أعر الله جمجمتك
محمد الغفاري
هنالك ثمن يجب أن يدفع مقابل أي شيء ترغب أن تصل إليه، وهذا مبدأ الحياة المختزل في المقولة الشهيرة “كما تحب أن تأخذ يجب أن تعطي”، قال تعالى (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) الحديد11. وهنا الذي طلب السبق في الخير هو الله جل جلاله ولكل شيء ثمن فما ثمن من أعطى الله جمجمته خالصة في سبيله ونصرة لدينه يجب أن يكن ثمنها بلا شك جنة عرضها السموات والأرض، هذا وعد الأخرة، أما ثماره في الدنيا هو تحقيق الرؤى الإيمانية التي سعى لتحقيقها الشهيد وبذل من أجلها روحه الطاهرة والتي يجب أن تكون وفق خطى إيمانية لا تتنافى مع القرآن الكريم والسنة الإلهية.
شهدائنا عظمائنا
كل شهيد بذل روحه الطاهرة، فهو لم يصل إلى مرتبة الشهادة في غمضة عين، بل هنالك مراحل مر بها إلى أن اصطفاه الله تعالى إلى الشهادة وتلك المراحل منها الصعب ومنها الأصعب، فمنهم الذي أصيب ومنهم الذي فقد ساقه أو ذراعه ومنهم من ذاق الويل في سجون المرتزقة والطغاة، ومن تحاصر ومنهم من فقد أحبائه وحاله وماله، وكل شهيد له دوره ورسالته التي من أجلها هيئه الله له في هذه الأرض وعند بلوغ الحب ذروته يصطفيه الله تعالى إلى العليين ليعيش حياة أبدية ويأتيهم رزقهم قال تعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) آل عمران 169.
فهم عظمائنا الذين نستمد منهم القوة والعزيمة خاصة وأننا نجني ثمار صبرهم وعزيمتهم وتضحياتهم ودمائهم وتتجلى لنا كل الحقائق ونلتمس العزة والكرامة التي ارادوها لنا، ويتضح لنا ذلك اليوم من ما يحدث من معجزات في باب المندب والتقدم في الصناعات العسكرية، وأصبح لليمن مكانة عالية في العالم، سياسياً وعسكرياً، واصبح الشعب اليمني رمزاً للصمود والعزة والشرف.
لماذا الشهادة “مدرسة إلهية”
ليس كل من يقتل “شهيد” فهناك من يقاتل من أجل جاه أو سلطه أو منصب أو بندق أو مال، وهنا لا نستطيع الغوص إلى أعماق نواياهم بل تتجسد لنا أفعالهم من أراد الدنيا ومالها هاجر إليها، ومن أراد الحياة قُرب ربه وجواره صغرة الدنيا ومالها أمام عينيه كما قال الشهيد الرئيس صالح الصماد -سلام الله عليه “مسح التراب من على نعال المجاهدين أشرف وأعز من مناصب الدنيا”، وهو في كرسي السلطة يأكل ما يريد ويلبس ما يريد ولكن صغر في عينه كل شيء ومدرسة الشهيد حسن الملصي (أبو حرب) والذي كان يغوص في بلاط السلطة وعندما فتح عينيه وسعى سعي إلهي وجد أن كل شيء يصغر أمام عينه مقابل أن ينتصر الحق؛ تحرك عندما رأى دماء الابرياء تزهق بلا ذنب حركته نخوته كرامته دينه و”أعار الله جمجمته” فأصبح مدرسة في الصمود ودحر العدو، فقال قولته الشهيرة “الآن اقتلعنا عين السعودية ونمضي نقتلع العين الثانية”، وكل شهيد له حكاية ومعاناته أصبحت مدرسة ولو تطرقنا إلى جميع الشهداء لا نستطيع حصرهم أو ذكر نهجهم فهم عطاء “قابله الله بعطاء”.
من نحن بعدهم
نحن مرحله تأتي مكملة لهم أن عشنا وفق نهجم قدم الله لنا عون وغلبه ومحبة في قلوب المؤمنين وإذا نصرنا الحق والمستضعفين أعاننا الله على إزهاق الباطل، خاصة وأننا نعيش في زمن كما قال الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه “إننا نعيش في زمن كشف الحقائق”، وإن ملنا أو تخاذلنا وخونا العهد فنعلم أننا سنجني سخط وغضب إلهي يفقدنا كل تمكين مكاننا الله إياه في الأرض ويعود علينا بعواقب لا يستهان بها، ويجب أن لا ننقض عهد الله من بعد ميثاق ونمض وفق مسيرتهم الجهادية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وفي ذكرى الشهيد وبعيداً عن استلهام قصص الشهداء وتضحياتهم، فإننا نعيش أيام يسقط فيها عدد كبير من الشهداء في غزة ولبنان أمام صمت مخزي دوليا وعربيا، ومع كل شهيد يسقط فإننا نتجرد من ديننا بدون أن نشعر، ولن نستطيع نصرة غزة ولبنان وغيره، إلا إذا رجعنا إلى الله وصلح حالنا مع الله عز وجل وتركنا كل شيء جسده لنا الغرب والصهيونية العالمية، فكل شيء نستقبله ونقلده يأتي منهم يعد بحد ذاته سم قاتل يبعدنا عن الإسلام وقيمه ومبادئه.
فنصرة المستضعفين من الدين، وقول الحق من الدين، والجهاد والانفاق وترك المعاصي والذود عن المحارم ووغيرها من الدين، الذي جسده الله في الاسلام ونحن المسلمين نعتبر كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى، وغزة ولبنان هم جزء من هذا الجسد، ويجب علينا كمسلمين وكشعوب مناصرتهم بعيداً عن البلاط السياسية فالحكومات مات دينها واعتنقت صهيونية العصر.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للاسلام