المنافقون.. أبواق للفتنة ورموز للعمالة
مقالات:
بقلم/ طاهر محمد الجنيد
في غزوة الأحزاب جمعت قريش تحت رايتها جيشا قوامه عشرة آلاف مقاتل من المشركين واليهود والنصارى وغيرهم ، وكان لليهود الدور الأكبر في التحريض والتحضير لحرب الإبادة للمسلمين والرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم، وذلك بسبب الحقد على الرسول لأنه لم يكن منهم وأيضا لما الحقه المسلمن بهم من الهزائم بقيادته صلى الله وآله عليه وسلم.
علم النبي الأعظم بتحالفهم وهنا استشار صحابته الكرام رضوان الله عليهم بكيفية مواجهة هذه الجموع الكبيرة التي لم يسبق أن تم جمعها في حرب داخل الجزيرة العربية، وجاء الرأي من الباحث عن الحقيقة الصحابي الجليل سلمان الفارسي بحفر الخندق كأسلوب دفاع وصد لمنعهم من الوصول إلى المدينة وذلك في الجهة المكشوفة منها، أما بقية الأماكن فسيتم حمايتها من الصحابة.
وقف جيش تحالف قوى الشرك عاجزا مام الخندق وفرض المشركون الحصار، ووصف القرآن الكريم حالهم ((اذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا)) الاحزاب-10؛11-.
ثبت المؤمنون وفُضح المنافقون وانزل الله سبحانه وتعالى جنودا هزمت الأحزاب وجعلتهم يرحلون بعد أن أيقنوا أن النبي الأعظم مؤيد من الله، وحينما رحلوا قال النبي ((الآن نغزوهم ولا يغزونا)). لأنه كان أكبر تجمع لقوى الشرك واليهود والنصارى.
بعض المؤرخين يضعون بداية النفاق في مجتمع المدينة -لأن مجتمع الشرك كان يفضل المواجهة المباشرة اعتمادا على الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها من عدة وعتاد، أما مجتمع المدينة فظهور النفاق كان بسبب تمكن الإسلام وتشكل مؤسسات الدولة وأيضا لتأثر المجتمع المدني بأهل الكتاب خاصة اليهود الذين كان كل أو معظم تجمعهم فيها حيث كانوا يهدفون من فعل ذلك زعزعة إيمان المؤمنين وإثبات صحة عقيدتهم وتشكيك المسلمين .
تتابعت الأحداث العظيمة وكشفت حقيقة وجود مجتمع جديد إلى جانب مجتمع الإيمان والكفر –النفاق-مجتمع له حضور وسمات وعادات وتقاليد منها-يحتمون بالإسلام بين المسلمين وبالكفر عند المشركين قال تعالى عنهم ((الذين يتربصون بكم فان كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وان كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)) النساء-141-.
تعددت الآيات والسور التي انزلها الله على الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لتبين حقيقة المنافقين وتضع الأسس والقواعد التي يسيرون عليها وكيفية التعامل معهم باعتبار الأخطار الكبيرة التي يتعرض لها المسلمون من عدم مواجهة مجتمع النفاق. وكانت سورة التوبة أكثرها شمولا من بين سور القرآن لبيان حقيقة المنافقين ومن أسمائها الكاشفة والفاضحة وغير ذلك.
كان المنافقون في السابق يؤيدون المشركين والنصارى واليهود وكل عدو للإسلام سرا، لكنهم اليوم ظهروا داعمين لليهود والنصارى سرا وعلانية، غرّهم حلم الله وعلو واستكبار حلف اليهود والنصارى والخونة والعملاء وضعف المسلمين وخضوع معظم حكامهم إما عمالة أو خيانة وكما يقال: الناس على دين ملوكهم.
لقد تطور حال بعضهم من الإسناد والنصرة والدعم لأعداء الأمة إلى تسفيه المجاهدين ووصفهم بأنهم خارجون عن دين الإسلام، وان اليهود والنصارى على حق ولا يجوز قتالهم أو مواجهتهم حتى لو احتلوا الأرض وانتهكوا العرض واستولوا على ارض المسلمين وشردوهم منها ودنسوا اطهر وأقدس مكان بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف –المسجد الأقصى – أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى ومعراج الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.
اصدروا الفتاوى ونشروا المقالات وقدموا انفسهم على انهم علماء ودعاة إلى الإسلام وصدق الله العظيم حين وصفهم ((وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله اوادفعوا قالوا لونعلم قتالا لاتبعناكم، هم للكفر يومئذ اقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله اعلم بما يكتمون)) ال عمران-167-.
استنجد الأشقاء في ارض غزة وفلسطين ولبنان بالمسلمين ليدفعوا عنهم كيد حلف اليهود والنصارى وتكالبهم عليهم فكان الغوث منهم الشماتة والتسفيه للمقاومة وانهم يستحقون ما نزل بهم من البلاء وما وقع ويقع عليهم من جرائم الإبادة ومن تشريد وتنكيل، وفي مقابل ذلك دعموا اليهود والمتحالفين معهم ووصل الحال أن تم منع الدعاء لهم وحبس العلماء والدعاة إلى الله لكي لا يقومون بواجب النصرة والإغاثة لإخوانهم المعتدى عليهم.
تساقط الشهداء بالآلاف، أطفالا ونساء وشيوخا، وهدمت البيوت على سكانيها وحوصروا من الأنظمة العميلة والخائنة قبل الحلف الصهيوني الصليبي وهم يستغيثون ولا مغيث، منعت حتى المظاهرات المؤيدة لهم وخرجت المظاهرات الداعمة لهم في دول العالم اجمع تدين الإجرام الذي يتعرضون له.
الأشقاء في غزة ولبنان يدفعون عن أنفسهم وعن أمتهم ضريبة الخزي والعار بدمائهم الزكية ويطهرون أرضهم من الخيانة والعمالة، ويواجهون الإجرام وأطماع شذاذ الأفاق من الحلف الصهيوني الصليبي الذي استولى على الأرض بمساعدة الخونة والعملاء والذين لا كرامة لهم ولا عزة، يقولون إن تلك التضحيات ليست من الإسلام لأنهم بدون كرامة، ولا يريدون الجهاد في سبيل الله، ولذلك يؤيدون الحكام والخونة والعملاء على حساب مخالفة كتاب الله وسنة رسوله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.
الجزائر مثلا قدمت أكثر من مليون ونصف المليون شهيد في سبيل التحرر من الاستعمار الفرنسي، ومصر قدمت أكثر من نصف مليون شهيد للخلاص من ذات الاستعمار؛ وفيتنام قدمت أكثر من ستة ملايين قتيل من اجل التخلص من الاحتلال الأمريكي واستعانت بالأنفاق للاحتماء من الإجرام الأمريكي؛ وأفغانستان حطمت الجيش الأحمر السوفيتي وبعده أمريكا والمتحالفين معها.
أنفاق غزة يقول عنها من لا كرامة لهم أن المجاهدين بنوها للاحتماء وتركوا الشعب ليواجه الإجرام، مع علمهم أن تحالف اليهود والنصارى لا عهد لهم ولا ذمة، يقتلون الجميع ويفتكون بالأطفال والنساء والشيوخ قبل غيرهم، لا يحترمون قوانين الحرب ولا مواثيقها شهد عليهم العالم اجمع.
منافقو اليوم يحرضون ويحللون سفك دماء المسلمين وحتى لو كان بسبب خلاف مذهبي قالوا إن غاية التوحيد والإيمان أساس وفتكوا بالقبائل العربية واحدة بعد أخرى ووصل الحال بهم إلى سفك دماء حجاج بيت الله الحرام من اليمنيين في تنومة. وفي التحالف الذي شن الحرب والحصار على اليمن لأكثر من عشر سنوات ولازالت جرائمه متواصلة حتى الآن.
فرق كبير بين دين الإسلام ودين السطان، دين السلطان يبيح ما يريده السلطان أما دين الإسلام فما احله الله لا يحرمه البشر علماء أو غيرهم؛ علماء السلطان إذا أراد سيدهم قتال المسلمين أحلوا له ذلك، وإذا لم يرد محاربة النصارى واليهود سرعان ما تظهر زنانير اليهودة تحت ستارة الدين يبيح للسلطان أن يرتكب من الفواحش ما يخرجه عن الملة والدين ولا ينكر عليه ويحل سفك دماء المسلمين ويدعم من يقتلهم.
ألا يعلم هؤلاء أن الله سبحانه وتعالى جعل طاعة ولي الأمر مقيدة بطاعة الله ورسوله فإن خالف فلا سمع ولا طاعة له قال تعالى ((يايها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)) وهوا أمر صريح لا يجوز مخالفته أو تأويله.