهم، متى يخرجون، ومتى يدخلون، أو على مستوى القرى كذلك، يفرضون قيوداً من هذا النوع.
وكذلك في عمليات الاعتداءات بالضرب والاقتحام للمنازل، يقومون بتجريد البعض من الأهالي من ملابسهم، تصوَّروا إلى أيِّ حد يصل الطغيان الإسرائيلي، الإجرام الإسرائيلي، الإذلال للناس، الامتهان للكرامة! الإسرائيلي عدوٌ حقود ومتكبر، وفي نفس الوقت هو يحتقر شعوبنا العربية والمسلمة، يحتقرها جداً، ومن أكبر هواياته التي يمارسها ضد شعوبنا، هي: ممارسة الإذلال بكل أشكاله، من خلال: القتل، الإهانة، أشكال الاعتداءات، جرائم الاغتصابات… كل أشكال الإذلال، ومنها هذا الأسلوب في التعامل مع الناس: التجريد لهم من الملابس، هناك مشاهد من فلسطين لمثل هذا الأسلوب من التعامل الإسرائيلي العدواني الإجرامي، الذي هو بهدف الإذلال والامتهان للكرامة، مشاهد لتجريد أعداد كبيرة من الناس من ملابسهم، وعرضهم وهم بشكلٍ كبير، بأعداد كبيرة، بدون ملابس، وهذه هي الحالة التي يريد أن يصل بشعوبنا إليها.
كذلك يقوم بالاعتداء على المتظاهرين، في بعض المناطق التي خرج فيها الأهالي للتظاهر والاحتجاج، تعامل معهم بإطلاق النار عليهم بشكلٍ مباشر.
يقوم بتجريف الأراضي الزراعية، وهذا في مناطق متعددة من ريف القنيطرة، يقوم فيها بتجريف الأراضي الزراعية، وقلع أشجار الزيتون، وأيضاً قام بجرف المدرجات الزراعية، الممتدة من ريف القنيطرة باتجاه جبل الشيخ السوري المحتل، وسعى لأن يشق منها طرقاً من ريف القنيطرة إلى جبل الشيخ، وقام بجرف مزارع الأهالي.
وهكذا هو العدو الإسرائيلي، يعني: هو خطرٌ على الناس في كل شيء، لا يبقى لهم دين ولا دنيا، لا يبقى لهم كرامة ولا شرف، هو يريد أن يجرِّد الناس من كل شيء، يسلبهم أرضهم، وكرامتهم، وحريتهم، ودينهم، ودنياهم، ولا يبقي لهم شيئاً.
بعد كل هذا، أليس من المفترض أن يتَّخذه العرب عدواً في كل بلداننا؟ المفترض من كل السوريين أن يتَّخذوه عدواً؛ لأنه عدو بالفعل، وإلى هذا المستوى من الحقد، والعداوة، والإجرام في نفس الوقت، عدو لا يمتلك قيماً، ولا أخلاق… ولا غير ذلك.
ما يقوم به العدو الإسرائيلي أيضاً، فيما يسيطر عليه، بالتركيز على المسطحات المائية، وعلى السدود، وعلى ينابيع المياه، وهذه المسألة مما يركِّز عليها العدو الإسرائيلي منذ الخمسينات، في عدوانه على المناطق العربية، والبلدان العربية: في فلسطين، إلى الأردن، إلى سوريا، العدو الإسرائيلي يركِّز على السيطرة على ينابيع المياه، على السدود، على الأنهار، على الأحواض المائية، على المناطق التي تتوفر فيها المياه، ثم يسعى للتحكم بالمياه؛ لأنه يدرك أنَّ المياه- بالفعل- ثروة أساسية، وفي نفس الوقت عماد الحياة، وشيءٌ أساسيٌ لحياة الناس؛ ولــذلك هو يسيطر عليها، ثم يتحكم بها، ويجعلها وسيلةً:
- للابتزاز من جهة.
- وللاستغلال من جهة أخرى.
- وللحرمان من جهة ثالثة.
ولذلك يركِّز فيما يقوم به من توسُّع واحتلال وسيطرة في جنوب سوريا، على كل المناطق هناك التي فيها ثروة مائية، من ينابيع وأنهار، وحتى جبل الشيخ، هو من المناطق التي تمثل ذات أهمية كبيرة في أنها رافد مهم بالماء، بما فيه من ينابيع، وأيضاً بما فيه من ثلوج تذوب فيما بعد فصل الشتاء، وترفد تلك الينابيع.
الإسرائيلي في سعيه للسيطرة على المسطحات المائية والسدود في القنيطرة، سيطر على ستة سدود، سعتها التخزينية للمياه: أكثر من ثمانين مليون متر مكعب، وفي نفس الوقت يتوسَّع في حوض ونهر اليرموك، وهو نهر ممتد من سوريا إلى الأردن، وحوضه من الروافد المهمة له، وهو غنيٌ بالمياه، تستفيد منه سوريا، ويستفيد منه الأردن، بات العدو الاسرائيلي الآن يسيطر على أكثره، وعلى روافده الأساسية، من جبال ومناطق فيها ينابيع، فيها ثلوج، فيها مصبات للمياه، تنحدر إليه، ويركِّز على هذا الموضوع تركيزاً كبيراً.
العدو الإسرائيلي سيطر في الماضي على بحيرة طبريا، وكان مهتماً وحريصاً على ذلك؛ من أجل هذه السيطرة المائية والتحكم المائي، سيطر في ما مضى على نهر الأردن، وهو للأردن، وحتى باسمه، وهذا شيءٌ معروف، حتى الإسرائيلي يعني يسميه بنهر الأردن، بعد أن سيطر على نهر الأردن، يتحكم- من بعد ذلك وحتى الآن- يتحكم في ما يقدِّمه منه (من هذا النهر) للشعب الأردني من المياه، بأن يكون مقابل مال، وابتزاز كبير جداً، فتتعاقد معه الحكومة الأردنية بالأموال الهائلة؛ من أجل الحصول على قليلٍ من الماء من نهرٍ هو لهم، هو للشعب الأردني، فالشعب الأردني لا يحصل على المياه من نهره، إلَّا بدفع المال للإسرائيلي.
هذا المستوى من التحكم، من السيطرة، من الجشع، من الاحتلال، من النهب، من المصادرة، ما الذي يريده العرب أكثر من ذلك؟! عدو يفعل بهم كل شيء، ويمتهنهم في كل شيء، ينهب عليهم كل شيء، يقتلهم، ينهب كل ثرواتهم حتى الماء، ويتحكم عليهم حتى في شربة الماء… وهكذا يفعل.
والحال السائد الآن في سوريا: أنَّ الأمريكي والذي استقدم فيه هذه الأيام المزيد من التعزيزات العسكرية؛ للتمدد أكثر، والانتشار أكثر في شمال سوريا، حيث الثروة النفطية، والعدو الإسرائيلي يتوسَّع في جنوب سوريا، حيث الثروة المائية والزراعية، وحيث المناطق الزراعية الخصبة، وحيث المناطق الاستراتيجية، بما فيها جبل الشيخ السوري: جبل كبير جداً، امتداده واسع وشاسع، أهميته الاستراتيجية معروفة جداً، مزاياه العسكرية ضخمة، الإطلالة منه على مناطق كثيرة، يعتبر الآن أهم موقع تمكَّن العدو الإسرائيلي منه في الشام، يستفيد من ارتفاعه على مستوى النشاط المعلوماتي، والاستخباراتي، والدفاع الجوي… وغير ذلك، من جبل الشيخ يمكن للعدو الإسرائيلي أن يقصف بالمدفعية، بسلاح المدفعية إلى داخل دمشق! له هذه الأهمية، وله هذه المزايا، وهذا هو الحال في سوريا.
ولــذلك كل هذا يثبت أنَّ سوريا تعاني بالفعل من احتلال أمريكي إسرائيلي، وأنَّ شعب سوريا سيضطر- مهما تجاهل البعض هناك هذه الحقائق- سيضطر الشعب السوري في نهاية المطاف أن يكون في مواجهة مباشرة مع الإسرائيلي والأمريكي، لكن ما هي مخططات الأعداء هناك؟ هي مخططات تسعى لتهيئة الأرضية لبقاء الاحتلال وتوسعه أكثر، وعندما يستفيق الشعب السوري، يستفيق في مرحلة متأخرة، في وضعٍ صعبٍ وضعيفٍ جداً، بعد أن يكون مبعثراً، مجزأً، مفرَّقاً، وفي وضعية ضعيفة للغاية، أو أن يكون متقبِّلاً لهذه الحالة، دون اعتراض أينما بلغت.
في مقابل هذا العدوان الإسرائيلي، والغطرسة الإسرائيلية، التي هي دائماً بشراكة أمريكية، وتعاون أمريكية، وفي مقابل التخاذل العربي الواسع، وفي معظم العالم الإسلامي، يبرز الصمود الفلسطيني، وما يقوم به الإخوة المجاهدون في فلسطين من عمليات جهادية فدائية، ونوعية، وبطولية، عمليات عظيمة جداً:
- كتائب القسَّام نفَّذت في قطاع غزة في هذا الأسبوع قرابة تسعة وعشرين عملية، وكانت عمليات مهمة، ومنكِّلة بالعدو، ومتنوعة، منها عمليات نوعية، مثل:
- العملية التي نفَّذها بعض المجاهدين، بطعن وقتل عدد من الجنود الصهاينة، كانوا في مهمة حماية لجنود صهاينة آخرين في مبنى، ثم قام أولئك المجاهدون باقتحام المبنى، وقاموا بالإجهاز على الجنود الصهاينة فيه، واغتنموا أسلحةً، وأخرجوا عدداً من المواطنين الفلسطينيين المختطفين، هذه عملية مميزة، وعملية هي في شمال قطاع غزة، تبيِّن مستوى الإقدام، والاستبسال، والتفاني للإخوة المجاهدين هناك، وهذه الجرأة المميزة.
- كذلك عملية أحد الاستشهاديين، الذي تمكَّن من قتل اثنين من الجنود الصهاينة، ثم تنكَّر بملابس أحد الجنود الصهاينة، واستطاع الوصول لقوة صهيونية، وفجَّر نفسه بحزامٍ ناسفٍ بين الجنود الصهاينة، وأوقعهم بين قتيل وجريح.
- سرايا القدس نفَّذت عشرين عملية، بينها عمليات بالقصف الصاروخي.
- وكذلك هناك عمليات لبقية الفصائل المجاهدة في قطاع غزة.
أما فيما يتعلَّق بعمليات الإسناد من يمن الإيمان والحكمة والجهاد، في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس): فعمليات هذا الأسبوع متميزة في زخمها، وفي أنها عمليات مؤثَّرة على العدو الإسرائيلي؛ لأنها عمليات بالصواريخ الفرط صوتية، إلى يافا المحتلة، التي يسميها العدو بـ [تل أبيب]، كذلك هناك عمليات إلى يافا المحتلة وعسقلان بالطائرات المسيَّرة، وعمليات الصواريخ الفرط الصوتية، التي تخترق منظومة الحماية والدفاع الجوي للعدو الإسرائيلي.
وعندما نتأمل في مستوى هذا الإنجاز؛ نجده إنجازاً كبيراً ومهماً جداً، والعدو الإسرائيلي يدرك هذه الحقيقة، وكذلك هو الأمريكي، التأثير لهذه العمليات، وفي هذا التوقيت، الذي كان العدو الإسرائيلي يتباهى بأن الأجواء بشكلٍ عام أصبحت في صالحه، وأنَّه سينفرد بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأنَّه بات مطمئناً تجاه جبهات الإسناد؛ نظراً للمتغيرات في سوريا، وبعدما حصل في لبنان… وهكذا في بقية الجبهات، لكنه تفاجأ بهذا الاستمرار من جبهة الإسناد في يمن الإيمان، بهذا الزخم، بهذه القوة، بهذا العزم، والإصرار، والتصميم، والثبات، بهذه الفاعلية المؤثِّرة على العدو الإسرائيلي؛ ولـذلك يتحدَّثون في وسائلهم الإعلامية، عن حالة الإحباط لدى القادة الإسرائيليين المجرمين في أجهزتهم العسكرية والأمنية، أنَّهم مصابون بالإحباط، يعني: بعد كل الذي قد عملوه، وفعلوه، وارتكبوه من الجرائم، بشراكة أمريكية، بعد كل الذي قد تحقق لهم من نتائج نتيجةً للتخاذل العربي، ومن معظم العالم الإسلامي، وفي الوقت الذي تصوَّروا أنَّهم سيتحدثون فقط عن الإنجازات، ويسوِّقون لأنفسهم إنجازات معينة، إذا بهم يتفاجؤون بهذا المستوى وهذا الزخم من العمليات المستمرة، بهذه الفاعلية والتأثير، حيث لم تغن عنهم وسائلهم الدفاعية، التي لا يمتلكها غيرهم في المنطقة، لم تغن عنهم شيئاً، ولم تتمكن من حمايتهم.
الصواريخ جعلتهم في يافا المحتلة، المسماة عندهم بـ [تل أبيب]، في حالةٍ من الذعر الكبير، ويتحدَّثون في وسائلهم الإعلامية عن أسبوعٍ بلا نوم، هذا المستوى من الإزعاج الشديد، من الإحباط الشديد، من الخوف الشديد؛ لأن الصواريخ (صواريخ الفرط الصوتية) تطلق عليهم في الليل، وفي أغلب الحالات بعد منتصف الليل، أو في آخر الليل، فهم منذ بداية الليل في سهر، وقلق، وأرق، متى يصل الصاروخ؟ يتوقعون ذلك، ثم عندما تدوِّي صفارات الإنذار؛ يهربون من قصورهم والبيوت التي يستوطنونها ويغتصبونها، ومن تلك المدن والبلدات- في كثيرٍ منها- بالملايين، بالملايين إلى الملاجئ، فيقومون من على كراسي النوم للهروب، مذعورين، مفجوعين، متدافعين، يهلك بعضهم أثناء التدافع، وهم هاربون إلى الملاجئ.
أمَّا البعض فعندما تدوي صفارات الإنذار، يصاب- كما يقولون هم- بسكتة قلبية؛ من شدة الخوف، ومن حجم الصدمة التي تصيبهم، هذا من غير الأضرار المباشرة للقصف الصاروخي، التي تطالهم في الدمار، والقتل، والجرح بشكلٍ مباشر، يهلك منهم من يهلك من الرعب والخوف بالسكتة القلبية، والبعض في حالات التدافع، وهم هاربون بالملايين، من على فراش النوم إلى الملاجئ، وهذه الحالة حالة- بالنسبة لهم- تغيظهم جداً، وتؤلمهم، وتُعكِّر عليهم ما كانوا يأمِّلونه من صفو حالهم وراحتهم.
العدو الإسرائيلي كان يريد أن يتحدث فقط عن انتصارات كبرى، وإنجازات، فإذا بهذه العمليات المميزة، بكل ما تحمله من دلالات وأهمية تقلقه، تؤرقه، وتربكه، وتخيفه، وتؤثر على واقعه، وتمثل ضغطاً كبيراً عليه، وفي نفس الوقت إسناداً مهماً للشعب الفلسطيني، الذي يجد إلى جانبه من يقف معه وقفةً صادقة، جادة، مخلصة، بكل المستطاع، وبكل الإمكانات.
هذه العمليات، التي هي إلى عمق فلسطين المحتلة، لاستهداف العدو الإسرائيلي، إلى المدن والبلدات المغتصبة هناك، إلى معسكراته، إلى منشآته، لها دلالات مهمة جداً:
- في مقدِّمتها: كسر عنصر التفوق الدفاعي لكيان الاحتلال الإسرائيلي:
العدو الإسرائيلي يمتلك– كما قلنا- ما لا يمتلكه أحد في المنطقة، بحوزته من وسائل الدفاع الجوي، والحماية، والمنظومات المتعددة: القبة الحديدية، مقلاع داود، السهم… وطبقات متعددة للحماية تلك، ولكنها بكلها فشلت، وهذا سبَّب قلقاً كبيراً لدى العدو الإسرائيلي، هو لأنه في نطاق محدود، قد تمكَّن أن يغطيه بالكامل لأنظمة الحماية تلك، ولكن يشاهد الجميع، من يتابع المشاهد الفيديو المصورة لنزول الصاروخ، وهو يتجاوز الصواريخ التي يطلقونها لاعتراضه، يمر بالقرب منها، وبتسديد الله تعالى ينزل وينزل ويتجاوزها، هذا المشهد مقلق جداً للعدو الإسرائيلي، ومشهد هزيمة للعدو الإسرائيلي، وفشل وإحباط بكل ما تعنيه الكلمة، وهذه مسألة مهمة جداً.
وهناك تعليقات لقادة العدو الإسرائيلي، من ضباط، من مسؤولين، ولوسائله الإعلامية، ولمراكزه البحثية، ومن ضمنها: ما صرَّح به القائد السابق لمنظومة الدفاع الجوي في سلاح الجو في كيان العدو، متحدثاً عن الصاروخ الذي أطلق فجر السبت، قال: [محاولة الاعتراض فشلت بشكلٍ قاطع]؛ لأنهم يحاولون أن يبرروا ما حدث من اختراق للمنظومة التي بحوزتهم، رغم تطورها، ورهانهم عليها، إلَّا أنها فشلت، حاولوا أن يقدِّموا عناوين ومغالطات أخرى، فهو يقول وهو من ذوي الاختصاص: قائد سابق لمنظومة الدفاع الجوي نفسها، قال: [محاولة الاعتراض فشلت بشكلٍ قاطع].
أيضاً في وسائلهم الإعلامية يقولون: [ينبغي تعلُّم الدروس من العدو]، هذا المنطق تحدث به قبلهم الأمريكيون، كيف ينبغي الاستفادة والتَّعَلُّم من اليمنيين، تَعَلُّم الدروس، يعني: بتوفيق الله تعالى، بمعونته، الأداء المميز للقوة الصاروخية، والأداء المميز في الطائرات المسيَّرة، الأداء العسكري المتميز في الإنتاج والتكتيك، وفي العمليات نفسها، أصبح مدرسة انبهر منها الأعداء، بالرغم من كل ما يمتلكونه هم: من إمكانات، من وسائل، من دراسات، من تطور علمي، لكنهم مع ذلك يتحدَّثون عن تعلُّم الدروس من الجانب اليمني، والأداء اليمني، يقولون: [ينبغي تعلُّم الدروس من العدو]، يقصدون بالعدو اليمن يعني، [الجانب الآخر يتعلم ويستخلص الدروس، هناك عقول تجلس وتحاول تجاوز نظامنا]، يعني: هم يدركون ما يحدث عندنا، عند مجاهدينا في الجيش والقوات المسلحة، في القوات الصاروخية، وفي الطائرات المسيَّرة، والعمليات البحرية، والمراكز المعنية بالبحث والدراسة، أنها تدرس ما هناك من معوِّقات، ماذا يمتلكه العدو من وسائل، كيف يتم تجاوزها بتقنيات، بعمل إبداعي بكل ما تعنيه الكلمة بتوفيق الله تعالى.
يقولون: [من الواضح أنَّهم استخدموا نوعاً من الصواريخ المطوَّرة، حاولوا إنتاج صاروخ شبه أسرع من الصوت]، يعني: صَعُب عليهم أن يقولوا: أسرع من الصوت، فقالوا: شبه أسرع من الصوت.
- الدلالة الثانية: هي فشل الردع:
العدو الإسرائيلي نفَّذ عدداً من عملياته العدوانية، التي استهدف بها بلدنا، واستهدف من خلالها في بلدنا منشآت، هي منشآت مدنية، يعني: في الحديدة عدة موانئ هناك ركَّز على استهدافها، في العمليات الأخيرة استهدف محطتي كهرباء في صنعاء، هدفه من تلك العمليات هي الردع؛ لكي نتوقف، ويتزامن مع تلك العمليات حملة دعائية وإعلامية من أبواقه؛ لتحقيق نفس الهدف الذي يسعى له العدو الإسرائيلي، وهو: الضغط بإيقاف تلك العمليات.
ولــذلك عندما نفهم أنَّ الهدف الرئيسي للعمليات العدوانية، التي ينفِّذها العدو الإسرائيلي ضد بلدنا، هو: الردع والمنع للاستمرار في عملياتنا التي نقوم بها كشعبٍ يمني، وجيشٍ يمني، وجهات رسمية وشعبية، ماذا يعمل الآخرون الذين يناصرون العدو الإسرائيلي، يوالونه، يعملون لصالحه، ويشتغلون معه في الدعاية الإعلامية كأبواق له؟! يعملون نفس العمل الهادف لنفس الهدف، وهو: الضغط بإيقاف تلك العمليات.
ولكن الإسرائيليين يدركون أنهم فشلوا في مسألة الردع، ولهذا يقولون: [هدف الحوثيين هو خلق حالة من عدم الاستقرار والقتال المستمر في إسرائيل، وهم يحققون هذا الهدف بلا شك]، فهم يدركون أنَّ عملنا مستمر، وفاعل، ومؤثِّر، ولم نتوقف.
يقولون أيضاً: [الضربات المباشرة للصواريخ البالِسْتِيَّة، التي انطلقت من اليمن، والتي عجزت منظومة الدفاع الجوي عن اعتراضها، تسببت بإحباط كبير لدى المسؤولين السياسيين والأمنيين في إسرائيل، وواشنطن أيضاً، وواشنطن].
يقولون: [العملية الهجومية لن تردع الحوثيين، ولن تضر بقدرتهم]، هم يدركون هذه الحقيقة، فلا هي تردعنا عن الاستمرار في مساندة الشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأعزاء؛ لأن هذا موقف ديني، مبدئي، إنساني، أخلاقي، لن نحيد عنه أبداً، مهما كانت الضغوط، ومهما كانت الإغراءات؛ ولـذلك هم يدركون هذه الحقيقة، ويقولون: [لن تردع الحوثيين، ولن تضر بقدرتهم ونواياهم في مواصلة إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار باتجاه إسرائيل].
ويقولون: [والأسوأ من ذلك]، ولاحظوا فيما يصفونه بالأسوأ، [أنهم سيستمرون أيضاً في إلحاق الضرر بالشحن التجاري والعسكري العالمي في البحر الأحمر، والأضرار الاقتصادية الهائلة، التي لحقت بنقل الطاقة، والتي تسببوا فيها لأكثر من عام]، يعني: العمليات البحرية، يصيحون منها جداً، التي لها تأثير كبير عليهم في وضعهم الاقتصادي.
يقولون أيضاً: [يجب النظر إلى الواقع بعيون مفتوحة، والقول بصوتٍ عالٍ: إسرائيل غير قادرة على التعامل مع تحدي الحوثيين من اليمن]، صحيح، هم عاجزون عن مواجهة هذا التحدي، وعن التخلص من هذا التحدي، تحدٍ يستند إلى الإيمان، إلى الوعي، إلى البصيرة، إلى الأخذ بالأسباب، إلى التوكل على الله والثقة به، فهم يقولون هكذا هم، في صحفهم، في وسائلهم الإعلامية، يعترفون بما يتنكر له عملاؤهم: [يجب النظر إلى الواقع بعيونٍ مفتوحة، والقول بصوتٍ عالٍ: إسرائيل غير قادرة على التعامل مع تحدي الحوثيين من اليمن، إسرائيل فشلت في مواجهة الحوثيين من اليمن، تأخرت كثيراً في مواجهة التهديد القادم من الشرق، وهي تجرُّ أقدامها بضعف في استجابتها لهذا التهديد].
يقولون أيضاً: [بعد انقضاء أربعة عشر شهراً من المواجهة المباشرة بين الحوثيين وإسرائيل، لابدَّ من الإقرار بفشل إسرائيل في إجبار الحوثيين على وقف إطلاق النار]، هذه اعترافات العدو الإسرائيلي في صحفه، ووسائله الإعلامية، ولدى مسؤوليه، ولدى شخصيات معنيَّة بالدراسات والأبحاث، يعترفون بالفشل.
يقولون: [إنَّ بقاء ميناء إيلات مهجوراً]؛ لأنه أصبح معطلاً بشكلٍ تام ومهجور، ولم يعودوا يستفيدون منه، وقد سرَّحوا عماله الآن، سرَّحوهم ونقلوهم إلى ميناء حيفا، وإلى ميناء سدود، [إنَّ بقاء ميناء إيلات مهجوراً، والقصف المتواصل من اليمن بالطائرات المسيَّرة والصواريخ، باتجاه إسرائيل، بما في ذلك منطقة غوش دان]، يعني: في ما يسمونه [تل أبيب]، [وليس فقط إيلات، كلها الشواهد على هذا الفشل]، وهذه نتيجة مهمة تحققت بتوفيق الله تعالى، بمعونة الله “جَلَّ شَأنُه”، بنصره، وهو القوي العزيز.
ها هم الاسرائيليون مهما كابر المجرم [نتنياهو]، وبعض من يسمونهم بوزراء معه، مهما كابروا، لكن الصورة واضحة لدى غيرهم، هي واضحة لديهم، وهم يكابرون، ولدى غيرهم ويعترفون، يعترفون بالفشل بكل ما تعنيه الكلمة.
أيضاً هم يصيحون من التحدي الاستخباراتي في اليمن، يعني: عن شح في المعلومات، وعن فشل في الحصول على المعلومات اللازمة، ومعنى ذلك: فشل في الاختراق الأمني والمعلوماتي، والعدو الإسرائيلي يتحدَّث عن عجز في الاستخبارات في اليمن، ونتيجةً لذلك تم الإعلان عن عرض لمن يجيدون اللغة اليمنية، يعني: اللهجة اليمنية، ويعرفون الثقافة الشعبية في اليمن، للالتحاق بالاستخبارات الإسرائيلية.
أيضاً مما يظهر أثره، هو أثر العمليات على المجتمع الصهيوني بنفسه، وتحدَّثنا عن الشواهد لذلك، منها يقولون: [مع كل عملية يمنية، تدوي على إثرها صفارات الإنذار، يدخل ملايين المستوطنين الصهاينة إلى الملاجئ، ويتم الإعلان عن إصابات بحالات القلق والصدمة، إلى جانب الإصابات أثناء التدافع].
أمام كل هذا الفشل الإسرائيلي، هناك إرباك واضح في واقع العدو الإسرائيلي، هم يطلقون التهديدات، وقد يحضِّرون لعمليات معينة، ويحاولون في تصريحاتهم أن يكابروا، هذا على مستوى [المجرم نتنياهو]، وبعض المجرمين حوله، ولكنَّ الإرباك واضحٌ جداً في تعاملهم مع الموقف؛ ولــذلك لجأوا- لغير العادة- إلى الاستنجاد بمجلس الأمن! يستنجدون بمجلس الأمن، ويطلبون منه أن يجتمع، وأن يدين هذه العمليات، وأن يسعى للضغط بهدف توقيفها، هذا من حالة الإرباك لديهم.
يطلبون من الدول الأوروبية وغيرها أن تقوم معهم بمساعدة سياسية، من خلال التصنيف بالإرهاب، وأعلنوا عن ذلك، ما يسمى بوزير خارجيتهم أعلن عن ذلك، وأنه سيطلب من بقية الدول أن تصنِّفنا في اليمن بالإرهاب.
والأظرف من ذلك، والأكثر سخافةً وغباءً، هو: تعليق بعضهم الآمال على المرتزقة، فالبعض قال: [لنتواصل بالذين في عدن]، يسمونهم هناك بالحكومة، يقصد المرتزقة الذين هناك، [ولنطلب منهم أن يقاتلوا، ولنحركهم ليقاتلوا]، وهذه حالة غريبة جداً! الإسرائيلي، الذي ينظر إليه المرتزقة بإكبار، بإعظام، والذي يرجفون لأجله، ويهوِّلون لأجله، بل يحاولون أن يكتسبوا شيئاً من العنتريات؛ من أجل ما يقوم به العدو الإسرائيلي، هو بنفسه يأمل منهم أن يفكوا عنه ما هو فيه من المشكلة، وأن يقفوا هم لحمايته، والحالة بالنسبة له ولهم، وبالنسبة للأمريكي أيضاً؛ لأن هذا سيأتي الحديث عنه فيما يتعلَّق بالموقف من جهة الأمريكي، كما يقال في المثل اليمني: [سقط مورم على منتفخ]، المرتزقة يعلِّقون آمالهم على العدو الإسرائيلي، ويتحدَّثون بإعجاب وتعظيم لما يفعله في سوريا، لما يفعله في لبنان، وما فعله في فلسطين، ويحاولون أن يقدِّموا عنه تلك الصورة التي سقطت من زمان، أنَّه: [العدو الذي لا يقهر]، ثم إذا به هو يعلِّق الأمل عليهم أن يقوموا هم بالدور بالوكالة عنه، والنيابة عنه؛ لكي يقوه ما قد عجز هو عن أن يقي نفسه منه، ولكنهم بكلهم فاشلون، هذا على المستوى العسكري.
فيما يتعلَّق بالوضع الاقتصادي: هناك أضرار كبيرة، وتأثير كبير للعمليات اليمنية على العدو الإسرائيلي؛ ولــذلك حتى في العمليات الصاروخية، في هذا الأسبوع هبطت مؤشرات البورصة الإسرائيلية، وانخفضت قيمة العملة الإسرائيلية يوم الخميس الماضي، بعد الهجمات الصاروخية اليمنية على يافا المحتلة.
رئيس بلدية [رامات غان]، قال: [إنَّ الأضرار التي سببتها الضربة الصاروخية في المنطقة، تُقَدَر بنحو إحدى عشر مليون دولار]، هذه ضربة صاروخ واحد، لها هذا التأثير عليهم، وهكذا يعانون أيضاً من كلفة كبيرة في الصواريخ الاعتراضية؛ ولـذلك في تقرير بشأن العمليات اليمنية على كيان العدو، أفاد موقع أمريكي بأن تكلفة إحباط الصواريخ البالِسْتِيَّة، والطائرات بدون طيار، تقدر بملايين الدولارات لكل ذخيرةٍ اعتراضية، وهذا مؤثرٌ عليهم.
كذلك في قصة ميناء أم الرشاش، التي يسمونها بـ [يلات]، تم نقل العمال من هناك، يئس الإسرائيلي من إمكانية حلّ مشكلة منع الملاحة عنه في البحر الأحمر، والبحر العربي، وباب المندب، يئس تماماً؛ ولـذلك سرَّح عماله، يعني: في هذا الشهر، بعد الانتظار لسنة وشهرين، وهم يحاولون كيف يحلون المشكلة في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، لكن فشلوا، وصلوا إلى يأس، ونقلهم لعمالهم والعاملين من ميناء [إيلات] إلى الموانئ الأخرى في حيفا وأسدود، هذا يعبِّر عن هذا اليأس، وهذا العجز، وفي المقابل يشهد على الانتصار الذي منَّ الله به، وأكرم به شعبنا ومجاهدينا، هذه نعمة كبيرة جداً، وفاعلية عالية في هذا الموقف، نتائج واضحة، ملموسة، تشهد بها الحقائق والوقائع، ذلك بسبب توقف نشاط الميناء تماماً.
فيما يتعلَّق أيضاً بأثر العمليات البحرية، التي هي ذات أهمية كبرى على غيرهم، يعني: على الشركاء مع الإسرائيلي، على الأمريكي، وعلى أيضاً البريطاني، وفي وضوح الصورة أنَّ الذي يحصل هو منعٌ لهم هم، وليس لغيرهم، هناك أيضاً كلام لمدير الاستخبارات والمخاطر في الشركة البريطانية للأمن البحري، قوله: [إنَّ من وصفهم بالحوثيين واضحون للغاية، بأنهم يستهدفون السفن التي تديرها الولايات المتحدة، أو المملكة المتحدة، أو إسرائيل، أو السفن التابعة لها]، مضيفاً: [أنَّ أي شخص يقع خارج هذا النطاق؛ يُسمح له بالمرور بموجب تفويض الحوثيين عبر البحر الأحمر]، هذه شهادة واضحة؛ لأن من يتحدَّثون عن الملاحة البحرية العالمية، الإضرار بكل الدول، وعبارات من هذه، لكي يبرروا وقوفهم مع الإسرائيلي، مع الأمريكي، هم يشهدون الزور، وينطقون بالزور، وإلا فالمسألة واضحة، مثلما اعترف بها هذا البريطاني بنفسه أيضاً، هذا فيما يتعلَّق بالعدو الإسرائيلي.
فيما يتعلَّق بالأمريكي: كان هناك في هذا الأسبوع عملية كبيرة وعظيمة ومهمة جداً، وهي: الاشتباك مع حاملة الطائرات الأمريكية [ترومان]، والقطع الحربية التي معها، بالتزامن مع سعي الأمريكي لتنفيذ عمليةٍ عدوانيةٍ كبيرةٍ على بلدنا، كان الأمريكي قد حضَّر لتنفيذ عملية عدوانية على بلدنا، تستهدف عدداً من المحافظات اليمنية، وعدداً من الأهداف في البلد، وأعدّ التشكيلات الحربية التي تُنَفِّذ ذلك، وطائرات الاستطلاع، وفي نفس الوقت طائرات التزويد بالوقود… وغير ذلك، وقدَّم حاملة الطائرات إلى مسافة معينة، كانت لا تزال تبتعد بأكثر من ستمائة كيلو عن البلد، ولكن إلى حدٍ ما المقدار الذي يساعدها لتنفيذ تلك العملية، ولكن ومن الإنجازات التكتيكية، التي هي بتوفيقٍ من الله، ومعونةٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، أنَّ التمكن في بلدنا من التحرك المباشر، مثل ما حصل في التصدي للعدوان الإسرائيلي في وقته، والقصف بالصاروخ في وقته، والاستهداف للعدو أثناء ذلك، بالتزامن مع العدوان، هكذا الحال مع الأمريكي، تم تنفيذ عملية كبيرة، للتصدي للعدوان الأمريكي، بعددٍ كبيرٍ من الصواريخ والطائرات المسيَّرة، استهدفت حاملة الطائرات، واستهدفت القطع البحرية التي معها؛ ولـذلك فشل الأمريكي- بكل ما تعنيه الكلمة- في تنفيذ العدوان الذي أعدَّ لهم، ورتَّب لهم، واقتصر الأمر على بعضٍ من عمليات القصف، نتج عنها ارتقاء البعض من الشهداء، ولكن كانت عملية الأمريكي فاشلة بكل ما تعنيه الكلمة.
العملية بنفسها، في الاستهداف للمرة الرابعة لحاملات الطائرات الأمريكية، هي بنفسها عملية مهمة، جريئة، قوية، ومن بعد الحرب العالمية الثانية إلى الآن، لم يجرؤ أحد في العالم، في أي بلد، في أي جهة، في أي منظمة، من أن ينفِّذ مثل هذه العملية الجريئة، لاستهداف حاملات الطائرات الأمريكية.
العملية هذه نتج عنها: سقوط طائرة أمريكية [F18]، من أهم الطائرات الأمريكية، ومن أغلاها، قد يصل سعرها إلى ثمانين مليون دولار، في بعض الحالات وبعض الأرقام يُذكر أن سعرها يصل إلى هذا المستوى، يعني: غالية الثمن، ومتطوِّرة جداً.
الأمريكيون يقولون أنهم: [أسقطوها عن طريق الاشتباه والخطأ]، طبعاً هذا يعبِّر عن حالة فشل، وحالة عجز، وحالة إرباك كبير، وفي نفس الوقت يسخر منهم الكثير، سخرت منهم وسائل إعلام أمريكية، قالت: [بماذا تشتبهون؟ هل لدى اليمن طائرات [F18] مثل طائراتكم، حتى يشتبه عليكم الحال: هل هي أمريكية أم يمنية؟! أم ماذا؟!]، الصينيون سخروا منهم، قالوا: [إن كان الحوثيون هم من أسقطوا طائرتكم، فهذا يدل على ضعفكم؛ أمَّا إذا كنتم أنتم من أسقطتم طائرتكم بأنفسكم، هذا يدل على أنكم أضعف!] يعني: هي حالة أسوأ؛ ولـذلك هي حالة خسارة بالنسبة لهم.
التحليلات والتقارير الأمريكية والعالمية منذ بداية المواجهة، تقول: [إنَّ هذه المواجهة ليست فقط الأكثر استدامة والأولى]؛ لأنها استمرت طول الليل، يعني: بدأت تقريباً من الساعة التاسعة حالة الاشتباك مع حاملة الطائرات إلى قرب الفجر، [التي يتم فيها استهداف القطع الحربية الأمريكية بكثافة عالية، ولكنها أيضاً غيَّرت مفاهيم وتكتيكات الحرب البحرية إلى الأبد، لم تعد حاملات الطائرات تعبِّر عن الردع]، هي هربت، هربت الآن إلى مدى أبعد من ألف وخمسمائة كيلو عن الموانئ اليمنية، هروب إلى البعيد، لم تعد تعبِّر عن الردع، [ولا تنجح في صناعته، ولكنها أصبحت عبئاً أمام الصواريخ البالِسْتِيَّة والمجنحة والطائرات المسيَّرة، لم يسبق أن تعرضت حاملة الطائرات لعملية هجومٍ مباشر إطلاقاً، لكن اليمنيين فعلوها أربع مرات: مرتين باستهدافهم حاملة الطائرات [آيزنهاور]، ومرةً باستهداف حاملة الطائرات [لينكولن]، ومرةً رابعة باستهداف حاملة الطائرات [ترومان]].
هذا العمل الكبير، والنجاح المهم، هناك أصداء كبيرة له في تصريحات الأمريكيين، ولكننا سنختصر البعض منها؛ لأنها كثيرة جداً، ونترك المهمة لوسائلنا الإعلامية، لتكمل الكثير من النصوص والاعترافات لدى الأمريكيين، والخبراء العالميين، عن تأثير هذه العمليات، قوة هذه العمليات، فاعلية هذه العمليات، جديَّة هذه العمليات، نوعية هذه العمليات.
يقولون: [نجد أنفسنا أمام استخفاف هائل بتهديد الصواريخ الحوثية، والحقيقة أنَّ احتمالية أن تكون البحرية الأمريكية قد أسقطت طائرتها، حتى مع ضعف كفاءة جيش نظام [بايدن]، لا يمكن تصديقها، لقد وصلنا حقاً]، هذا ما يقوله الأمريكيون؛ ليسمع أبواق الصهيونية، إلى ما قاله الأمريكي، [لقد وصلنا حقاً إلى مستوى متدنٍ للغاية، كقوة عظمى مزعومة، عندما تكون أفضل وأقرب قصة تصديق للتغطية على حقيقة أنَّ الحوثيين ربما أسقطوا إحدى طائراتنا، هي أنَّ الطائرة سقطت بفعل نيران صديقة]، يعني: قالوا حتى هذا العذر، عذر مخزٍ، ليس عذراً مريحاً.
الأمريكي أيضاً مرتبك، في حالة ارتباك كبيرة، يستنجد بالآخرين، كل ما يحرص عليه الأمريكي أن يورِّط الآخرين معه في العدوان على بلدنا، حاول توريط الأوروبيين، وحاول توريط الأنظمة العربية، ويسعى لهذا؛ ولـذلك من يعلِّق الآمال على الأمريكي فهو واهم، المرتزقة الذين ينظرون إلى الأمريكي كآلهة في هذه الدنيا، يعظِّمونه منتهى التعظيم، يحاولون أن يصيحوا بأصواتهم متكئين عليه، ومعتمدين عليه، هو في حالة إرباك، هو في مشكلة، هو في مأزق بما تعنيه الكلمة، هو يسعى لتوريط الآخرين، وإقناع الآخرين، هو أيضاً يحاول أن يورِّط المرتزقة والأنظمة العربية، والحال معه كما قلنا في المثل اليمني: [سقط مورِّم على منتفخ]، حالة المرتزقة الذين هُزِموا، ولم تنفع معهم أكثر من نصف مليون غارة جوية، في إعادتهم من حيث هربوا، من معسكرات وقصور، هم في هذه الحالة من محاولة الارتماء في أحضان الأمريكي، في أحضان الإسرائيلي، الاستنجاد بهذا أو ذاك، ولكن الكل فاشلين، هم والأمريكي والإسرائيلي، والكل معه تجربة، تجربة كافية مع بلدنا.
ولـذلك في هذه الأيام، عندما يحاولون في بعض الوسائل الإعلامية التهويل بما حدث في سوريا، هو ليس له أي تأثير ولا علاقة فيما يتعلَّق ببلدنا؛ لأننا منذ البداية شعبٌ يعتمد على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يتحرَّك بمنطلقٍ إيمانيٍ وجهادي، وخلال كل هذه المراحل، نحن في صراع، في مواجهة، في تطوير قدرات، في تدريب وتأهيل، أصبح من حظوا بالدورات التدريبية والتأهيلية القتالية: أكثر من مليون متدرِّب، أكثر من سبعمائة ألف منهم في التعبئة، ومئات الآلاف في القوة النظامية، ومن حظوا بالتدريب خلال السنوات الماضية؛ لـذلك نحن في وضع- أصلاً- في وضع معركة، نواجه ونتحدَّى الأمريكي والإسرائيلي، بإيماننا بالله، بتوكلنا على الله، بثقتنا بالله، ونحن في سعيٍ عمليٍ دائم للأخذ بأسباب النصر، وأسباب القوة، والحمد لله.
فيما يتعلَّق بالأنشطة الأسبوعية:
- كان هناك اجتماع علمائي في الحديدة، وكان فيه كلمات عظيمة لآبائنا العلماء الأجلاء، وخرج ببيان مفيد ومهم.
- كان هناك أيضاً إحياء لمناسبة ذكرى مولد الزهراء، فاطمة بنت رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم”، واليوم العالمي للمرأة المسلمة، وكان هناك إحياء كبير له من أخواتنا المؤمنات، والإحياء الكبير للمناسبة تضمَّن الكثير من الأنشطة الثقافية المفيدة، التي تقدِّم الرؤية الإسلامية القرآنية عن المرأة في الإسلام.
- كان هناك إعلان عن إنجاز أمني جديد ومهم، ولكن لضيق الوقت ليس لنا فرصة للحديث عن أهمية هذا الإنجاز، ولكن نؤكِّد أنَّ الإنجازات الأمنية ذات أهمية كبيرة جداً؛ لأنها تجعل الأعداء في عمى، وتفشل عليهم الكثير من المؤامرات.
- كان هناك فيما يتعلق بالخروج الشعبي العظيم، والواسع، والكبير، والمهم، والذي له دلالة كبيرة، بعد العدوان الإسرائيلي على بلدنا، خرج شعبنا خروجاً مليونياً عظيماً في الأسبوع الماضي، يتحدَّى الإسرائيلي، وتحدَّاه شعبنا، ويتحدَّاه بالقول وبالفعل، خرج الملايين لتحدي العدو الإسرائيلي، في سبعمائة وستة عشرة مسيرة ومظاهرة، هذا في الأسبوع الماضي.
النشاط فيما يتعلق بالتدريب مستمر، سبعمائة واثنى عشر ألفاً وثلاثمائة وتسعة وسبعين متدرب، مخرجات التعبئة، أكثر من ثلاثمائة آلاف ممن حظوا بالتدريب ما قبل ذلك في القوة النظامية، وفي السنوات الماضية، يعني: أكثر من مليون يمني متدرِّب.
والحمد لله رب العالمين وضعنا– بفضل الله وبتوفيقه- وضعٌ عظيم، وضع شعبٍ يستشعر مسؤوليته، يحمل الوعي، يتوكل على الله، يثق بالله، يأخذ بأسباب القوة، يتحرَّك وفق مسؤوليته، وهذا التحرك هو محل أمل كبير بنصر الله؛ لأن هذا الشعب استجاب لله تعالى لنصرة الحق، لنصرة دين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، للوقوف في الموقف الذي يرضاه الله، والله هو القائل: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد:7]، والقائل: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:47]، فشعبنا العزيز في إطار انطلاقته الإيمانية والجهادية، واستجابته العملية، وتحرره، وعزته، وإبائه، وكرامته، ووعيه، وأخذه بالأسباب، هو في اتِّجاه الانتصارات الكبرى، يصنع باستمرار انتصارات تلو انتصارات، ما حكينا عنه في المواجهة بين شعبنا وبين العدو الإسرائيلي، بين بلدنا وبين الأمريكي، هو كله شاهدٌ على الانتصارات الكبيرة، نحن على مشارف اكتمال عام كامل منذ إعلان الأمريكي لعدوانه على بلدنا، وهو يجرُّ أذيال الخيبة والفشل.
أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج يوم الغد، خروجاً مليونياً واسعاً وكبيراً، بإذن الله تعالى، بمعونته وتوفيقه، في العاصمة صنعاء، وفي بقية المحافظات والمديريات، استجابةً لله تعالى، انطلاقاً من منطلق الثقة بالله، والإحساس بالمسؤولية، والوفاء للشعب الفلسطيني، ومظلوميته التي لا مثيل لها، شعبنا اليوم أدهش العالم، وفاجأ الأعداء بصموده العظيم، بثباته، بميزة تحركه الفاعل، والمستمر، والقوي؛ لأنه من منطلقٍ إيماني.
نأمل أن يكون الخروج يوم الغد خروجاً كبيراً، وواسعاً، وحاشداً، يعبِّر عن هذا الثبات، عن هذه الشجاعة، عن هذا الوفاء، عن هذه الانطلاقة الإيمانية، والاستجابة الصادقة الواعية العملية لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
نَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء، وأن يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعبِ الفِلَسْطِينِيّ المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيه الأَعِزَّاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛