Herelllllan
herelllllan2

الاعتماد المفرط على الاستيراد خطأ استراتيجي يهدد الأمن القومي

 

نائب المدير التنفيذي/ بنيان، المهندس علي ماهر: الإصرار على العمل الجماعي المتناغم مع الاحتياجات المحلية هو جوهر نجاح مؤسستنا.

الخبير والمستشار التنموي، م. محمد أبو طالب: العمل الطوعي هو أساس النهوض بالمجتمعات اليمنية، ودوره يتجلى بشكل واضح بعد ثورة الـ 21 من سبتمبر.

رئيس دائرة التسويق بالاتحاد التعاوني الزراعي، بكيل طاهر: العمل التعاوني هو جزء أساسي من العمل التطوعي ويعزز من جهود التنمية المستدامة.

تتجلى أهمية المبادرات الاجتماعية كخيار استراتيجي حيوي في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها بلدنا، حيث وصف قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي المشاركة المجتمعية في التنمية من خلال المبادرات المجتمعية بأنها “من أهم ما يمكن أن نستفيد منه في بلدنا في الجانب الخدمي والجانب التنموي”. فالتعاون الوثيق بين الجهات الرسمية والمجتمع يعد الأساس لنجاح أي عمل اجتماعي، حيث يمكن من خلاله إنجاز مشاريع خدمية وتحقيق أهداف تنموية هامة تسهم في معالجة مشاكل عديدة في المجتمع.

في سياق الأوضاع الراهنة، يجب أن نكون على جهوزية  لموسم زراعة القمح، حيث إن “التطورات على المستوى الدولي” تثير قلقًا كبيرًا حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذه الأحداث. إن الاعتماد المفرط على الاستيراد هو “خطأ استراتيجي” يهدد الأمن القومي، وهو ما يستدعي استجابة فعّالة تجاه تعزيز الإنتاج المحلي، ولا سيما في القطاع الزراعي الذي يُعتبر “العمود الفقري للاقتصاد الوطني”.

ومع حلول اليوم العالمي للتطوع 5 ديسمبر نجد الفرصة مواتية للحث على المشاركة في البرامج والأنشطة الزراعية، وأن تُبذل جهود غير مسبوقة في هذا الاتجاه.. بالتالي، يتطلب ذلك تعاونًا مثمرًا بين الجميع لدعم المبادرات التي تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية وتحقيق الأمن الغذائي، وهو ما سيعود بالنفع على المجتمع بأسره.

من خلال هذا التحقيق، نسعى إلى تسليط الضوء على دور التطوع والمبادرات الاجتماعية في مواجهة التحديات، واستشراف المستقبل من خلال العمل الجماعي لتحقيق مصلحة وطننا.

 

مسيرة العمل التطوعي إنجازات على دروب التنمية

منذ تأسيسها، انطلقت مؤسسة بنيان التنموية في رحلة حيوية نحو التنمية، مؤمنة بأهمية الاستناد إلى القيم المستدامة التي تضع هدى الله نصب أعينها. واستجابةً لمسؤوليتها تجاه المجتمع، حرصت المؤسسة على تجسيد قيم الإحسان والعطاء والجهاد، معززةً بمبادئها كل جهد يهدف لإعادة بناء الحياة وتحقيق التنمية الشاملة. لقد سعت مؤسسة بنيان، منذ البداية، لتكون مثالًا يحتذى به في ميدان العمل التنموي، مُعتمدةً على نهج التنمية المستدامة كقاعدة راسخة، وخلق روح من العمل الدؤوب والإخلاص كوسيلة للنجاة نحو شواطئ العطاء والإنجاز.

سرعان ما جلبت مبادئها وسياساتها المتميزة انتباه الجهات الحكومية والمجتمع المدني، مما أتاح لها الفرصة لكسب ثقة كبيرة وفتح آفاقا جديدة للتعاون والشراكة، لتحقيق الأهداف المشتركة.

 

تأهيل المزارعين

نجحت مؤسسة بنيان التنموية، حسب تقريرها السنوي للعام الهجري 1445م في تدريب (16.992) فارسًا ورائدةً ضمن برنامج فرسان التنمية، ليصل عدد المتطوعين والمتطوعات الذين تم تدريبهم في مختلف المجالات الإدارة والتخطيط والإنتاجية والقروض والإرشاد الزراعي المجتمعي إلى (39750) فارسا ورائدة، مما يعكس التزام المؤسسة بتعزيز روح العمل التطوعي بين أفراد المجتمع.

وأشار التقرير إلى أن المؤسسة استكملت تنفيذ برنامج “البنيان المرصوص” في (17) مديرية، مما أسهم في تعزيز دعائم التنمية الشاملة على الأراضي اليمنية المباركة، ورفع الجاهزية المجتمعية لمواجهة التحديات. وعقدت المؤسسة اتفاقيات شراكة مع اللجنة الزراعية والسمكية العليا لاستكمال تنفيذ التدخلات التنموية المتكاملة في (120) مديرية رائدة، مما فتح آفاقًا جديدة للتعاون مع الجهات الوطنية والدولية لتحقيق الأهداف التنموية المرجوة.

وبدافع الإيمان بمسؤوليتها تجاه كل يمني، أكد التقرير أن المؤسسة فتحت الآفاق لشراكات جديدة مع اللجنة الزراعية والسمكية العليا لتنفيذ تدخلات تنموية متكاملة في (110) مديرية حرة أخرى، مما يعكس التزامها بتلبية احتياجات جميع أفراد المجتمع.

 

برامج الإحسان

وفي مجال الإغاثة الإنسانية، أفاد التقرير أن مؤسسة بنيان قدمت خلال شهر رمضان المبارك السلال الغذائية، بالإضافة لتقديم اللحوم العيدية والخبز اليومي لأكثر من (41,000) أسرة، مما سهل عليهم مواجهة الظروف الصعبة التي يمرون بها.

وساهمت المؤسسة في دعم الشركاء التنمويين لتنفيذ خطط تطوير سلاسل القيمة لمحاصيل استراتيجية في سهل تهامة، بما في ذلك الزنجبيل والكركم والذرة الشامية والسمسم والبطاطس ونحل العسل والثروة الحيوانية، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

كما عملت المؤسسة على إعداد مصفوفات تطوير لخمس سلاسل قيمة جديدة (الذرة الشامية – السمسم – الكركم – الزنجبيل – الألبان)، مما يعزز من قدرة التنمية المستدامة في مختلف المناطق.

ونفذت المؤسسة دراسة أولية لتحديد أسباب انتشار التسول على الشريط الساحلي بمحافظة الحديدة، ووضعت الحلول المقترحة لمعالجتها، مؤكدةً التزامها بالمشاركة الفعالة في معالجة المشكلات الاجتماعية.

 

واختتم التقرير: تعد أكاديمية بنيان بوابة التدريب والتأهيل التنموي، حيث تم تدريب (7,032) متدربًا في مجالات متنوعة، بالإضافة إلى إقامة (40) ورشة تدريبية شارك فيها (1,540) شخصًا. من أبرز إنجازات المؤسسة تنظيم دورات تدريبية مؤهلة، حيث تمت تدريب (554) شخصًا في دورات مغلقة ومفتوحة، بالإضافة إلى تدريب (867) عاملًا وعاملة على تنمية المهارات. كما نُفذ (2,345) ساعة تطوعية من قبل المتطوعين. أخيرًا، قامت المؤسسة بالانتقال إلى نظام إدارة جديد (ERP) لتعزيز كفاءة عملياتها، مما يعكس التطور والإبداع في مجال العمل. للمزيد من التعرف على الإنجازات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والبناء.

 

 

بنيان.. قصة نجاح في مسيرة العمل الطوعي

تُعد مؤسسة بنيان التنموية واحدة من أبرز الصروح الإنسانية التي تسعى لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن، مستندةً إلى قيم وبواعث أخلاقية سامية تُعزِّز من روح الجماعة وتحثّ على العمل الطوعي. وقد تم تكليف المؤسسة بأقدس مهمة وطنية تتمثل في توعية المجتمع وتحفيزه، واستثمار طاقاته ورفع قدراته، بما يسهم بشكل فعّال في تقوية الاقتصاد الوطني وتلبية احتياجات التنمية الاجتماعية والبيئية، وفقاً لمبادئ الدين الحنيف.

في تصريح له، سلّط نائب المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية، المهندس علي ماهر، الضوء على إنجازات قطاعاتها خلال العام 1445 هجري، حيث سرد أبرز المحطات التي مرت بها وكذلك التحديات التي واجهتها، مع تقديم توصيات تهدف إلى تعزيز مسيرة التنمية المستدامة في جميع أنحاء اليمن. فمنذ لحظة تأسيسها، كانت مؤسسة بنيان حريصةً على التفاعل الإيجابي مع قضايا المجتمع، مُدركةً أهمية العمل القائم على أسس الإحسان والعطاء والجهاد، والذي يهدف إلى إحياء تلك القيم في نفوس الأفراد.

لم تقتصر جهود المؤسسة- حسب ماهر- على المشاريع التقليدية؛ بل عملت على تبني نهجٍ تنمويٍ مبتكر يتمحور حول التنمية المستدامة، مما جعلها نموذجًا يحتذى به في مجال العمل التنموي. وبفضل جهودها الدؤوبة وإخلاصها في العمل، استطاعت مؤسسة بنيان تجسيد وترسيخ تلك القيم من خلال مشاريع متنوعة تعزز من صمود المجتمع أمام تحديات العدوان والحصار، وتدعم الرؤية الطموحة لبناء أمة قوية شعارها السيادة والحرية والعزة والكرامة.

كما ساهمت السياسات المتميزة التي اعتمدتها مؤسسة بنيان في جذب اهتمام الجهات الحكومية والمجتمع المدني، مما أكسبها ثقة عظيمة وسمح لها بفتح آفاقا واسعة للتعاون وتحقيق الأهداف المشتركة.

إن الإصرار على العمل الجماعي المتناغم مع الاحتياجات المحلية يعد من العوامل الرئيسة التي ساعدت المؤسسة في إحداث تأثير ملحوظ في مجتمعها، حيث تتجه الجهود نحو بناء غدٍ أفضل لكل فرد.

إلى جانب الإنجازات، ورغم كل التحديات، تظل الرؤية واضحة للمؤسسة. سعيها الدائم لاستكمال المسيرة التنموية وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، يعكس التزامها الدائم بوطننا العزيز، حيث يظل كل جهد يُبذل هنا بمثابة خطوة نحو تحقيق مستقبلٍ مزدهر.

 

 

العمل الطوعي والتنمية المجتمعية

أشار الخبير والمستشار التنموي، المهندس محمد أبو طالب، إلى أن العمل الطوعي يُعتبر أساس النهوض بالمجتمعات. تتميز اليمن بتاريخها العريق وحضاراتها المتعاقبة، حيث كانت المبادرات المجتمعية والعمل الطوعي الأساس الذي بُنيت عليه معظم الحضارات، إن لم يكن جميعها. وقد جاءت فكرة إحياء العمل الطوعي بعد ثورة الـ 21 من سبتمبر، حيث بدأت بتنظيم “فرسان التنمية”. تم تدريب وتأهيل هؤلاء الفرسان في جميع المحافظات والمديريات ليعودوا إلى مجتمعاتهم ويبدأوا في العمل التنموي، مجددين إحياء العادات والتقاليد والموروث الشعبي.

بمجرد أن بدأ فرسان التنمية التحرك في مجتمعاتهم بعد تأهيلهم، وجدوا حراكًا ونشاطًا كبيرين على الأرض. ونتيجة لنجاحهم، تم إعادة تدريبهم وتحويلهم إلى “مهاجرين تنمويين” لتوسيع نطاق التنمية ليشمل المديريات بأكملها. أدى هذا التدريب المكثف والنزول الميداني إلى إحداث ثورة حقيقية داخل المجتمع، حيث بدأت مجتمعاتهم تتحرك نحو الأفضل من خلال المبادرات المجتمعية.

تحولت أعمال الطوعية والإحسان إلى تنظيم مؤسسي، وبدايات تشكيل الجمعيات التعاونية على مستوى المديريات. هذه الجمعيات تم تدريبها بشكل متكامل في مجالات التخطيط والإدارة والتنظيم، مما أسفر عن ثورة حقيقية داخل مجتمعاتهم. الآن، تعمل الجمعيات بشكل فعال لاستنهاض المجتمع وتوفير الخدمات وتلبية متطلبات الزراعة، مما أدى إلى تكامل المجتمع مع جهود الجمعيات.

لقد أسهم فرسان التنمية والمتطوعون في تطور المجتمعات حتى وصلنا إلى المرحلة الحالية من وجود جمعيات تعاونية ناجحة، تقدمت بشكل بارز وأصبحت خدماتها واسعة على مستوى المديريات. يتطلع المجتمع إلى المزيد من الإحسان من هؤلاء المتطوعين، ليصبح الجميع مبادرين ومتطوعين ومحسنين في مناطقهم.

كل عام، يحتفى بيوم التطوع تكريمًا لهؤلاء المتطوعين، الذي يأتي ليس كمكافآت مادية، بل كتكريم معنوي يُظهر دورهم الكبير ويخلد أعمالهم في الميدان، مما يجعلهم مثالًا يُحتذى به. فقد كانت التنمية قائمة على الدافع الإنساني وحب الوطن، وليس على الحوافز المادية. وتهدف عمليات التطوع والمبادرات إلى التوسع بفضل هؤلاء الأفراد الذين كانوا نواة لهذه الحركة.

 

 

العمل التعاوني: ركيزة أساسية للعمل التطوعي

وبدوره، قال رئيس دائرة التسويق بالاتحاد التعاوني الزراعي، بكيل طاهر: “بلا شك أن العمل التعاوني يُعتبر جزءًا أساسيًا من العمل التطوعي بشكل عام”. حيث أنشأ الاتحاد التعاوني الزراعي، بالتعاون مع شركاء التنمية، حوالي 120 جمعية تعاونية زراعية. وقد تلقت الكوادر التي تدير هذه الجمعيات تدريبًا وتأهيلاً مكثفًا من قبل شركاء التنمية، وعلى رأسهم أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل – مؤسسة بنيان التنموية. وقد زودت هذه المؤسسة الجمعيات التعاونية بالعديد من الكوادر المؤهلة في مختلف المجالات، ومنها مجالات التطوع والمبادرات المجتمعية.

خلال الفترة الماضية، تم إنجاز العديد من المبادرات المجتمعية عبر الجمعيات من خلال لجان تطوعية. وهذه الإنجازات تُعد نجاحًا كبيرًا يستحق التقدير، خصوصاً ونحن نتحدث عن المتطوعين في اليوم العالمي للتطوع.

 

 

الرؤية التنموية لفرسان التنمية والمتطوعين في المجتمع

أشار مدير التخطيط والمتابعة بالاتحاد التعاوني الزراعي، المهندس شماخ الصوفي، إلى أن المتطوعين وفُرسان التنمية يُعتبرون قادة تنمويين، حيث يعملون جاهدين على تحفيز المجتمع لإطلاق المبادرات المجتمعية الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة، وفقًا لرضا الله والمشاركة الفعالة. يلعب هؤلاء الأفراد دورًا محوريًا في توعية المجتمع ليكون أكثر تطوعًا، مما يساهم في خلق روح التعاون والتكاتف بين أفراده.

يسعى فرسان التنمية والمتطوعون جهدًا ذاتيًا وإرادة قوية لتحويل التحديات التي تواجه المجتمع إلى فرص تنموية مثمرة، دون النظر إلى المقابل المادي أو المكاسب الشخصية، فهم متطوعون يبتغون الأجر والثواب من الله. يتمتع هؤلاء الأفراد بقدرة عالية على تجميع المجتمع وخلق حالة من التعاون والتكاتف، انطلاقًا من قوله تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى”.

غالبًا ما يكون فرسان التنمية والمتطوعون هم الأكثر محبةً وتقديرًا في المجتمع، حيث يسعون دائمًا للخير ويعملون بروح جهادية، يستشعرون المسؤولية الدينية والوطنية في جميع أعمالهم، مع محاسبة ذاتية تحت رقابة إلهية.

يمتاز هؤلاء المتطوعون بحبهم للإحسان، ويسعون لبناء شراكات مجتمعية فعالة بين المجتمع والجهات الرسمية، بهدف إحداث ثورة تنموية كبيرة مستمدين قوتهم وعزيمتهم من الله، ومن أعمال الإحسان التي يقومون بها.

كما يضطلع فرسان التنمية بدور فاعل في استنهاض المجتمع للاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة التي خلقها الله في قراهم وأريافهم. وهم يشجعون على الهجرة العكسية من المدن إلى الريف، ليعود المجتمع لزراعة أرضه والاكتفاء الذاتي، بدلاً من الاعتماد على المنظمات الخارجية.

 

 

قصتي مع التطوع

يسرد المتطوع سعد خليل من محافظة صعدة حكايته في العمل التطوعي قائلاً: “تطوعتُ في مؤسسة بنيان التنموية، وبدأت مسيرتي من محافظة صعدة. اليوم، أعمل أخصائي إرشاد زراعي في الإذاعة العامة للإرشاد والإعلام الزراعي، حيث أساهم في الجهود المجتمعية بالتعاون مع الجهات الحكومية.”

عندما انضم سعد إلى وحدة التطوع بمؤسسة بنيان، بدأ رحلته التي غمرته بحماس العمل التطوعي. شارك في رحلات تطوعية وتلقى تدريبًا شاملاً حول منهجية العمل وإدارة الاجتماعات وإدارة الأعمال والمشاريع في مجالات العمل الطوعي والمبادرات الذاتية والمجتمعية. “ركزت جهودي على تحسين التسويق الزراعي، فعملت على تحسين جودة المحاصيل الزراعية في السوق وشاركت في مشروع الأسر المنتجة وسوق الخميس.” يروي سعد بفخر.

ومع مرور الوقت، انتقل تركيز سعد إلى تفعيل المبادرات المجتمعية في محافظة صعدة، حيث تمحورت تلك المبادرات حول إنشاء الحواجز والسدود التي كانت المنطقة بحاجة ماسة لها. “كان العمل التطوعي له أثر كبير في تغيير النفوس. حيث كان المجتمع في صعدة يعاني من ضعف تبني المبادرات المجتمعية، واعتماده الكبير على المنظمات والمشاريع الحكومية.” يتذكر سعد كيف أن هذا الاعتماد أدى إلى تحديات في العمل الجماعي والمبادرات المجتمعية.

بدأ سعد وفريق فرسان التنمية بالتوعية والتحفيز من خلال جلسات توعوية وورش عمل في مختلف مديريات المحافظة. “الحمد لله، انطلقنا في أول مديرية وهي مديرية الصفراء، حيث صنعنا نموذجاً يُحتذى به. كان لتفاعل المجتمع والجهات الرسمية والإشرافية أثر إيجابي كبير في إنشاء الحواجز والسدود وزراعة الشتلات الزراعية في المدارس وعلى ضفاف الوديان”، يقول سعد وهو يستحضر ذكرياته مع مكتب الزراعة.

كان لدور فرسان التنمية أثر واضح في تحفيز المجتمع، حيث بدأوا في إنشاء الحواجز والسدود الصغيرة. “بدأت المبادرات من عزلة عكوان، حيث تم إنشاء أكثر من 12 حاجزاً. ومع نجاحنا في مديرية الصفراء، انتقلنا إلى مديريات أخرى لنشر تلك القصص الملهمة.” يتذكر سعد بفخر كيف تفاعل الناس بشكل إيجابي في جميع أنحاء المحافظة.

ومع تزايد نشاط المجتمع، أصبح من الضروري تنظيم الجهود ضمن أطر مؤسسية واضحة. أخذ فرسان التنمية على عاتقهم توعية المجتمع بأهمية العمل التعاوني من خلال اللقاءات وورش التوعية، وتم تشكيل جمعيات وفق منهجية ذو القرنين في التنمية المستدامة. “توجه فرسان التنمية والمتطوعون نحو تنظيم المجتمع من خلال جمعياتهم التعاونية. على الرغم من بعض الصعوبات المتعلقة بالجمعيات السابقة، تمكنا من حل الإشكاليات المتعلقة بكثير منها وإعادة تفعيل وإنشاء جمعيات جديدة تحت إدارة فعالة.”

تجسد قصص النجاح هذه التغير الملحوظ في العمل التعاوني في محافظة صعدة، حيث تم تنظيم العمل في الجمعيات بالتعاون مع المساهمين وتفاعلهم. “تم اختيار هيئات إدارية للجمعيات ورؤساء وحدات تنظيمية، وتم تنفيذ أنشطة متعددة على المستوى الخدمي في مجالات الطرق والتعليم والصحة.” يتذكر سعد بفخر كيف أنهم سدوا الفجوة الكبيرة التي عانى منها المزارعون في حاجة التسويق عبر تنظيم الزراعة التعاقدية مع التجار، مما ساهم في تقليل فاتورة الاستيراد.

“كذلك، تم توفير القروض والبذور والشتلات للمزارعين من خلال فرسان التنمية في كل عزلة وكل قرية، فقد أصبحت هذه الجهود رمزًا للأمل والتغيير في مجتمعنا.” يختتم سعد حديثه بمشاعر الفخر والإيجابية، معبراً عن شغفه ببذل المزيد من الجهود للرقي بمجتمعه.

 

روح التعاون والمبادرة

أوضح المتطوع عبدالفتاح محمد سعيد الحماطي أن التطوع هو تقديم المساعدة والعون والجهد لتحقيق الخير بين أفراد المجتمع. إنه عمل طوعي يقوم به الإنسان من تلقاء نفسه، دون أي مقابل أو إجبار من الآخرين، فهو نابع من إرادة داخلية لدى الفرد تدفعه لبذل المال والجهد لخدمة المجتمع، مساهمةً في التخفيف من معاناتهم.

يتضمن التطوع العديد من الفوائد والآثار الإيجابية، منها تعزيز المبادئ الإسلامية والاعتماد على الله سبحانه وتعالى، والمشاركة المجتمعية الواسعة لتحقيق الأهداف التي يسعى لها أفراد المجتمع، مثل إحياء روح التعاون، وتوليد الأفكار الإبداعية، وإخراج الطاقات الكامنة في أوساط المجتمع، وصناعة القادة والقدوة، وتعزيز الهوية الإيمانية، ونقل المعارف والخبرات والمهارات.

كما يؤكد الحماطي أن التطوع ليس وليد اللحظة، بل هو ممارسة منذ استخلاف الله الإنسان على وجه الأرض، إلا أنه في الآونة الأخيرة ضعف لأسباب عدة، منها الابتعاد عن الله سبحانه وتعالى والغزو الفكري الذي أثر سلبًا على العادات والتقاليد السامية السابقة، من خلال ثقافات مغلوطة كالحرب الناعمة، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات والحلقات. يعتبر يوم التطوع العالمي بمثابة إحياء لروح التطوع والمبادرة والتعاون بين أفراد المجتمع، لتحقيق الأهداف المشتركة، والتخفيف من معاناتهم، وتحفيز طاقات الأفراد المتطوعين من أبناء المجتمعات المحلية.

 

وصاب سباقة في التعاونيات

من جانبه، أوضح منسق بنيان مديرية وصاب العالي، فؤاد معروف مهدي المعين، أن خلق مجتمع متعاون وفعال يتمتع بروح المبادرة والتعاون والإحسان كفيل بتحقيق تنمية عاجلة ومستدامة، بينما يساهم في نهضة خدمية دون الحاجة لانتظار أي جهة في تنفيذ المشاريع الخدمية كشق الطرق أو بناء المرافق الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات المجتمعية.

وأشار المعين إلى أن نهضة التنمية تتحقق بفضل تأهيل فرسان التنمية من مؤسسة بنيان، الذين أسهموا في إنعاش العمل التعاوني والتنموي من خلال التنقل بين القرى والعزل لتوعية الناس وشحذ هممهم وإدارة المجتمع المعطاء. وقد تحققت العديد من الأعمال بفضل تعاون المجتمع ودعمه السخي وتفاعله.

ولفت إلى أن وصاب سباقة في التعاونيات الخدمية والإنسانية، حيث يتبنى المتطوعون الحالات الإنسانية ويجمعون لها الدعم المالي، مما مكنهم من علاج العديد من الحالات في الخارج. وأكد أن التعاونيات التي تشمل المشاريع الخدمية، قد حققت إنجازات ملموسة بفضل الدعم المالي من المستفيدين والخيرين، منها شق الطرق وبناء المرافق الصحية والمدارس والسدود، مع استمرار العمل في بعضها إلى اليوم.

وشدد المعين على أن العمل التعاوني والتكاتف المجتمعي الذي يتم بإرادة وإدارة تطوعية يحقق النجاح ويغرس في المجتمع حب المبادرة والإحسان. كما أشار إلى أن فرسان التنمية يتجهون نحو الجبهة الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وذلك وفقاً لتوجيهات القيادة الحالية في هذا المجال.

وأكد أن منهجية القرآن ورؤية ذو القرنين تعتبران منهجية ناجحة لتحقيق النجاح في كل المجالات، وخلق بيئة متعاونة ومجتمع واعٍ وفعال لتحقيق تنمية مستدامة. ودعا المعين إلى تعزيز التوجه نحو العمل التعاوني والجماعي وفق منهجية القرآن الكريم، وتشجيع الدولة للمبادرات المجتمعية وتوعية المجتمع بالتوجه نحو الجبهة الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وخفض فاتورة الاستيراد.

وأشار إلى أن العمل الفردي قد بدأ يتوسع نحو العمل التطوعي الجماعي، حيث حقق نجاحات عديدة في المشاريع الخدمية، ومنها صيانة بعض العقبات في عزلة قشط بني شعيب بعمل جماعي تعاوني. وفي المشاريع الكبيرة، تم تحقيق نهضة خدمية كبيرة بفضل المبادرات المجتمعية والتطوعية والدعم من الخيرين، مثل شق مشروع طريق المبر.

وأوضح أن لفرسان التنمية تجربة واسعة في مجال العمل التطوعي، حيث تم إدارة عدة مبادرات إنسانية بجهود فردية وجماعية، مثل مشروع شق بيت المعين العرش. وفي الجانب الصحي، تم إنجاز العديد من المرافق الصحية بوحدة المجتمع الصحية بالصيرة، ومركز العارضة الصحي الذي ينتظر التشطيبات النهائية.

وخلص المعين إلى أن التعاونيات تحقق نهضة تنموية مستدامة بعمل تطوعي ووعي مجتمعي شامل في جميع المجالات، مشيراً إلى التوجه نحو تأسيس الجمعية التعاونية التي يتطلع إليها المجتمع لتحقيق الاكتفاء الذاتي والنهضة التنموية المستدامة وفق هدى الله.

 

الخاتمة

تعد التعاونيات والعمل الطوعي في اليمن نموذجًا ملهمًا يُظهر كيف يمكن للمجتمع أن يتحد لتحقيق أهدافه التنموية. من خلال التعاون والتحفيز المستمر، يتحقق الأمل في بناء مجتمع قوي وقادر على مواجهة التحديات، مما يؤدي إلى نهضة تنموية شاملة وفقًا لقيم الإحسان والتعاون.

من خلال هذه الفلسفة، نُعزز الإيمان بأهمية العمل الجماعي والتكامل المجتمعي كوسيلة حقيقية للنهوض بالمجتمع وتحقيق العدالة والتنمية. مع هذا التحول المدروس نحو العمل التعاوني المنظم، يمتلك اليمن فرصة حقيقية للنهوض وتحقيق تنمية مستدامة مبنية على المشاركة المجتمعية الواسعة، مما يعزز الاعتماد على القدرات والإمكانات المحلية بعيدًا عن الاعتماد المستمر على المساعدات الخارجية.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com