Herelllllan
herelllllan2

دول المنطقة على صفيح ساخن

أحمد الفقيه

كانت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج تحلم بوحدة عربية تجمع الإرادة السياسية وتوحد المصير، رغم ما عاشته دول المنطقة من أزمات وصراعات ومناكفات مذهبية وطائفية وعرقية منذ منتصف القرن الماضي.

اليوم، تواجه دول المنطقة سيناريوهات خطيرة تتداعى بأيادٍ عربية وبدعم دولي وأممي. وتشير المؤشرات إلى وجود علاقة مشبوهة بين المدعو أبو محمد الجولاني وحكومة الكيان الصهيوني، وهو ما ظهر جلياً بعد تصريح رئيس حكومة الكيان عن رغبته في تحقيق سلام مع النظام الجديد في سوريا، شرط منع عودة إيران إلى هناك. لكن رغم هذه التصريحات، يواصل الكيان الصهيوني عدوانه بغارات جوية وتوغلات برية في الأراضي السورية. وتشير تقارير عبرية إلى تنفيذ نحو 446 غارة جوية استهدفت البحرية والدفاع الجوي والمنظومات الصاروخية والطائرات الحربية وحتى الآليات العسكرية في مختلف المدن السورية. هذه الاعتداءات المستمرة تهدد أمن واستقرار المنطقة وتعمّق الفجوة في المنظومة العربية، مما يعكس خللاً كبيراً ستكون له عواقب وخيمة.

وعلى صعيد آخر، أبدى الجولاني مواقف متناقضة، منها مهاجمته للنظام السعودي ورفضه إعادة تطبيق مشروع الحسبة في السعودية. أما الولايات المتحدة فتواصل لعبتها المزدوجة بسياسة العصا والجزرة تجاه دول المنطقة، متجاهلة الدور الصيني والروسي في تأجيج الخلافات واستغلالها لتكريس توازن القوى وفق مصالح دولية وأممية. هذه التدخلات فتحت المجال للجماعات الدينية المتطرفة فكرياً وعقائدياً وعرقياً لتحويل الصراعات من قضايا سياسية إلى معارك بين “الإسلام والكفر”، رغم أن القضية ليست دينية بقدر ما هي مصالح متبادلة وسياسات توازن قوى دولية.

أما السيناريو الأخطر الذي يلوح في الأفق فهو التدخل الخارجي السافر في شؤون دول المنطقة، تحت شعارات مثل “تحرير الشعوب من الأنظمة الفاسدة” أو “محاربة الإرهاب”. وقد تبدأ هذه التدخلات في الأردن ثم العراق ولبنان وليبيا، كما يحدث الآن في سوريا. وقد تمتد هذه العدوى لتشمل المزيد من الدول العربية، ما يطرح سؤالاً مهماً: هل من ساهموا في تعميق جراح العراق قادرون الآن على إصلاح ما أفسدوه؟

بعض الدول العربية تقف اليوم على مفترق طرق، حيث يلجأ حكامها إلى أساليب التلاعب والتهديد غير المباشر لفرض سياسات الأمر الواقع وتعزيز نفوذهم، مما يكرّس الانقسامات ويعمّق الأزمات.

صفوة القول:
ما يحدث في دول المنطقة اليوم من انبطاح سياسي وسياسات غير مدروسة أدى إلى ظهور تيارات متشددة ومذاهب عصبوية تتستر بعباءة الدين، وتستبيح دماء المسلمين باسم الإسلام، بينما الإسلام بريء من كل ذلك. المسؤولية الكبرى تقع على عاتق العلماء والمفكرين والمثقفين لتوضيح خطورة هذه الأفكار المتطرفة وتأثيرها السلبي على هوية الأمة وثقافتها وتراثها.

إننا بحاجة ماسة إلى استعادة وعي الأمة بتاريخها الصحيح وحقائقه دون تحريف أو تسويف. فالتاريخ هو ذاكرة الشعوب وموروثها، وهو السلاح الأمثل لترسيخ الهوية الإيمانية وتعزيز قيم الرسالة الخالدة.

كلمات مضيئة:
أين دور علمائنا الأجلاء ومفكرينا ونخبنا الفكرية والسياسية في مواجهة الأفكار المتطرفة التي تهدد هوية الأمة وعقيدتها؟ لا بديل عن التمسك بحبل الله المتين والاقتداء بسيرة النبي الكريم والسلف الصالح، وإلا ستبقى الأمة عالقة في دوامة الصراعات والمناكفات حتى قيام الساعة.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com