القليل من الوعي.. ما تحتاجه الأمة..!
بقلم- منصور البكالي
كثيرة هي الكتابات عن احتياجات الأمة، هناك من يطرح خيارات مختلفة كالعلم، والسلاح، والتنمية، والقيادة، والجيش، .. إلخ،
فيما الواقع اليوم يتطلب فقط القليل من الوعي الذي ينهض بكل الاحتياجات دفعة واحدة، وهو وعي ممكن ومتاح وفي متناول الجميع، حول الصعوبات إلى فرص والمستحيلات إلى أمور روتينية، أتدرون ما نوع هذه الوعي؟ ومن مصدره؟ وما هي فعاليته وأثره في تغيير الواقع؟
هذا الوعي لا يأتي من الدراسات العليا في الجامعات الأمريكية والغربية المتقدمة، ولا من مراكز الدراسات والبحوث العلمية، ولا من كل المؤسسات والهيئات المنتجة والمصدرة له على الأرض، بمختلف أنواعه ومسمياته العلمية، والفلسفية، وبكل نظرياته وتعريفاته المتضاربة، بل هو وعي متجدد فعال أثره، مصدره الله الذي خلق الكون الفسيح، علام الغيوب، الخبير بما ينفع عباده وما يضرهم، الهادي إلى الصراط المستقيم، والحق المبين.
إنه الوعي القرآني إذا ما تعاملنا معه ككتاب هداية في كل مجالات حياتنا، المعزز لمعرفتنا بالله وثقتنا المطلقة به، ولأثر الاستجابة الفعلية لتوجيهاته من إعداد وتحرك واستشعار بالمسؤولية أمام خطاباته التوجيهية وأوامره ونواهيه الواضحة الصريحة المفصلة، في مختلف جوانب الحياة، دون الحاجة إلى غيره من الثقافات الباطلة، والعقائد المزيفة.
هذا النوع من الوعي ليس بحاجة إلى فلسفة واكتشاف ودراسات وبحوث، وأجهزة وآليات ومعدات لتطبيقه، بل هو بحاجة لاستجابة عملية فورية تنطلق نحو تزكية النفوس وتعزيز شعورها بالمسؤولية الفردية والجماعية أمام مختلف قضاياها، وسلم أولوياتها الضامنة لها حق البقاء والتمكين والقوة والنفوذ والحاكمية، وهذا لن يتأتى ما لم يكون الخوف والخشية من الله لا ممن سواه، من الحكام والأنظمة العميلة لأعداء الأمة، ولا من أجهزتها الأمنية وجيوشها وأسلحتها المسخرة لتنفيذ أجندة الأعداء.
من يتأمل في الموقف اليمني كحالة متقدمة في مواجهة أعداء الأمة والوقوف والمساندة مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، يتساءل عن سر هذا الموقف، وكيف نهض اليمن من لا شيء، ومن تحت رماد الحروب والعدوان المتواصل منذ 9 أعوام، إلى قوة حطمت كبرياء أمريكا، ودمرت صورتها الباطشة في الرأي العام العالمي! وعطلت تقدمها العسكري وقوتها الاقتصادية، ونفوذها في المنطقة، وحولتها إلى قشة أوهن من بيت العنكبوت.
هنا مربط الفرس المعبر عن أثر الوعي المطلوب، والحالة اليمنية باتت اليوم في متناول الجميع، والكل يعرف كيف تأسس المشروع القرآني وانطلقت المسيرة القرآنية، لتصل بالشعب اليمني إلى هذه المرحلة المتقدمة، وهذه المواقف المشرفة، وما هي الإرهاصات والأثمان التي دفعها المتسلحون بالوعي القرآني، وكيف باتوا اليوم قوة يشار إليها بالبنان، ويهابها الأعداء ويتشرف بها الأصدقاء، وتدور حولها جدليات واسعة وضجيج صاخب في مختلف وسائل الإعلام الغربية والعربية ذات المتنفس الإعلامي، ومراكز الدراسات والبحوث العسكرية والسياسية.
أخيراً: هل ستدرك الشعوب والنخب الثقافية والعلمية، والإعلامية، والسياسيين العرب والمسلمين أن بين أيديهم وداخل جيوبهم وفي رفوف منازلهم وجوامعهم أقوى وأفضل وأهم سلاح! إذا ما فعل في واقع حياتهم ككتاب هداية ورحمة ووعي للعالمين؟