خانوا أوطانَهم فكيف كان المصير؟
أنهار السراجي
في عالم تتقاذفه الأمواج العاتية من الأزمات والحروب، يبقى الوطن هو هوية الإنسان وملاذه، هو الحضن الدافئ الذي يحتضن أحلامنا وآمالنا، لكنه في بعض الأحيان يكون ضحية للخيانة، خيانة قد تأتي من الداخل، أَو من أعداء يتربصون في الظلام.
عندما يخون الأفراد أوطانهم، فَــإنَّهم لا يخونون فقط الأرض والتاريخ، بل يخونون القيم والمبادئ التي تربوا عليها، الخيانة ليست مُجَـرّد فعل ضد الدولة، بل هي فأس يقطع أوصال المجتمعات ويفتتها، يكون المصير حزينًا ومؤلمًا، حَيثُ يتحول الأمل إلى يأس، وتغرق الأحلام في ظلمات الفقد.
ويتحول الأمان إلى فوضى، والهدوء إلى أصوات متفجرات، والحرية إلى استعباد، والكرامة إلى الذل والخزي والهوان، والاستقلال إلى الوصاية.
تجارب الشعوب عبر التاريخ تُظهر أن من خانوا أوطانهم غالبًا ما واجهوا مصيرًا مظلمًا؛ فهناك نهاية مأساوية تنتظرهم، حَيثُ يتبدد وهم السلطة والثروة أمام عيون الحالمين.
لقد قدمت تلك الخيانات دروسًا قاسية، تذكرنا بأهميّة الولاء والحب لوطننا؛ فالوطن ليس مُجَـرّد حدود جغرافية، بل هو روح متأصلة في قلوب الناس.
الوطن هو روح، يجمع بين الدول العربية والإسلامية دين واحد، لغة واحدة.
واليوم لم يستفد الخونة من دروس التاريخ، وها هم يجددون الغلط وبأحداث مختلفة.
قد يظن البعض أنني أتحدث عن وطنهم الذي يقيمون به!
لا؛ بل أوطاننا الممتدة من المحيط وحتى الخليج، أوطاننا العربية التي يخذلها أهلها يومًا تلو يوم.
باعوها بثمن بخس واشتراها العدو بالدماء ولم يكونوا يحسبون حساب من المشتري؟
حارب الخائن المخلص، والتكفيري المؤمن، وبعناوين كاذبة لا صحة لها في الدين الإسلامي، لكن واقع الخونة يعكس ما يدعون وما يتغنون به..
فلسطين اليوم يبيعونها العرب “الحكومات العربية”.. حكومات قوية حزبية، وما فعلت لغزة تنكرت.. وتأمرت الجامعات والجماعات الإسلامية وَلم تفعل أي شيء لغزة.
السعوديّة حكومة سلفية منحلة، تركيا دولة إخوانية علمانية، لم يصدر منهم إلَّا الخيانة والخذلان لغزة.
سوريا اليوم باعها أهلها وكانت الصدمة ما تعانيه اليوم من احتلال إسرائيلي، هكذا هو حصاد ما يزرعه الخونة.. كيف كان مصيرهم؟
نحن أُمَّـة يجب أن تملك السيادة؛ لأَنَّها صاحبة دين يعز به أهله ويذل عدوه، تملك الكرامة، تملك القوة والمنعة، تملك الحصن الحصين من الهلاك، لكن جراء خيانتهم جعلتهم أذلة، جبناء، يقتل الأبرياء أمام أعينهم وهم عاجزون، عاجزة حتى ألسنتهم عن النطق، مندهشين بهول الخراب والعبث الذي يعبث العدو بأوطانهم جراء خيانتهم، نهايتهم تكون على يد من قدموا لهم خدمة الخيانة وهم لا يشعرون.
فالخيانة مرض مستعص، مضاعفاته احتلال وقتل وتشريد وتجويع وانتهاك حقوق وحرية.
علاجه المشروع القرآني والرؤية القرآنية والاستفادة من دروس القادة العظماء.
لذلك، يجب أن نستمر في تعزيز تربيتنا على قيم الانتماء والولاء، حتى لا نكرّر أخطاء التاريخ.
لنستمع إلى أنين الأوطان، ولنتعهد بأن نبقى أوفياء لها، نعمل على بناء مستقبل مشرق يسوده الأمل والتسامح، أن الخيانة تهدم الأوطان، لكن الإخلاص يبني الشعوب فلنكن دائمًا حراسًا لوطننا، ونعمل على حمايته من كُـلّ ما يهدّده.
يظل الوطن أغلى ما نملك، وعلينا أن نكون على قدر المسؤولية في حمايته؛ فالخيانة قد تعصف بكل شيء، لكن الحب والولاء سيساهمان في بناء غدٍ أفضل.
مشاركةFacebookTwitterالبريد الإلكترونيTelegram