جذور “العدوان الأمريكي على سوريا” وعلاقته بخطوط أنابيب الطاقة (السعودية- قطر- تركيا -أوروبا) من 1949م إلى 2024
محمد محمد الآنسي
قد يكون الكثير لا يعلمون شيئاً عن علاقة الأطماع الأمريكية وخطوط أنابيب الطاقة بما يحدث اليوم في سوريا وهذا أهم أسباب التدخل الأمريكي والقتل واشعال الحروب والفوضى (الخلاقة) للفرص في سوريا والمنطقة منذ أكثر من أربعة وسبعين عاماً.
لقد دشنت أمريكا عمل أداتها الإجرامية المسماة (وكالة المخابرات المركزية) في عام 1949م بعد فترة قصيرة جدا من انشاء الوكالة بعمل تخريبي في سوريا. حين تردد الرئيس السوري شكري القوتلي ([1]) في الموافقة على مشروع خطوط الأنابيب التي كان الهدف منها ربط حقول النفط العربي بموانئ مطلة على الشرق الأوسط وإلى تركيا ثم إلى أسواق أوروبا.
يروي المؤرخ تيم وينر في كتابه (إرث الرماد): “أن وكالة المخابرات الأمريكية عملت على استبدال الرئيس السوري القوتلي بشخص آخر (حسني الزعيم) ولكن الشعب السوري والاحداث الداخلية أطاحت به بعد أربعة أشهر فقط من وصوله للسلطة قبل استكماله خطوات حل البرلمان والموافقة على مشروع الأنابيب.”
كان المشروع بحاجة إلى حكومات وقيادات في إيران والعراق وسوريا تتصف بالمرونة والإخلاص والتبعية لأمريكا باعتبار هذه المواصفات متوفرة بالنسبة للدويلات العربية في الخليج إذ جاءت بها المخابرات الغربية التابعة للوبي الصهيوني ومصالح (اليهود المصرفيين) وما زالت حتى اليوم.
كانت الخطة الأمريكية ومازالت كما يلي:
إذا تمت السيطرة على إيران والعراق وسوريا سيكون من السهل الوصول إلى ممرات خطوط الأنابيب وهي الممرات التي ستنقل النفط العربي والغاز الطبيعي من قطر (الحقول المشتركة بينها وبين إيران) إلى البحر الأبيض المتوسط ثم إلى الأسواق في أوروبا، وسوف تتحقق طموحات شركات النفط الغربية بالاستخراج والتصدير والبيع بالدولار الأمريكي والسيطرة على السوق الأوروبية.
وإذا تم سحق إيران وسوريا وكانت العراق تحت السيطرة الأمريكية فإن إسرائيل ستتربع على عرش القوة في المنطقة وتحتل المركز الأول (بحسب الخطة الأمريكية.
في إطار هذا الموضوع من المهم العودة إلى المعلومات التي وردت في مقالة روبرت كينيدي في عام 2016م بعنوان (لماذا لا يريدنا العرب في سوريا) ([2]) وورد في مقالته الكثير من التفاصيل والمعلومات التي استند فيها إلى وثائق ومراجع وحقائق ولقاءات مع مختصين وجهات معنية وهي مرتبطة بنشاط المخابرات الأمريكية في المنطقة وسوريا وملف أنابيب الطاقة.
كما ورد فيها تفاصيل عن نشاط المخابرات الأمريكية وتمويلها للفوضى والاغتيالات في المنطقة ومنها دعم وتمويل البعثيين في العراق وايصال صدام إلى الحكم وايصال الشاه محمد رضا إلى الحكم في إيران.
والأهم من ذلك ورد في هذا المقال التحليلي الكثير من التفاصيل عن علاقة أمريكا بصناعة وتأهيل وتدريب وتمويل ونشر مسلحين في المنطقة تم تجهيزها وتوجيهها إيدلوجياً بالشكل المطلوب مكونة من الجناح السياسي والعسكري التابع للمخابرات الغربية المعروف بـ (الإخوان المسلمين) منذ تأسيسهم.
قامت أمريكا بتمويل المحسوبين على الإسلام (الإخوان التكفيريين) وتكليفهم بمهام اغتيالات واسقاط أنظمة وإضعافها وكان كل ذلك -وما زال-في إطار مشروع الشركات الغربية (أنابيب الطاقة).
كانت الأمور على ما يرام بالنسبة لإيران في الحسابات الأمريكية آنذاك، لكن القمع والديكتاتورية التي عرف بها الشاه ساهمت في تسريع قيام الثورة الإسلامية 1979م وتعرضت إيران لتحييد موجع بالنسبة لأمريكا.
في العراق استمر نشاط المخابرات الأمريكية وتمويلها لتجهيز نظام ينسجم مع مصالحها منذ الخمسينيات في القرن الماضي، وتحقق المراد لفترة طويلة مهمة على يد العميل المخلص للمخابرات الأمريكية صدام حسين والبعثيين.
ما فعله الأمريكيون هو تغذية المشاكل والفتن وتمويل الحروب في المنطقة تحت عناوين ومبررات كثيرة وقدموا الكثير من الأسلحة للأدوات التابعة لهم في السعودية والأردن والعراق ولبنان.
في اجتماع عقد في البيت الأبيض بين مدير الخطط في وكالة المخابرات المركزية فرانك ويزنر وجون فوستر دالاس في سبتمبر/أيلول 1957، نصح أيزنهاور الوكالة قائلاً: “ينبغي لنا أن نفعل كل ما هو ممكن للتأكيد على جانب “الحرب المقدسة”. ووفقاً لكتاب (أمن للديمقراطية: الحروب السرية لوكالة المخابرات المركزية) لـ جون برادوس فقد وصل روكي ستون إلى دمشق 1957 ومعه ملايين الدولارات لتزويد وتسليح مجموعات من الجناح التابع للمخابرات الغربية (الإخوان) وكانت المهمة المطلوبة منهم الإطاحة بالرئيس السوري (القوتلي) الذي تمكن من العودة للحكم عام 1955م بعد جولات من الاحداث الداخلية الممولة.
للإطاحة بالنظام في سوريا وجد الأمريكي كعادته ضرورة الاعتماد على أكبر قدر من الفوضى (الخلاقة) للفرص، فبدأت خطة روكي ستون بالتخطيط لاغتيال رئيس المخابرات السورية ورئيس الأركان مع تحرك ونشاط موازي في العراق ولبنان والأردن بطريقة تلقي اللوم فيه على البعثيين.
قال روبرت كينيدي:
(بفضل آلن دالاس ووكالة الاستخبارات المركزية، التي كانت مؤامراتها في مجال السياسة الخارجية تتعارض بشكل مباشر مع السياسات المعلنة لأمتنا، كان المسار المثالي الذي حددته ميثاق الأطلسي هو الطريق الذي لم نسلكه. ففي عام 1957، جلس جدي السفير جوزيف ب. كينيدي في لجنة سرية مكلفة بالتحقيق في المؤامرات السرية التي ارتكبتها وكالة الاستخبارات المركزية في الشرق الأوسط. ووصف ما يسمى “تقرير بروس-لوفيت”، الذي كان من الموقعين عليه، مؤامرات الانقلاب التي خططتها وكالة الاستخبارات المركزية في الأردن وسوريا وإيران والعراق ومصر، وهي كلها معروفة للجميع في الشارع العربي، ولكنها غير معروفة تقريباً للشعب الأميركي الذي صدق، على ظاهره، إنكار حكومته. وحمل التقرير وكالة الاستخبارات المركزية اللوم على العداء المتفشي لأميركا الذي كان يتجذر آنذاك بشكل غامض “في العديد من بلدان العالم اليوم”. [انتهى]
بعد عودة الرئيس السوري (شكري القوتلي) وحزبه يرغب بعدم التدخل بشيء في الحرب الباردة، ولكن بعد التحرك والتمويل والنشاط الأمريكي للإطاحة به اتجه نحو المعسكر السوفييتي. وهذا ما دفع بالأمريكي (دالاس) رئيس المخابرات إلى إعلان أن “سوريا جاهزة للانقلاب” وقام بإرسال اثنين من ساحري الانقلاب، كيم روزفلت وروكي ستون، إلى دمشق.
شملت خطة وكالة المخابرات الأمريكية: زعزعة استقرار الحكومة السورية وخلق ذريعة لنشاط أوسط من السيطرة الأمريكية في العراق والأردن ثم اسقاط النظام في سوريا، وهذا ما ورد مع كثير من التفاصيل الأخرى في كتاب (إرث الرماد) لـ تيم وينر.
القاعدة الأمريكية تعتمد على الإطاحة بأي نظام يقف أمام أطماعها أو يتسبب بتأخير وصولها إلى الموارد مهما كل الأمر حتى يتم استبداله بخادم مطيع لا يتردد أبداً.
لقد فشلت الأموال الأمريكية في إفساد مجموعة من الضباط السوريين المختارين للمهمة. حيث رفع الضباط تقريراً عن الأموال التي قدمتها وكالة المخابرات الأمريكية لهم، وتسبب ذلك في أحداث عكسية حيث هاجم الجيش السوري السفارة الأميركية، وتم القبض على (روكي ستون) وأدلى باعترافات تم نشرها في التلفزيون عن دوره في الانقلاب في إيران وايصال الشاة للحكم وعن مهمته في الإطاحة بالحكومة في سوريا.
ثم قامت بسوريا بترحيل استون وطردت اثنين موظفين من السفارة الامريكية اعتبرتها أمريكا الحادثة الأولى تصدر من دولة عربية.
قال روبرت كينيدي: (إن الشعب الأمريكي صدق النفي الرسمي والتنصل من الاعترافات التي أدلى بها “روكي ستون”) [انتهى].
وفي السياق نفسه ربما كـ ردة فعل أرسلت أمريكا الاسطول السادس إلى البحر الأبيض المتوسط وهددت بحرب ودفعت بتركيا لحشد قواتها ومهاجمة سوريا. وكالعادة سارع الأتراك بحشد خمسين ألف جندي إلى الحدود السورية، ثم حدث موقف من جامعة الدول العربية التزم بمعالجة الأمور وتسبب بإلغاء اقتحام الاتراك لسوريا
المخابرات الأمريكية وتشكيل لجنة سوريا الحرة في 1959م
وفقا لما ذكره ماثيو جونز في (الخطة المفضلة) وهي التي تكون منها تقرير مجموعة العمل الأنجلوأميركية بشأن العمل السري في سوريا، 1957 فقد قامت المخابرتين الأمريكية والبريطانية MI6 وتم تسليح مجاميع من الإخوان المسلمين لاغتيال ثلاثة مسؤولين سوريين قيل بأنهم ساعدوا في كشف المؤامرة الأمريكية وإفشالها، وتسببت هذه الأحداث بانضمام سوريا إلى تحالف مع مصر ومع الروس بشكل معلن.
توالت الاحداث العربية وتحركت الشارع العربي منددا في الشرق الأوسط منددا بالمؤامرات الأمريكية ومن ذلك حدث انقلاب في العراق على الملك العراقي (نوري باشا السعيد) في 14 يوليو 1958م ونشر المنقلبون عليه وثائق سرية متعلقة بارتباط الملك نوري بالمخابرات الأمريكية.
وربما كانت تلك الاحداث أيضا مرتبة ضمن الفوضى الأمريكية إذ دفعت بالعراق للاتجاه نحو الجانب الروسي (السوفياتي).
نجاح المخابرات الامريكية بإيصال صدام حسين
والبعثيين للحكم في العراق
بعد الانقلاب على نوري باشا السعيد استمر الوضع خمس سنوات ثم تمكنت المخابرات الأمريكية من إحداث التغيير بإيصالها لحزب البعث إلى الحكم في العراق بعد مراحل من دعم مجموعة من العناصر العراقية البعثية كان من أبرزهم القاتل المحترم صدام حسين بعد فترة من التمويل والتدريب العملي على القتل والاغتيالات التي رأى فيها الأمريكي من ضرورات التأهيل للمرحلة القادمة المطلوبة من البعثيين.
في منتصف الثمانينيات، قال مايلز كوبلاند، وهو عميل كبير في وكالة المخابرات المركزية، لصحيفة UPI إن وكالة المخابرات المركزية كانت تتمتع “بعلاقات وثيقة” مع حزب البعث الحاكم الذي يتزعمه قاسم، تماما كما كانت لها علاقات وثيقة مع جهاز المخابرات للزعيم المصري جمال عبد النصار أيضاً.
وفي بيان علني أكد روجر موريس ، الموظف السابق في مجلس الأمن القومي في السبعينيات، هذا الادعاء ، قائلا إن وكالة المخابرات المركزية اختارت حزب البعث الاستبدادي المناهض للشيوعية (كأداة لها) منذ الخميسينيات.
في يوليو 1958، أطاح قاسم بالنظام الملكي العراقي بطريقة استخدمت فيها عمليات قتل واغتيالات بشعة (عربدة مروعة من إراقة الدماء) على حد وصف الأمريكي ريتشارد سيل، مراسل الاستخبارات في مقالٍ له نشره عام 2003م في صحيفة UPI ([3]) ومما قاله ريتشارد سيل في مقاله ما يلي:
(في حين اعتقد الكثيرون أن صدام انخرط لأول مرة مع وكالات الاستخبارات الأمريكية في بداية الحرب الإيرانية العراقية في سبتمبر 1980، فإن اتصالاته الأولى مع المسؤولين الأمريكيين تعود إلى عام 1959، عندما كان جزءا من فرقة مكونة من ستة رجال بتفويض من وكالة المخابرات المركزية مكلفة باغتيال رئيس الوزراء العراقي آنذاك الجنرال عبد الكريم قاسم)
في السياق نفسه من المهم الإشارة إلى ما قاله في وقت لاحق أمين عام حزب البعث علي صالح السعدي، الذي تولى منصبه إلى جانب صدام حسين، حيث قال التالي: (لقد وصلنا إلى السلطة على متن قطار وكالة المخابرات المركزية) ([4])
وقد أكد الكاتب سعيد أبو ريش في كتابه (صداقة وحشية) بأن وكالة المخابرات المركزية زودت صدام ورفاقه بقائمة قتل تضم أشخاصاً “كان لابد من القضاء عليهم على الفور لضمان النجاح”.
وأكد (تيم وينر) بأن وكالة الاستخبارات الأمريكية زودت صدام حسين بمليارات الدولارات في شكل تدريب ودعم للقوات الخاصة وأسلحة واستخبارات ميدانية، مع علمها بأنه كان يستخدم غاز الخردل السام وغاز الأعصاب والأسلحة البيولوجية ـ بما في ذلك الجمرة الخبيثة التي حصل عليها من الحكومة الأميركية ـ في حربه ضد إيران.
ومما قاله روبرت كينيدي بشأن صدام وتبعيته للمخابرات الأمريكية ما يلي:
(كان ريغان ومدير وكالة الاستخبارات المركزية بيل كيسي ينظران إلى صدام باعتباره صديقاً محتملاً لصناعة النفط الأميركية وحاجزاً قوياً ضد انتشار الثورة الإسلامية في إيران).
في هذا الإطار من المهم الإشارة إلى أن المبعوث الأمريكي دونالد رامسفليد في عام 1983م قدم لصدام بشكل علني ورسمي (حوافز ذهبية وقائمة من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والتقليدية أثناء رحلة إلى بغداد). وبالرغم من السرد الأمريكي المضلل لا تزال وسوف تبقى أصداء عقود من الإجرام الأمريكي تتردد في الذاكرة العربية في كل الدول العربية بشكل لا يمكن محوه أبداً.
يقول روبرت كينيدي:
(إن حربنا ضد بشار الأسد لم تبدأ بالاحتجاجات المدنية السلمية التي اندلعت في أعقاب الربيع العربي في عام 2011. بل بدأت في عام 2000، عندما اقترحت قطر بناء خط أنابيب بطول 1500 كيلومتر وبتكلفة 10 مليارات دولار أميركي، يمر عبر المملكة العربية السعودية والأردن وسوريا وتركيا). [انتهي].
وقال أيضا:
) كان من شأن خط الأنابيب المقترح أن يربط قطر مباشرة بأسواق الطاقة الأوروبية عبر محطات التوزيع في تركيا، والتي من شأنها أن تجني رسوم عبور باهظة ( [انتهى].
واستخدم كينيدي في مقالته أكثر من مرة لوصف الدول العربية في الخليج مصطلح (الممالك السنّية). وساق التوضيح الاقتصادي بالنسبة للأطراف كما يلي: (من شأن خط أنابيب قطر/تركيا أن يمنح الممالك السنية في الخليج الفارسي هيمنة حاسمة على أسواق الغاز الطبيعي العالمية ويعزز من مكانة قطر، أقرب حليف لأميركا في العالم العربي، وتستضيف قطر قاعدتين عسكريتين أميركيتين ضخمتين ومقر القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط). انتهى.
في عام 2008، ورد في تقرير لمؤسسة راند وصف بالتقرير المدمر والمؤسسة والتقرير ممول من البنتاغون وشكل التقرير مخططاً دقيقاً لما كان على وشك الحدوث.
مما ورد في تقرير راند: (إن السيطرة على احتياطيات النفط والغاز في الخليج الفارسي سوف تظل، بالنسبة للولايات المتحدة، “أولوية استراتيجية” “ستتفاعل بقوة مع أولوية مواصلة الحرب الطويلة).
ومن التوصيات الواردة في التقرير: (ضرورة استخدام العمل السري، والعمليات الإعلامية، والحرب غير التقليدية لفرض استراتيجية “فرق تسد).
وفي عام 2009، أعلن الرئيس بشار الأسد أنه سيرفض التوقيع على الاتفاق للسماح بمرور خط الأنابيب عبر سوريا “لحماية مصالح حليفنا الروسي”. ربما لم يرد في حساباته أبدا أن روسيا لا تختلف عن الغرب في عبادة المصالح وأنه قد يأتي يوم تفضل فيه صفقات ذات مصالح أكثر فائدة لها من الأسد.
قال روبرت كينيدي:
(لقد أثار الأسد غضب الملوك السُنّة في الخليج عندما أيد إنشاء “خط أنابيب إسلامي” بموافقة روسية يمتد من الجانب الإيراني من حقل الغاز عبر سوريا إلى موانئ لبنان. ومن شأن هذا الخط الإسلامي أن يجعل إيران الشيعية، وليس قطر السنية، المورد الرئيسي لسوق الطاقة الأوروبية، وأن يزيد بشكل كبير من نفوذ طهران في الشرق الأوسط والعالم. ومن المفهوم أيضاً أن إسرائيل كانت عازمة على إفشال خط الأنابيب الإسلامي، الذي من شأنه أن يثري إيران وسوريا ويعزز من قوة حزب الله وحماس). [انتهى].
وفقاً لموقع ويكيليكس، بدأت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في تمويل جماعات المعارضة في سوريا بعد وقت قصير من رفض بشار الأسد خط الأنابيب القطري منذ 2009م، وبناء على ما ورد في الكثير من البرقيات والتقارير السرية الصادرة عن وكالات الاستخبارات الأميركية والسعودية والإسرائيلية إلى أنه في اللحظة التي رفض فيها الأسد خط الأنابيب القطري، اتخذ المعنيون عن التخطيط والتنفيذ للمؤامرات في أمريكا وإسرائيل ضرورة الإطاحة بالأسد مهما كلف الأمر.
في السياق نفسه عن سوريا وعن علمانية الأسد التي لا تشكل للغرب أهمية مقارنة بما تقتضيه مصالح الشركات المملوكة لليهود المصرفيين ثمة شهادة مهمة وردت على لسان الأمريكي روبرت كينيدي في مقاله الطويل المهم المشار إليه سابقاً قال فيها ما يلي:
(كان لديهم الإنترنت والصحف وأجهزة الصراف الآلي، وكان الأسد يريد التحرك نحو الغرب. وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، أعطى آلاف الملفات الثمينة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عن المتطرفين الجهاديين، الذين اعتبرهم عدواً مشتركاً، كان نظام الأسد علمانياً بشكل متعمد وكانت سوريا متنوعة بشكل مثير للإعجاب. على سبيل المثال، كان 80% من الحكومة والجيش السوري من السنة. لقد حافظ الأسد على السلام بين شعوبه المتنوعة بفضل جيش قوي ومنضبط موالٍ لعائلة الأسد، وولاء مضمون من قِبَل سلك ضباط محترم وطنياً وعالي الأجر، وجهاز استخبارات فعال وبارد، وميل إلى الوحشية كان معتدلاً إلى حد ما قبل الحرب مقارنة بميل زعماء الشرق الأوسط الآخرين، بما في ذلك حلفاؤنا الحاليون.. ومن المؤكد أنه لم يكن يقطع رؤوس الناس كل يوم أربعاء كما يفعل السعوديون في مكة). [انتهى].
مع هذا الرأي وتأكيدا للشهادة نفسها عن الأسد ثمة شهادة أخرى لـ بوب باري قال فيها: (لا أحد من الأنظمة في الشرق الأوسط لديه أياد نظيفة، ولكن في مجالات التعذيب والقتل الجماعي وقمع الحريات المدنية ودعم الإرهاب، فإن الأسد أفضل كثيراً من السعوديين). [انتهى].
استمرت المظاهرات والفوضى في سوريا ملتزمة بايقاع متناسق بين مظاهرات وأعمال تخريبيبة 2011م حتى 2013م ويبدو أن اليهود المصرفيين شعروا بالملل فقرروا تسريع الأحداث وأمروا الأدوات بمزيد من الجهود لمضاعفة عمليات الأكشن قتلا وتخريبا وتدميرا لكل شيء في سوريا.
في 2013م في جلسة استماع بالكونجرس الأمريكي قال وزير الخارجية جون كيري:
(أن دول الخليج قدمت عرضاً بتحمل تكاليف الغزو لسوريا للإطاحة بالأسد، بالطريقة التي فعلناها في العراق!.) ([5]) [انتهى].
واستمر التحرك والتمويل والتحريض واستمرت المؤامرات الغربية على يد ما يسمى بتحالف أصدقاء سوريا المعلن منذ ام 2011، ويضم أمريكا وفرنسا وقطر والسعودية وتركيا وبريطانيا.
وبناء على ما ورد في وثائق الاستخبارات السعودية، التي نشرها موقع ويكيليكس، أنه بحلول عام 2012، كانت تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية تسلح وتدرب وتمول مقاتلين جهاديين سنة متطرفين من سوريا والعراق وأماكن أخرى للإطاحة بنظام الأسد!
وتم تمويل خطوط الأسلحة لوكالة المخابرات المركزية من قبل تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر.
عن فكرة إثارة حرب أهلية سنية شيعية لإضعاف النظامين السوري والإيراني
قال روبرت كينيدي عن هذه الفكرة ما يلي:
(إن فكرة إثارة حرب أهلية سنية شيعية لإضعاف النظامين السوري والإيراني من أجل الحفاظ على السيطرة على إمدادات البتروكيماويات في المنطقة لم تكن فكرة جديدة في قاموس البنتاغون. ففي عام 2008، اقترح تقرير راند المدمر الذي مولته البنتاغون مخططاً دقيقاً لما كان على وشك الحدوث. ويشير التقرير إلى أن السيطرة على احتياطيات النفط والغاز في الخليج الفارسي سوف تظل، بالنسبة للولايات المتحدة، “أولوية استراتيجية) [انتهى].
عملت أمريكا على نقل العناصر التكفيرية (جناحها المسلح) من العراق إلى سوريا خاصة في عام 2013، وارتفعت وتيرة التحشيد والتسليح والتمويل للعناصر الاجرامية التي تم توزيعها في سوريا وفي الوقت نفسه حدثت عمليات مواكبة بضخ اعلامي عن انشقاقات للجيش السوري.
ومن خلال عمليات دمج لعناصر ما يسمى بـ جبهة النصرة والقاعدة” في عام 2014 تم تشكيل ما سمي بـ الدولة الإسلامية ومنها تم تشكيل ما سمي بالجيش الحر والجميع يعرف انه مشكل من العناصر التكفيرية المندمجة مع بعضها.
وفي دراسة أجرتها وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية في 12 أغسطس 2012م من سبع صفحات (منشورة) ورد فيها ما يلي:
(السلفيين وجماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة في العراق -داعش-، هم القوى الرئيسية التي تحرك التمرد في سوريا، وذلك بفضل الدعم المستمر من جانب التحالف الأميركي/السُنّي للجهاديين السُنّة المتطرفين) [انتهى].
وأشارت الدراسة إلى أن الصراع تحول إلى حرب أهلية طائفية تدعمها “قوى دينية وسياسية” سُنّية. ووصفت الاحداث في سوريا بأنها (حرب عالمية للسيطرة على موارد المنطقة (.
آنذاك في (2016) قال كينيدي عن هذه الدراسة ما يلي:
) ويبدو أن مؤلفي التقرير المكون من سبع صفحات من البنتاغون يؤيدون ظهور خلافة داعش المتوقعة إذا تدهور الوضع، فهناك احتمال إقامة إمارة سلفية معلنة أو غير معلنة في شرق سوريا (الحسكة ودير الزور) وهذا هو بالضبط ما تريده القوى الداعمة للمعارضة من أجل عزل النظام السوري. ولكن بعد ذلك، في عام 2014، أرعب وكلاؤنا السنة الشعب الأميركي بقطع الرؤوس ودفع مليون لاجئ نحو أوروبا). [انتهى].
من المعلوم بأن أمريكا قبل عقود ماضية أوعزت لأدواتها في السعودية والخليج لتجهيز قوات من المحسوبين على الإسلام (التكفيريين) ليقوموا بمهام قتالية بالنيابة عن أمريكا في أفغانستان.
وبنفس الطريقة تم تشكيل عناصر ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق وفي سوريا من خلال تجميع الخلفاء الإيدلوجيين التابعين لوكالة المخابرات الأمريكية.
بول بريمر أول من قام بتجهيز ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق 2003م
بالنسبة للعراق فقد كانت المرحلة الأولى لتجهيز هذه العناصر على يد بول بريمر الذي قام بشكل مدروس بتسريح أكثر من مليون عراقي من درجة وزير إلى معلم إلى الجيش العراقي وكل موظفي الدولة وقام بحل الجيش العراقي، وكان معظمه من ما يسمى بالسنة، بطريقة متعمدة شملت تجريدهم من الممتلكات والاستحقاقات المالية والوظائف وحولهم إلى جماعات غاضبة مستنفرة جاهزة للقتل والتجنيد الاجرامي تحت قيادة عناصر مختارة من البعثيين المجرمين، تم ادخالهم في الإسلام على يد الأمريكيين اثناء سجنهم في العراق.
مما قاله كينيدي:
(يتعين علينا أن نبدأ هذه العملية، ليس بغزو سوريا، بل بإنهاء الإدمان المدمر على النفط الذي شوه السياسة الخارجية الأميركية لمدة نصف قرن من الزمان..
وكان الفائزون الوحيدون هم المقاولون العسكريون وشركات النفط التي جنت أرباحاً تاريخية، ووكالات الاستخبارات التي نمت بشكل كبير في السلطة والنفوذ على حساب حرياتنا) [انتهى].
خاتمة مهمة جداً
من المهم إضافة بعض الشواهد والاشارة لبعض الأمور المهمة المرتبطة بالعدوان على سوريا ومنها الخريطة التي رفعها اليهودي نتنياهو مؤخراً لإسرائيل الكبرى وكانت تشمل سوريا.
بعد دخول الأدوات التابعين لأمريكا والمخابرات الغربية تحرك اليهود لاحتلال مناطق جديدة من سوريا ولم تتوقف طائراتهم عن قصف البنية التحتية والأسلحة والاغتيالات لكوادر العملية وقصف الطائرات واستهداف العدو للجوازات والأحوال المدنية في سوريا كلها تؤكد السيطرة الكاملة وأخطر من ذلك تؤكد (ان العدو الإسرائيلي سيقوم بعملية إحلال ودمج ديموغرافي لليهود في سوريا).
***
والله ولي التوفيق.
[1] – شُكري بن محمود بن عبد الغني القُوَّتْلِي رئيس الجمهورية السورية بين 1943- 1949 ثم 1955- 1958
2- https://www.politico.com/magazine/story/2016/02/rfk-jr-why-arabs-dont-trust-america-213601/
[3] – حصري: صدام مفتاح في مؤامرة وكالة المخابرات المركزية المبكرة – UPI.com
[4] – كتاب صداقة وحشية: الغرب والنخبة العربية للكاتب سعيد أبو ريش
[5] – صحيفة الواشنطن بوست في 4 سبتمبر 2013م على الرابط التالي: – واشنطن بوست