Herelllllan
herelllllan2

عن التطورات الجديدة في المنطقة

يمانيون/ كتابات/ عبدالرحمن مراد

تعود اليوم جبهة النصرة إلى حلب، وهي تنظيم عقائدي ينتمي إلى القاعدة لكنها عادت تحت مسمى جديد هو هيئة تحرير الشام وسبق لها الإعلان عن استقلالها التام عن تنظيم القاعدة، وهذا يعني عودة الأدوات القديمة تحت لافتات جديدة، والهدف هو إعادة رسم خريطة التوازنات في النفوذ، وصولا إلى فكرة الشرق الجديد الذي تسعى إسرائيل للوصول إليه، مستغلة في ذلك الظرف الذي تركه العدوان على لبنان وأثره على حزب الله،  ومع عودة التنظيمات المسلحة إلى واجهة التبدلات والتغيرات في المنطقة، عادت التفاعلات الإعلامية مع سلوك تلك التنظيمات المسلحة من حيث الترويج لسلوك التوحش والغابية، ومن حيث التعامل غير الإنساني مع الإنسان،  وبما يشوه الصورة المثالية للإسلام، بما يعني أن الهدف مزدوج من التطورات العسكرية التي تحدث اليوم في حلب أو غيرها من المدن السورية، فهو هدف استراتيجي عسكري وسياسي، وهدف ثقافي الغرض منه هدم التطبيقات الاجتماعية، والصورة الإنسانية للإسلام بما تصدره الجماعات المسلحة كحالة غير حضارية تهدد الحضارة المعاصرة ويبرر لإسرائيل وجودها وعدوانها على المدنيين العزل، سواء كان في غزة أو لبنان  في تصورات  الرأي العام العالمي .

نحن اليوم أمام واقع جديد تهيمن فيه التكنولوجيا الغربية – التي تحاول أن تطوي العالم في بؤرة صغيرة قابلة للرؤية والقياس تنصهر فيها الحضارات والثقافات لتصبح حضارة واحدة وثقافة واحدة – وذلك بسبب التطور التقني في الصورة في محتوى وابتكارات الإعلام الاجتماعي – الوسائط الاجتماعية كالفيس والوتس ….الخ – ومثل ذلك قد أحدث تبدلا سريعا فوق ما نتوقع في البنية الأخلاقية والثقافية في المجتمعات، ولعل الأشد خطرا وهو انتقال مفهوم العولمة من الأفق الاقتصادي والسياسي إلى الأفق الثقافي والإعلامي والأدبي، وهو ما بات يعرف بالثقافة الشاملة، أو المجتمع الكوني، وهي ثقافة تذوب فيها الخصوصيات .

فالعولمة تسعى بكل الوسائل حتى تجعل العالم شبيها بأمريكا ولذلك نجد من هو مفتون بالنموذج الأدبي والثقافي الغربي، بل والنموذج الإعلامي مثل محاكاة بعض برامج المسابقات الشهيرة في الفضائيات مثل تلك التي تبهر المشاهد وتجعله معلقا بها ومتفاعلا معها بالتصويت والإنفاق وهي كثر، وقد انتشر أوارها في هشيم ثقافتنا فصنع واقعا عربيا  بائسا في الفنون والآداب، ويرى بعض المفكرين “أن العقل الأمريكي يحاول تطهير العالم من الآيديولوجيين والعقائديين الذين يمتازون بالثبات والدفاع عن الهويات “، وهو الأمر الذي يعترف به الواقع من خلال حركة الجماعات كـ”القاعدة” و”داعش” حيث يعمدون إلى تفكيك البنية العقائدية والثقافية وتشويه صورتها من خلال الممارسات التي لا تتسق مع الإسلام ولا مع مبادئه وقيمه الإنسانية،  فالتوحش والبدائية في الجماعات الاستخبارية يهدف إلى تعميم الثقافة الشاملة بالقفز على الخصوصيات من خلال الهدم والتفكيك، وقد لاحظ الكثير توالي الهجرات والضجيج الإعلامي حول الأفراد الذين يهربون من مجتمعاتهم إلى الغرب وعلى وجه الخصوص في الزمن القريب كهروب شاب سعودي وخليجي وما صاحب ذلك من ترويج إعلامي، يضاف إلى ذلك تفكيك البناءات الثقافية من خلال هدم الرمزيات الثقافية،  والسعي إلى التقليل من أثرها ويأتي اعتذار رموز الوهابية عن أفكار التطرف في هذا السياق، كما تابع المتابع ، وكل تلك الخطوات تؤدي إلى طريق واحد وهو العولمة أو كما يحلو البعض تسميتها بالأمركة .

كل هذا الاشتغال الذي نراه اليوم في واقعنا العربي بالذات، وهو أكثر وضوحا بعد عودة جبهة النصرة في سوريا إلى الواجهة تحت مسمى جديد   .

فكل حركة الصراعات في عالم اليوم قضايا تتعلق بالعولمة، وفي جوهرها بالنظام الرأسمالي العالمي، إذ أن القوة الاقتصادية تريد أن تجعل من الكونية هدفا لها بحثا عن سوق عالمية ومستهلك كوني .

فالرأسمالية تريد دولا ضعيفة وغير فاعلة تعاني التشظي والانقسام حتى يسهل عليها فرض ثنائية الخضوع والهيمنة، ولذلك تدير حركة الانقسامات والحروب في المنطقة العربية، وهي من خلال تفاوضها مع ايران وعقوباتها المتكررة عليها، لا تريد إيرانا قويا متفوقا تقنيا وعسكريا، بل تريد ذلك لإسرائيل فقط، ولعل موقف ايران في خندق محور المقاومة قد جعل منها رقما صعبا خاصة بعد معركة سيف القدس وطوفان الأقصى التي لعبت فيها ايران دورا سياسيا ولوجستيا مهما .

معركة سيف القدس ومن بعدها طوفان الأقصى رسمتا أفقا سياسيا جديدا، وغيرت موازين القوة في المنطقة، ولذلك نحن أمام استحقاق جديد لا بد من الاستعداد له، فاثره لن يكون محدودا بل سيمتد إلينا في اليمن وإلى محور المقاومة كله .

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com