قطر ومَهمَّة خلط الأوراق وحرف البوصلة
يمانيون../
لا فرق بين قطر والإمارات في عمالة كلٍ منهما للصهاينة والغرب الكافر، باستثناء أن الأخيرة ذهبت بعيداً في الإقرار بولائها لهم حد اليهودة، فيما تحتفظ الأولى بالأمر سراً لأسباب تخص الصهيونية نفسها، ومنها حرف الأنظار عن قضية المسلمين الأولى، واستحداث قضايا أخرى لا علاقة لها بثوابت الأمة، مثل الوضع الدائر حالياً في الأراضي السورية.
وحتى يتسنى لقطر أداء مهمتها على أكمل وجه، كان لابد من أن تلعب دور الظهير والمدافع عن القضايا الرئيسية للمسلمين، كقضية فلسطين، والاحتفاظ بشعرة معاوية مع حركات المقاومة الإسلامية، وحتى تبدو في الصورة بمظهر المسلم المحافظ، فيما الحقيقة أن نواياها تجاه تصفية القضية الفلسطينية لا تختلف كثيراً عن نوايا السعودية والإمارات، فالكل يدور حول الغاية نفسها، ويعمل على إبرام صفقة القرن بطريقة مختلفة.
أما عن الخلاف الظاهر بين المعسكرين، أو ما يُعرف بالأزمة الخليجية وحصار قطر، فهو صراعٌ حقيقي، وهو من الأعراض الجانبية للعمالة والنفاق، وقد أنبأنا الله بذلك في سورة النساء: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} (88).
والأولى بالمؤمنين جميعاً أن يتجنبوا الولاء للأنظمة العميلة كافة، وألا ينخدعوا بأيٍ منها أو بأي إجراءات منها قد تبدو إيجابية في الظاهر، لأن الغاية منها هي خدمة الصهيونية العالمية.
ولو كانت صادقة في دعم الثوابت العربية لبادرت بطرد سفراء الكيان ودبلوماسية من أراضيها، كما تفعل مع بعضها البعض في الخلافات العربية الداخلية، أو كما فعل الإمام الخميني رضي الله عنه، عندما باشر ثورته بطرد السفير الإسرائيلي وتسليم مبنى السفارة للسلطة الفلسطينية.
وكما أن الإمارات عدو للمسلمين بشكلٍ علني، فإن قطر لا تقل عنها عداءً للأمة الإسلامية، ولكن خبث الصهاينة اقتضى تخفيف لهجة قطر، وتطعيمها ببعض المفردات الدينية، لإضلال أكبر عدد من المغرر بهم عن القضية الفلسطينية ومشروع زوال الاحتلال الصهيوني، ولذلك اقتضت الضرورة إنشاء قناة الجزيرة التي لا تقل دعماً للكيان عن القنوات السعودية والإماراتية.
ويكفي أن الجزيرة تقدم الثوابت الإسلامية باعتبارها رأياً وليس ديناً، ويحق للناس أن يؤمنوا بها أو يؤمنوا بنقيضها الذي تقدمه على شكل الرأي الآخر، ومن هنا نجحت القناة في تطبيع الإعلام العربي بالصهاينة، وتقديم رؤية “إسرائيل” باعتبارها وجهة نظر أخرى، بينما تقف الجزيرة ومن خلفها على موقفٍ واحدٍ من الجميع، وفي ذلك خيانة كبرى لفلسطين وقضيتها العادلة، ولكل ثوابت الأمة الإسلامية.
كما أن الدعم الظاهري الذي تقدمه الجزيرة لفلسطين مشوبٌ بالكثير من المنغصات؛ فهي من جهة مع فلسطين، لكنها ضد كل من يقف مع فلسطين من جهة أخرى، وكم شككت في نوايا محور المقاومة في نصرته للقضية، وسعت إلى خلق تيار معادٍ لأنصار فلسطين عبر إحياء النزاعات الطائفية والمناطقية، وهدم فكرة المشروع الإسلامي أو العربي المناهض للصهيونية، حتى لو كان من خارج محور المقاومة.
ولذلك فإن الرد السوري والإيراني لا ينبغي أن يبقى محصوراً في الجماعات التكفيرية على الأرض، بل يجب أن يتعداه إلى كل من يقفون خلفه، وفي المقدمة قطر والتي تتكفل بتمويل المشروع التدميري في سورية.
ولو أن طهران ودمشق هاجمتا الدوحة، أو على الأقل هددتا بذلك، فستنتهي الكثير من العقبات أمام الجيش السوري، وسيصل إلى أقصى حدوده على الأراضي السورية خلال ساعات.
السياسية | محمد الجوهري