بين الحضارة وقوة الإرادَة.. اليمنيون رمزُ العزة
أسماء الجرادي
منذ القِدم، ارتبطت قوة الإرادَة والشجاعة والبسالة بشعب اليمن، الذي أظهر للعالم أن الإيمان والكرامة يمكن أن يتغلبا على أقوى التهديدات.
في كُـلّ مرحلة تاريخية، واجه اليمنيون شياطين العالم ومجرميه بقلوب مليئة بالعزة، وجسارة لا تلين، إنهم لا يعرفون للخوف طريقًا، بل يتجسد الإيثار والتضحية في نفوسهم لتبقى اليمن رمزًا للقوة والمقاومة، هذا البلد، الذي يحمل في طياته تاريخًا حافلًا بالجهاد والنضال، هو مهد الحكمة والمروءة والإيمان، حَيثُ يتجلى ولاء أبنائه لوطنهم بشكل مثير للإعجاب، وبينما تصطف الجبال الشامخة حولهم، يقف اليمنيون شامخين، مؤكّـدين أن إرادتهم لن تنكسر مهما بلغت التحديات، وتتردّد كلماتهم: “نحن ثابتون على نهجنا وموقفنا، لن نهتز أَو نتزعزع، شامخين كما جبالنا الشامخة”.
قبل ستين عامًا، تمكّن اليمنيون من تحرير بلدهم من الاستعمار البريطاني البغيض، واليوم، وبعد ستين عامًا، يواجه الشعب اليمني بريطانيا من جديد ومشروعها الاحتلالي في المنطقة، ومعها أمريكا والعديد من دول أُورُوبا، ولكن، وبرغم عدوان التحالف الغادر في 2015، ما زال يزداد قوة عامًا بعد عام بفضل الله، وها هو يلقن دروس الإرادَة والكرامة والإيمان لدول العالم المتجبرة والمسماة بالدول العظمى، ها هو اليوم يقول كلمته الثابتة أمامهم: “أوقفوا العدوان عن غزة ولبنان قبل أن تمروا من بحارنا”، ويقول كلمته الشجاعة: “إننا مع غزة ومع لبنان، ومع المؤمنين في هذه الأُمَّــة الإسلامية، إننا معهم مقاتلون ومدافعون بكل ما لدينا من إمْكَانيات”.
ها هو اليوم يصعِّد العمليات التأديبية ضد العدوِّ الصهيوني وحُماتِه المستكبرين، الذين اعتقدوا أنهم باستطاعتهم ثني هذا الشعب عن موقفه بقصفهم وضرباتهم الهمجية، وقد خاب ظنهم؛ فما ازددنا إلا قوة وبسالة، وها هي قوة اليمنيين تطردهم، يجرون معهم الخيبة والهزيمة، فقد طالتهم الضربات اليمنية بشكل أعنف حتى استنفدوا جميع قدراتهم، وها هم اليوم يحلمون ويأملون بالإدارة الجديدة للبيت الأبيض، ليجرب حظه مع هذا البلد الغريب بقوته العجيبة، ولا يعلمون مصدر هذه القوة، أنها مستمدة من الله القوي؛ فهم لا يخافون أعتى قوة على وجه الأرض، ولا يستسلمون، ولا يتأخرون كَثيرًا بالرد على من اعتدى عليهم؛ فشرارة الغيرة تشعل قلوبهم، ودروسهم ماثلة أمام العالم؛ ففي أول هجوم جوي شنه العدوّ الأمريكي البريطاني على اليمن، كان الرد اليمني مباشرًا وسريعًا على حاملة الطائرات “أيزنهاور” وعلى عدد من السفن التابعة للأمريكيين والبريطانيين، وتوالت الهجمات حتى تم ترحيل “أيزنهاور”، ليأتوا بأُخرى وأُخرى لعلهما تستطيعان تأديب اليمنيين وسلب قدرتهم، ولكنهما سرعان ما استقبلتا بالضربات المتتالية حتى رحلت، وهكذا سيكون مصير كُـلّ من يأتي ليواجه اليمن، اليمني لا يترك حقه ولو كان شبرًا من أرضه، فكيف ببلده وكرامته؟
فالمتأمل للمشهد اليمني يرى العديد من الأحداث التي تُظهِرُ ردود فعل قوية من المجتمع على الاعتداءات، مما يؤكّـد أن أية محاولة للنيل من حرمة الشعب ستقابل بالتصدي والمقاومة، مهما كان ثمنه غاليًا، لكنه ليس أغلى من عزتهم وكرامتهم.
هذا الدرس التاريخي يعكس أن اليمن وشعبه لا يُستهان بهم، الدم الذي أُريق في سبيل الدفاع عن الوطن خلق حسًا جماعيًّا من الوعي والارتباط بالأرض، وتحولت أحداث القتل والثأر إلى رمز للعزة التي أَدَّت إلى مواجهة أي اعتداء خارجي على بلدهم.
لقد تميز تاريخ اليمن منذ الأزل بالقوة والبأس الشديد، فهو مليء بالعزة والكرامة، وتشهد على ذلك حضارات اليمن المتعاقبة بأسمائها المتعددة؛ فاليمن في عقوده الماضية افتقد إلى القيادة، وها هو اليوم قد امتلك القيادة التي تستحقه والتي تمثل في أقواله وأفعاله، والحمد لله.
في الختام، نقول إن اليمن ليس مُجَـرّد بلد يعاني، بل هو تجسيد للإرادَة والصمود في وجه الأعداء، وتستمر مسيرة انتزاع الحقوق والكرامة، علمًا بأن دروس التاريخ تؤكّـد قوة الشعب وقدرته على النهوض من جديد؛ فعندما يتحد اليمنيون تحت راية واحدة، لا يمكن لأية قوة أن تنال من عزيمتهم.
إن اليمن يستمر في كتابة فصول جديدة من تاريخ المجد والعزة، ومستقبله مشرق بفضل الله وبثبات أبنائه وعزيمتهم القوية، التي تخطت كُـلّ التحديات والصعوبات؛ فاليمن، بأرضه وتاريخه وشعبه، سيظل دائمًا رمزًا للكرامة والمقاومة.