عن الوضع الإنساني في غزة.. الكارثة تتعاظم
تقرير| يحيى الشامي | موقع أنصارالله
أكّد وكيلُ الأمينِ العامِ للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أنَّ غزة هي حالياً المكان الأخطر لتقديم الدعم الإنساني
وأضاف أنّ سلطات العدو الإسرائيلي تواصل منع العاملين في المجال الإنساني من الوصول بشكل هادف إلى المحتاجين في القطاع، إذ تمّ رفض أكثر من 100 طلب للوصول إلى شمال غزة منذ 6 أكتوبر.
المسؤول الأممي أشار إلى أنّه في عام واحد شهدَ قطاع غزة مقتل أكبر عدد مسجّل من العاملين في المجال الإنساني، وأضاف أنه نتيجة لذلك أصبح من المستحيل -تقريباً- توصيل حتى جزء بسيط من المساعدات المطلوبة، على الرغم من الاحتياجات الإنسانية الهائلة.
المسؤول في الأمم المتحدة لفت إلى أنّ محكمة العدل الدولية أصدرت أول مجموعة من الأوامر المؤقتة في قضية تطبيق منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة، منذ ما يقرب عاماً، ومع ذلك، فإنّ وتيرة العنف المستمرة “تعني أنه لا يوجد مكان آمن للمدنيين في غزة، فقد تحوّلت المدارس والمستشفيات والبنية التحتية المدنية إلى أنقاض”.
وتابع أنّ الحصار الإسرائيلي على شمال غزة -والذي استمر لأكثر من شهرين- أثار شبح المجاعة، في حين أنّ جنوب القطاع مكتظ للغاية، ما يخلق ظروفاً معيشية مروّعة واحتياجات إنسانية أعظم مع حلول الشتاء.
كما أكد استمرار الغارات الجوية في جميع أنحاء غزة، وعلى المناطق المكتظة بالسكان، بما في ذلك المناطق التي أمرت القوات الإسرائيلية الناس بالانتقال إليها، ما تسبب في الدمار والنزوح والموت.
مجازر صهيونية رغم البيانات الأممية
ورغم سيل التصريحات والبيانات شبه اليومية التي تصدرها المنظمة الأممية والمؤسسات والهيئات التابعة لها إلا أن العدو الإسرائيلي يواصل جريمة الإبادة الجماعية بدعم وشراكة كاملة من الأنظمة والحكومات الغربية سيما الولايات المتحدة الأمريكية، وبعيداً عن الضغوطات الدولية حتى الشكلية التي كانت عادة تصدر من بعض الأنظمة والهيئات، ما يؤكد حقيقة الدعم الغربي المطلق للصهاينة بهدف استكمال مشروعهم الاستيطاني الكبير، وهو ما يمثل انتكاسة كبيرة للشعارات الغربية الديمقراطية والحقوقية وسواها من لافتات ما يُسمى “العالم الحر والمتحضّر”. في هذا السياق يمكن وضع قرارات محكمة العدل الدولية ومذكراتها الصادرة بحق مجرمي الحرب الصهاينة، حيث -وبدلاً من البدء بتنفيذ المذكرات والشروع في الملاحقة الدولية للمجرمين الصهاينة- تحوّلت الضغوط ناحية أعضاء المحكمة ومدّعيها العام في إجراءٍ عقابي لقاء إصرارهم على إصدار المذكرات. جميعها دلائل قطعية تقود إلى حقيقة إيغال النفوذ الصهيوني واستحواذهم على المؤسسات الدولية الحقوقية والقانونية.
الإعلام الحكومي في غزة: تجويع غزة مستمر نحو إبادة كاملة
وبالتزامن أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة اليوم الثلاثاء، بياناً جاء فيه أن العدو الإسرائيلي يتعمد قتل عناصر تأمين المساعدات الإنسانية التي تصل إلى القطاع، ويوفر رعاية كاملة لمن يقومون بنهبها، وذلك ضمن خطة ممنهجة ترمي لتجويع السكان.
وذكر المكتب أن العدو يرعى عمليات نهب المساعدات، ويقتل عناصر تأمينها في خطة ممنهجة هدفها خلق بيئة اقتصادية خانقة تؤدي إلى غلاء فاحش في الأسعار.
وأوضح البيان أن “الاحتلال يعمل بكل وضوح على توفير الرعاية الكاملة لسرقة المساعدات على يد عناصر خارجة عن القانون، لتحقيق عدة أهداف منها قتل أكبر عدد ممكن من عناصر تأمين المساعدات وتجويع السكان”.
وقال المكتب الحكومي إن العدو الإسرائيلي قتل منذ السابع من اكتوبر 2023م ما يزيد على 728 شخصا من عناصر وشرطة تأمين المساعدات.
وأدان المكتب الحكومي هذه الجريمة الإسرائيلية التي تمنع وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين والنازحين، كما ندد باستمرار خطط العدو الإسرائيلي الرامية لتجويع الفلسطينيين في القطاع.
وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية بالتدخل العاجل والضغط على الاحتلال لضمان تدفق المساعدات دون أي عوائق، وزيادة عددها للقضاء على سياسة التجويع الممنهجة.
يأتي البيان بعد استهداف العدو الإسرائيلي المتكرر والمتعمّد للعناصر التي تحرس المساعدات الإنسانية. وأورد البيان عدداً من حوادث الاستهداف المباشر لشاحنات المواد الإنسانية وعناصر حمايتها؛ من بينها استهداف العدو الإسرائيلي بغارةٍ يوم أمس سيارة كانت ترافق شاحنة مساعدات تحمل شحنة من الدقيق في مدينة دير البلح وسط القطاع، ما أسفر عن استشهاد 4 من عناصر الحماية، كما قصف أول أمس الأحد مركبة تقل عناصر تأمين مساعدات، ما أدّى لاستشهاد 5 منهم.
وفي الثالث من ديسمبر/كانون الأول الجاري، قال المكتب الحكومي إن جيش العدو الإسرائيلي ينسق مع عصابات محلية لنهب المساعدات الشحيحة التي تصل إلى القطاع.
ونقلت صحيفة هآرتس العبرية في 11 أغسطس الماضي عن مصادر في منظمات إغاثية دولية عاملة بغزة لم تسمها قولها إن “الجيش الإسرائيلي” يسمح لمسلحين بنهب شاحنات المساعدات بغزة وابتزاز أموال حماية من سائقيها.
وأضافت المصادر أن المسلحين منعوا وصول قسم كبير من شحنات المساعدات التي تدخل غزة عبر معبر كرم أبو سالم إلى السكان.
وأكدت الصحيفة أن عمليات النهب ممنهجة، وتجري تحت أنظار جيش العدو الإسرائيلي الذي يغض الطرف عنها، وأشارت إلى أن بعض منظمات الإغاثة ترفض دفع أموال مقابل توفير الحماية لقوافلها، لذلك غالبا ما ينتهي المطاف بالمساعدات في مستودعات تابعة لجيش العدو الإسرائيلي.
استفحال المجاعة
واستفحلت المجاعة في معظم مناطق قطاع غزة جراء الحصار المفروض من عصابات جيش العدو الإسرائيلي، لا سيما في الشمال للإمعان أكثر في الإبادة والتجويع لإجبار الفلسطينيين على النزوح جنوبا.
وكانت الأمم المتحدة أكدت أن القيود التي يفرضها العدو الإسرائيلي على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ما زالت مستمرة، وقالت المتحدثة المساعدة باسم الأمم المتحدة -مساء أمس الاثنين- إن المؤسسات التابعة للأمم المتحدة تحاول بشتى السبل إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إنها ستوقف تسليم المساعدات عبر المعبر الرئيسي إلى قطاع غزة بسبب تهديدات العصابات المسلحة التي تنهب القوافل. وألقت الوكالة باللوم -في انهيار النظام القانوني إلى حد كبير- على السياسات العدو الاسرائيلي.
من جانبه، قال برنامج الأغذية العالمي إن قافلة مشتركة للأمم المتحدة مكونة من 66 شاحنة غادرت معبر كرم أبو سالم عبر ممر فيلادلفيا الأحد لتسليم مواد غذائية وغيرها من المساعدات إلى وسط غزة. وعلى الرغم من تأكيدات سلطات العدو الإسرائيلية على توافر شروط السلامة، فقد وقعت غارة جوية إسرائيلية.
وقالت تريمبلاي: “توجهت أول 35 شاحنة من القافلة إلى وجهتها، ووصلت إلى المستودع بدون خسائر. ومع ذلك، تأخر النصف الثاني من القافلة بسبب جيش العدو الإسرائيلي. وانتشرت أنباء عن تحرك القافلة، ما عرضها للنهب على طول الطريق. وفي النهاية، من بين 66 شاحنة، وصلت 43 شاحنة فقط بنجاح إلى المستودع، بينما فُقدت الشاحنات المتبقية البالغ عددها 23 شاحنة.
وقالت إن هذا الحادث هو مثال آخر على سبب استمرار الأمم المتحدة في التأكيد على الحاجة إلى المرور الآمن وغير المعوق للمساعدات للوصول إلى السكان الذين هم في أمسّ الحاجة إليها.