Herelllllan
herelllllan2

التوسع من البوابة السورية.. تنفيذ متسارع لمخطط نتنياهو

تقطف “إسرائيل” هذه الأيام ثمار ما جنته الجماعات المسلحة في سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.

وعلى الرغم من ضبابية المشهد وقتامته حول سياسة الحكام الجدد لسوريا ومشاريعهم إلا أن المؤشرات توحي بأن سوريا التي ظلت “إسرائيل” تصفها -على مدى سنوات متعاقبة- بأنها “رئة المقاومة” انقطع نفسها، وباتت تخيم على المنطقة سحابة سوداء قاتمة ستكون لها تداعيات سلبية على المنطقة برمتها وعلى محور المقاومة بشكل خاص.

تأتي هذه الأحداث بعد أكثر من عام على “طوفان الأقصى”، حيث تعرضت غزة لحرب إبادة جماعية لا مثيل لها في التاريخ، وخلالها كان الصمت العربي والإسلامي هو سيد الموقف باستثناء محور المقاومة الذي ساهم -بقدر ما يستطيع- في إسناد غزة بكل ما يملك، وخلال هذه المعركة شاهدنا مدى التواطؤ لهذه القوى التي سيطرت على الحكم في سوريا مع مجريات أحداث غزة، وعدم التفاعل معها، وبدلاً من تقديم الدعم للمحور ولغزة تحركت هذه الجماعات لقصم ظهرها تحت مبررات إسقاط النظام في سوريا، وإشعال “الثورة” من جديد.

 

توغل إسرائيلي ومحاولة لتعميق التقسيم

وفي ظل نشوة الجماعات المسلحة بالانتصار على الرئيس بشار الأسد والإطاحة به، كان العدو الإسرائيلي يتوغل في الأراضي السورية، وينفذ ضربات جوية هي الأكبر في تاريخه دون أن يصدر عن هذه الجماعات أي بيان إدانة أو استنكار، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام؟

وخلال الأيام الماضية، اقتنص المجرم نتنياهو هذه الفرصة، والأحداث في سوريا، ليتحرك وفق عدة مسارات متعددة: فمن الناحية السياسية أعلن مباشرة سقوط «اتفاقية فضّ الاشتباك» الموقعة عام 1974، ثم ما لبث أن دعا جيشه للتحرك والتوغل في الأراضي السورية، ليتمكن من السيطرة على مدينة البعث وجبل الشيخ، ثم التقدم على أطراف درعا وأطراف ريف دمشق، محققاً اطلالة مريحة على سوريا ولبنان من خلال السيطرة على المرتفعات الجبلية، في تحول استثنائي لم يكن ليحدث لولا هذه المتغيرات الجديدة.

وإلى جانب ذلك، نفذ سلاح جو العدو الإسرائيلي غارات عنيفة جداً وصفت بأنها الأعنف والأكبر منذ عام 1973م، وبمعدل وصل إلى نحو 300 غارة في اليوم، استهدفت ما تبقى من القدرات العسكرية السورية، سواء بطاريات الدفاع الجوي، أو مراكز البحوث العلمية، أو المطارات العسكرية (بما فيها مطار دير الزور ، ومطار «الثعلة» في السويداء، بالإضافة إلى الأسطول السوري الذي تم تدميره بهدوء عبر استهداف السفن واحدة تلو الأخرى. والأغرب أن التوغل البري والقصف الجوي العنيف حدث في ظل صمت عربي مطبق، وعدم تغطية إعلامية مواكبة له، ولا سيما من القنوات الفضائية التي غطت أحداث غزة على مدار الساعة، وفي مقدمتها قناة “الجزيرة” القطرية.

لا نعتقد أن جيش العدو الإسرائيلي سيمضي إلى السيطرة على العاصمة دمشق، لكنه بات الآن مطمئناً بأن الحكام الجدد لا يملكون سوى الأسلحة التقليدية في مواجهة “إسرائيل” إذا ما خرجوا في يوم ما عن النص المرسوم لهم، وهذا ما يجعل النظام القادم يفكر وفق ما هو مخطط له بالتقارب مع الكيان المؤقت، وتطبيع العلاقات معه، وفق ما صرح به مسؤول كبير في ما يسمى الجيش السوري الحر المعارض لصحيفة “تايمز اوف إسرائيل”، عندما قال: “إننا منفتحون على الصداقة مع إسرائيل، وليس لدينا أعداء غير نظام الأسد وحزب الله وإيران”، وأضاف “ما فعلته إسرائيل ضد حزب الله في لبنان ساعدنا كثيراً، والآن نحن نعتني بالباقي”.

لقد كسبت أمريكا و”إسرائيل” سوريا، وما يريده المجرم نتنياهو الآن هي سوريا الضعيفة المقسمة والمجزأة، وأن تكون فيها سلطة أشبه بسلطة محمود عباس في الضفة الغربية، وقد تمضي “تل أبيب” في تنفيذ مخططاتها القديمة بسلخ الأراضي السورية، لا سيما في محافظة “السويداء” ذات الأغلبية الدرزية، وتشكيل حكم فيدرالي فيها يبعدها عن بقية الجغرافيا السورية، بموجب خطة يقودها شيخ عقل الطائفة الدرزية في الأراضي المحتلة، موفق طريف، المعروف بمواقفه المؤيدة للاحتلال.

 

تطويق حزب الله

لقد جاءت هذه المتغيرات بشكل دراماتيكي ومفاجئ للجميع، وبالفعل مثلت ضربة موجعة للمقاومة، ولتحركاتها المناهضة لـ”إسرائيل”، فهي من ناحية التوقيت جاءت بعد عدوان إسرائيلي غاشم على لبنان بسبب مساندة حزب الله لغزة، وتعرض الحزب لضربات موجعة على رأسها اغتيال سماحة الأمين العام الشهيد القائد حسن نصر الله، وما تلاها من تداعيات وأحداث أثرت بشكل كبير على حزب الله.

وبعد يوم واحد من إعلان اتفاق وقف العدوان الصهيوني على لبنان، تحركت هذه الجماعات، وبعد خطاب للمجرم نتنياهو قال فيه “الأسد يلعب بالنار”، فكانت هذه هي كلمة السر التي دفعت الجماعات المسلحة للتحرك صوب سوريا، وهو تحرك خطير جداً، ومقلق للأمن القومي اللبناني، ولمستقبل حزب الله، وذلك من عدة نواحٍ:

أولاً: أن ما حدث يمثل تطويقاً كاملاً لحزب الله، وقطعاً لخطوط الإمداد والسلاح الذي كان يمر من الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر الحدود العراقية ثم إلى لبنان.

ثانياً: أن أي حرب إسرائيلية قادمة على لبنان أو حزب الله ستجعله يعاني كثيراً، إذ أن الخلفية له مشلولة تماماً، فالحزب يريد أن يقاتل وهو يستند إلى ظهر قوي كما حدث في حرب تموز 2006، أما الآن فليس لديه أي ظهر ليستند عليه.

ثالثاً: قد نخشى من حدوث السيناريو الأسوأ على حزب الله، وهو اشتراك الجماعات المسلحة مع “إسرائيل” في الحرب على الحزب من أجل تدميره والقضاء عليه.. لا ننسَ أن “إسرائيل” هدفها الاستراتيجي هو تدمير الحزب، ولهذا فإن ما حدث بالفعل يشكل خطراً كبيراً ومحدقاً على حزب الله، والمستفيد الأبرز هنا هي “إسرائيل”.

وإذا ما أردنا التعرف أكثر على النوايا الإسرائيلية في سوريا خاصة وفي المنطقة بشكل عام، فعلينا الرجوع إلى الخريطة التي قدمها نتنياهو في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر سبتمبر الماضي، أثناء اغتيال الشهيد القائد السيد حسن نصر الله.

الخريطة لم تكن مجرد رسم على لوحة معدنية، بل أظهرت رؤية نتنياهو لما وصفه بـ “محور النعمة”، الذي يضم الدول المطبّعة، في مقابل “محور النقمة”، الذي يشمل دول المقاومة، حيث كانت سوريا ضمن الدول المستهدفة في الأجندة الإسرائيلية، ولهذا فإن جميع الأحداث في المنطقة تسير وفق هذا المخطط الذي ترعاه وتتبناه في المقام الأول الولايات المتحدة الأمريكية وأذرعها في المنطقة.

 

  • نقلا عن موقع أنصار الله
You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com