هزيمة أمريكا وتعطل الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر.. ولو كره المشككون
يمانيون../
لا يخفى على الكثير من متابعي مسلسل العمليات البحرية المُنفذة من قبل القوات المسلحة اليمنية ضد ملاحة العدو الإسرائيلي وسفنه أو السفن المرتبطة به، الذي يأتي في سياق وحدة الساحات والإسناد العسكري لغزة، انخفاض وتيرة تلك العمليات في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن خلال الأيام القليلة الماضية، والتي كانت قد امتدت أو لنقل نجحت بعد خمس مراحلٍ مرت بها، في الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، وكان لها تأثيرها الملموس والحي على الاقتصاد الإسرائيلي.
هذا الانخفاض العملياتي المفاجئ لم يأتِ نتيجة تراخٍ أو يأس أو ضعف في العزيمة أو نكوصٍ عن مواصلة أداء الواجب الجهادي الجاد ضد قوى العنجهية والاستكبار وعلى راسها أمريكا وإسرائيل، أو أنه لا قدر الله جاء استجابةً للضغوط الأمريكية المستمرة على القيادة اليمنية في صنعاء بضرورة وقف هذه العمليات فورًا، مستغلةً في ذلك ورقة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد بعد عشرة أعوامٍ صعبةٍ من العدوان والحصار السعودي الإماراتي الذي كان بإيعاز وقيادة أمريكية.
كل ذلك لا يدخل في وارد الاحتمال ولو بنسبة 1% لأن انخفاض العمليات البحرية اليمنية جاء نتيجة التعطل التام للملاحة الإسرائيلية في تلك البحار، ونتيجة يأس العدو الإسرائيلي من المرور بحرا بسلام، وخاصة من البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، وهو ما عبر عنه السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) خلال خطابه الأسبوعي اليوم الخميس الموافق 28/11/2024م بقوله: “العدو الإسرائيلي أصبح يتعامل بيأس، وذلك حول مسار ملاحته بالكامل”، حيث لم يعد يوجد “في هذه الفترة أي تحركٍ للملاحة الإسرائيلية ولم يعد هناك خلال هذه الأيام التي مضت أي تحركٍ للسفن التي تتبع بلدان أخرى وتحمل البضائع للعدو الإسرائيلي” وأضاف مؤكدًا أن هناك -وبتوفيق الله تعالى وبمعونته وبنصره- سيطرة تامة في منع الملاحة الإسرائيلية من البحر الأحمر، وأن هذه السيطرة في مسألة منع الملاحة البحرية على العدو الإسرائيلي في البحرين الأحمر البحر العربي قد بلغت 100%.
السيد القائد لم ينس أيضا التأكيد في ظل انخفاض العمليات البحرية ضد الملاحة الإسرائيلية، على استمرار اليمن في أداء واجبه الجهادي بوتيرة عاليةٍ إسنادًا ودعمًا لغزة ومقاومتها، سواءً أكان ذلك بالاستمرار في ضرب العمق الإسرائيلي بالصواريخ والطائرات المسيرة، أو بالمسيرات الشعبية المليونية الحاشدة، مبينا أن الشعب اليمني غير مكتفٍ بما تفعله حاليا قواته المسلحة مع أنه المستطاع والممكن.
كما انه لم ينس أن يلفت الانتباه إلى أن هناك سعي مستمر لفعل ما هو أقوى وما هو أعظم، وما نفعله حاليا له تأثيره على العدو الإسرائيلي وتأثيره على شركائه وعلى الأمريكي الذي شن على بلدنا عدوانا عسكريا.
ماذا يعني تعطل الملاحة الإسرائيلية تماما في البحرين الأحمر والعربي؟
منذ بدء العمليات البحرية اليمنية ضد الملاحة الإسرائيلية مطلع نوفمبر 2023م شهد العالم عددا كبيرًا من العمليات البحرية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية، والتي كان لها ولا شك؛ تأثيرها الواضح على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث نجحت أولاً في تغيير المعادلة العسكرية الإقليمية لصالح المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ولصالح محور المقاومة، كما أنها ثانيًا خلقت توازنًا في القوى بين محور الشر أمريكا وإسرائيل والغرب وبين محور المقاومة، بعد تمكنها من فرض حصار بحري كامل على الملاحة الإسرائيلية والقوات المساندة لها بقيادة أمريكية بريطانية، بعدما اضطرت ثلاث حاملات طائرات تابعة لها إلى الهروب من مسرح العمليات البحرية اليمنية.
وكل ذلك لا يعني بطبيعة الحال إلا نجاح وفاعلية تلك العمليات في ضرب الاقتصاد الإسرائيلي وتحميله مزيدًا من الخسائر والأعباء، حيث ألحق الحصار اليمني بالاقتصاد الإسرائيلي بحسب الإعلام العبري نفسه أضرارًا باهظةً وكبيرةً كان من أهمها:
إغلاق ميناء إيلات (أم الرشراش)، والذي يعد واحدًا من أهم شرايين التجارة الحيوية للعدو، وما تلا ذلك من عرقلة خطوط الإمداد الداعمة لاستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتأخرٍ في وصول الشحنات سواءً الغذائية أو العسكرية إلى الكيان، ناهيك عن ارتفاع أسعار الشحن والنقل إلى عشرات الأضعاف، وتعطيل حركة التصدير من الداخل الإسرائيلي؛ ما تسبب بشلل شبه تام في السوق الإسرائيلية وفجّر أزمات اقتصادية ومعيشية خانقة داخل المجتمع الصهيوني ومؤسساته السياسية والعسكرية والأمنية.
أيضًا، زوال الهيمنة الأمريكية على الملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي، الذي تجلى في هروب العديد من المدمرات وحاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية والأوروبية وغيرها من مسرح العمليات البحرية للقوات المسلحة اليمنية، ما يعني فرض معادلة ردع جديدة في المواجهة بين محور الشر والإجرام وبين محور المقاومة، وهذه المعادلة استطاعت وبكفاءة عاليةٍ إرغام العدو الصهيوني وكل داعميه على التقهقر والهروب إلى الوراء، فالحرب لم تعد نزهةً كما في السابق والحوثيون كما قال البنتاغون لا يمزحون.
لكل المشككين في فعالية العمليات البحرية اليمنية
لا شك أن هناك ثمة من سيشكك فيما قاله السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) خلال خطابه الأسبوعي اليوم، ولا شك أن الرد على هؤلاء سيكون متروكًا للأمريكي والبريطاني نفسه اللذين ما أن انتهى السيد القائد من خطابه حتى سارعا بشن غارة جوية على مدينة باجل بمحافظة الحديدة في محاولةٍ بائسة ويائسة أخرى لثني اليمن وإرغامه على التخلي عن موقفه وتوجهه الجهادي، وقبل هذه العملية العدوانية يقول السيد القائد: العدو الأمريكي والبريطاني نفذ 844 غارة وقصفا بحريا دون أي جدوى ودون أي تأثير على موقفنا وتوجهنا، هذ ناهيك عن حديثه اليوم عن قيام طائرات الشبح الأمريكية بقصف بلدنا دون جدوى مؤكدا أنها لم ترهبنا ولم تؤثر على موقفنا ولا على توجهنا ولا على قرارنا، وكشف عن محاولات ووسائل الضغط الأمريكية المتعددة التي تُمارس على صنعاء لوقف عملياتها البحرية المساندة لغزة.
ولا ننسى أيضًا أن نعرج على ما قالته بعض وسائل الإعلام الأجنبية ومن ذلك موقع “19FortyFive” الأمريكي المتخصص في الشؤون الدفاعية، الذي أكد أن الجيش الأمريكي تعرض للهزيمة القاسية في البحر الأحمر أمام القوات المسلحة اليمنية، موضحًا أن القوات المسلحة اليمنية نجحت في منع الأمريكيين من الوصول إلى البحر الأحمر من خلال استخدامهم المبتكر للصواريخ الدقيقة بعيدة المدى والطائرات بدون طيار قليلة التكلفة، وأن هجمات العمليات اليمنية تعد واحدة من نقاط التحول الأكثر أهمية في التاريخ العسكري.
ومن جانبها نشرت صحيفة “ذا ماركر” العبرية، الأحد الماضي، تقريرًا سلّطت الضوء فيه على تزايد الخطر اليمني على أمن الكيان الصهيوني، وصعوبة مواجهة هذا الخطر.
وذكر التقرير أنه “في ليلة 19 يوليو، ظهرت طائرة مسيرة على شواطئ تل أبيب وقتلت إسرائيليًّا أثناء نومه، بالقرب من مبنى سفارة الولايات المتحدة، لتكشف بذلك ضعف النظام الأمني، حَيثُ لم يكن يعتقد أحد أن هذه الطائرة الصغيرة والبطيئة التي تنطلق من اليمن على بُعد أكثر من 2000 كيلومتر، ستتمكّن من الإفلات من أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية المتقدمة، والتحليق داخل تل أبيب، وقتل شخص، وإصابة عشرة آخرين وبث الذعر”.
وَأَضَـافَ التقرير أن “الهجوم لم يوضح فقط القدرات العملياتية للحوثيين من اليمن، بل أجبر المؤسّسة الأمنية، التي كانت حتى ذلك الحين على وشك الانهيار، على فهم أن “إسرائيل” يجب أن تجد حلولها الخَاصَّة للقضاء على التهديد القادم من اليمن، بعد أن تركت الولايات المتحدة وبريطانيا تقدمان الدعم العسكري”.
كل هذا ألا يعني أن على المشككين أن يبتلعوا ألسنتهم وأن عليهم مراجعة أنفسهم وحساباتهم بشكل جيد؛ لأن العدوان والضغط الأمريكي البريطاني على اليمن ورجاله الأحرار المؤمنين إيمانًا قويًا بقضية الأمة لوقف عملياتهم البحرية، يعني أن فعالية عملياتهم تلك قد فعلت مفاعيلها وتجاوزت حدود التشكيك وأصبحت واقعًا لا مناص من القبول به ولو كره المشككون.
إبراهيم الديلمي