الانعكاسات الإيجابية للمشهد السوري على واقع الأمة
عبد الإله عبد القادر الجنيد
لا شك أن مسؤولية أصحاب العقول الراجحة والفهم السديد تتضاعف أمام المحن والمآسي التي تُحيط بأمتنا الإسلامية والعربية. لذا، ينبغي على كل مسلم أن يقف بجدية ومسؤولية، وينظر بعين الحكمة إلى العواقب الوخيمة التي تواجه الشقيقة سوريا، والتي يسعى الكيان المحتل لاستغلالها بعد سقوط نظام وسيطرة نظام جديد على الحكم فيها.
لقد تمكّن العدو من استهداف مقدرات الشعب السوري بشكل ممنهج، من خلال تدمير البنية الدفاعية والعسكرية والأسطول البحري للجيش العربي السوري، إضافة إلى مراكز البحوث العلمية واغتيال العلماء. كما أنه احتل أجزاء واسعة من الأراضي السورية في الجولان، وصولًا إلى تخوم دمشق، جهارًا نهارًا، بكل جرأة ووقاحة، دون أن يُقابل هذا العدوان الصهيوني الغادر بإدانة واستنكار من المجتمع الدولي أو المؤسسات الأممية.
والأدهى من ذلك، هو الصمت المطبق للنظام الجديد في سوريا على الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب السوري. هذا الصمت يطرح تساؤلات عدة عن المسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية الملقاة على عاتق كل مسلم عاقل تجاه قضايا الأمة عامة، وسوريا على وجه الخصوص.
في هذا السياق، برز اليمن قيادةً وشعبًا بموقف مشرف ومستشعر للمسؤولية، حيث أعلن قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، حفظه الله، بوضوح وقوف اليمن إلى جانب الشعب السوري، واستعداده للمشاركة في الجهاد إذا اقتضى الأمر.
ومع ذلك، فإن القيادة السورية الجديدة تتحمل المسؤولية الشرعية عما يجري، وعليها أن تعلن الجهاد في سبيل الله لردع العدو المجرم، ومنع تماديه في استهداف مقدرات سوريا وأطماعه التوسعية داخل أراضيها. هذا بالإضافة إلى ضرورة التصدي للأطماع الأمريكية التي تسيطر على منابع النفط، والأطماع التركية في الشمال السوري.
أما الموقف العربي والإسلامي تجاه ما يجري في سوريا، فيبقى باهتًا وضعيفًا، حيث لا تُرفع عناوين العروبة والجهاد إلا في سياق الصراعات الداخلية والفتن التي يُغذّيها الأعداء. وعندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، تُغيب هذه العناوين، وتُشطب من قائمة الأولويات، كما حدث مع العدوان الإجرامي على غزة والضفة وسوريا ولبنان.
وهنا تُطرح أسئلة مصيرية:
هل تحرير سوريا من نظام مستبد يبرر الصمت على جرائم الكيان الغاصب؟
هل يسمح هذا الصمت بتدمير مقدرات الشعب السوري واحتلال أراضيه؟
هل تحقق هذه الممارسات الإسرائيلية حلم الشعب السوري في الحرية والاستقلال؟
إن ما يحدث في سوريا اليوم هو نموذج للمخطط الأكبر المسمى “الشرق الأوسط الجديد”، الذي يسعى لجعل إسرائيل القوة العظمى في المنطقة، من خلال تمزيق الدول العربية إلى دويلات متناحرة وضعيفة.
ولطالما حاول “الشيطان الأكبر” تطبيق هذا النموذج في اليمن خلال أحداث “الربيع العربي”، لولا ثورة 21 سبتمبر التي أفشلت هذا المخطط بفضل حكمة القيادة اليمنية وصمود الشعب اليمني.
وفي هذا السياق، حذر السيد عبد الملك الحوثي، حفظه الله، في خطابه الأخير قوى الطاغوت من مغبة الاستمرار في استهداف اليمن. كما دعا أبناء الأمة، وخاصة المخدوعين، إلى قراءة المشهد السوري بتمعن، حتى لا يكونوا أدوات لتنفيذ مشاريع الهيمنة الأمريكية والصهيونية، التي لا تخدم إلا أعداء الأمة.
دعوة للحوار والوحدة الوطنية:
إن اليمن وطن الجميع، ويجب أن نتكاتف لبنائه وحمايته، وأن نتشارك في صنع مستقبله بما يحقق الكرامة والعزة لكل أبنائه. يجب أن تكون فلسطين هي القضية المركزية للأمة، وأن نواصل دعمها بكل الإمكانيات.
وفي الختام، لننتصر لعزتنا وكرامتنا بالاعتصام بحبل الله المتين والتمسك بوحدتنا في مواجهة الأعداء.
“ولا عدوان إلا على الظالمين، والحمد لله رب العالمين.”