Herelllllan
herelllllan2

تصفية القضية الفلسطينية الهدف الاستراتيجي لبلطجة الكيان

يمانيون ـ  تقرير | وديع العبسي

بخطة استعمارية تشرف عليها أمريكا لخلق واقع جديد، تحرك الكيان الصهيوني في سوريا على وقع تقهقر الصوت العربي والغيرة العربية. انقلب الوضع في سوريا رأسا على عقب فجأة، ووجد الكيان الصهيوني أن ما اشتغل عليه بمشاركة أمريكية خلال السنوات الماضية بدأ يهيئ الفرصة المواتية للشروع في مخطط القفز إلى الأمام وتجاوز مطالب العرب والمسلمين بشأن القضية الفلسطينية، بحيث تصير القضية جزءاً من ثقافة ماضوية ولا يعود لها ذاك الوقع في قلوب العرب والمسلمين، لذلك لم يجد حرجا من الدخول بطائراته الحربية إلى الأراضي السورية تحت جنح الظلام وفي العلن، وشن مئات الغارات وتفجير آلاف القنابل، فالوضع العربي يبدو قد فضّل الانكفاء كلٍ على جغرافيته، وقد ترك -من قبلُ- فلسطين ولبنان فكيف سيكون له موقف في سوريا.

 

في ظل تخاذل تام

دُبر المخطط بليل وكان لابد من تجاوز الحائط السوري قلعة المقاومة التي كان لحضورها وقع الرادع عن استسهال أي تحرك لتجاوز خطوط التماس غير المعترف بها أصلا، وذلك بتدمير القلعة وسلبها قوتها، وحتى قدرتها مستقبلا على النهوض، ليصير الواقع ألى مناطق تتنازعها فصائل خارجية الولاء، بفكر خالٍ من هوية قومية عروبية، ويتشكل وفق موجهات أمريكية تركية ويتواطأ مع رغبات صهيونية، وقد ظهرت علامات هذا المنحى بغزو الكيان للأراضي السورية غداة سقوط النظام في دمشق، وأشار إلى ذلك قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي -الأربعاء- بتأكيده بأنه لا ينبغي الشك في أن ما جرى في سوريا هو نتيجة مخطط مشترك بين أمريكا والكيان الصهيوني.

وكشف السيد الخامنئي عن إسهام عربي مباشر نفذته إحدى دول الضعف والهوان المجاورة بقوله ان “إحدى الدول المجاورة لسوريا لعبت دوراً واضحا في هذا المجال، ولا تزال تلعبه –وهذا أمر يراه الجميع– ولكن المتآمر الرئيسي والمخطط الأساسي وغرفة العمليات الرئيسية هي في أمريكا والكيان الصهيوني. لدينا دلائل على ذلك، وهذه الدلائل لا تترك مجالاً للشك لدى الإنسان.”، حسب السيد الخامنئي.

والخميس أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي أن هذه الجرائم تحدث في ظل حالة التخاذل التام من معظم المسلمين والعرب. وأكد السيد القائد أن الحقائق تشهد أن الأمريكي والإسرائيلي هم أعداء للأمة بكلها مهما كان اتجاهها السياسي ومذاهبها ومهما كانت مواقفها. وقال السيد القائد إن العدو الإسرائيلي يسعى إلى نهب الثروات ومصادرتها في معادلة الاستباحة ضمن إعلانه عن “الشرق الأوسط الجديد”.

 

اللعبة القذرة

على ذات السياق وصف البرلماني المصري مصطفى بكري ما حدث بـ”اللعبة القذرة”، كاشفا عن اتفاقية أُبرمت بين الكيان الصهيوني والتكفيريين، والتي بموجبها تمكنوا من الدخول إلى سوريا. وقال بكري: “بوادر الاتفاق بين الإرهابيين والصهاينة، والشروط التي وافق الإرهابيون عليها للوصول إلى السلطة كان من أبرزها السماح لجيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير الأسلحة الاستراتيجية السورية وضرب المطارات”.

وتابع بكري: “يليها الترحيب بتعديل اتفاقية ١٩٧٤ بين العدو وسوريا، واحتلال المنطقة العازلة بين الطرفين ثم قطع الطريق الذي يربط بين طهران ولبنان، ومنع وصول أية أسلحه أو أموال إلي حزب الله، وتوقيع اتفاقية سلام بين سوريا و”إسرائيل” وإقامة سفارة “إسرائيلية” في دمشق”. وأضاف بكري: “إسرائيل” تعربد في كل مكان، والحكام الإرهابيون مشغولون بالانتقام وتوزيع الغنائم”.

 

تحذير السيد القائد

الموقف العربي المتخاذل -ملامحه ومستواه- شخّصه قائد الثورة في كلمة الخميس الماضي بدقة، راسما صورة للمآل الذي يصير عليه المرء حين يوالي أعداء الله من ضعف وخنوع، وقال السيد: من المؤسف جداً ومن المحزن للغاية أن الأمريكي والإسرائيلي يتجه في تنفيذ عنوان “الشرق الأوسط الجديد” أو تغيير ملامح الشرق الأوسط إلى تفعيل أنظمة وجماعات وتيارات إسلامية وعربية.

السيد القائد في الكلمة التاريخية خاطب وحذر الأمة الإسلامية من فداحة المؤامرة التي تحيط بها، وقال: “الإسرائيلي هو العدو لكم جميعا يا أيها العرب، يا أيها المسلمون، وهو لا يتردد عن استهدافكم وفرض معادلة الاستباحة لكل شيء. العدو يسعى لاستنزاف قدرات الأمة من خلال الاقتتال الداخلي لتصل إلى مستوى الانهيار التام وتصبح أمة مفرقة ومتناحرة وضعيفة، العدو الإسرائيلي يسعى لمسخ الهوية الدينية للأمة لتبتعد عن القرآن الكريم، ويعمل على تحريك كل العناوين لصالحه حتى العنوان الديني”.

وأضاف السيد القائد مخاطبا الأمة العربية الإسلامية: “وجهوا سلاحكم نحو العدو الإسرائيلي، ووجهوا نحوه التحريض والتعبئة وإعلان الموقف الصريح منه، كونوا واضحين في عداوتكم للكيان الإسرائيلي وكونوا جادين وصادقين في عداوتكم له”.

 

إذا تجبّر الكيان فلتحذر الأنظمة

وزاد الصمت المطبق عربيا وإسلاميا ودوليا تجاه العدوان الجديد على سوريا من التطاول الصهيوني ليظهر بعض قادته في فيديوهات قصيرة وهم في نشوة، متوعدين بفرض الواقع الذي يريدونه لشعوب المنطقة، وهو ما تعاملت معه الأمم المتحدة بمجرد تحذير من هذا العمل دون إظهار أي مؤشرات لتحركات عملية تحاسب الكيان على التجاوز.

الحالة التي صار عليها الكيان من الاستعلاء والتجبُّر على العالم والمنطقة، ليس لقدرته على الاستمرار في ارتكاب الجرائم في غزة والخروقات في جنوب لبنان وتدمير سيادة سوريا على أراضيها، وإنما للثقة التي صار عليها في القيام بكل ذلك، دون أن يكون هناك صوت ذو تأثير يمكن أن يولد لديه حالة ردع أو حتى إرباك، لا من المجتمع الدولي، ولا من الدول “الشقيقة”.

كما كشف التمادي الصهيوني في العربدة -بلا أي اعتراض- عن استفحال سيطرة شعور العرب بالضعف، وهي حالة نجحت الإجراءات الأمريكية الراعية والحامية للصهيونية في زرعها وترسيخها لدى الأنظمة العربية، فيما الشعوب هزمتها سلبية هذه الأنظمة واستسلامها، فصارت تنظر إلى أن التطبيع مع الحال القائم هو أفضل طريقة للهروب من تأنيب الضمير والشعور بالمسؤولية. إذ يُظهر التقهقر العربي ما صارت إليه مكانة القضية الفلسطينية التي ظلوا يزايدون بكونها ستظل القضية الأولى في اهتمامات شعوب الأمة، وعندما صاروا في المحك ها هم يتابعون منذ أيام ما يقوم به العدو الصهيوني من شن للغارات على سوريا، ونهش لأراضيها.

تؤكد التحليلات على أن الأنظمة العربية تحاول التكيف الآني مع ما هو حاصل مع قناعة تامة بأن الجميع سيأتي عليه الدور، ويرى الخبراء بأن الركون إلى هذه القناعة مع تفضيل التزام الصمت أو اللعب بالكلمات الدبلوماسية يؤكد الاضطراب النفسي الذي تعيشه هذه الأنظمة.

 

عاصفة الشعوب على المتخاذلين

في الوقت الذي بدأ فيه الكيان بقصف المناطق الاستراتيجية السورية، فإنه حافظ على وتيرة الاستهداف للفلسطينيين وارتكاب المجازر التي كانت حتى وقت قريب تلقى شيئاً من الرفض والمعارضة الدولية، ليكشف ذلك بأن الكيان بعملياته ضد سوريا يحاول صرف أنظار العالم عن مشهد الإبادة المستمرة في غزة، ليبدأ بخطوات عملية في إعادة الحضور المباشر في الضفة الغربية باستمرار الاعتقالات، ومؤخرا بالمصادقة على بناء مستوطنات جديدة في الضفة والقدس.

يلتهب “الشرق الأوسط”، والكيان هو اللاعب البارز في كل ما يجري، ناهيك عن أن ما حدث في سوريا يصب في مصلحة العدو لجهة تنفيذ مخطط التجزيء، فإن استعادة هيبة الردع التي نسفتها المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة تتجسد من خلال هذه التحركات العدوانية المريحة، للتخلص من قدرات عسكرية كان يمكن أن تمثل عامل دعم قوي وفاعل ومؤثر في معركة تحرير المنطقة من هذه الغدة السرطانية.

وعندما يحل الخراب على دولة وترى الآخرين يتحسسون رؤوسهم فإن هذا يشير إلى خلل غير طبيعي، ما يشير بدوره إلى أن العالم العربي والإسلامي ربما يكون قادماً على تحولات جديدة ليس فقط في سياق المخطط الصهيوني الأمريكي، وإنما في واقع الشعوب التي ربما في لحظة اليأس ستتجه إلى القصور الرئاسية لإسقاط هذه الأنظمة، وتنطلق الشعوب في ذلك من إدراك حقيقة إنه رغم هذه الخدمات الجليلة التي تقدمها الأنظمة للمشروع الاستعماري الجديد،

إلا أن لا انعكاساً يمكن أن تجنيه الشعوب، اذ لا تزال تعيش في دوامة الهموم المعيشية والبيروقراطية المقيتة، ومصادرة الثروة، فضلا عن حالة الامتهان التي ترى بأنها قد أطبقت عليها بسبب تمادى القوى الاستعمارية في استهداف دول المنطقة مع تواطؤ من قبل الأنظمة.

 

مثيرات هذا الواقع المزري

حتى الآن لم يخرج نظام عربي بأي شكل من الأشكال بخطاب توضيحي إلى شعبه يشرح فيه حقيقة ما يجري، أو يبرر حالة التخاذل تجاه هذا الذي يجرى وينال من كرامة شعوب المنطقة واستقرارها، فالقضية الفلسطينية ليست فعلا طارئا، ومعاداة الكيان الصهيوني ليس موقفاً جديدا، ورفض لغة الإرهاب والتطرف واللجوء إلى العنف ليس حادث يوم وليلة، وإنما هو حاصل معاناة مريرة تعيشها المنطقة منذ أعلن الأمريكان حملتهم لـ”محاربة الإرهاب” في العام 2001.

مثيرات هذا الواقع المزري لا تزال قائمة بل وبعنف أكبر، بينما تغيرت المواقف تجاهه، فلا حديث عن القضية الفلسطينية، وإن حدث فإنه يأتي في حدود ما تعيشه الأراضي المحتلة في اللحظة من عدوان جديد، وكأن هذا العدوان إنما هو فعل طارئ، وأن الوضع قبله كان مستقرا، ولا تعاطٍ مع العدو الصهيوني بوصفه كائناً اغتصب الأراضي واستباح الدماء وانتهك كل المحرمات، حتى ليصير الأمر عادة ومشهداً طبيعياً لا يستحق أي تحرك، كما لا انتباه حتى لجماعات كان الجميع ينظر إليها ويتحدث عنها أنها جماعات “إرهابية” من “داعش” وأخواتها، فحين تحرك -الثلاثاء- رتل للمسلحين يحمل رايات “داعش” الارهابية غازيا مدينة اللاذقية السورية، لم يستوقف المشهد أي نظام ليطلب تفسيرا لما يحدث، وهُم من كانت أمريكا تقول إنها تلاحقهم على الأراضي السورية وادّعت تكوينها لـ”تحالف مكافحة الإرهاب” لأجل القضاء عليهم، بينما لا وجود لهذا التحالف إلا على الورق وهي كل التحالف من يقتل ويحتل الأراضي ويحاول توجيه الأحداث في المنطقة تحت هذا المبرر لما يخدم سياستها ومخططها الخاص بتمكين العدو الصهيوني.

 

مجلس الأمن

في الأثناء، لم يحرك مجلس الأمن ساكناً تجاه الانتصار للمبادئ التي أنشئ لأجلها، وهي مسألة لم تعد بالخافية وهي ليست بالجديدة، فالمجلس -الخاضع لسيطرة أمريكا- ليس في سجله أي تحرك عملي لصالح المنطقة العربية، وفي عدوان “إسرائيل” على غزة والذي يأتي منطَلَقا لتغيير وجه المنطقة وإنهاء القضية الفلسطينية، لم يغادر هذا المجلس ازدواجية المعايير في التقييم وإصدار الأحكام على الأحداث بنفس الدرجة التي هي عليها في الواقع، إذ مات الضمير ولم يفعل شيئا لآلاف النساء والأطفال الذين أعدمهم السلاح الأمريكي والإسرائيلي، ولم يحرك إنسانيتهم إنهاء كل مظاهر الحياة في قطاع غزة، أو محاصرة عشرات الآلاف من الفلسطينيين في شمال القطاع بلا مأكل أو مشرب أو دواء أو ملابس تقيهم برد الشتاء أو منازل يأوون إليها.

موقف مجلس الأمن يبدو نتيجة طبيعية وامتداداً لحالة التخاذل العربي، فلا ضغط يمارس على المجلس ولا رد فعل يجبر المجتمع الدولي للعمل على إيقاف البلطجة الصهيونية عند حدها، وحصْر الأمريكان في زاوية الاتهام الصريح بتسببهم بكل ما تعيشه المنطقة من ويلات من خلال تبنيهم لأهداف الكيان الصهيوني ودعمهم المادي والمعنوي له لبلوغ هذه الأهداف.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com