يوم الشهيد: تقديرٌ للتضحيات وتجديدٌ للولاء
يمن محمد
الشهيد الذي حمل روحه في يده، وذهب إلى جبهات العزة والكرامة، مواجهًا العدوّ بكل قوة واستبسال، خرج تاركًا وراءه حياة الذل والهوان. خرج ببندقيته ليصد العدوّ وظلمه وجبروته، خرج ليقول إننا لن نقبل العيش إلا أعزاء كرماء في وطن حر أبي طاهر.
ذكرى يوم الشهيد لم تكن ذكرى لتجديد الحزن والآلام، إنما لتجديد العهد والولاء، لتجديد العزيمة والقوة والإصرار على مواصلة النضال. تأتي ذكرى الشهيد لنرى ما نحن فيه، ولنعلم كم سالت من دماء وأرواح لتصون لنا كرامتنا وتؤمن لنا العيش بأمان.
تأتي لتخبرنا أنه لا حياة كريمة لأي شعب بلا شهداء. فلولا الشهداء ما بقيت فلسطين، وما بقيت لبنان، وما بقيت اليمن؛ فالعدوّ يترقب الأوقات المناسبة لينقض علينا بغتة كما فعل في السابق. ولولا تقديمنا للكثير من الشهداء، وفي مقدمتهم القادة، لكان اليمن أرضًا يعيث فيها الأعداء فسادًا وينتهكون حقوق الشعب كما هو حاصل اليوم في المحافظات الجنوبية
فقد كانت حادثة مقتل الجنديين السعوديّين على يد أحد اليمنيين الذين ضاقوا ذرعًا من تصرفاتهم المهينة بحقهم وبحق زملائهم، وما حدث بعد الحادث من غطرسة واستكبار للقوات السعوديّة وعلى أرضنا هو إثبات لكل ذي عقل كيف أن الذل لن يجلب معه إلا ذل. فالجنود السعوديّون الذين يقتلون اليمنيين العزل على الحدود هم نفسهم اليوم من يحتلون أرضهم. فيفسدون ويتجبرون ويرتكبون الجرائم بحق أبناء اليمن وفي أرضهم، وبرضى قادتهم المرتزِقة. بل إن قادة المرتزِقة لم يكن لهم الحق حتى في الحماية، فما هم إلا عبيد أذلاء كما بقية المرتزِقة الذين رضوا بوجود هذه القوات بينهم، أما المتحكم والمسيطر فهي القوات العسكرية للتحالف بعدتها وعتادها، وما هذا إلا مثال لكل شعب لم يناضل ويقاتل ويطهر وطنه من المحتلّين الغرباء الذين ما احتلوا أرضًا إلا ونهبوا ثرواتها وأذلوا أهلها واستعبدوهم، لينتهيَ بهم الحالُ إلى الموت ذُلًّا.
تأتي ذكرى الشهيد لهذا العام، والشعب اليمني وقيادته يمضون على درب شهدائه مواصلين المسير، حاملين القضية العظمى قضية فلسطين. وكان هذا من ثمار شهداء اليمن الذين بدمائهم تطهرت أرضنا وبنيت قواتنا، وأصبحت اليوم قوة عظمى ترهب العدوّ الظالم المعتدي. ولولا الشهداء ولولا الصمود والنضال، لما كان لنا هذا الفضل الذي كان حلم كُـلّ يمني.
وكما تأتي ذكرى الشهيد هذا العام وفلسطين تواجه أكبر هجمة عدوانية صهيونية، وتقدم الشهداء عامًا بعد عام، وما زالت قوية صامدة تواجه بعظمة واستبسال. فلو استسلم الجميع، لأحتلها العدوّ واستحل الأرض بأحيائها وبيوتها وأهان أهلها، ومن ثم جمعهم جماعات ليستهين بهم وليختتم فعله بقتلهم جماعات وبلا مقاومة، وبلا خسائر. فيسهل، وهو ما يحصل في عدد من مناطق فلسطين، حَيثُ يقوم جنود الاحتلال بالجرائم والقتل الجماعي بحق المواطنين العزل الذين يلقون السلم، ولم يواجهوا العدوّ بما لديهم، كما فعلها السنوار وأعلنها لشعبه ولكل مقاوم: “أن واجهوهم ولو بالعصا التي في ايديكم. ”
إن الأوطان لن تتحرّر إلا بالمقاومة وتقديم الأحبة شهداء برضا وقوة وإصرار على النصر. لقد قدم الشهداء أنفسهم لنصرة قضيتهم، ولم يستسلموا لما يريده العدوّ. وهي رسالة لمن خلفهم من الأحياء: إننا قدمنا أحبائنا وقدمنا أنفسنا، وسالت دماؤنا على هذه الأرض ونحن نواجه الظلم بكل عزة وإرادَة وثقة بالله أننا سننتصر، ولو بعد حين. فلا يحق لمن يأتون بعدهم أن يرضخوا للسلم بعد كُـلّ هذه الدماء. وقد قال الله: “فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ. “فالشهداء لم يقدموا أنفسهم ليستسلم من بعدهم، بل ليشعلوا العزيمة من جديد في قلوب من خلفهم، ونحن اليوم وفي هذه الذكرى، نجدد العهد لهم أننا سوف نحمل القضية رافعين الراية شامخين بكل عزة وعنفوان، ونجاهد على نفس النهج ونفس الدرب حتى يأذن الله لنا بإحدى الحسنين: النصر أَو الشهادة. وكما نجدد العهد لقائدنا الذي حمل القضية وحمل هم الأُمَّــة ووقف أمامنا معزيًا ومواسيًا ومشجعًا ومساندًا ومقويًّا لعزائمنا حتى لا نضعف أَو نتراجع إلى السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي نعاهده أننا سنبقى كما نحن وكما أرادنا، أقوياء، أعزاء، كرماء، مؤمنون بالله ووعده واثقين بنصره، مستبسلين بعزيمة وإصرار على النصر والانتصار في كُـلّ المجالات وفي جميع جولات الحروب، ولن نضعف أَو نذل، وهذا عهدنا له أمام الله، ولو بقينا لوحدنا.
سنمضي قدمًا في درب التحرير، حتى نستعيد أراضينا، ونحقّق حلم الشهداء في وطن حر وشعب كريم بإذن الله رب العالمين.